الرسامة نينا طاهر تقف في وجه قمع المرأة على طريقتها

كارين اليان ضاهر 11 نوفمبر 2018

لأن قمع المرأة هو أكثر ما يستفزها في الحياة، أرادت الرسامة نينا طاهر أن تسلط الضوء على هذا الموضوع في لوحاتها في المعرض الذي أقامته وحمل عنوان “المرأة” لتعبّر من خلاله عن رفضها لهذا الواقع، وتدعم المرأة على كل الصعد. صحيح أنها لم تمشِ في درب الرسم والفن من سنّ مبكرة على الرغم من اكتشافها هذا الشغف من الطفولة. فظروف الحياة أبعدتها عن عشقها هذا فيما لم تستطع التخلّي عنه بل عادت ومشت في هذا الطريق الذي تجد فيه حياتها وعالمها الخاص. بين العلم والموهبة، بين الواقع والخيال تتحدث نينا طاهر بشغف عن مسيرة ملهمة في هذا المجال فيما تؤكد مساهمتها كفنانة في تمكين المرأة ودعمها الدائم لها.


- يتجه الفنانون عادة إلى مجال الفن تأثّراً بالأجواء العائلية، هل ولدت في عائلة فنية؟

لم أولد في عائلة تطغى فيها أجواء الفن والرسم، لكن لطالما كنت شغوفة بهذا المجال، مما دفعني باتجاه الفن التشكيلي. لكن هذا حصل من دون أن أتأثر بالأجواء المحيطة.

- هل اكتشفت عشقك هذا من سنّ مبكرة؟

عشقت هذا المجال منذ أيام الدراسة حيث كنت أرسم في الصف بدلاً من التركيز على شرح الأستاذ. هذا الميل عرفته منذ الطفولة لكنني عملت على تنميته مع الوقت.

- هل توافرت لك الأجواء الملائمة لتتمكني من تنمية عشقك بسهولة؟

شخصياً، ولدت في نيجيريا ثم عدنا إلى لبنان للدراسة. أنهيت دراستي في أيام الحرب، والظروف لم تكن مؤاتية لنطوّر مهاراتنا. لم يكن في إمكاننا إلا الذهاب إلى المدرسة والعودة إلى البيت. عندما تزوجت وأسّست عائلة، هذا أيضاً وقف عائقاً في وجه طموحاتي وتنمية مهاراتي. لكن حين كبر أطفالي عاودت العمل في هذا الاتجاه لتحقيق حلمي. شعرت عندها بالقدرة لأركز على شغفي بالفن.

- هل تذكرين أول لوحة رسمتها؟

فرحتي لا توصف باللوحة الأولى التي رسمتها، وكانت لامرأة تتخبّط بين الأمواج. أعشق هذه اللوحة ولن أعطيها لأحد طبعاً.

- ما مصادر الوحي بالنسبة إليك؟

الواقع والحلم في الحياة من أهم العناصر التي تلهم الفنان، ومنهما يستوحي أفكاراً يعمل على تنفيذها بأسلوب فني راقٍ. هو ينفذ الأفكار كما يراها كفنان له نظرته الخاصة. قد يلفتني عجوز على الطريق فأستوحي منه وأنفذ عملاً على طريقتي. كما أتأثر كثيراً عندما أنظر إلى السماء وأفكّر بقدرة الله على الإبداع.

- أيّهما الأساس في رأيك: الموهبة أم العلم؟

من المؤكد أن الموهبة ضرورية، لكن يجب صقلها بالعلم. لا بد للفنان من تعلّم أصول الإبداع لإيصال الفكرة بأسلوب صحيح.

- في اللوحات التي عرضتها أخيراً ركزت على المرأة وكان عنوان معرضك “المرأة”، لماذا اخترت هذا الاتجاه؟

في لوحاتي سلّطت الضوء على المرأة بكل صفاتها، سواء كانت فقيرة أو بورجوازية. أردت أن أُبرز دورها. أحاول المساهمة في تمكين المرأة. حتى اليوم تتعرض المرأة للقمع، خصوصاً في مجتمعات معينة. من هنا اخترت هذا الاتجاه. علماً أن الموضوع ليس جديداً وثمة صراع أزلي حوله. لكنني أردت شخصياً المساهمة وتسليط الضوء على هذا الموضوع من وجهة نظري كفنانة.

- كيف تصفين المرأة؟

المرأة هي شريان الحياة... هي كالهواء للإنسان وكالماء للزرع، هي الكون بذاته ولولاها لما كانت الحياة.

- اليوم، ما الذي يستفزك في ما تواجهه المرأة وتعبّرين عنه في الرسم؟

في عالم اليوم يستفزني إلى أقصى حد أنه على الرغم من التطور الذي بلغناه تُقمع المرأة ويقال لها إن لا صوت لها وتوضع في قالب معين. في لوحاتي أقول إن المرأة هي الحياة، ولا يمكن قمعها، وإن أُغلق فمها فعيناها تتكلمان.

- أي لوحة هي المفضلة لك؟

أحب كل لوحاتي قبل أن أرسمها. ففي كل منها وضعت شيئاً من روحي. لا أُفضّل لوحة على أخرى.

- كيف تعملين على التطور في هذا المجال الذي قد يصعب فيه التميّز؟

على الإنسان أن يعمل دائماً على تطوير نفسه. يجب ألا نقف في مكان محدد. ثمة أمور يمكن تعلّمها دوماً، خصوصاً بالنسبة الى الفنان. ثمة جديد دائماً. بالنسبة إليّ، تلقيت دروساً خصوصية بإشراف الفنان برنار رنو وتعلّمت منه الكثير من أصول الفن والرسم. كما تابعت مع الفنان العراقي حيدر علي. أتوجه دائماً إلى مصادر أخرى لأتطور باستمرار. لا بد من البحث عن الجديد دوماً من دون توقف.

- إلى أي مدى يتطلب منك الرسم الانعزال والابتعاد عن العالم، وهل هذا سهل عليك؟

عندما أبدأ بالرسم، أشعر تلقائياً أن روحي انتقلت إلى عالم آخر. أشعر أنني بعيدة عن العالم وأعيش بخيالي فيما أحقق هذا الحلم بمفردي. قد يبتعد الفنان عن العالم، لكن لا بدّ له من الاختلاط مع الناس ليكتشف الجديد ويعطي بشكل أفضل ويستوحي منهم. لكنْ ثمة أوقات أبتعد فيها عن العالم من دون شك فأعيش في عزلتي وعالمي الخاص.