رجاء الجداوي: أجهشتُ في البكاء وتألّمت بسبب الاستهزاء بعمري

القاهرة - مؤمن سعد 24 نوفمبر 2018

تقول إنّ الشائعات لا تهمّها، لكنها صُدمت عندما قرأت خبر وفاتها، وأجهشت في البكاء بسبب استهزاء البعض باحتفائها بعيد ميلادها الثمانين. الفنانة الكبيرة رجاء الجداوي تحدثتْ معنا عن أعمالها الفنيّة الجديدة، ومشاركتها للمطرب المغربي عبدالفتاح الجريني في أول تجربة تمثيلية له، وعن علاقتها بدلال عبدالعزيز وميرفت أمين ونبيلة عبيد، ومحاولات البعض إيجاد حالة من الكراهية والغضب بينها وبين داليا البحيري، والرسالة التي توجهها لفاروق الفيشاوي، ورأيها في هيفاء وهبي ويسرا وغادة عبدالرازق ومحمد هنيدي، وأسباب استمرارها بالظهور مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه “الحكاية”، والنصيحة التي تعطيها للمرأة العربية.


كيف كانت ردود الفعل حول الجزء الرابع من مسلسل "يوميات زوجة مفروسة؟
سعدت كثيراً بإعجاب الجمهور بالحلقات الجديدة من المسلسل، واندماجه مع كافة شخصيات العمل، وعدم الشعور بالملل منهم رغم تعدد أجزائه، وتحقيق الجزء الرابع لنجاح كبير يوازي نجاح الجزء الأول ناتج من تنوع القصص والأحداث التي تُناقَش في كل حلقة، وقربها الشديد مع المشاكل التي تواجه الأسر والعائلات، وعرضها بأسلوب كوميدي ساخر لرسم البسمة على وجه المشاهد المصري والعربي، وهذه النوعية من الأعمال الفنية تستمرّ لسنوات؛ دون أن تفقد بريقها لدى المتفرج.

هل هناك أجزاء أخرى من المسلسل قيد الإعداد؟
من المفترض وجود جزء خامس، لكن حتى الآن لم يتم الاتفاق عليه بشكل نهائي، وأتمنى تقديم أجزاء جديدة من المسلسل؛ مادام يحظى باهتمام الجمهور، علماً أنه لفت انتباه كافة الشرائح العمرية، بداية من الأطفال والشباب وحتى كبار السن، وهذا من الصعب أن يحدث مع أي عمل درامي، لكن المؤلفة أماني ضرغام استطاعت تقديم موضوعات مختلفة ومتنوعة بشكل يجذب كل الأعمار.

تشاركين الإعلامي عمرو أديب في برنامجه “الحكاية” بفقرة أسبوعية، كيف تقيمين هذه التجربة؟
تجربة ممتعة للغاية، وكانت الظهور الأول لي على شاشة قناة mbc في تقديم البرامج التلفزيونية. وعلى الرغم من أن الفقرة ليست جديدة، وهي بعنوان “اسألوا رجاء”، والتي قدمتها من قبل مع عمرو أديب أيضاً منذ أكثر من ستة عشر عاماً، في برامجه “القاهرة اليوم” على قناة أوربت، ثم برنامج “كل يوم” على قناة one، والآن من خلال “الحكاية”، قررنا الاستمرار في تقديمها نظراً لارتباط الجمهور بها إلى حدٍّ كبير، وهي قائمة على النقاش والحوار في أحد الموضوعات البسيطة بشكل مرح ولطيف بيني وبين عمرو، واستقبال تعليقات الجمهور عن طريق المداخلات الهاتفية، وأنا سعيدة جداً بالنجاح الذي حققه البرنامج منذ حلقته الأولى، خصوصاً أن فريق عمله والقائمين على القناة بذلوا مجهوداً كبيراً؛ ليخرج بهذا الشكل المميز والمبهر.

من أكثر الضيوف الذين استمتعت بلقائهم في البرنامج؟
النجمة هيفاء وهبي ظهرت بإطلالة مميزة ورائعة، وكنت أظن قبلها أن هيفاء امرأة جميلة فقط، لكنني عندما استمعت إلى إجاباتها عن أسئلة عمرو أديب اكتشفت أنها امرأة ذكية جداً، ومثقفة لدرجة عالية، واستفادت من خبراتها في الحياة، ووصلت لمرحلة النضوج الفكري. استمتعت أيضاً بحلقة غادة عبدالرازق، وأعجبت بصراحتها ووضوحها وثقتها في نفسها. كذلك أعجبت بالفنانة الجميلة يسرا وإطلالتها المفعمة بالتفاؤل والأمل والحب، كما هي في الحقيقة. ولا أنسى الفنان الرائع محمد هنيدي وابتسامته المعروف بها.

ما الذي حمسك لخوض تجربة الإذاعة من خلال برنامج “وانتوا بصحة وسعادة”؟
الجمهور يعرف الفنان من خلال أعماله وأدواره الفنية، لكنه لا يكون على دراية كاملة بشخصيته الحقيقية، وأفكاره ورؤيته في الحياة، إلا عندما يتحدث معه بعيداً عن مكان التصوير، وكنت أريد الوصول إلى الجمهور كإنسانة بعيداً عن الأضواء والتمثيل، لكنني لم أكن أعلم كيف يمكن أن أفعل ذلك، وعندما عُرض عليَّ تقديم برنامج إذاعي على شبكة “إذاعة 9090”، شعرت أن ذلك يتيح لي تلك الفرصة، وفي الوقت نفسه وجدت فيها تجربة جديدة تسمح لي بالظهور بشكل مختلف للجمهور، وهكذا كان. استمتعت بها كثيراً، كما أنها نالت إعجاب المستمعين.

هل هناك أعمال فنية جديدة تحضّرين لها حالياً؟
أستعد لتصوير فيلم جديد بعنوان “كلمة حب”؛ بطولة المطرب عبدالفتاح الجريني في أول تجربة سينمائية له، وهو من إخراج شريف صبري، وأجسد من خلاله دور والدة الجريني خلال أحداث الفيلم. أما بالنسبة إلى المشاريع الدرامية فهناك عدد من السيناريوهات المعروضة عليَّ، لكنني لم أحسم قراري في أي منها حتى الآن.

يرى فيك البعض النموذج المثالي لحب الحياة والعمل. ما هي الرسالة التي توجهينها لجمهورك بعد مشوارك الفني الطويل؟
العمل هو الذي يضفي المعنى على حياة أي إنسان، يعطي القيمة لوجوده، ربما لو اعتزلت التمثيل منذ فترة لما استطعت الوقوف على قدمي حتى الآن، بل قد يكون عملي هو سبب استمراري في هذه الحياة بإذن الله. رسالتي لجمهوري ولكلّ محبّ هي السعي والاجتهاد في العمل طالما لديك القدرة على القيام به، مهما بلغ بك العمر، وإذا أصررت على ذلك فستجد نفسك تنجز أشياء لا يقدر عليها الشباب، لأن المسألة تتعلق بالإرادة والعزيمة وحب الحياة، أكثر من كونها تعتمد على عدد سني العمر.

ألم يراودك الاعتزال في أيّ لحظة؟
أعمل في مهنة التمثيل منذ أن كان عمري خمسة عشر عاماً، عندما شاركت في تقديم أول فيلم سينمائي في حياتي؛ وهو “دعاء الكروان” مع الفنانة العظيمة فاتن حمامة، وخلال هذا المشوار قابلت العديد من المواقف الحزينة والسعيدة، نشأت وترعرعت على الشاشة وأمام أعين الجمهور، ومرّت السنون كذلك، ولم أخجل مرّة من عمري أو التجاعيد التي ظهرت على وجهي، ولم أفكر في أي وقت من الأوقات في الاعتزال أو الابتعاد عن الجمهور، لأنني كبرت معهم، كما نجحت معهم، تعلقوا بي مثلما تعلّقت بهم، أصبحوا جزءاً مني لا يمكن أن أستغني عنه أبداً، مثل روحي التي لو فقدتها أكون رحلت عن الحياة.

كيف تتعاملين مع الشائعات؟
بالتجاهل التام. منذ بداياتي الفنية وأنا أتعرّض للأقاويل والافتراءات، لكنني لا ألتفت إليها لأنني على دراية كاملة أنها إلى زوال. ومن أغرب الشائعات التي تعرضت لها هي زيجاتي المتعددة، لدرجة أنهم وصلوا إلى ستة أزواج، رغم أنني لم أتزوج إلا مرة واحدة فقط في حياتي، من الراحل حسن مختار؛ الذي قضيت معه أكثر من ستة وأربعين عاماً من عمري، وهو والد ابنتي الوحيدة أميرة، وأغلى ما في حياتي. كان رحمه الله، مثال الرحمة وطيبة القلب. كيف أنساه ويوم رحيله كان أصعب يوم في حياتي.

ماذا كان رد فعلك عندم وصلت إلى مسامعك شائعة وفاتك؟
صدمت في بداية الأمر، خصوصاً مع خروج الشائعة من إحدى الصفحات المنسوبة إلى الفنانة داليا البحيري على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي من أقرب أصدقائي؛ ومعظم الأوقات على تواصل معاً. لكن سرعان ما علمت أنها كانت من صنع من لا أزال أجهلهم لخلق حالة من الكراهية والغضب بيني وبين داليا البحيري أثناء فترة تصوير مسلسل “يوميات زوجة مفروسة” الجزء الرابع، ونشر هذه الشائعة في ذلك الوقت بالتحديد كان مدبراً ومقصوداً، واكتشفت أن تلك الصفحة مفبركة وتنتحل شخصية داليا، ولا علاقة لها بها على الإطلاق. ولمست وقتها حالة الحب الحقيقي من الجمهور بعدما خرج الكثيرون لنفي الخبر.

حرصت على الاحتفال بعيد ميلادك أكثر من مرة هذا العام. لماذا؟
لا أحتفل بعيد ميلادي كل عام، لكن ما حدث هذه السنة أن أصدقائي المقربين وأحبائي قرروا فعل ذلك من دون علمي، فأول مرة كانت بمنزلي، ولم يكن مرتباً لها مسبقاً، بل إن أصدقائي الفنانات دلال عبدالعزيز وميرفت أمين ونبيلة عبيد قررن أن يحضرن لقضاء هذا اليوم معي، وأحضرتْ ابنتي “أميرة” وحفيدتي تورتة صغيرة، وأخذنا عدداً من الصور التذكارية، نشرت بعضها على مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا. المرة الثانية كانت مع فريق عمل مسلسل “يوميات زوجة مفروسة” داخل مكان تصوير الجزء الرابع من العمل. أما المرة الثالثة فكانت في مؤتمر دعم الصحة الإنجابية لمرضى السرطان، حيث فوجئت بتحضيرهم للمناسبة بحضور عدد كبير من الضيوف، أبرزهم النجمة منة شلبي ومها أبو عوف وحورية فرغلي والإعلامية إنجي علي والإعلامي أسامة منير.

هل أحزنك انتقاد البعض لك بسبب احتفالك بعيد ميلادك الثمانين؟
عمري الحقيقي ليس ثمانين عاماً كما يروّج البعض، وقد فاجأني أنّ لديَّ أكثر من ستة تواريخ ميلاد مختلفة منتشرة على الإنترنت، وجميعها غير حقيقي، وعلى الرغم من ذلك لم أنفِ أياً منها لأن تاريخ ميلادي لا يهم الآخرين في شيء. أما بالنسبة إلى الكلام السخيف الذي صدر من البعض، فقد أصابتني حالة من الألم النفسي الشديد بسبب تلك التعليقات، وأجهشت في البكاء لساعات طويلة بعدها، ودُهشت لرغبة البعض في تجريح الآخرين من دون سبب، لكن في الوقت نفسه لا أخفي سروري وإعجابي بالكثير من التعليقات التي تنضح بالنبل والمحبة، وقد أدخلت على قلبي السعادة والبهجة.

ما سبب إصرارك على الظهور بفيديو مصوّر للرد على منتقديك؟
ابنتي هي صاحبة هذه الفكرة، ولم أخرج للرد على المنتقدين، بل ظهرت في هذا الفيديو لأوجه رسالة شكر وتقدير وحب لكل من هنأني بعيد ميلادي، ولم أكن أحتاج إلى الرد على التعليقات السخيفة التي صدرت من البعض، لأن جمهوري تكفل بالرد عليها منذ اللحظة الأولى، لكنني أردت توجيه رسالة تفيد كل من انتقدني في حياته، وهي أن العمر لا يقاس بعد السنين، لكنه يحسب باللحظات الحلوة والجميلة التي مرت في حياة كل منا، وشباب الروح يأتي من حالة الصفاء والحب، والابتعاد عن الكراهية والحقد على الآخرين، وأتمنى لكل شخص مزح “نكّت” غامزاً من عمري أن يصل إلى مثل سني، ويكون قي صحّتي ومتسامحاً مثلي ومحباً للحياة، ويشع بالطاقة الإيجابية على كل من حوله.

يبدو أنك متابعة جيدة لمواقع التواصل الاجتماعي...
قاطعتني قائلة: لديَّ حسابات رسمية عليها لكنني لست من عشّاقها، ونادراً ما أدخل عليها وأشارك بصوَر أو تعليقات، لكنني حرصت في هذه المرة على الرد على كل من هاجمني، لأنّ التعليقات كانت قاسية للغاية، وأصابتني بالصدمة والحزن الشديد، لم أتخيل على الإطلاق تعليقاً مثل “ثمانون عاماً ومازالت تقف على قدميها”، أو “ثمانون عاماً ويحتفلوا بعيد ميلادها، المفروض يبحثوا لها عن مقبرة”، عجباً! ألم يعلم هؤلاء أن الابتسامة في وجه إنسانٍ صدقة، وأن الكلمة الطيبة صدقة؟ ما الذي نجنيه من السخرية والتجريح بالآخرين؟ لم أهاجم أحداً كان ردي على الجميع رسالة شكرٍ ومحبّة.

هل ترين أن مساوئ السوشيال ميديا أكثر من منافعها؟
للأسف نحن نستخدمها بشكل خاطئ، ولا نستفيد من الأشياء التي صُنعت من أجلها، يل نستغلها في أشياء لا نفع لها، أو تسيء إلى الآخرين. وأتمنى أن تتغير سلوكياتنا في كيفية التعامل مع السوشيال ميديا، ويكون استخدامنا لها على قدر أهمّيتها، وكفانا استغلالها في قتْل الوقت وإيذاء أنفسنا والآخرين...

ما هي الرسالة التي توجهينها للمرأة العربية؟
إن للمرأة دوراً فعّالاً ومهمّاً في المجتمع، لابد أن تقوم به ولا تتخلى عنه أبداً، ذلك أنها خير مربية للأجيال. لكنْ بات عليها أن تشارك في سوق العمل، وتبحث عن تحقيق ذاتها، وتدافع عن قضاياها ومشاكلها، وأجد أن المرأة العربية حالياً استطاعت أخذ جزء كبير من حقوقها؛ التي كانت مهدرة في السنوات الماضية، وأصبحت شريكاً مهماً وأساسياً في بناء المجتمع.

ما سر أناقتك؟
كوني عارضة أزياء في بداياتي، وارتبطت شخصيتي في أذهان الجمهور بالأناقة والجمال، أريد أن أوضح شيئاً قد لا يلتفت له الكثيرون: الأناقة في الأساس هي أناقة القلب والروح، فإذا نظرت إلى نفسك بعين الجمال، سيراك كل من حولك جميلاً، والعكس صحيح، فالأناقة لا تقاس أبداً بسعر الفستان، أو بكونه من أحدث “الموضات” العالمية. لذلك اختياري في أغلب الوقت يكون بسيطاً للغاية، لكنه يظهر بشكل جميل ولافت، لأنني أكون مقتنعة بالتصميم وتناسق الألوان وشكله العام.

ما الموقف الذي حدث لك مع أحد معجبيك ولا يمكن أن تنسيه أبداً؟
ذات يوم، بينما كنت أسير في أحد شوارع دبي، تحلّق حولي بعضهم لالتقاط عدد من الصور التذكارية، ولفت انتباهي شاب يقف على مسافة قريبة، ويراقبني فيما نظراته تشي بالخوف والتوتر، فذهبت له وسألته: “هل ترغب في التصوير معي؟”، فرد عليَّ قائلاً: “لا آخذ الصور التذكارية مع المشاهير”، ثمّ أوضح لي أنه في طفولته طلب التقاط الصور مع إحدى الفنانات، فرفضتْ وأساءت إليه بطريقة جوابها. تعاطفتُ معه كثيراً، وأصررت على مشاركته بعض الصور التذكارية.  وكلما يطلب مني أحد المعجبين التصوير معي أتذكر هذا الموقف الذي أثر فيَّ كثيراً.

لو عاد بكٍ الزمن إلى الوراء، ما الذي تغيرينه في حياتك؟
بمنتهى الصدق والأمانة، لست نادمةً على أي عمل قمت به في حياتي، هناك أخطاء ونجاحات، لكنني تعلمت واستفدت منها، ولو عاد الزمن للوراء سأكررها مرة أخرى، كما أن هناك أشياء لم أخترها أو أسعَ إليها، بل حدثتْ بالمصادفة، ومنها التمثيل على سبيل المثال، لكنني أتقنته وأحببته كثيراً، ربما الشيء الوحيد الذي كنت أتمناه هو بقاء زوجي معي لفترة أطول، ولا اعتراض على قضاء المولى عزّ وجلّ.

أعربت عن دعمك للفنان فاروق الفيشاوي إثر إصابته بمرض السرطان. ما هي الرسالة التي توجّهينها له من خلال “لها”؟
كل التحية إلى الرجل القوي، صاحب الإرادة والعزيمة الفنان فاروق الفيشاوي، أقول له: “أنت لست في حاجة إلى دعم أحد، بل إنك أعطيت درساً لنا جميعاً، بشجاعتك وإصرارك على مواجهة هذا المرض اللعين، كل الناس يخافون من هذا المرض، لدرجة أنهم كانوا يخشون ذكر اسمه، لذلك كان ينتصر عليهم ويفتك بهم، لكنك تتعامل معه بكل قوة وشجاعة، لذلك ستنتصر عليه بإذن الله، لم تخف أو تهتز عندما قررت الإعلان عن إصابتك بالمرض أمام جمهورك في يوم تكريمك بمهرجان الإسكندرية السينمائي فكنت مثالاً بالصبر والشجاعة، أتمنى لك الشفاء العاجل، وأطلب من الجميع الدعاء لك.

CREDITS

تصوير : هيا فرج الله