سحر التراث الشعبي : 60باحثاً في مؤتمر دولي في القاهرة

طارق الطاهر (القاهرة) 22 ديسمبر 2018

يبقى للأدب الشعبي دائماً سحره منقطع النظير، فهو الرابط بلا شك؛ بقصصه وأساطيره، بين الأجداد والأحفاد، وسيظل أيضاً المنبع الرئيس للكثير من الدراسات والأبحاث، التي تتخذ من هذا الأدب البالغ الثراء مجالاً لها.


من هذا المنطلق، شهد مركز دراسات التراث الشعبي في كلية آداب القاهرة، فعاليات الملتقى الدولي الأول للتراث الثقافي بعنوان “الأدب الشعبي والدراسات البينية”، بحضور نخبة من المهتمين من عدد من الدول العربية والأجنبية.

ناقش الملتقى عبر ثلاثة أيام، ما يقرب من ستين بحثاً، أضاءت على الجوانب المختلفة لهذا التراث، وعلاقته بالفنون الأخرى، إذ تناول أحمد علواني في بحثه “صورة المرأة في الأمثال الشعبية الخليجية... سلطنة عمان أنموذجاً”، أكد فيه أن المرأة ركيزة من الركائز الأساسية لضرب الأمثال الشعبية، حيث تلعب الثقافة الشعبية دوراً مهماً في تشكيل شخصية المرأة ورسم صورتها وتحديد أدوارها الحياتية، وذلك منذ ولادتها فبلوغها وتبلور أنوثتها، ثم زواجها وإنجابها، حيث تركز الأمثال على المرأة في شتى أحوالها، ومما لا شك فيه أن ثمة مجموعة كبيرة من الأنساق الثقافية والعادات والأعراف الاجتماعية والعوامل البيئية والحضارية، تتدخل بشكل كبير في تشكيل صورة المرأة من منظور الثقافة الشعبية، وإذا كانت الأمثال الشعبية تعبّر عن الأفكار والمعتقدات الثقافية، وتعكس بلاغة الجماعة الشعبية في اختيار تعبيراتها التمثيلية، فإن الشعب العماني من الشعوب العربية الخليجية التي ضربت الأمثال وابتدعت فيها، إذ تتسم عمان بالزخم الثقافي، نظراً لكثرة القبائل وتنوع البيئات واختلاف الثقافات وتعدّد اللهجات، ومن ثم فقد صاغت الجماعة العمانية في أمثالها صورة خاصة للمرأة.

ومن الجزائر تتوقف الباحثتان آمنة عشاب ونجية عبابو، عند تأثير الفلكلور في رواية “الجازية والدراويش” للروائي عبدالحميد هدوقة، إذ تناولتا في البحث كيفية تعامل هذه الرواية مع الفلكلور الجزائري، وكيف أن الرواية تمثل جنساً هجيناً قابلاً للتجاوب مع مختلف الفنون.

أما الباحثة إيمان كمال محمد، فقد عرضت تجربتها في جمع الأغنية من أفواه الناس في سوهاج، لذا جاء بحثها بعنوان “الأغنية الشعبية طريقة جديدة لقراءة التاريخ”، وبيّنت فيه أن الأغنية الشعبية تحمل بين طياتها تاريخاً اجتماعياً، مما جعلها تعد مصدراً من مصادر التاريخ الحديث، لا يمكن الاستغناء عنه، وذلك لأنها لم تترك باباً إلا وعبرت منه، ولا مناسبة إلا وابتكرت لها أغانيها التي تناسبها، فالأدب والتاريخ وجهان لعملة واحدة، فالأغنية الشعبية ليست للتسلية، بل هي فعل ثقافي مقاوم انبرى له كل من تعرّض لظلم الظالمين، وطغيان الطغاة، وفي تاريخ المجتمع المصري من الأغاني ما تسلّح به الناس لمقاومة الظلم؛ وكذلك ما حفظ لنا بعض الوقائع التاريخية، مثل أغاني: “يا عزيز عيني”، “أمّنا الست صفية”، و”قناة السويس”.

ومن جانبها، تقدّمت الباحثة حنان سمير عبدالعظيم ببحث عن “دور فن الرسوم المتحركة في نشر الأدب الشعبي بين الفرص المتاحة والممكنة”.

ومن الأردن يأتي بحث خضر عيد مفلح السرحان؛ بعنوان “الطب والوقاية الصحية في الأمثال الشعبية الأردنية”، مشيراً إلى أن المثل الشعبي يعد فرعاً من فروع الثقافة الشعبية وأكثرها ثراءً، وفي غالب الأحيان يعبّر المثل عن نتاج تجربة طويلة مر بها المجتمع. في حين أجرت الباحثة راجية يوسف عبدالعزيز بحثاً بعنوان “الأمثال الشعبية البدوية المصرية”، تناولت فيه الأمثال البدوية التي تناقلتها الأجيال العربية عبر الزمن باللهجة البدوية، وهي لهجة معقدة وصعبة، إلا على أهل البدو أنفسهم، الذين يفهمونها ويعبّرون بها عن حياتهم ومشاعرهم وبيئتهم، لأن تراثهم الخاص؛ سواء كان أغاني أو أمثالاً شعبية أو رقصات خاصة بهم... وعن تأثير الأساطير في الثقافة الشعبية في البلاد الأفريقية، يجيء بحث سحر إبراهيم بعنوان “الأساطير وآثارها على تشكيل الهوية الثقافية لدى بعض الشعوب في أفريقيا”، مشيرةً إلى الدور الذي تلعبه الأساطير في حياة القارة الأفريقية، فالأساطير ليست مجرد قصص تُحكى للتسلية والترفيه، بل هي أساطير تروي نشأة الشعوب وثقافتهم وحياتهم، وتعمل على ترسيخ الكثير من معتقداتهم وتشكل هويتهم وانتماءاتهم الثقافية عبر الزمن.

وتطرح منى عباس رؤية مهمة في توظيف التراث الشعبي المصري في تصميم وإنتاج ملابس للشباب، تجمع بين تراث الأدب الشعبي والمعاصرة، وجاء البحث بعنوان “في تصميم وإنتاج ملابس للشباب”.