بعد أن أصدرت أعمالها الكاملة الشاعرة إيمان يوسف: بدأت الكتابة وأنا في المرحلة الإعدادية

القاهرة – طارق الطاهر 27 أكتوبر 2018
بعد تجارب شعرية دامت أكثر من أربعين عاماً، أصدرت الشاعرة المصرية إيمان يوسف أعمالها الكاملة في ثلاثة مجلدات، وهي قصائد مكتوبة بالعامية المصرية، ترصد فيها مشاعرها المختلفة نحو الذات والوطن ومدينتها الإسكندرية ببحرها وناسها وشوارعها... هذه المدينة التي أمضت فيها معظم حياتها، قبل أن تنتقل لتعيش تجربة مختلفة في القاهرة، وقد صاحبت هذا التنقل المكاني تجارب إبداعية أخرى، إذ أصدرت مجموعة قصصية، وكتاباً نثرياً عن حكايات الميدان، وتقصد هنا “ميدان التحرير”، ورؤيتها له يومياً قبل ثورة 25 يناير 2011 وفي أثنائها وبعدها... هذا الرصد كان أشبه بيوميات واقعية، رأتها بأم عينيها، بسبب قرب الميدان من مكان عملها. لإيمان يوسف تجارب إبداعية، استحقت عليها الكثير من الجوائز، وعن المحطات الرئيسة في مسيرتها الإبداعية، كان هذا الحوار.


- نبدأ من التكوين، كيف بدأت علاقتك بالثقافة والإبداع؟

منذ الصغر. فقد وُلدت في منزل تحتل فيه المكتبة ركناً أساسياً، وأُعجبت بمسيرة الشعراء الكبار، لا سيما في شعر العامية مثل صلاح جاهين، بيرم التونسي، وغيرهما. لكن، مع مرور الوقت ضاقت مكتبة والدي على طموحاتي، فاشتركت في مكتبة البلدية، وأصبحت القراءة والكتابة قانون الحياة بالنسبة إليّ. وأتذكر وأنا في المرحلة الإعدادية كيف بدأت في كتابة الخواطر واليوميات، ثم تطورت مساحة الوعي والمعرفة لديَّ، ولاحظ خالي حسن أنيس ميولي الإبداعية، فأخذني إلى قصر ثقافة الحرية وأنا بعدُ في المرحلة الثانوية، وهناك التقيت بشعراء عظام لم يؤثروا في وجداني فقط، بل في وجدان جميع المصريين، وعرّفني تحديداً إلى الشاعرين الكبيرين محمد مكيوي وأحمد السمرة، وكان اللقاء في قصر ثقافة الحرية بوابتي الى الإبداع والفن والأدب، وبداية طريقي الذي سرتُ فيه لأكثر من أربعين عاماً.

- هل تذكرين المرة الأولى التي نُشرت فيها إبداعاتك في كتاب؟

كان هناك تقليد ثقافي مهم، وهو أن يتم إصدار كتاب واحد لمجموعة من التجارب الشعرية المختلفة، لكي نتعلّم من بعضنا بعضاً، وكان كتابي الأول كتاباً مشتركاً مع ست شاعرات اسكندريات، أصبح لكل منهن الآن شأن كبير، وقد أصدرته مديرية الثقافة في الإسكندرية في العام 1993، وعنوانه “عرايس”، بتقديم للشاعر محمد مكيوي، وجاءت الناقدة الكبيرة فريدة النقاش خصيصاً من القاهرة لمناقشته، وحقق لي هذا الديوان ولمن شاركني فيه، شهرة واسعة في الوسط الثقافي أدت إلى دعوتي لحضور أكثر من احتفالية خارج الإسكندرية، وبعدها شاركت في أمسيات معرض القاهرة للكتاب، وفي العام 1994 أصدرت ديواني الأول بعنوان “تنهيدة صبية” ثم توالت أعمالي.

- كم بلغ عدد هذه الأعمال؟

12 ديواناً وكتاباً: “وشوشة البحر”، “لحن الحنين”، “مصر جنّة تبتسم”، “يا فرح صاحبني”، “أنيس قلبي”، “النيل واعدني”، “احتواني الانتظار”، “صباح الميدان”، “متغربة جوّه الوطن”.

- هل لك تجارب إبداعية بعيدة من شعر العامية؟

بكل تأكيد، ففي بداياتي كنت أكتب بالفصحى، ولي الكثير من القصائد بهذا الشكل، وأحنّ حالياً لاستعادته مرة أخرى، آملةً أن أصدر تجربتي في الفصحى في ديوان منفصل، كما خضت تجارب عدة في الكتابة للأطفال، منها المشاركة في المشروع الذي أقدمت عليه هيئة قصور الثقافة، وهو تبسيط الأدب العربي للناشئة، وللأسف لم تستمر التجربة طويلاً، فقد أصدرت فقط تبسيط أدب توفيق الحكيم في عشرة كتب، وفي هذا الإطار بسّطت مسرحية “إيزيس”، كما أصدرت “حكايات ماما إيمان”.

- أنت من المثقفين الذين لا يميلون الى العزلة، أو بمعنى آخر لا تكتبين ما يشغلك فقط، بل تساهمين في العمل الثقافي ككل، أليس كذلك؟

منذ بداياتي وأنا ابنة تجربة الثقافة الجماهيرية، وأحضُر دائماً الندوات وأشارك في الأمسيات في مختلف أنحاء مصر، كما سافرت من قبل للاطلاع على تجربة معرض الكتاب في أبو ظبي، وكنت عضواً في الكثير من الجمعيات الأدبية والنقابية، منها هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، واتحاد نقابات عمال مصر، وحالياً أرأس نادي الأدب في قصر ثقافة الجيزة، ومن خلاله أنظّم الندوات وأشارك في الأمسيات الشعرية، التي نحاول من خلالها جذب الجمهور المتعطش الى الثقافة.

- لماذا أصدرت أعمالك الكاملة؟ هل السبب هو غياب الإصدرات المختلفة أم تريدين إطلاع القراء والنقّاد على تجربتك كاملة؟

السببان معاً، إضافة إلى أنني أعتبر أعمالي كنزاً وتأريخاً لمسيرتي واجتهادي، وأضع تجربتي كاملة أمام النقاد، الذين رغم كل ما يقال عن غياب النقد، كان لهم دور كبير في مسيرتي، لذا أخطّط حالياً لجمع ما كتبه النقاد عني وعن مسيرتي في كتاب.

- وماذا عن جديدك؟

أحلم بكتابة ذكرياتي مع القطار ورحلاته ما بين القاهرة والإسكندرية، فقد أمضيت ساعات طويلة في السفر، فيما يشبه الرحلات الأسبوعية، وفي كل مرة أطل من النافذة، وأشاهد أشخاصاً وأسمع حكايات لم أسمعها بأذني، ولكن بقلبي وعقلي، كما كان القطار مكاناً لولادة الكثير من قصائدي التي ضمّتها دواويني المختلفة. تجربتي مع القطار هي تجربة ذات تبحث دائماً عن الاستقرار.

- أعرف أنك مشغولة منذ سنوات طويلة بتراث المؤرخ الموسيقي متعدد المواهب الفنان الراحل خليل المصري، إلى أين وصلت في هذا المشروع التوثيقي؟

الفنان خليل المصري هو خالي الأكبر، وقد بدأ حياته الفنية في تلحين العديد من الألحان الناجحة، التي غنّاها المشاهير من المطربين والمطربات، كما لحّن عدداً لا بأس به من الاسكتشات والأوبريتات الغنائية لمختلف الفرق الاستعراضية، وهو أول ملحن قدّم عبدالحليم حافظ للإذاعة، حين لحّن له أغنية “الكون الجميل حواليك”، ولحّن له أيضاً “بيني وبين قلبي حكاية”، وكان أول من قدّم أغنية في صورة “إعلان توعية”، ومن أشهر ألحانه أغنية “الدنيا بهجة” من كلمات الشاعر أحمد السمرة، وغناء عائشة حسن، وأغنية “عدّيني يا معدّاوي” من كلمات الشاعر أحمد السمرة. كذلك جمع خليل المصري وسجّل تراث كل أغنيات أم كلثوم، وكان أيضاً من محبّي فن سيد درويش ومن أشدّ المعجبين به، وساهم في تأسيس جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى، كما كان من المشاركين في صدور قانون حماية المؤلف الرقم 354 لعام 1954، وتضم مكتبته الموسيقية النادرة آلافاً من التسجيلات الغنائية، وهو أرشيف مهم للتاريخ الموسيقي والغنائي، والآن أضع اللمسات الأخيرة لصدور هذا الكتاب الذي يروي بالوثائق تجربة الفنان الكبير خليل المصري.

- عبر رحلتك الإبداعية الطويلة حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات، أليس كذلك؟

نعم، ومن ذلك حصولي على درع تكريمية من هيئة قصور الثقافة 2016، ودرع التميّز من هيئة الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية 2010، وتم اختياري من اتحاد نقابات عمال الجيزة الأم المثالية لعام 2017، كما حصلت على الكثير من شهادات التقدير من مؤسسات ثقافية ونقابية.


«الفابريكة» للملواني

عن الدار المصرية اللبنانية؛ صدرت رواية «الفابريكة» للروائي أحمد الملواني. تعود بنا أحداث الرواية إلى وقت الحملة الفرنسية، لنتابع رحلة سيمون رينار؛ الجندي الشاب في جيش نابليون بونابرت، والذي عاش في مصر لأكثر من مئة عام، قبل أن يغادرها هاربًا، مخلفًا وراءه فابريكة مهجورة في قرية مصرية صغيرة، وبها ماكينة لا يعرف أحد ماذا تفعل تحديدًا. ولتبقى الماكينة في قلب الفابريكة لمئة عام، تعيش حولها أساطير القرويين البسطاء، وأحلامهم بما يمكن أن تصنعه تلك الماكينة من معجزات، إن عادت إلى العمل، حتى يحضر إلى القرية حفيد الخواجة رينار، قادمًا من فرنسا، بحثًا عن الإرث الذي تركه الجد في هذه القرية، وسعيًا وراء ماضي سيمون رينار الغامض، لعله يجد جوابًا للألغاز التي نسجت لأكثر من قرن حول ذلك الرجل الفرنسي؛ الذي عاش حياة غامضة، لم يعرف عنه فيها سوى شغفه بالعلوم الغريبة والسحرية.

لكن في القرية يجد منصور رينار- العالم الفرنسي الشاب- نفسه محاصرًا، بين ماضي جده المجهول، وبين صراعات القرية الغامضة والدموية، ليغرق في بحر بلا نهاية من الحكايات والأساطير، التي تفقده القدرة على تمييز الحقيقة عن الخرافة.

وهكذا ننتقل بين مصر وفرنسا عبر صفحات تلك الرواية، التي يلهث خلالها القارئ لملاحقة أحداثها المتوالية، وإيقاعها الرشيق، من خلال لغة بسيطة، وأحداث تمزج الواقع بالخيال، الممكن بالمستحيل، الماضي بالحاضر.