الحياة تسكن في الأرجاء ونبض الشباب والعصرية في التفاصيل

بيروت- روزي الخوري 11 نوفمبر 2018
نبض الشباب، جمال الطبيعة، وهندسة عصرية. كلّها صفات يمكن أن تُطلق على هذا المنزل القابع على إحدى التلال اللبنانية القريبة من العاصمة. فهو يُشرف على الجبل والبحر معاً، ومنهما يستلهم جماله الهندسي للداخل والخارج. المشهدان الداخلي والخارجي كأنهما واحد، يتماهيان حتى الالتصاق، وهذا ما تقصّده المهندس جان بوضومط.


الهندسة مستوحاة من المنظر البانورامي الأخّاذ المشرف على هذا المنزل. ساحلاً، يتماهى مع الشاطئ اللبناني، وجبلاً مع تلاله وأخضره النضر. لذا اعتنى المهندس بوضومط بالخارج تماماً كالداخل. حوض السباحة حاضر لتمضية أوقات ممتعة، متوسطاً الحديقة المتناسقة الشتول والأزهار والجلسات الخارجية.

هذه الفيلا المؤلّفة من طبقيتن عصرية وشبابية تشبه قاطنيها، فيها كلّ مقوّمات الجمال والعملية. واللافت فيها هو امتزاج المواد المختلفة، الخشب والحديد والحجر والستينلس، بأسلوب جديد ومبتكر أرخى أناقة فائقة على المكان.

في الطبقة الأولى حيث قاعات الاستقبال، نرى مساحة واحدة متجانسة متّصلة الأجزاء. فالمطبخ يطلّ على جزء من الجلسات مصمّم بأناقة فائقة، ليشبه المساحة التي يطلّ عليها، وقد أضفى لونه الأبيض اللمّاع أناقةً على غرفة الجلوس التي يطلّ عليها والتي تشكّل جزءاً مكمّلاً له.

للوهلة الأولى، ورغم أناقة المكان، يخال الداخل إلى قاعات الاستقبال أنّه ما زال في المساحة الخارجية بفضل هندسته المميّزة. نافذة كبيرة اخترقت وسط الجدار تعمّدها المهندس لخلق هذه الشفافية بين الداخل والخارج ونقل الطبيعة الخارجية إلى الداخل. هنا تحلو الإقامة كلّ أيام السنة لكونه منزل الصيف والشتاء معاً. وهل أجمل من الجلوس في الدفء والتمتّع برؤية الثلوج تتساقط في الخارج؟ ومن هنا اتّسم المنزل بالدفء والبرودة معاً. ولهذا الغرض استخدم المهندس المواد المختلفة ومزجها بفنٍ واتقان لافتين: “أنواع الخشب العديدة مزجتها لتوحي بالدفء والرفاهية، والأرض ذات الرخام الداكن اللون قابلها السقف الأبيض المقطّع إلى أشكال هندسية انبعثت منها الإنارة الموجّهة وغير الموجّهة، وقد كسرت الدفء والرتابة، إلى جانب الستينلس الذي ساهم أيضاً في إرساء هذا الجوّ”.

لعبة التضاد بين الأجواء الباردة والدافئة اكتملت في الأثاث حيث تمازجت الألوان الزاهية والداكنة والأقمشة المخملية والقطنية والجلدية. ففي الصالون الأوّل، المفروشات من ماركات إيطالية فاخرة كما في كلّ المنزل، وتراوحت ألوانها بين البنّي والبيج المائل إلى الرمادي، بعضها من الجلد وبعضها الآخر من المخمل «الدان». أما غرفة الجلوس فمن القماش البيج، عليها مجموعة أرائك ملوّنة، تُشرف على المطبخ الذي اتّسم باللون الأبيض اللمّاع. هنا ألوان فصل الصيف ونضارته حاضرة بكلّ مقوّماتها.

بالعودة إلى قاعات الاستقبال، ارتدت الأعمدة الخشب الزاهي اللون، قابله في «الدروسوار» وخزانة غرفة الطعام الخشب الداكن. ولا بدّ من التوقف ملياً عند تصميم غرفة الطعام الفريد، فهي قمّة في العصرية والعملية، وكلّ تفاصيلها مميّزة. المقاعد من الحديد المشبّك بفنّ، جزؤها الأعلى حيث يرتكز الظهر، من القماش نفسه للصالون، وركائز الطاولة بلون الخشب الطبيعي بشكل هندسي لافت، أما وسطها فباللون الداكن. ولا بد من التوقف ملياً عند الخزانة التي شغلت الحائط المواجه «للدروسوار»، فهي بمزجها للونَيّ الخشب الزاهي والداكن شكّلت علامة فارقة، إضافة إلى طريقة وضع الأواني في داخلها بأسلوب فني. وأنارت الطاولة أربعة مصابيح مستديرة من البرونز التصقت بالجفصين مباشرةً.

من غرفة الطعام، يقودنا ممرّ إلى جناح المطبخ وغرفة الجلوس المواجهة، كما يمكن الوصول مباشرةً من هذا الركن إلى الحديقة الخارجية.

الدرج الرخام الرمادي يفضي إلى الطبقة العلوية حيث غرف النوم التي اتّسمت بالنضارة والعصرية التامة. جدار الدرج من الحجر الرمادي المقطّع إلى مستطيلات والأرض من الباطون، وإطاره من الزجاج الشفّاف حيث شكّل هذا المزيج جمالية هندسية فريدة تنبئ بجولة ممتعة في الطبقة العلوية. وتعزز لدينا هذا الشعور الخزانة المعلّقة على الدرج لجهة اليمين، من الحديد والخشب، في داخلها مجموعة سيارات بألوانها وأشكالها المختلفة. وتطالعنا من خلال الباب الشفّاف مباشرة غرفة جلوس اتّسمت باللون الرمادي، مخصّصة للمدفأة، يدخلها النور من كلّ الاتجاهات، شغلت جزءاً منها طاولة بيضاء ارتفعت حولها المقاعد باللون نفسه. في هذا الجناح غرفتا نوم للمالكين وللأولاد اتّسمتا باللونين الرمادي والأبيض وأرضهما من الباركيه الزاهي وستائرهما بيضاء شفّافة.

الجولة داخل أرجاء هذه الفيلا مفعمة بالجمال والهدوء والتفنّن ونبض الشباب والعصرية، لا يشبع النظر من التأمل في تفاصيلها الممتعة والمميّزة.