ميريت علي: تركت التمثيل لأنني أردت ان أثبت نفسي بعيداً من والدتي

كارولين بزي 27 أكتوبر 2018
ورثت عن والدتها شغف التمثيل لتخوضه ثم تتركه إلى حيث الحلم الذي راودها منذ صغرها، وهو فن الطبخ والضيافة، لتقدم في لائحة الطعام أطباقاً موسمية من ابتكارها. هي ابنة الممثلة المصرية شيرين، ميريت علي، أو كما عُرفت في مجال التمثيل بميريت أسامة. تنقلت في مجالات عدة، وأثبتت أن المرأة بعقلها وأن الجمال عنصر مكمّل لها ولكنه ليس الأساس. تشارك ميريت علي في تقديم برنامج «همسة» وتتناول في فقرتها فن الضيافة، وتشير إلى أنها تطمح إلى أن تقدم كتاباً يضم نصائح فريدة من نوعها في فن الضيافة. ميريت علي في هذا الحوار.


- عملت في عرض الأزياء ثم انتقلت إلى التمثيل وأخيراً إلى المطبخ، حدّثيني عن هذه التجربة.

كل محطة في حياتي اكتفيت منها، ومعها اكتملت شخصيتي التي أنا عليها حالياً. عرض الأزياء بدأ لأنني ولدت في أسرة مرتبطة بالإعلام ووالدتي الممثلة المصرية شيرين، فكان من الطبيعي أن أدخل هذا المجال، وكنت أحب مهنة عرض الأزياء، إلا أن هذه المهنة محددة بعمر وشكل معينين في مصر خصوصاً والعالم كله عموماً. كانت مرحلة جميلة علمتني الكثير كما علّمتني ألا أعتمد على شكلي، إذ للجوهر أهمية أكثر من الشكل الخارجي، وهذا ما ساعدني لأن أكوّن شخصية قوية.

- هل واجهت صعوبات في إثبات أن الشكل ليس كل شيء؟

كان تحدياً لي، فالناس تدرك أنني ولدت في أسرة فنية وأمارس مهنة عرض الأزياء، بالتالي يوجد ارتباط بين الشكل الجميل وغياب البعد الثقافي. ما جعلني أتحدى أكثر لأغير هذا المفهوم لدى المجتمع، بأنه يمكنني أن أكون امرأة ناجحة أولاً، ثم جميلة، والجمال عنصر مكمل لكنه ليس الأساس، وكنت حينها في الجامعة. ثم التحقت بمجالات أخرى منها العقارات والإعلام من خلال البيع وإدارة وسائل الإعلام لعدد من الشركات المتعددة الجنسيات، وأثبتّ أنه يمكن للعقل أن يكون هو المرجع في بناء مستقبلي المهني.

- هل وجود والدتك في الوسط الفني منحك فرصة أكبر من غيرك؟

هذا كان التحدي الأكبر في حياتي، أن أقوم بتأدية عدد من الأدوار التمثيلية وأن أتوقف عن استكمال مسيرتي في التمثيل.

- لماذا تركت مجال التمثيل؟

والدتي حفزتني كثيراً على الاستمرار، لكنني أود أن أثبت نفسي بعيداً من والدتي، لا أرغب في أن يُقال إن والدتي ساعدتني، بل أكثر ما يعنيني أن أقول إن والدتي ربتني كأم، ربت فيّ شخصية. رفضت أن تشارك والدتي في أي اجتماعات عمل لكي لا يكون لها تأثير في ذلك. كنت آخذ بنصائحها، لكن المتعارف عليه أن الولد يحذو حذو والديه في مجال العمل، لا سيما التمثيل، وبالتالي ما لم يتوقعه أحد هو أن أترك مهنة التمثيل.

- خضت مجالات عدة، هل بسبب الضياع في هوية المهنة التي ترغبين فيها؟

لا أبداً، منذ أن كنت في الثالثة عشرة من عمري يراودني حلم امتلاك مطعم يضم خمس طاولات، لكي أطبخ بنفسي وأزور كل طاولة على حدة. جدتي كانت تحمسني وتسألني عن شكل الطاولات، وكنت أرغب في أن تكون لكل طاولة روحيتها الخاصة وتكون تجربة فريدة في حد ذاتها ومفصّلة على مقاس مرتادي المطعم. بعد فترة، قررت أن أقدم برنامجاً على يوتيوب يحمل اسم A Little Chef، بما أنني كنت لا أزال صغيرة وأقدم وصفات طبخ بسيطة، وفعلاً كنت بدأت كتابة البرنامج ولكن عليّ أن أعمل لكي أعتمد على نفسي مادياً بالتوازي مع تحضيري للبرنامج. فنجحت في الـMedia Mangement وكنت الأصغر سناً في هذا المجال، واستطعت أن أنجح في مجال العقارات.

- ألا تعتقدين أن مجال العقارات مهنةٌ للرجل أكثر منها للمرأة؟

لا أحب أن أصنّف مهناً للرجل وأخرى للمرأة، أعتقد بأن لدى المرأة قدرة استنتاج وتفهّم للمواقف أكثر من الرجل، لأن الرجال في غالبيتهم عفويون، وبالتالي يمكن أن يكون رد فعلهم غير مناسب، فكنت أتصرف بأسلوب أكثر استراتيجية، وكان ذلك في العام 2011، حين شهدت القاهرة تظاهرات، فتركت القاهرة ولجأت إلى أحد المنتجعات بهدف الابتعاد عن الضجيج. ثم دخلت مجال الـMedia Buying وتعرفت إلى زوجي، وتشاركنا حب الضيافة معاً، فقررنا أن نؤسس عملاً مشتركاً، وكانت هناك صعوبة بأن نستعين بشيف من الخارج، لا سيما في الظروف التي كانت تعيشها مصر. فقمنا بتركيب لائحة الطعام خاصتنا وابتكرنا لكل موسم لائحة. بعد ست سنوات، نشكل شراكة أنا وزوجي ولي الشرف أن أقول إنني جزء من هذه الشركة the Lemon tree & Co للضيافة.

- على ماذا تركزون في وصفاتكم؟

في ستة مواسم، ابتكرنا نحو 936 وصفة فريدة من نوعها. نركز على أن تضم لائحة الطعام ما هو موسمي، من ناحية الخضار والفواكه.

- ما هي المكونات التي لا تستغنون عنها؟

أعشق التوابل والبهارات ولكن باعتدال، أحب اليانسون، حب الهال، لا أستغني في مطبخي عن حليب جوز الهند، فهو بديل مثالي لكل المأكولات المكونة من الكريمة، أحاول أن تكون وصفاتي صحية بل متوازنة أكثر.

- يضم برنامج «همسة» مذيعات من جنسيات متعددة، كيف تصفين هذه التعددية؟

هي الخلطة الأمثل. تهمني هذه التجربة، إذ أحياناً نجهل واقع البلدان الأخرى، فكما أنه في مصر وسائل النقل ليست الجمال، فالنساء السعوديات أقوياء ومستقلات ولديهن طموحات وأهداف، إذ إن الإعلام في بعض البلدان يتحيز للصورة التي يرغب في أن يرسمها. أتعلم من كل زميلة في البرنامج وتعلمت روح التعاون والمشاركة، فهن يمثلن إضافة الى البرنامج وحتى الأشخاص الذين يقفون خلف الكاميرا.

- ما الذي كانوا يجهلونه عن مصر وتعرفوا عليه من خلالك؟

أحاول أن تكون رسالتي دائماً كيفية التغيير إلى الأفضل. أنا إنسانة واقعية جداً وبدأت أغير وجهة نظري في بعض الأمور التي تقلقني، مثل المستقبل والماضي المزعج. يهمني أن أوصل وجهة نظر إيجابية حتى في الظروف اللاإيجابية.

- هل أنت مع مقولة إن «أقرب طريق إلى قلب الرجل بطنه»؟

زوجي يحب الأكل كثيراً، لكنني أتبع ما يُقال عن أن الصحة والسعادة والتفاؤل لديها علاقة بالصحة الجسدية والنفسية، وصحتنا تبدأ من البطن أو المعدة، إذ من المحتمل أن نتناول طعاماً يعكر مزاجنا أو يدفعنا الى الانفعال أو الهدوء، الأكل اللذيذ والصحي والمفيد هو الطريقة الأسرع لتوازن الحياة وللحياة الإيجابية وليس فقط للرجل.

- ما هو المطبخ المفضّل لديك؟

أحب المطبخ الفيتنامي، فمأكولاته هادئة وطازجة ونظيفة. أفضل مطبخ بالنسبة إلي ذلك الذي يضم الخضار الطازجة مع المطبوخة.

- ما هو المطبخ الذي تتقنينه؟

أنا لست شيفاً محترفةً، أنا تعلمت بالمواقف، وكل موقف كان يجعلني أبتكر وصفة. وغالبية الوصفات من ابتكاري.

- ما هو البلد الذي تعلمت منه الطبخ؟

بيت جدتي.

- هل تذكرين أول طبق طبخته؟

افتعلت كارثة، قمت بشوي الخيار. وأذكرها جيداً لأنها أسوأ ما قمت به.

- بما أنك تجمعين الطبخ والإعلام، فأنت مجبرة على الحفاظ على وزنك. كيف تحافظين على رشاقتك، وهل هذا يتعارض مع شغفك بالطبخ؟

هناك مثل يقول «لا تثق أبداً بالشيف النحيف». لكنني أقول إن الأكل اللذيذ ليس شرطاً أن يكون مدمراً للجسم، نسبة الحرق وتفاعل الجسم مع الأكل لهما علاقة بالمزاج وأسلوب النوم إلى جانب الأكل. أشدد على أن أجد البدائل الصحية والتي أستطيع أن أقدمها لضيوفي، وليس شرطاً أن تكون هذه البدائل قليلة الدسم لكنني أختار الأصح. ساعات عملي طويلة جداً، لكنني أعطي جسمي الفرصة للنوم، فمن الأشياء التي أقوم بها هو الاستماع إلى ما يطلبه جسمي. أكبر التزام هو صحتنا لكي نستطيع أن نستمر، وثمة العديد من الناس لا يستمعون إلى أجسامهم.

- ما هو طموحك، إن كان في الإعلام أو في مجال الضيافة؟

إذا كانت هناك فرص في الإعلام تخوّلني أن أوصل الرسالة التي أنعم الله بها عليّ، وقد حسّنت أسلوب حياتي، خصوصاً في الضيافة والتعامل مع نفسي. لا أهدف إلى الشهرة ولو كان هدفي الشهرة لأكملت في مجال التمثيل، إذ أشعر بأنها ثقيلة، لكن إذا كنت سأشتهر فلأشتهر بالمجال الذي أتقنه، وأن أكون ميريت لا أقدم شخصية أخرى. بالنسبة إلى مجال المطاعم، لم أكن أحلم يوماً بالوصول إلى ما حققته، لكن حلمي أن يكون فريق العمل الذي يعمل معي راضياً عما يقدمه. أطمح في السنة المقبلة إلى أن أصدر كتاباً، أتناول فيه كيف نبتكر تجربة المائدة للمرأة بين مطلع العشرينات وحتى الخمسينات، بطريقة بسيطة في فن التقديم. مثلاً، كيف نبتكر عشاءً لشخصين، ما هي الشموع التي يجب أن نستخدمها؟ ماذا نطلب للعشاء؟ وما هو العطر الذي يجب أن نضعه؟ أن تكون الوصفة لتجربة متكاملة.

- ما هي نصيحة شيرين لك؟

انظري أمامك، لا تنظري حولك.

- أنت وحيدة، هل تعاملك والدتك كطفلة؟

لا أبداً، بل باتت القواعد تتبدل، إذ إن علاقتنا رائعة، فهي أم وصديقة وأخت مع بعض «الخناقات». أمي أغلى ما لدي في الوجود.

- ما هو الدور الذي تفضلينه في أعمال شيرين؟

مسلسل «عيون» مع الممثل يونس شلبي، وقد كان من أوائل الأعمال التي شاركت فيها.

- ما هو تعليقها على أطباقك؟

تقول إن المطاعم علمتني أن أقدم أطباقاً ألذ من أطباقها، فأردد المثل القائل إن «العين لا تعلو عن الحاجب». أطباقها مميزة ولذيذة، تعلمت كل شيء من أمي وجدتي في مجال الطبخ.

- ما هي نصيحة جدتك؟

جدتي كانت تربيني وتوبّخني (تضحك)، لكنها كانت تعلّمني خدع المطبخ.