الحياة لا تعني انتظار العاصفة حتى تهدأ، وإنما تعلّم الرقص تحت المطر. هذا ما حصل بالضبط أثناء تقديم مجموعة كريستيان ديور كروز 2019. فقد هطل المطر بغزارة فيما اختالت العارضات على المنصّة شبه المفتوحة، لتقديم أروع تصاميم ماريا غراتسيا كيوري، المديرة الإبداعية لأزياء النساء لدى كريستيان ديور.

تحدّى المدعوون هطول المطر وشقّوا طريقهم إلى شانتيي (التي تبعد مسافة ساعتين من باريس)، حيث الإسطبلات الملكية ومنصة العرض.

المجموعة الجديدة مستوحاة من الفارسات المكسيكيات Escaramuzas، وهي من دون شك متعة فنية بصرية. فلا ريب في أن مشاهدة النساء على أحصنة بيضاء صغيرة في الهواء الطلق والعارضات حولهن، أمر مذهل بكل معنى الكلمة. ارتدت النساء فساتين بالأسود والأبيض من ديور، وكانت هذه التجربة استثنائية تماماً بالنسبة إليهن. وقد قالت أميركا مارتينيز، مسؤولة فريق فونيكس، “إن المجيء إلى هنا أشبه بحلم. عندما اتصلوا بنا، شعرت بغرابة كبيرة لأنني لم أتخيّل قط مثل هذه الفرصة. صعُب عليّ تصديق الأمر في البداية”.

التصاميم في هذه المجموعة تجمع بين تقاليد الفروسية الأميركية اللاتينية والأوروبية، ولذلك شاهدنا القماش المخرّم مع المعدّات الرياضية، والقمصان البيضاء وربطات العنق السوداء مع التنانير الطويلة. كما أضيفت التطريزات الكثيفة إلى التنانير.

اللافت أن التصاميم لم تقتصر على التنانير، بل تعدّتها أيضاً إلى البذلات الرجالية. فقد اشتملت المجموعة على عناصر فريدة، مثل الجلد والقماش المخرّم، ونقوش الأسود أو الأفاعي على سراويل الجينز.

أعادت كيوري أيضاً ابتكار تصاميم من الماضي، وأضافت إليها لمسة عصرية: تنانير طويلة ضيقة متسعة في الأسفل (أسلوب Rodeo في العام 1948)، وسترات ذات جيوب منتفخة، وتنانير ملتفّة بمثابة تحية لفستان أمازون (من العام 1951). “أنا مفتونة فعلاً بهذا التصميم، أمازون، لأنه رؤية عصرية لديور أمازون”، تقول كيوري. “علينا أن نأخذ الإرث في الاعتبار، والاطّلاع في الوقت نفسه على كل ما هو جديد، وإلا يكون التصميم الجديد صالحاً للعرض في المتحف”.

اعتمرت معظم العارضات قبّعات قش كبيرة مصنوعة يدوياً، وقبّعات جلدية أنيقة، صمّمها ستيفن جونز، فيما ربطت عارضات أخريات الشعر إلى الخلف على شكل ذيل حصان طويل.

المجموعة فريدة واستثنائية من دون شك، قدمتها كيوري تحية للنساء القويات والمقاومات. وهذا أمر أوضحته كيوري بشكل جليّ منذ انضمامها إلى الدار عام 2016 عندما ابتكرت القمصان القطنية التي كُتب عليها We should all be feminists.

في نهاية العرض، انحنت الأحصنة أمام برنار أرنو، صاحب الماركة الفخمة، فيما هطل المطر بغزارة بحيث بدت نهاية العرض سوريالية.