يسرا محنوش: إرضاء الجمهور التونسي صعب لأنه مثقف فنياً

كارولين بزي - تونس 03 نوفمبر 2018
تعتبر نجمة “ذا فويس” الفنانة التونسية يسرا محنوش أن الجمهور التونسي ذوّاق ومن الصعب إرضاؤه، وتؤكد أن الجزائريين أذكياء واستطاعوا نشر لون “الراي” في العالم. تتجاذبها المشاعر إذ ترى نفسها عاجزة عن تقديم عمل وطني عربي، وأن من واجبها كفنانة صادقة دعم القضايا العربية. بعد إصدارها عدداً من الأغنيات، تحضّر اليوم لألبومها الأول لأنها ترفض أن تكون مطربة الأغنية. “لها” التقت يسرا محنوش في تونس على هامش مهرجان أيام قرطاج الموسيقية وكان هذا الحوار...


- أصدرت عدداً من الأغنيات لكنك حصدت شهرة محلية ولم تحققي انتشاراً في الوطن العربي، لماذا؟

لا بالعكس، أولاً الشهرة المحلية وإحياء الحفلات بهذه الضخامة ونفاد البطاقات في كل حفلة أحييها ليست بالأمر السهل، إذ إن من الصعب إرضاء الجمهور التونسي، لأنه جمهور ذوّاق ومثقف فنياً. الشهرة التي حققتها ليست محلية، فقد شاركت في مهرجانات في صلالة والفجيرة، إضافة الى حفلاتي الفنية في كندا والجزائر. فحين نتحدث عن ثمانية عشر مليون مشاهدَة لكليب أغنية “بفكر فيك” وكل الشارع المصري يحفظها، وعندما يردّد أهل العراق “واسكت بس”... فهذا نجاح عربي كاسح.

- ما أهمية أن يؤدي الفنان لهجات عربية متنوعة؟

أؤيد غناء الفنان بلهجات متعددة، لكنني لست ضد تخصّصه بلهجة واحدة، كما أن حس اللهجات ليس موجوداً عند الجميع.

- إلى أي مدى يقرّبك إتقان الغناء بلهجة أحد البلدان العربية من جمهور هذا البلد؟

يقرّبني كثيراً، حتى عندما أغنّي في تونس، وأتنقل بين ولاياتها وأغني تراثها، أتقرّب من أهلها أكثر، فما بالك وقد غنّيت بالكردية في أربيل، وبالإماراتية في الفجيرة، وباللهجة السعودية في السعودية؟! لامست فعلاً قلب الجمهور الذي سمعني.

- تغنّين بلهجات متعددة، ألا تخافين من أن تُتّهمي بضياع هويتك الفنية؟

لا أبداً، لأن هناك صدقاً في العطاء الفني. عندما أختار أغنية أدقّق في كلماتها وألحانها وتوزيعها، وأنا متشددة في خياراتي، وهذا ما يؤخّرني كثيراً، فكل أغنية تحتاج مني وقتاً طويلاً.

- على أي أساس تختارين الأغنية؟

أولاً، يجب أن تعجبني الأغنية، ثم آخذ آراء من حولي ممن يملكون آذاناً موسيقية تخوّلهم الحكم على الأغنية. قد أخطئ أحياناً وفي الغالب أُصيب، وهذا ما نتعلم منه.

- هل تندمين على الخطأ؟

أندم في اللحظة التي أكتشف فيها الخطأ. في إحدى المرات استمعت إلى أغنية أعجبتني كثيراً، وبعد أن سجلتها علمت أنها مسروقة. ربما لم أتابع التفاصيل، وهذه غلطتي، إذ اشتريت الأغنية فور أن أعجبتني كلماتها، مما اضطرني الى تغيير اللحن والتوزيع، وبدلاً من أن أصدرها مجدداً، علّقت العمل بها، وهذه غلطة أخرى... لغاية اليوم أنا مقتنعة بالأغنيات التي أصدرتها، ولكن حان الوقت لأصبح أكثر نضجاً في اختيار أغنياتي المقبلة.

- هل تعتبرين أن أرشيفك الغنائي خالٍ من الأغنيات الضاربة؟

لدي أغنيات ضاربة، ولكنها ليست بمستوى أغنيات سعد لمجرد التي حازت شهرة واسعة في العالم العربي.

- لماذا ذكرت سعد لمجرد تحديداً؟

لأنه أكثر فنان أصدر أغنيات ضاربة في الفترة الأخيرة في العالم العربي.

- ما رأيك بما حصل مع سعد لمجرد أخيراً؟

سأتحدث بموضوعية وشفافية، لا بديبلوماسية. أمضيت مع سعد لمجرد في برنامج “سوبر ستار” فترة طويلة في العام 2007. هو ابن عائلة محترمة وإنسان خلوق وطيب. بعد انتهاء البرنامج، غادر سعد إلى أميركا ولكننا كنا على تواصل دائم، ثم انقطعت العلاقة بيننا لفترة طويلة، وشاركت في “ذا فويس” وهو أصدر العديد من الأغنيات، وفي زيارة لسعد إلى تونس قبل سنة من المصائب التي ألمّت به، التقيته ولم ألحظ أي تغيير في شخصيته، لذا أخاف أن أبدي رأيي بما تعرّض له فأظلمه...

- بعيداً من أزمة سعد الأخيرة، هل تقارنين بين ما وصل إليه سعد لمجرد من عالمية وما حققته أنت؟

لا أعقد مقارنة بيني وبينه، لأن لكل منا شخصيته وهويته الفنية المختلفة، علماً أن هناك تقارباً في أفكارنا، ولكنْ كلٌ منا اختار طريقاً مختلفاً عن الآخر. أتمنى أن أصدر أغنية مماثلة لأغنيات سعد، وخصوصاً أغنية “أنا ماشي ساهل” التي أحبّها كثيراً.

- بعد تعاونك مع القيصر كاظم الساهر، لماذا لم تتعاوني مع فنانين آخرين؟

بصراحة، من الصعب التعاون مع فنان آخر بعد القيصر، إلا أنني لست ضد هذه الفكرة، لكن شرط أن يكون هناك تقارب في الأصوات والأداء والأفكار. كما أن كاظم الساهر هو قدوتي وأستاذي وهو من قال لي إننا متقاربان.

- منذ فترة خسر العالم أجمع الفنان الجزائري العالمي رشيد طه، ما الذي قدّمه طه للعالم العربي؟

هو فنان عالمي، ولكنني كنت صغيرة حين اشتهرت أغنياته، وأدعو له بالرحمة.

- إلى جانب سعد لمجرد، أي فنان من المغرب العربي وصل إلى العالمية؟

بالتأكيد الشاب خالد.

- رشيد طه والشاب خالد يحملان الجنسية الجزائرية، برأيك لماذا استطاع الجزائريون الوصول إلى العالمية؟

أحب الجزائريون كثيراً وهم يبادلوننا الشعور نفسه، وبالنسبة إليّ أؤكد أننا بلد واحد، ويجب أن ينطبق هذا على كل الدول العربية. الجزائريون أذكياء ويقدّمون أصعب أنواع الفنون، فـ”الراي” انتشر في كل العالم، وهو لون ليس سهلاً، كما أن الشاب خالد فنان خطير.

- في ظل الظروف التي نعيشها اليوم، لماذا لا نجد أوبريت شبابية عربية؟

أؤيد هذه الفكرة، وأحب الأغنيات الوطنية، فمن واجب الفنان الصادق والحساس أن يدعم أي قضية في الوطن العربي، ولكن إحساسه المرهف قد يؤثر فيه سلباً أحياناً، فيتقوقع على نفسه إذا شعر بعدم القدرة على فعل أي شيء. أنا متناقضة في أحاسيسي، مرة أقول سأفعل ذلك، وفي أوقات أخرى أتراجع في قراراتي.

- ماذا تحضّرين حالياً من أعمال؟

أحضر لألبوم وأتأنّى في اختيار أغنياته.

- ألم ينتهِ زمن الألبومات؟

هو انتهى فعلاً، ولكن مع الفكرة الفنية التي أطمح إليها يجب أن يكون الألبوم موجوداً. لا أطمح أن أكون مطربة الأغنية، وبالتالي عليّ أن أثبت نفسي في الوطن العربي كقيمة فنية، وأن يكون لي ألبوماً خاصاً.