احذري الصراخ في وجه طفلك

جولي صليبا 13 يناير 2019
تصرخ الأم أحياناً في وجه طفلها نتيجة تأخّره، ولو لدقائق، عن ميعاد نومه اليومي أو بسبب رفضه تغيير ملابسه أو استبدالها بملابس أخرى أو لأسباب أخرى سخيفة في أغلب الأحيان... فهل من مبرّر لهذا الصراخ ولهذه العصبية؟ وهل صحيح أن الطفل أخطأ أم أن الأم تتوهّم ذلك؟ وهل هذا العقاب مقبول لمثل هذا التصرف؟ يحذّر اختصاصيو علم النفس من النتائج السلبية للصراخ، خصوصاً إذا كان متواتراً...


يعتقد العديد من الأهل أن الصراخ وسيلة ناجعة في ردع أطفالهم عن تكرار الخطأ، لكن الصراخ في وجه الطفل هو شكل من أشكال المعاملة السيئة. وعندما يعلو الصراخ في الزمان والمكان غير المناسبين، يكون أشد قساوة وتأثيراً في الطفل. صحيح أن الصراخ هو رد فعل نتيجة غضب الأم وتوترها، لكن هذا الصراخ يكشف عن تأثيرات سلبية جمّة في الصحة النفسية للطفل. ويقول أطباء النفس إن الصراخ على الأطفال هو عنف لفظي له آثار سلبية ويشكل إساءة الى الطفل، لأن الطفل أشبه بالورقة الشفافة البيضاء، ويمكن كل شيء أن يلتصق بها إيجاباً أو سلباً، ويؤثر بالتالي في شخصية الطفل في المستقبل.

العدوانية

يُحتمل أن يفضي الصراخ المستمر على الطفل إلى ردود فعل عدوانية لديه. بالفعل، نلاحظ أنه كلما صرخت الأم في وجهه، يبدأ هو بالصراخ أيضاً وينفجر في نوبة بكاء شديدة ويكسر الأشياء التي حوله.

واللافت أن الكثير من الأهالي يعانون من هذه العدوانية لدى أطفالهم، لكنهم لا يدركون لسوء الحظ أنهم المسؤولون عن تلك التصرفات السلبية بسبب صراخهم على الطفل.

انهيار نفسي

تشير الدراسات الطبية إلى أن الصراخ على الطفل وإلقاء اللوم عليه، وتعريضه للإهانة والتهديد والسخرية بشكل مستمر يمكن أن تفضي إلى تأثيرات سلبية أقسى من تلك الناجمة عن الاعتداء أو التحرش الجسدي. وفي أسوأ الحالات، تصل التأثيرات إلى مرحلة الصدمة والاضطراب العقلي والانهيار النفسي، بالترافق مع ردود فعل عدوانية جداً. وقد يعاني الطفل من الكوابيس الليلية الدائمة، إضافة إلى التبوّل اللاإرادي.

عدم الانضباط

إن استخدام العنف اللفظي والصراخ على الطفل يؤديان إلى توتره، وبالتالي ميله إلى ارتكاب الأخطاء نفسها وتكرارها من دون أن يتعلم منها. فالصراخ المفرط على الطفل يعطي نتائج عكسية، بحيث يكرر الطفل أخطاءه بدل أن يتعلم منها.

العزلة والاكتئاب

الطفل الذي يتعرض للصراخ أو الإساءات اللفظية بشكل دائم ومتواتر يعاني من حالات رعب وخوف تُفقده الأمان، ولذلك نجد هذا الطفل يعاني من الانقباض على الذات، ويحب العزلة، ويشعر بالدونية ويعتقد أن المجتمع كله يكرهه. والأسوأ أن الحالة النفسية للطفل يمكن أن تسوء كثيراً وتصل إلى الاكتئاب أو يتحول الطفل نفسه إلى قنبلة موقوتة يمكن أن ينفجر في أي وقت ويصبح عدوانياً وشرساً.

الأسلوب الصحيح

لا شك في أن الأهل يتعرضون للعديد من ضغوط الحياة اليومية، ويتحملون الكثير من الأعباء النفسية. لكن في مطلق الأحوال، لا يُفترض أن ينعكس هذا الضغط سلباً في أسلوب تربيتهم لأطفالهم.


بالفعل، يُستحسن أن يعتاد الأهل على الحديث بروية مع أطفالهم وتبادل الحوار معهم بصوت هادئ وتوجيه عبارات إيجابية محفّزة، والحرص على التحلّي بالصبر والهدوء، والتربية على الحب والاحترام والاهتمام. فاستخدام الصراخ هو أسلوب غير تربوي، وقد يدل على ضعف الشخصية والعجز عن التحكم في الانفعالات وافتقاد معرفة أساليب التربية الصحيحة.