تغلبت على المرض بشجاعة مرتين كارولين عيسى: ابنتي كانت دافعي للتمسّك بالحياة

كارين اليان ضاهر 04 نوفمبر 2018

بجرأة نادرة وإيجابية تستحق التقدير لتشكل مثالاً لمن يحاربن سرطان الثدي، واجهت كارولين المرض فيما لم تفارق الضحكة ثغرها. فمن اللحظة الأولى اتخذت القرار بمحاربة المرض حتى لا يقهرها فنجحت في التغلب عليه مرتين. أما دافعها الأساس فابنتها الوحيدة التي هي علّة وجودها. تتحدث كارولين باندفاع فيما تتذكر لحظات الألم والعذاب ومن بعدها متعة الانتصار على المرض.


بعد أن ولدت ابنتها، حرصت كارولين على إجراء الفحص الذاتي بانتظام، لكن شاء القدر أن تلاحظ تغييراً في شكل الثدي وهي في سنّ الـ 32 بعد 6 أشهر من ولادة ابنتها. سرعان ما لجأت إلى الطبيب الذي طلب المزيد من الفحوص إلى أن تأكدت الشكوك التي كانت تساورها بأنها مصابة بسرطان الثدي في هذه السنّ المبكرة. عن رد فعلها لحظة تلقّيها الخبر، تقول كارولين: “شعرت بوقع الصدمة عليّ فلم أعد أقوى على الوقوف، وصرت أرتجف من الخوف وانصرفت وحدي إلى العمل فيما كنت أصلّي طالبةً من الله الوقوف إلى جانبي وإعطائي القوة. وحتى اليوم أشهد كم وقف القيّمون على الشركة التي أعمل فيها إلى جانبي، لا معنوياً فقط بل مادياً أيضاً فكانوا لي خير سند”.

اللافت أن كارولين رفضت عندها فكرة استئصال الثدي معتبرةً أن هذا الجزء يمس بأنوثتها ولا يمكن أن تقبل بذلك. ففضلت الاكتفاء بالعلاج الكيميائي وبدأت رحلتها مع العلاج. عن تلك المرحلة التي تتذكّرها بصلابة لافتة، تقول: “بدأت بالعلاج الكيميائي أولاً إلى جانب العلاج بالأشعة. كان علاجي صارماً، وعندما لاحظت أن شعري بدأ يتساقط، أحضرت آلة الحلاقة، وكنت عندها مع أهلي في المنزل ليكونوا إلى جانبي ولا أبقى وحدي. حلقت شعري بنفسي وأنا أرتجف. تألّمت كثيراً من الداخل لكنني استطعت أن أشجع نفسي، والأصعب بعد كان تساقط رموشي. في أثناء تلقيّ العلاج الذي كان قوياً جداً، كنت أواجه هبوطاً في المناعة وأشعر أحياناً بالعجز عن الوقوف، لكن بعد أن كنت أرى ابنتي أمامي، أستجمع قواي وأقول إنني مجبرة على محاربة المرض والعيش من أجلها. ابنتي كانت الأمل لي في كل لحظة. كما غرقت عندها في الصلاة فساعدتني كثيراً. في أصعب اللحظات كنت أنهض في الصباح الباكر رغم تعبي فأحضّرها للذهاب إلى المدرسة ثم أنتظرها ظهراً في موعد العودة. وفي الوقت نفسه كانت عائلتي كلها إلى جانبي”.

مرة ثانية وتحدٍ أكبر

في المرة الثانية التي تم فيها تشخيص المرض لديها، كان وقع الخبر عليها أكثر صعوبة، كما تقول. فبعد أقل من 5 سنوات على شفائها في المرة الأولى، تبين في الفحوص أن المرض قد عاد. عن تلك اللحظة تقول كارولين: “وقع هذا الخبر عليّ كالصاعقة، وبدا لي أكثر صعوبة بعد من المرة الأولى. ففي اللحظة التي قال لي فيها الطبيب إن المرض قد عاد، توقعت أن تكون حالتي أكثر صعوبة وأن يكون المرض في مرحلة متقدمة، وقد انتشر أكثر بعد من المرة الأولى. التحدي كان أكبر من المرة الأولى بالنسبة إليّ. توقعت الأسوأ، لكن الفحوص كلها أظهرت أنه لم ينتشر إلى أعضاء أخرى، ولم يكن من النوع الشرس. لكن الطبيب قال لي عندها إنه لا يمكنني اللجوء إلى العلاج بالأشعة بعد أن خضعت له سابقاً. كان الحل هو استئصال الثدي الأيسر، لكن استؤصل الثدي الأيمن أيضاً بعد إصراري على ذلك لأنني لم أكن أرغب بعيش المحنة نفسها مرة جديدة. وبالفعل تم استئصال الثديين وخضعت لعملية ترميم لهما في الوقت نفسه”.

وقد استجاب الله لصلوات كارولين في المرة الثانية نظراً للحالة النفسية التي مرت بها عندما خسرت شعرها. ففي المرة الثانية لم يتساقط شعرها. في المقابل، عانت الكثير بسبب خطأ طبي تعرضت له في العملية. تتذكّر ذلك بألم قائلةً: “لم تقف الأمور عند السرطان الذي أواجهه، بل إن الطبيب ترك أحد الشرايين مفتوحاً وبقيت أنزف طوال 10 أيام. اتصلت بطبيبي فيما كنت أشعر أن قلبي سيتوقف عن الخفقان، وكان ثديي يتورّم بشكل مخيف. مررت بلحظات شعرت فيها أنني سأموت فعلاً، وفور وصولي إلى المستشفى تم نزع الحشوة الاصطناعية وإعادة وضعها واحتجت إلى الدم لشدة النزف. لكن حتى في تلك اللحظات الصعبة قررت ألاّ أضعف وأصررت على الاستمرار في محاربة المرض”.

تعلّمت الصبر. كما زاد تعلّقي بالحياة وصرت أحبّها وأتمسك بها أكثر من السابق، ولم يعد شيء يبدو لي مهماً بعد أن كدت أخسر حياتي. ومما لا شك فيه أن إيجابيتي لعبت دوراً مهماً في تغلّبي على المرض. فقد واجهته بالأمل والقوة والإيجابية من اللحظة الأولى، وهذا ما يجب على كل مريضة سرطان فعله حتى تواجه مرضها بشجاعة وتنتصر عليه. الألم الذي شعرت به، خصوصاً عندما تضعف المناعة، لا يمكن تصوره، لكن بالعزم والقوة يمكن تخطّي كل المصاعب. أذكر أنني عندما اكتشفت إصابتي بالمرض في المرة الثانية رحت أشجع نفسي على المثابرة لتخطي هذه المرحلة بعد. فإما أن أستسلم أو أصر على التغلّب عليه. ومن المؤكد أن ابنتي كانت الدافع الأساس لأستمر في العيش لأراها تكبر أمامي وأكون إلى جانبها في كل لحظة في حياتها. كنت أخرج بعد العلاج وكأن شيئاً لم يكن وألتقط الصور مع ابنتي وصديقاتي من دون أن أتأثر بأي شيء.


سؤال وجواب في سرطان الثدي

- هل يلعب حجم الثديين دوراً في زيادة خطر الإصابة؟

بعكس ما هو شائع، ليس لحجم الثديين علاقة بالإصابة بسرطان الثدي، سواء بزيادة الخطر أو بتدنّيه.

- هل العلاج الكيميائي يوصف حُكماً لمعالجة المرض؟

يُعتمد العلاج الكيميائي بعامة، لكن لا بد من أخذ حاجة المريض إليه في الاعتبار، إضافة إلى مرحلة المرض التي يتم الاستناد إليها.

- متى تكون هناك حاجة للعلاج بالأشعة؟

اذا كان حجم الورم كبيراً جداً، يُنصح بالعلاج بالأشعة لتقليص حجم الورم إلى أن يتم بعدها استئصاله بالعملية الجراحية.

- متى يكون استئصال الثدي ضرورياً؟

إذا كان السرطان في مراحل متقدمة ومنتشراً في الثدي، فلا بد من استئصال الثدي.

- من النساء الأكثر عرضة للإصابة؟

ثمة عوامل معينة تجعل المرأة أكثر عرضةً للإصابة، وهي:

التدخين

وجود حالات في العائلة

السُّمنة

عدم الإنجاب.