47 في المئة من النساء يشتكين من الصور النمطية

محمد المنصور, عنف ضدّ المرأة, مهرجان سينما الذاكرة المشتركة المغربي, ممثلي وسائل الإعلام العالمية العاملة, الضرب

09 يناير 2012

عبّرت دراسة حول توقعات المرأة المغربية بشأن صورتها في وسائل الإعلام السمعي البصري، قُدّمت أخيراً في الرباط، عن الأسف للرسائل النمطية التي تسوّق لها وسائل الإعلام بخصوص المرأة المغربية والمتمثلة في صور «المتهورات» و«المتحكمات» و«الخاضعات» و«غير المثقفات» و«الضحايا» و«عديمات الخبرة»، مبرزة من خلال نماذج واضحة الفارق الشاسع بين معيش النساء والصور النمطية التي تغذيها وسائل الإعلام، والتي لا تعبر، في أي حال من الأحوال، عن وزنهن داخل المجتمع.
 وكشفت الدراسة التي أنجزها مكتب دراسات لدى عينة تتكون من 1500 امرأة أن صورة النساء كما تروّج لها وسائل الإعلام لا تعكس المكانة الحقيقية التي تحتلّها المرأة في المجتمع وتعددية الأدوار المهنية والأسرية والاجتماعية التي تضطلع بها، مبرزة أنه بالنسبة الى عموم المشاهدات، فإن هذه الصورة يطغى عليها جانب الإغراء والتحقير ولا تعكس واقع المرأة المغربية
.


وأوضحت الدراسة أنه من خلال الرسائل النمطية التي تروّج لها التلفزة، فإنها تشكك في قدرة النساء على التوفيق بين مختلف المهمات في المجالات المهنية والخاصة، وعلى صعيد التنمية الذاتية، والأداء الجيد لكل الأدوار التي تقع على عاتقها داخل المجتمع.
وبحسب الأشخاص المستجوبين، فإن التلفزة تعطي الانطباع بأنه إذا كانت المرأة المغربية قد استفادت من درجة معينة من التقدير والاعتراف في الوسط المهني، فإنها تظل دوما حبيسة نظرة الاحتقار وسوء المعاملة بالمنزل والشارع.
وبخصوص صورة المرأة في وسائل الإعلام، اعتبرت 70  في المئة من النساء المستجوبات بشكل عام أن وسائل الإعلام المغربية تحترم المساواة والإنصاف في ما يتعلق بالتمثيل العددي للجنسين، غير أنهن أبرزن من ناحية أخرى الفوارق الشاسعة بين مجالي الإعلام والتنشيط من جهة، وبين الإشهار والدراما من جهة أخرى. وتبث البرامج الإخبارية والتنشيطية، بشكل عام، صورا للمرأة الأنيقة والعصرية والمنخرطة في عملها والكفاءة، التي لا فرق بينها وبين زملائها الذكور.

وتعطي هذه البرامج قيمة للمرأة بحسب 95 في المئة من المستجوبين، وتعكس بشكل جيد حقيقتها بالنسبة الى 35 في المئة منهن.
من جهة أخرى، يكرّس الإشهار والدراما الصور النمطية المقللة من شأن المرأة، حيث يصورانها كضحية لا تدافع عن نفسها، وقليلة الاحترام ومكتئبة وضعيفة، أو متخلفة أحيانا.
وتعتبر الأفلام والمسلسلات النوع الإعلامي الذي يروّج الصورة الأكثر سلبية عن المرأة بالنسبة الى 48 من المستجوبات والأكثر ابتعادا عن الحقيقة بالنسبة الى 29 في المئة منهم، أما الإشهار فتعتبر 47  في المئة من النساء أنه يبث صورة سلبية عن المرأة، في حين تعتبر 32  في المئة من المستجوبات أن هذا النوع من الإعلام يبث الصورة الأكثر مجانبة للحقيقة.

وانتقدت المستجوبات الوصلات الإشهارية (الإعلانية) التي تظهر النساء دوما غير مباليات ومنهمكات في الأعمال المنزلية، وأضافت الدراسة أن الرجال لا يتم إظهارهم أبدا في حالة غير مناسبة أو أثناء ممارستهم لأعمال شاقة.
وبالنسبة الى أخريات، فإنه يتعين على وسائل الإعلام أن تقدم صورا محترمة ومثمنة للنساء وليس فقط «كليشهات» عن نساء خاضعات لسلطة الأزواج، يتعرضن للضرب والتعنيف الجسدي بسبب أتفه «تقصير» في أشغالهن المنزلية. وتستنتج الدراسة أيضا أن التلفزيون لا يعكس تنوع أدوار المرأة المغربية وأوضاها  ويروج لنموذج وحيد على أنه يمثل جميع النساء. وقالت نساء أخريات، إنك لا تجد (على شاشة التلفزيون) ولو امرأة واحدة موظفة ترتدي الحجاب، مع العلم أن هؤلاء النساء المتحجبات يشكلن جزءا من الواقع المغربي.

وكان مسؤولون حكوميون وإعلاميون، وقعوا عام 2005 في الرباط ميثاقا وطنيا لتحسين صورة المرأة في الإعلام المغربي، يدعو مختلف الفاعلين، إعلاميين وسياسيين واجتماعيين واقتصاديين، للانخراط في تكريس ثقافة المساواة بين الجنسين، وبلورة استراتيجية إعلامية تعتمد مقاربة النوع الاجتماعي. ويشير إلى أن الصورة المقدمة عن المرأة في غالبية وسائل الإعلام، هي صورة نمطية تنحصر في: المرأة التقليدية، والمرأة الجسد، والمرأة السطحية، لتظهر من خلال هذه النماذج كائنا سلبيا مستهلكا وغير منتج.
لذا، يدعو الميثاق، في بابه الثاني، قطاع الإشهار الوطني بكل مكوناته، من معلنين ووكالات الإشهار ودور الإنتاج ووكالات تسويق الإشهار، المتعاملة مع مختلف وسائل الإعلام، إلى عدم استغلال جسد المرأة في الدعاية التجارية، وذلك باستعمال إيحاءات أو صور أو رموز تسيء الى صورة النساء أو تمس كرامتهن، والأخذ بالاعتبار التنوع الثقافي والاجتماعي لوضعية النساء، والتركيز على دور النساء، كفاعل اقتصادي واجتماعي وسياسي، وعدم حصر أدوارهن في قوالب اجتماعية دونية أو جامدة، وعدم التركيز على سلوك الاقتناء والاستهلاك فقط كوصف لصيق بالنساء.

في المقابل، أُنشئت الجائزة السنوية الخاصة بالمساواة في وسائل الإعلام التي تحتفي بالإضافة النوعية والالتزام المهني للصحفيين ووسائل الإعلام المغربية بغية تكريس ثقافة المساواة والنهوض بصورة المرأة.
ويندرج هذا المشروع الذي تشرف عليه وزارة الاتصال بالشراكة مع الجمعيات المهنية للصحافيين، وبمساهمة من صندوق الأمم المتحدة للمرأة، في إطار الاستراتيجية الوطنية لإدماج مقاربة النوع الاجتماعي في السياسات والبرامج الحكومية، وخاصة في البرنامج متوسط المدى لمأسسة مبدأ الإنصاف في قطاع الاتصال.
وتبقى وسائل الإعلام، باعتبارها مرآة تعكس واقع المجتمع وأداة للتغيير، مدعوة إلى إعادة النظر في برمجتها بهدف تقديم صورة أفضل للمرأة قائمة على ثقافة المساواة، وتأخذ في الاعتبار التحولات العميقة التي عرفتها أوضاع المرأة خلال السنوات الأخيرة.