لنشر التوعية حول سرطان الثدي جيسيكا قهواتي: والدتي هي ملهِمتي... وكلّ شيء في حياتي!

حوار: فاديا فهد 03 نوفمبر 2018

تملك كلّ شيء كي تُحبّها وتُتابعها على الإنستغرام: الجمال، الذوق الرفيع، حبّ الموضة والحسّ الإنساني المرهف. جيسيكا قهواتي امرأة استثنائية في كلّ ما تقوم به. في هذا الشهر المميّز والمخصّص للتوعية حول سرطان الثدي، تتحدّث عن تجربتها مع مرض والدتها بجرأة وصراحة، حاملةً الى المرأة العربية رسالة تدعوها فيها الى عدم الخوف والكشف المبكر والنضال حتى آخر لحظة. ثمّ يمتدّ الحديث إلى جوانب إنسانية أخرى شيّقة، تُعرّفنا أكثر على جيسيكا المناضلة والإنسانة في آن واحد.


- ما المميّز في شهر تشرين الأول/ أكتوبر بالنسبة إليك؟

تشرين الأول/ أكتوبر هو شهر التوعية حول سرطان الثدي، لذا فهو بالنسبة إليّ شهر مميّز في ما أقدّمه من رسائل اجتماعية وصحّية توعوية حول هذا المرض الذي عايشته من خلال معاناة والدتي منه، وصولاً الى شفائها التام قبل ثلاث سنوات.

- كيف تتذكّرين الأيام الصعبة التي تزامنت مع مرض والدتك؟

بصراحة، أتذكر تلك الأيام بطريقة ضبابية. لقد قررت العائلة في حينه أن تتعامل مع مرض أمّي بإيجابية تامّة، على أنه مرحلة عابرة. أذكر أنني كنت أمضي وقتي في التنقّل المستمرّ بين دبي وأستراليا، كي أكون إلى جانب أمّي. هذا كلّ ما أذكره لأنني في الواقع مسحت من ذاكرتي كلّ ما يتعلّق بتلك المرحلة الصعبة.

- ما كان الأصعب في تلك المرحلة؟

الصعوبة تكمن في الحفاظ على إيجابيتك الدائمة. في العادة، عندما أكون متضايقة، ألجأ الى حضن أمّي فأبكي وأفضفض عن نفسي. لكن في تلك المرحلة، لم أكن أستطيع القيام بذلك حفاظاً على معنوياتها عاليةً. لذا حاولت أن أكون فعلاً قوية ومنطقية.

- وما كانت أجمل لحظة في تلك المرحلة؟

أجمل لحظة هي عندما بشّرنا الأطباء بأن أمّي قد تعافت تماماً!

- هل فقدت والدتك الأمل في مرحلة ما؟

أبداً، لم تفعل ولو للحظة واحدة!

- ماذا تعلّمتِ عن سرطان الثدي من خلال مرض والدتك؟

تعلّمت أنه يمكن الوقاية من سرطان الثدي، من خلال عيش حياة صحّية ملؤها الحبّ والدفء العائلي والابتعاد عن التوتر والضغط النفسي. كذلك تعلّمت أن من الضروري الإحاطة بالمرضى الذين يواجهون وحدهم المرض من دون أيّ دعم عائلي. وتعلّمت أكثر ما تعلّمت أن قلب أمّي كبير جداً: لقد كانت تمضي أوقاتاً طويلة خلال فترة مرضها، في التحدّث إلى نساء يصارعن المرض وحيدات من دون أيّ دعم عائلي، وتقدّم لهنّ كلّ النُّصح.

- هل تخافين مرض سرطان الثدي؟

أكذب إذا قلت لك إنني لا أخافه. في الواقع أنا أخاف المرض بشكل عام. الصحّة هي أغلى ما نملك، الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن نشتريه بالمال.

- هل تُجرين الفحوص الطبّية بشكل دوري، خصوصاً الفحص المبكر المتعلّق بسرطان الثدي؟

بالطبع أفعل.

- هل خضعت لأيّ فحص جيني كما فعلت أنجلينا جولي للتأكد من أن مرض والدتك ليس وراثياً أو جينياً؟

لقد أجرينا فحوصاً طبية عدّة بينها الفحص الجيني، لمعرفة أسباب مرض أمّي. الواقع أن الوضع الصحّي يختلف بين امرأة وأخرى، فبعض الفحوص مفيدة لتلك المريضة، لكنها لا تعني شيئاً في الملفّ الطبّي لمريضة أخرى. لذا علينا دائماً استشارة الطبيب المتخصّص. في حالة أنجلينا جولي، كان الفحص الجيني مفيداً، وما نشرته من توعية حول هذا الفحص هو رائع حقاً.

- هل تعتبرين نفسكِ سفيرة للتوعية حول سرطان الثدي؟

كلّ امرأة عانت من سرطان الثدي كوالدتي، أو عايشت معاناة قريبة أو صديقة مع هذا المرض، كما فعلتُ شخصياً، هي سفيرة للتوعية حول سرطان الثدي. فهي قادرة على أن تتشارك تجربتها تلك مع النساء الأخريات، وتقدّم لهنّ النّصح والدعم المعنوي والعاطفي. إن التجربة نفسها تجعلنا نستحقّ لقب سفيرات، وتمنحنا القدرة على تفهّم ما تمرّ به الأخريات والتحدّث عن معاناتهنّ. أعتقد أن أمّي تستحقّ لقب سفيرة التوعية حول سرطان الثدي أكثر ممّا أفعل.

- ما هي الرسالة التي توجّهينها للمرأة العربية في هذا الشهر التوعوي؟

الكشف المبكر مسؤوليتك، في هذا الشهر كما طوال أيام السنة. كوني إيجابية ولا تخجلي من مرضك، تشجّعي وناضلي حتى النهاية.


عن حياتها كامرأة مشهورة وناشطة اجتماعية

- تسير حياتك بوتيرة متسارعة في السنوات الأخيرة، لجهة الأسفار المتعدّدة وجلسات التصوير والمقابلات والعقود المتعلّقة بأسابيع الموضة وغيرها، أخبرينا كيف تجدين الوقت للقيام بكلّ ذلك؟

في السنة الماضية قمت بـ 52 رحلة جوية، وهو رقم مهيب حقاً، مجرد التفكير فيه متعب. الواقع أنني أستمتع بما أقوم به، وأحاول أن أنظّم وقتي كي أتمتع ببعض الراحة فلا أصل الى مهمّة في مجال الأزياء (مناسبة أو جلسة تصوير... إلخ) متعبةً أو منهكة.

- ما أكثر ما يُتعبك أو يُفرحك في مهماتك هذه؟

أكثر ما يُتعب في هذه المهنة، هو أن تكوني دائمة الغياب عن عائلتك ومنزل الأهل، ولا تتناولي طعاماً مطهوّاً في البيت. كذلك من المتعب أن تغيّري سريرك بشكل دائم نظراً لتنقلاتك وأسفارك الكثيرة. أيضاً السفر ليلاً أو في الصباح الباكر متعب للغاية. لكنني في النهاية ممتنّة لمهنتي هذه وما حققته حتى الآن. وسعيدة جداً لأن كلّ يوم في حياتي لا يشبه الآخر. وأروع ما عرفته في مهنتي في مجال الأزياء والجمال، هو العمل عن كثب مع مبدعين مختلفين حول العالم، مما أغنى تجربتي ومنحها عمقاً فنّياً لا يُثمّن.

- تتركين دائماً مساحة للعمل الإنساني في حياتك المهنية، وهو ما يميّزك حقاً. أخبرينا عن الهدف من وراء ذلك؟

أترافق والعمل الإنساني منذ المراهقة. لطالما كنت إنسانية الهوى والقلب، ومن هنا كان اختياري دراسة القانون، وتخصّصي في قوانين حقوق الإنسان. أعتقد أن من مسؤوليتي كشخصية معروفة أن أحمل رسالة إنسانية، رسالة الذين لا صوت لهم. لقد قمت برحلة إلى مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن، كما زُرت تجمّعات اللاجئين في بنغلادش، وذلك للفت النظر الى مأساة هؤلاء وجمع التبرعات لهم. وقد أدركت في هاتين الرحلتين أن البعض لا يتمتع بالحرية التي نتمتّع بها نحن، ولا يملك ثمن الطعام، ويفتقر الى الرعاية الصحية اللازمة والتعليم والحياة الكريمة. وأجد نفسي مسؤولة عن نشر ذلك عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لأكون الصوت الذي يحمل معاناتهم الى العالم أجمع.

- عملت مع اليونيسف UNICEF عن كثب، وقدمت مداخلة في الأمم المتحدة حول المراهقين والشباب، أيّ رسالة تحملين في هذا المجال؟

لقد زرتُ أكبر مخيمات اللاجئين السوريين في العالم، وهو مخيّم الزعتري في الأردن، وكانت تلك الزيارة ملهمة كثيراً بالنسبة إليّ. فالدعوة التي تلقيتها للتحدّث عن القضايا التي يواجهها الشباب في الشرق الأوسط كانت مسؤولية كبيرة، نظراً للمشاكل المختلفة التي يعانيها هؤلاء والتي أرغب في الإضاءة عليها بأسلوب متساوٍ من دون أن أهمل إحداها. أهمّ تلك الرسائل التي يجب أن تصل الى العالم بأسره، هي أن هؤلاء الأطفال والشباب هم مستقبل هذه المنطقة. وكلّ ما نفعله اليوم من إدارة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية هو من أجلهم. هم المستقبل... ومن واجبنا أن نجعل من احتياجاتهم أولوية تتصدّر جداول أعمالنا، وأن نضمن لهم حياة سعيدة وآمنة إلى جانب التعليم المجاني.

- هل ما زلت تعتقدين أن الحياة عادلة؟

الحياة غير عادلة على الإطلاق. لقد ولدت في بلد وفّر لي الحرّية والتعليم والرعاية الصحّية وجواز السفر لحرية التنقّل، في وقت وُلد البعض في دولة تعاني اضطرابات أمنية وسياسية، لا حريات للأفراد فيها، ولا تعليم ولا رعاية صحية... لماذا مُنحت أنا هذه الفرص كلّها، في حين لم تُمنح لشخص ذكيّ وُلد في مخيّم للاجئين، وكان من الممكن أن يصبح مهندساً بارعاً، أو رسّاماً مبدعاً، أو طبيباً ماهراً، لو توافرت له كلّ الظروف المواتية كي يبلور مواهبه ويحقق أحلامه؟ شخصياً، أؤمن بالمساواة في الفرص بين الناس أجمعين، والتمييز بين الأفراد هو ظلم بحقّ الأقلّ حظاً في هذه الحياة.


عن جمالها ووالدتها الملهِمة

- هل جمالك هو مفتاح شهرتك؟

أعتقد أن الجمال أوصلني إلى باب الشهرة، لكن عملي الدؤوب والتزامي وشغفي هي أمور أوصلتني إلى حيث أنا اليوم. لطالما فكرت أن هناك من تفوقني جمالاً وطولاً وذكاءً لكنها لم تحقق ما حققته. لذا فإن هذا النجاح لا علاقة له بالجمال ونسبته. الأمر يتعلّق بمدى استعدادك الشخصي للعمل الدؤوب ومدى لطافتك وكياستك في التعامل مع الآخرين، وهو ما يمنحك الاستمرارية والنجاح الدائم.

- أيّ دور لعبته والدتك في حياتك؟

إنها أمي وصديقتي المخلصة وداعمتي الأبدية ومعالِجتي النفسية وطبيبتي وطبّاختي وملاكي ومثالي الأعلى... بكلمة، هي كلّ شيء في حياتي!

- إذاً، أمك هي حقاً ملهمتك...

إنها مثالي الأعلى وملهمتي. تملك من الجمال والأناقة والكياسة بحيث لا يمكن تجاهلها عندما تدخل مكاناً ما. الابتسامة لا تفارق وجهها البشوش، وهي امرأة لطيفة جداً. لطفها يغمر كلّ من تلتقيه.

- ماذا علّمتك أمّك عن الحياة والجمال؟

علّمتني أن أقدّم نفسي بأسلوب جيّد وأكون دائماً على طبيعتي.

- هل تتدخل والدتك في عملك؟ وكيف؟

كلّ عائلتي تتدخل في عملي وليس والدتي وحدها! (تضحك) نحن نجتمع عبر الواتس آب ونتبادل الآراء حول صوري ومشاريعي الجديدة وأشياء أخرى. ويرى مديرو أعمالي في ذلك أمراً مسلياً ومضحكاً لأنني أسأل عائلتي أولاً وأتباحث معهم في العرض المقدّم لي، قبل أن أوافق عليه.

- الشهرة منحتك القوة والمال، لكن ماذا أخذت منك في المقابل؟

الشهرة سرقت مني خصوصيتي وكلّ وقتي.

- ماذا عن حياتك الشخصية، هل تجدين الوقت كي تعيشيها كما يجب؟

ليس في الوقت الحاضر. فأنا مشغولة حالياً في مهنتي، الى حدّ وضعت معه جانباً حياتي الشخصية. لكنني أخطط كي أمنح نفسي وحياتي الخاصة المزيد من الوقت في المستقبل القريب.

- من هو رجل حياتك؟

والدي وأخي هما رجلا حياتي في الوقت الحاضر.

- ألا تفكرين في الزواج والإنجاب؟

أحلم بالزواج وتأسيس عائلة. أعتقد أن من الرائع أن أُغرم بشخص يشاركني تطلّعاتي وقيمي الحياتية وأهدافي، فنبني معاً ذكريات لا تُنسى، ونؤسّس لحياة مشتركة. حلمي أن أنجب أربعة أطفال، فأنا أعشق الأطفال، ولديّ الكثير من الحبّ كي أمنحهم إياه.

- ماذا عن مهنتك الأساسية في مجال المحاماة والقانون، هل تفكرين في إعادة إطلاقها؟ أم لا وقت لذلك؟

لقد درست المحاماة لكنني لم أمارسها يوماً. أفكر في ممارستها كلّ الوقت، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بقضايا إنسانية محقّة... أرغب في أن أرى العدالة تتحقق.

- البعض يرى فيك شيئاً من أمل كلوني المحامية البارعة المدافعة عن حقوق الأقليات والمظلومين في العالم، ما تعليقك؟

لم ألتقِ أمل بعد، لكنني أقدّر ما تمثّله لي ولفتيات كثيرات مثلي من امرأة قائدة مدافعة عن حقوق الإنسان. أمل تكبرني سنّاً، وهي محامية متمرّسة ولا يمكنني أن أشبّه نفسي بها. أتمنى أن أحقّق التغيير الذي حققته على مستوى العالم في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي. إنها امرأة نبيلة ويشرّفني أن أسير على خطاها يوماً ما. أحبّ بشكل خاص دفاعها عن الصحافيين والنساء المظلومات. وأقدّر كثيراً وقوفها بحزم وعنفوان، متسلّحةً بالقانون والحكمة، ومدافعةً عن المظلومين والمهمّشين أمام كلّ منظّمة ومحكمة دولية.


عن سرّ جمالها وتفضيلاتها الأخرى

- ما هو الغد بالنسبة إليك؟

وحده الغد يعرف ما يخبئه لي المستقبل.

- أيّ مصمّم عربي وأجنبي تحبّين أكثر؟

أحبّ أعمال عدد من المصمّمين، وقد دعمتُ المصمّمين قزّي وأسطا Azzi &Osta لموهبتهما الفذّة. أحبّ أيضاً ما يقدّمه ربيع كيروز Rabih Keyrouz من لبنان. على الصعيد العالمي، أحبّ دار فالنتينو Valentino وألكسندر فوتييه Alexandre Vauthier وهيرون بريستون Heron Preston وليا Liya ولويس فويتون Louis Vuitton وتوم فورد Tom Ford.

- ما هي الألوان التي تحبّينها أكثر؟

أعشق الأزرق والوردي والأرجواني.

- ما هي الدور التي تفضلينها للأكسسوارات من أحذية وحقائب؟

أفضّل للأحذية أكوازورا Aquazzura وأمينا مودّي Amina Muaddi. أما الحقائب فأعشق ما تقدّمه دار “لي بوتي جوير” Les petits Joueurs وروجيه فيفيه Roger Vivier ولويس فويتون Louis Vuitton وفالنتينو Valentino.

- هل تفكرين في إطلاق مجموعة أزياء أو أكسسوارات خاصة بك؟

لمَ لا؟! لا تقولي أبداً كلمة: أبداً.

- ما هو سرّ جمالك التي تودّين أن تتشاركيه مع القارئات؟

أغسل وجهي بصابونة الفحم العضوية المنشّطة Charcoal Soap.

- من هو مطربك العربي المفضّل؟

إليسا، أحبّ صوتها المميّز، وأقدّر صراحتها ومشاركتها جمهورها نضالها ضد سرطان الثدي. إنها نجمة حقيقية!

- ماذا عن مطربك المفضل عالمياً؟

أحبّ إبداعات فرقة الروك الأميركية Maroon 5 ، وطبعاً المغنّي الإنكليزي سام سميث Sam Smith!

- آخر كتاب قرأته؟

حالياً، أنا في صدد قراءة كتاب بعنوان Sapiens, a Brief History on Humankind وهو يروي باختصار قصّة الإنسان الأول.

- آخر فيلم شاهدته؟

Ocean's 8.

- كلمة أخيرة لقرّائك ومتابعيك عبر إنستغرام...

أقدّر دعمكم لي أكثر ممّا تتصوّرون، شكراً لأنكم تتركون لي مساحة أتشارك بها أفكاري في الموضة وغيرها... أحبّكم. إذا كان بينكم من يعاني ويمرّ في ظروف صحّية أو اجتماعية صعبة، أودّ أن أوجّه له رسالة مفادها: لا تستسلم! أنت بلا شك أقوى ممّا تتصوّره. أنت حقّاً مناضل في كلّ ما تقوم به، حتى في أبسط الأمور الحياتية!




CREDITS

شكر خاص : شكر خاص لفندق الموفمبيك- بيروت، على حُسن الضيافة والاستقبال.