باسم مغنية: “ثورة الفلاحين” من أفضل الأعمال التي أنتجت في العالم العربي

كارولين بزي 29 ديسمبر 2018
يتحدث عن الأعمال التي يقدمها بحب وشغف، مدافع شرس عن الدراما اللبنانية ولكنه لا ينكر أن أخطاءً تشوبها. يهوى الأعمال التاريخية ويؤكد أن “ثورة الفلاحين” يحمل رسالة هادفة، كما أنه يشبه واقعنا. يرغب الممثل اللبناني باسم مغنية في أن يرى أعمالاً عائلية لشهر رمضان أكثر من تلك التي تحدد الفئات العمرية التي تشاهدها، ويعترف بأن “لا تطفئ الشمس” عرّف المشاهد المصري عليه... باسم مغنية يتحدث في هذا الحوار عن “ثورة الفلاحين” و”تانغو” والدراما...


- ما العلامة الفارقة أو نقطة التحوّل في مسيرتك الفنية التي شكّلها دور رامح في “ثورة الفلاحين”؟

قدمت أعمالاً كثيرة كانت بالنسبة إليّ قفزة نوعية في مسيرتي الفنية، وهناك أعمال عُرضت على محطات محلية لم يشاهدها كل الجمهور، مثل “درب الياسمين” إذ أديت دوراً شريراً، وكذلك لعبت دور “أدهم خنجر” وهو من أجمل الأدوار التي أديتها في حياتي.

- أي أن “ثورة الفلاحين” ليس مسلسلك التاريخي الأول، ولكن ما الذي يميزه عن باقي الأعمال؟

بالفعل، شاركت في “درب الياسمين”، “كل الحب كل الغرام”، “قيامة البنادق”، “ياسمينا”... إلى جانب الأعمال التي ذكرتها سابقاً. “ثورة الفلاحين” إلى حد ما فيه عناصر أساسية يتكون منها العمل الفني، على صعيد الإخراج، القصة والكتابة، الإنتاج والممثلين المشاركين، والذين يستطيع كل واحد منهم أن يكون بطل عمل بمفرده. العمل ضخم من مختلف النواحي.

- من النادر أن نسمع ممثلاً يقول إن العمل الذي يقدمه إلى حد ما متكامل ولا متكامل. هل هذه وجهة نظر مخرج أم ممثل أم نتيجة لمسيرتك الفنية؟

منطقياً، إذا شاهدنا فيلماً في هوليوود نجد فيه بعض الثغرات، ليس هناك من عمل متكامل، حتى أهم مخرجي هوليوود يعترفون بأنهم أخفقوا في بعض الأماكن، فكيف بمسلسل لبناني لا يمكن تشبيهه بعمل في هوليوود من ناحية الانتاج!؟ لا بد من أن هناك أخطاء في العمل، ولكن “ثورة الفلاحين” هو من أفضل الأعمال التي أُنتجت في لبنان والعالم العربي.

- ما الجديد في شخصية “رامح”؟

شخصية “رامح” مركبة، ثمة ممثلون لا يدركون الفارق بين الدور العادي والكاراكتر. الكاراكتر هو شخصية نافرة في المجتمع، تقوم بتصرفات غير طبيعية ربما من ناحية الصوت أو المشي... ولكن بات كل ممثل يقول إن ما يقدمه كاراكتر جديد، ولكنه ليس كذلك...على سبيل المثال: دوري في “تانغو” و “كل الحب كل الغرام” ليس كاراكتر، بل شخصية موجودة في المجتمع تشبه الكثير من الشخصيات. الكاراكتر الذي أؤديه في “رامح” هو شخص شرير ومريض، يعاني مرض “جنون العظمة” الذي جعله يتكلم ويتصرف بهذه الطريقة.

- هل سنتعاطف معه؟

لا يمكننا أن نتعاطف مع شخص يقتل ويذبح حتى وإن كان مريضاً أو عرفنا الأسباب التي دفعته للوصول إلى هذه المرحلة. “رامح” شخصية أتعبتني إذ بذلت جهداً كبيراً لأنني أؤدي دوراً جديداً عليّ، وكنت قلقاً من ألا يُعجب أدائي الناس، لأنه يجب أن يبدو طبيعياً ويتصرف بعفوية، أي أشعر أنه حقيقي ويشبهني.

- على أي أساس تختار أدوارك؟

يهمّني أن يكون الإنتاج جيداً، وأن أشارك ممثلين محترفين، وليس بالضرورة أن يكونوا نجوماً. النص بالنسبة إليّ مهم جداً إلى جانب الدور، وهوية المخرج.

- ذكرت في إحدى المقابلات أنك تؤدي دورك بأسلوب أقرب إلى السينما، ما الفارق بين الأداء السينمائي والأداء التلفزيوني؟

عملنا في “ثورة الفلاحين” بأسلوب سينمائي، لكنني ألعب دوري باحتراف، سواء في السينما أو التلفزيون. كل حلقة من “ثورة الفلاحين” يمكننا أن نشاهدها كفيلم سينمائي، وبالتالي أدائي لا يختلف في أي عمل أقدمه.

- هل تحمل الأعمال التاريخية رسالة معينة؟

في “ثورة الفلاحين” بالتأكيد هناك رسالة، وما كان يحدث سابقاً لا يزال مستمراً، خصوصاً لجهة الطبقية والحكم، وهو ما يحصل بين السياسيين والمواطنين اليوم، وبالتالي تلزمنا ثورة كتلك التي نتناولها في المسلسل، انتفاضة على الواقع حتى لو خسرنا الكثير، فالنتيجة هي الأهم.

- “كل الحب كل الغرام” حقق نسبة مشاهدة عالية ولكنه واجه انتقادات من الصحافة والجمهور أيضاً. هل يهمّك رأي النقاد أم تصمّ أذنيك وتقول إن ما يهمّني أن العمل حقق نسبة مشاهدة عالية؟

كما ذكرت، ليس هناك من عمل متكامل، ولكل عمل ظروفه الإنتاجية. “كل الحب كل الغرام” كان إنتاجه أضعف من “ثورة الفلاحين”، لأن المنتج لا يستطيع أن يقدم عملاً بإنتاج ضخم، فمن أين سيجني المبلغ الذي يُنفقه؟ وكذلك لعبة القنوات التلفزيونية التي تُلزم المنتج بسعر حلقة معين، مما يضطره للتضحية في مكان ما. لكن هذا لا يعني أنني لا أفتخر بـ”كل الحب كل الغرام”، فهو كان نقطة تحول كبيرة في مسيرتي الفنية، كذلك ما حققته في “ياسمينا” مع المخرج والكاتب والشركة نفسها، وبالتالي لو لم يكن هناك صدق لما وصل العمل الى كل الناس، كما أنه يضم نخبة من الممثلين الذين يحبّهم الجمهور. لو أن لي ابنة تبلغ من العمر ثلاث سنوات، لتركتها تشاهد “كل الحب كل الغرام” و “ياسمينا” حتى وإن كنت خارج المنزل، لأنني لا أخاف على ابنتي من مسلسل عائلي يمس كل الناس، ولا أنكر أن هناك أخطاء.

- ما أهمية الأعمال العائلية ولا سيما أن أغلب المسلسلات الرمضانية تشير إلى أنها غير مناسبة لمن هم دون الـ16 أو الـ18 سنة؟

أتمنى في شهر رمضان أن يتوجه المنتجون أكثر نحو الأعمال العائلية، والتوجه يكون عامّاً لكل الناس، ويهمّني أن يُنتَج كم كبير من الأعمال التي تعالج المشاكل العائلية والحياتية.

- “لا تطفئ الشمس” لم يكن موجّهاً للعائلة، كيف تصف تجربتك مع الكاتب تامر حبيب؟

تامر حبيب كاتب عظيم ويكتب بمزاجه، ربما يغيب لثلاث سنوات لأنه لا يرغب بالكتابة. حقق تامر نجاحات كثيرة قبل “لا تطفئ الشمس”، وكنت محظوظاً بأنني عملت معه وبدور رئيس وحقق نجاحاً في مصر، وقد تلقيت عروضاً كثيرة بعد هذا العمل، إذ عُرض عليّ مسلسل “ضد مجهول” إلى جانب غادة عبد الرازق، لكننا لم نتفق لأسباب معينة، ثم عدت إلى لبنان وصورت “تانغو”، وساهم “لا تطفئ الشمس” في وصولي إلى المُشاهد المصري.

- شاركت في أعمال مشتركة وأخرى لبنانية، ما الفارق بين الدراما اللبنانية والسورية والمصرية؟

في مجتمعاتنا العربية، التقاليد والقصص تشبه بعضها البعض الى حد ما، لذلك نرى في “تانغو” ثنائياً مكوّناً من لبناني وسوري يعيشان في البلد نفسه، وهما صديقان ويشبهان بعضهما. لم يكن هناك اختلاف، غير أننا نتعاون مع هؤلاء الممثلين للمرة الأولى، وهم أيضاً. ربما مصر أكثر بعداً منا، لكنْ فيها قصصٌ تشبهنا. لا شك في أن الدراما السورية والمصرية تجاوزتانا بمراحل، ولكننا بدأنا نضع قدمنا على الطريق الصحيح إذ ثمة منتجون كثر باتوا يُظهرون ثقتهم في الدراما اللبنانية ويدعمونها ويستثمرون فيها، ونحن نسير على خطى الدراما المصرية والسورية.

- هل مشكلة الدراما اللبنانية هي الإنتاج؟

أحياناً، الإنتاج لا يكون ضخماً ولكننا نستطيع الوصول إلى قلوب الناس، وفي بعض الأحيان يحدث العكس إذ يكون الإنتاج ضخماً ولكن العمل لا يلمس الجمهور. نحن بحاجة الى قصص تشبه واقعنا، و”ثورة الفلاحين” يشبه واقعنا كما ذكرت، وقريب من الناس. المحطات اللبنانية لا تشتري أعمالاً عربية لأنها تثق في الدراما اللبنانية التي لها جمهورها. بتنا نشهد أخيراً منافسة بين المحطات اللبنانية على شراء الأعمال اللبنانية إذ قبل ست أو سبع سنوات لم تكن تُعرض في رمضان أعمال لبنانية كثيرة، ولكن حالياً بتنا نشهد غزارة في الإنتاج اللبناني خلال شهر رمضان.

- باسم مغنية المخرج كيف يرى “ثورة الفلاحين”؟

بالنسبة إلى تجربتنا الدرامية في لبنان كانت تجربة مهمة جداً، وثق فيها جمال سنان، وهو عرّاب هذا المسلسل، كما أنه سبب أساس في نجاح “ثورة الفلاحين”، أنفق الكثير على عمل لا يعرف ما إذا كان سيستردّ حقه أم لا، وكانت مجازفة كبيرة لكنها جيدة للدراما اللبنانية. هناك كم كبير من الممثلين المحترفين ومخرج هو صغير في السنّ ولكن اسمه كبير وحمل هذا العمل على كتفيه، وكلوديا مارشليان غنية عن التعريف، وربما ثمرة تعبها وخبرتها وضعتها في هذا العمل.

- ما أهمية أن يقدّم الممثل عملاً يحبّه ولا أن يقتصر دوره على تأدية الشخصية ومن ثم الرحيل؟

كل عمل أشارك فيه أؤديه بحب وإخلاص، وإذا لم أحبّه لا أشارك فيه من البداية. ربما أشارك في أعمال أشعر أنها جميلة ولكن عندما نبدأ التصوير أنزعج، لكنني لست مجبراً من الأساس على اختيار عمل لا أحبه.

- هل حدث وانزعجت خلال التصوير وتراجعت عن المشاركة في عمل ما؟

لا بالتأكيد، نادراً ما يحدث معي ذلك، وفي بعض المواقف، ولكنني لن أكبّد الناس خسائر وأتراجع عن العمل.

- ذكرت أن دانا مارديني ممثلة عظيمة وتؤثر إيجاباً في من حولها، هل لا يزال باسم مغنية يتعلّم من زملائه؟

بالتأكيد، ما زلت أتعلّم حتى لو كان ممثلاً مبتدئاً، وأشاهد العديد من الممثلين اللبنانيين، أتعلم منهم ومن أخطائهم أحياناً.

- “تانغو” أول أعمال دانييلا رحمة، هل يقلقك أن تشارك مع ممثلين مبتدئين؟

ثمة ممثلون مبتدئون أمهر من كثيرين لديهم خبرة. هناك ممثلات بدأن معي، وكنّ يسألنني دائماً هل يزعجني أن أشارك مع ممثلات جديدات... لا، لا أنزعج أبداً. فحين بدأت، كنت بحاجة لأن آخذ فرصتي. دانييلا تصلح شكلاً ومضموناً إذ درست التمثيل في الخارج، لم تأتِ من خلفية جمالية أو “سوشيال ميديا”، بل خضعت لكاستينغ في الخارج، وعلى هذا الأساس اختارها المخرج.

- إلى أي مدى فرض المخرج وجوده في العمل؟

المخرج في كل الأعمال هو القائد، قائد السفينة وهو الذي يُنقذ الممثل من الغرق. غالباً ما يتحمل المخرج أخطاء العمل.

- كيف تصف كلاً من رامي حنا وفيليب أسمر؟

أحبّهما، علاقتي بفيليب علاقة الأخ الكبير بشقيقه الصغير، وتعاونت معه في ثاني عمل من إخراجه وكان اسمه “الحب الممنوع” من بطولتي أنا ونيكول سابا، وهذه تجربتي الثانية معه.

- هل أصبح أكثر نضجاً؟

بالتأكيد، لو لم يصبح أنضج لما استطاع أن يقدم “ثورة الفلاحين”. أحب هذا الشاب ومتعصب له. وبالنسبة الى رامي حنا، هو أكثر نضجاً نسبةً إلى سنّه. ما يميز رامي أنه ممثل. المخرجان مميزان، فيليب ينقصه العمر، أي الخبرة الطويلة، ورامي يملك خبرة في الحياة واستفدت منه بالعمل كما أننا من الجيل نفسه، وكان له دور كبير في أن أبرز بهذه الطريقة. والأمر نفسه في “ثورة الفلاحين”، فلو لم نتعاون معاً أنا وفيليب لما ظهر “رامح” بهذه الطريقة.

- هل تمارس دور المخرج خلال أدائك التمثيلي؟

أسلّم نفسي للمخرج الذي أعمل معه ولا أتدخل أبداً في عمله. ولا أدخل إلى عمل إذا لم أكن واثقاً بالمخرج أو بنتيجة العمل التي سنحصل عليها في النهاية.

- إذا خُيرت بين النص والصورة، أيهما تختار؟

بالتأكيد النص أهم، ولكن إذا لم يكن هناك إخراج وحركة كاميرا صحيحة وإدارة ممثل جيدة فلن يصل النص.

- عملت مع ورد الخال في العام 2001 في “المحتالة”، وهو مسلسل كوميدي، كيف تصف تجربتك معها اليوم؟

ورد ممثلة كبيرة وتحب عملها ومتحمسة دائماً وشغوفة وطموحة، ولا تزال تملك الإصرار نفسه، كما أنها عنيدة، ترفض أعمالاً إذا لم تعجبها، ولم تشارك منذ ثلاث سنوات في أي عمل، إلى جانب أن العمل معها متعة. أحب ورد فهي خفيفة الظل و”مهضومة” في الكواليس.

- ذكرت أن لكلٍ منا شخصية شريرة، متى تستعين بشخصية باسم الشريرة في حياتك؟

لست شريراً بطبعي، لا أنكر أن كلاً منا يملك خصالاً شريرة، وهذه أستعين بها عندما أدافع عمّن أحبهم أو عن نفسي إذا حاول أحدهم أن يؤذيني، ولكنني مسالم بطبعي.

- هل فقدت الدراما البطولة المنفردة وباتت مشتركة؟

النص هو الذي يفرض ذلك، ولكن حتى لو اقتصرت بطولة العمل على اثنين، أرى أن كل المشاركين في العمل هم أبطال، بل العمل هو البطل.