نادية بن زعل

عمل المرأة, مقابلة, الرياضة, كأس دبي العالمي, معرض أبو ظبي للكتاب, بهارات الخليج, الهندسة الداخلية, أزمة, نجاح المرأة, الثقة بالنفس, جبنة الفيلادلفيا, نادية بن زعل, استثمار, سيدة أعمال, السفر , إدارة الأعمال, توازن , القراءة, إدارة, شركة زايا, مشاري

14 سبتمبر 2009

جزء من نجاحها يعود إلى أفكارها ورؤيتها وطموحها الذي يفوق سنوات عمرها. فهل تخيّلت أن تسكن يوماً في فيلا في أبو ظبي ولكن وسط مياه الخليج العربي وتحت قدميك عجائب الأسماك والمخلوقات البحرية، فتبدو معلقاً في الأفق بين لازورد البحر وفيروز السماء؟ صاحبة هذه الفكرة والقائمة على تنفيذها حالياً هي سيدة الأعمال الإماراتية نادية بن زعل الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «زايا»، والتي أقترن اسمها بمشاريع عقارية ضخمة في الإمارات تتميّز بالتفرّد والفخامة، فتبدأ قيمة الفيلا الواحدة في مشروعها الجديد في جزيرة «نوراي»، ب30 مليون درهم...

نادية بن زعل شابة إماراتية درست في لندن وعادت أكثر طموحاً وواقعية، فهي ترتدي في معظم أوقاتها أحدث صيحات الموضة ولكن أزياء عملية وبسيطة. ورغم سطوعها وتألقها يعدّ الماكياج عندها من الكماليات لأن سيدة الأعمال يجب أن تكون عينها وسط رأسها بدلاً من أن تهتم بتكحيل عينيها... جزيرة «نوراي» التي تشرف على عمرانها الفخم تطوقها شواطئ رملية لم تطأها الأقدام من قبل، وتقع شمال شرق أبو ظبي بعيداً عن صخب الحياة اليومية وعلى مسافة دقائق قليلة من العاصمة في الوقت نفسه. وقد سبق لها أن كانت على رأس تنفيذ مشروع «البراري» العقاري الضخم في دبي. تتولى نادية بن زعل قيادة شركة «زايا» وعضوية مجلس إدارتها، وتشرف على جميع العمليات الإدارية فيها، وترأس فريق عمل مكوناً من كبار الإداريين والخبراء. وتعد بن زعل إحدى أبرز الشخصيات في عالم المال والأعمال في منطقة الشرق الأوسط، وشغلت سابقاً منصب الرئيس التنفيذي والقوة المحركة لمشروع «البراري» الذي تصل قيمته إلى ملياري  دولار أميركي، وهو أول مشروع عقاري من نوعه في دبي يستهدف شريحة النخبة في الأسواق العقارية. كما تملك نادية بن زعل خبرة كبيرة في مجال تطوير وهيكلة وتمويل مشاريع قطاع الطاقة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وسبق لها أن تولت الإشراف على إحدى أكبر عمليات الاكتتاب العام في المنطقة لصالح شركة أبو ظبي الوطنية للطاقة. كما عينت عضواً في مجلس إدارة شركة «الطويلة آسيا للطاقة» التي استطاعت إنجاز أضخم صفقة تمويل في قطاع الطاقة في منطقة الخليج. الحديث معها هو حديث عن نجاح المرأة الخليجية في عالم المال والأعمال وغيره، وهو ما كشفته رحلتها بين الدراسة والعمل.

- هل تعتبرين أن خطوة النجاح الأولى تبدأ من الاختيار الصحيح لمجال الدراسة؟
 أتفق معك في ذلك، فقد كنت أحب السياسة وأتحمّس لها، وفي الوقت نفسه السياسة مرتبطة بالاقتصاد باعتباره لغة الحياة اليوم. من هنا جمعت في دراستي بين الاثنين عندما درست اقتصاد وسياسة الشرق الأوسط في جامعة لندن لمدة 4 سنوات، وعدت بعدها إلى الإمارات لأعمل في إدارة الخصخصة التابعة لإمارة أبو ظبي. وقتها كانوا يطوّرون مشاريع في المياه والكهرباء بمليارات الدولارات، مما أتاح لي فرصة التعامل مع البنوك والاستشاريين والمحامين الدوليين على مستوى العالم باعتباري ممثلة لحكومة أبو ظبي ودائرة الخصخصة فيها. وبالطبع اكتسبت من هذه الخبرات والأسماء العالمية والمشاريع الضخمة خبرة كبيرة في وقت  قصير جداً. 

- كيف صنعت هذه الشخصية رغم صغر سنك؟ هل للأمر علاقة  بالتربية أم نوعية الدراسة؟
نوعية التربية وما زرعه والدي بداخلي كانا البداية التي عمقتها الدراسة في ما بعد. فقد كان والدي حريصاً على أن أقرأ كتاباً كل أسبوع منذ كان عمري 10 سنوات، ثم نتناقش في مضمونه وأهدافه. والغريب أن نوعية تلك الكتب كانت متنوعة ما بين الأدب العالمي وكتب في الاقتصاد والسياسة وعلم النفس وغيرها.

- وماذا عن الغربة والدراسة في لندن؟
تجربة الدراسة خارج حدود الإمارات كانت صعبة عليٌ، مع إن لندن ليست غريبة بحكم سفرنا الدائم إليها في الإجازات. كنت أكلّم أهلي ثلاث مرات في اليوم، وكأنها ثلاث وجبات تصنع الحياة عندي. بالطبع كانت لتجربة السفر بعيداً عن الأهل قسوتها لكنها ساهمت بشكل أو بآخر في صقل شخصيتي وتجاربي التي انعكست على أن أكون عملية ومنظمة، وحريصة أغلب الوقت على أن يكون الإنجاز في مجال العمل جزءاً مهماً من حياتي وتفكيري.

- هل تعتبرين نفسك من أوائل من عملن في هذا المجال؟
نعم فقد كنت الفتاة الوحيدة الإماراتية أو حتى الأجنبية التي تعمل على موضوع جديد وهو الخصخصة لاقتصاد القطاع الحر، خاصة في قطاعات مثل المياه والكهرباء والبترول والألومنيوم. وتعلمت بسرعة خلال سنتين تقريباً، ولم يكن ذلك أول احتكاك لي بعالم الأعمال، فقد بدأت مبكراً وحتى أثناء دراستي في المرحلة الثانوية وأثناء العطلة الصيفية عندما عملت في دائرة الاقتصاد في دبي، وكان عمري  وقتها 15سنة تقريباً. ولم أكن أنوي أن أكون على رأس شركة للاستثمارات العقارية بعد ذلك، بل أكملت دراستي في لندن وعدت لأعمل مع حكومة أبو ظبي. لكن الحياة العملية والخبرة الواسعة التي اكتسبتها في وقت قصير مهدتا لي اتخاذ تلك الخطوة الناجحة في حياتي.

- أحققت تجربة العمل الحكومي فائدتها في حياتك المهنية في ما بعد؟
عملت مع الحكومة ثلاث سنوات في إدارة الخصخصة، وبعدها تمت ترقيتي لأكون رئيسة إدارة تمويل المشاريع في عالم ضخم وكبير. وهو ما عمق خبرتي في  التعامل مع البنوك  والسفر شبه الدائم. وأتذكر أول مرة كنت ذاهبة إلى اجتماع في  لندن مع رئيس مجلس إدارة بنك HSBC وآخرين من الأسماء العالمية المعروفة في مجالي الاقتصاد والمحاماة وغيرهم، كان هذا الاجتماع طويلاً والحديث فيه متشعباً في أمور إقتصادية عميقة. ويومها خرجت من الاجتماع وأجريت اتصالاً بوالدي، لأني لم أكن مستوعبة إن أكون في هذه السن المبكرة وأجلس مع هؤلاء الناس من ذوي الأسماء العالمية. لكن الثقة التي وضعها فيّ المسؤولون في حكومة أبو ظبي ونوعية العمل التي كانت تعني معرفة كل التفاصيل والدراسات المتعمقة لكل مشروع جديد كانت وراء كل ما حققته من نجاح.

 

- وكيف تحوّلت نادية بن زعل إلى العمل الخاص؟
عملت في البداية في مشروع «البراري» وهو مشروع الوالد في دبي، كنا أربعة أشخاص في الشركة، وتحول العدد اليوم إلى مئات وآلاف الأشخاص. فقد تفاوضنا مع حكومة دبي لشراء أرض المشروع، ثم دخلنا في ناحية التمويل، وكانت رؤيتي ألا يكون الأمر مجرد أرض وبناء فلل سكنية فخمة، بل أن يكون انتماء وحباً للمكان الذي تقيم فيه مشروعك العقاري، بعيداً عن رؤية الاستشاريين الذين يقنعونك بتحقيق أقصى استفادة من مساحة الأرض التي تنوي البناء عليها لمشروع استثماري. واتفق معي والدي وأعضاء مجلس الإدارة في تلك الرؤية بحيث تكون إقامتنا في المكان الذي نبنيه، وأن نحقق مكاناً متميزاً نحلم بالعيش فيه. في البداية كنت عضو مجلس إدارة، وبعدها أصبحت رئيس  مجلس الإدارة، و«البراري» هو مشروع ضخم لبناء 600 فيلا باستثمارات تصل إلى 5 مليارات درهم تقريباً.

- نجاح «البراري» هل دفعك إلى مشروع جزيرة «نوراي» الفخم؟
أحب أن أبتكر شيئاً جديداً كل فترة، ومشروع « البراري » في دبي يقوم على شراكة مع بنوك وتحت إدارة والدي ولم ينته بعد. ولكني أتابع مراحله النهائية. تجربة «البراري» كانت ناجحة ولذلك رغبت في تكرارها. ولأن أقامتي عقب تخرجي كانت بحكم العمل في أبو ظبي، ولحبي لهذا المكان وأهله، فقد تحمست عندما سمعت عن فكرة لتطوير جزيرة لا تبعد سوى دقائق معدودة عن العاصمة لإقامة مشاريع عقارية ضخمة. ذهبت إلى تلك الجزيرة ومكثت هناك وقتاً طويلاً لتأمل روعة مكان لم تطأه قدم بشرية من قبل، رغم أنها على مسافة 100 متر فقط من جزيرة السعديات المعروفة. ونحن كمطورين في بلدنا الإمارات، كل منا يبني الشيء الذي يراه حلواً من وجهة نظره. ولهذا قلنا نحن نبني للناس، فدعونا نسمع أفكارهم ونتعرف الى رغباتهم، ومن هنا كان مشروع  شركة «زايا» العقاري «لإقامة منتجع على جزيرة نوراي» بعدما أظهرت أبحاث الشركة وجود نقص كبير في هذه النوعية الراقية من المشاريع العصرية المبتكرة، وبالتالي تركز «زايا» بصورة مستمرة على تلبية احتياجات النخبة التي تسعى إلى ارتقاء قمة الفخامة بأساليب حياتها، فلكل فيلا منتجعية شاطئية حديقة وشاطئ خاصان، وحديقة على السطح مع حوض سباحة للاسترخاء والاستجمام، ومسبح متصل بأفق البحر، وبرك مياه داخلية عاكسة.

- حدثينا عن العمل في مجال يسيطر عليه الرجال. هل وجدتِ صعوبة في ذلك؟
بالطبع هناك صعاب وليست مجرد صعوبة واحدة. والبعض مازالت رؤيته قاصرة تجاه كون المرأة في موقع القيادة أو المسؤولية، وإن كانت الصورة والنظرة قد تغيرتا بفضل دعم شيوخ الإمارات الذين لهم دور كبير في تذليل العقبات أمام نساء الإمارات للظهور بتلك الصورة التي نفخر بها جميعاً،

- مشروعك الأول يحمل أسم «البراري» والثاني «نواري» وهو اسم مستمد من النور. هل للأمر علاقة بحبك للطبيعة؟
 معنى «نواري» جاء من النور والضياء لأنك تشاهد البيت أو الفيلات وهي من الزجاج وكأنها ثريا وسط مياه الخليج، أما البراري فهي الطبيعة نفسها، فالموقع يطل على منطقة الشيخ مكتوم بن راشد حاكم دبي السابق وكان من المحافظين- رحمه الله - على الطبيعة ويقتني فيها غزلاناً. والأرض تطلّ على هذه المحمية ومأخوذة من هذا المكان.

- إلى من تنسبين فضل نجاحك؟
أولاً للوالد والوالدة، والصراحة تقتضي مني أن أعيد الفضل بعد الله - سبحانه وتعالى- إلى الشيخ دياب بن زايد آل نهيان. فقد أعطاني الثقة في بداية حياتي وعقب تخرجي مباشرة للعمل في قطاع الحكومة في مجال الخصخصة مما انعكس على ثقتي بنفسي وقدرتي على التعامل مع الناس، وفهمي لتمويل المشاريع و نواحيها القانونية.

- بحكم خبرتك، ما هي أفضل أنواع الاستثمار للمرأة لتكون ناجحة كسيدة أعمال؟
من ناحية الاستثمار أنا دائماً أرى أن الأراضي هي الأفضل والاستثمار الجيد في كل زمان ومكان. وكل عمل يعتمد في أي حال على الفهم الصحيح والدراسة الجادة لمعطياته وآفاقه المستقبلية. وهنا لدينا سيدات أعمال ناجحات للغاية في مجال الاستثمار العقاري مثل فاطمة الجابر صاحبة الدور الفعال في مجموعة الجابر من ناحية المبيعات - وهناك أيضا منال شاهين وغيرهما.

- هل المخاطرة في الأسواق تناسب طبيعة المرأة؟
المرأة بطبعها حساسة، وفي مجال المقاولات على سبيل المثال الأمور صعبة، لكن النجاح فيه مشرق ويعوض كل الأخطار والصعاب. والمرأة بطبعها تجيد فن إدارة الأزمات، وتدقّق في التفاصيل، وهي أشياء مهمة في عالم الاستثمارات، وإن كنت أفضل أن تنجح المرأة في عملها دون أن تنسى أنها امرأة، ولا تصير «دفشة» وخشنة أو تتشبه بالرجال، بل تحافظ على كونها أنثى وناجحة مهما كان العمل الذي تؤديه.

- لكن طبيعة العمل تفرض أحياناً على المرأة القيادية أن تقلد الرجال في «الحزم والصرامة» خصوصاً مع من يعملون تحت إداراتها؟
الحزم والصرامة ليسا أمرين قاصرين على الرجال، فالمرأة هي التي تدير بيتها، ومسؤولة عن تربية أجيال، وهو ما يتطلب منها أن تكون أماً حنونة وفي الوقت نفسه لا تهادن أو تتراخى لتستقيم الحياة، أي أنها تلجأ إلى الحزم عندما يتطلب الأمر ذلك. وفي مجال العمل الحر الذي تديره النساء جزء كبير من النجاح منسوب إلى شخصية المرأة التي تدير هذا العمل وتبدع في تكوين فريقها التنفيذي وإدارته، وهو بالطبع من الرجال والنساء، وليس قاصراً على فئة أو نوع واحد من الموظفين.

- ماذا عن الحياة الاجتماعية لسيدة الأعمال؟ الزواج مثلاً؟ وهل لديك هوايات؟
جزء كبير من حياتي كان مرتبطاً بالقدرة على التخطيط وتحقيق التوازن بين الحياة العملية والاجتماعية. ولا أنكر أن المشاغل ومسؤوليات العمل قد أخذتني بعض الشيء. كنت أمارس رياضات التنس واليوغا والفروسية، وأخصص وقتاً كبيراً للقراءة، ولكن السفر والعمل سيطرا على حياتي إلى درجة تجعلني أفكر أحياناً في الجلوس في مكان بعيداً عن الهاتف والتلفزيون وكل وسائل المعرفة والاتصالات لمجرد الاسترخاء وإعادة التفكير ولتحقيق التوازن في حياتي. لم أتزوج حتى الآن لأن طبيعة عملي أبعدتني عن التفكير في هذا الأمر، وإن شاء الله سيكون الأمر قريباً. وقد  يكون الزواج هو المشروع الثالث الذي أعمل عليه بعد «البراري» وجزيرة «نوراي»...