رقي الهندسة بخيوط واضحة وأنيقة

بيروت- روزي الخوري 19 يناير 2019

كأنها تغسل قدميها بأمواج البحر وتلتحفُ الغيوم غطاءً. هذه الشقّة المترامية المساحة في أحد المباني البيروتية الشاهقة، خطّطتها ونفّذتها المهندسة ندى كحول بشغف وإحساس كبيرين. انطلقت في تصميمها من النقطة الصفر وأعادت تقطيعها بما يتناسب ورؤيتها الهندسية.


في كلّ عمل تتولى المهندسة كحول تنفيذه، تحرص على أن يكون فريداً ومتميّزاً عن أي عمل لها، لكنّ الروح والشعور بالأمل والراحة والحياة في التصاميم هي القاسم المشترك فيها كلها. «في كلّ عمل أنفّذه أحرص على أن تكون لمستي هي الروح والشعور بالراحة والسكينة. لا أضع أثاثاً بلا حياة، بل أحرص على وضع الأشياء في مكانها الصحيح بلمسة دفء ممزوجة بغنى التصاميم المبتكرة».

وفي رأيها أنّ الأهم هو أن نطعّم المنزل بالجوّ الخارجي المحيط الذي ننطلق منه لتصميم الداخل: «من الجميل أن يكون التصميم الداخلي متناسقاً مع الجوّ الخارجي المحيط بأي منزل، بحيث يتكامل العمل مع شكل المبنى والشارع والمنظر المطلّ عليه، ليبدو المكان مريحاً ومتآلفاً مع متطلبات سكان البيت».

هكذا انطلقت كحول في تصميم هذا المسكن الممتد على مساحة 600 متر مربّع في أحد المباني الفاخرة المطلّة على البحر في وسط العاصمة بيروت. وقد اتّسم بطابع من الرقي والأناقة بفضل الألوان الطاغية من مشتقات البيج المطعّمة بالذهبي من خلال الأكسسوار.

أربعة صالونات وغرفة طعام وبار هي مساحة الاستقبال، وكأنّها لوحة واحدة متجانسة الألوان والتصاميم، لكلّ منها خصوصية وفرادة وتميّز. تجانس الألوان التي راوحت بين البيج والبني الزاهي الرمادي المائل إلى البيج للأثاث العصري أضفى راحة وهدوءاً وزاد المساحة اتساعاً لتبدو الصالونات واحة من جمال متماسك العناصر. وبهدف هذا التجانس في الأثاث العصري، قامت المهندسة كحول بتصميم كلّ الأثاث مستعينةً أحياناً ببعض الأكسسوار من الغاليري الخاص بها «Skali»، حيث تعرض تصاميمها المبدعة إضافة إلى أعمال مصمّمين عالميين. فمثلاً «مقعد بلون موحّد أطعّمه بأرائك لمصممين عالميين بما يضفي نكهة خاصة، وأضع إلى جانبه مصباحاً أو ثريا من إحدى الماركات المشهورة في عالم الهندسة». وتضيف كحول أنّ اللافت في هذا المنزل، هو السجاد الفاخر والنادر ذو القيمة التاريخية الكبيرة، وقد أضفى غنىً على كلّ الجلسات».

وتولي المهندسة أهمية كبيرة للمواد المستعملة «لأنّ تنوّع استعمالها هو الذي يميّز بين عمل وآخر، وبالتالي يُكسب المنزل تميّزاً هندسياً فريداً». فالخشب هنا من الزيتون الفاخر ذي اللون الفريد، أضفى نكهة مميّزة إلى جانب الرخام النادر.

وساهم الأكسسوار بحصة كبيرة من الديكور، بما أنّ الأثاث بسيط التصميم، فأتى اللون الذهبي في المصابيح واللوحات والثريات وبعض اللمسات في الخشب ليضفي الحياة على رتابة الأثاث. في أحد الصالونات مثلاً المكتبة من خشب الزيتون رُسمت لجهاز التلفزوين فيها خيوط ذهبية وتزيّن الركن المقابل بورود من الحديد المذهّب، كأنها خرجت من جدار أبيض من الخشب. وتوزّعت الفازات وقطع الأكسسوار على الطاولات في كل الصالونات والتي اتسمت بكبر حجمها، منها ما هو من الخشب وبعضها من الزجاج والحديد. وللاستفادة من الشرفة الكبيرة والمنظر البحري الذي تطل عليه، أُغلقت الشرفة بالزجاج وشغلتها مقاعد حول طاولة مستديرة حيث ينعم المالكون براحة نفسية كبيرة.

وقمّة الأناقة تجلّت في غرفة الطعام التي اتسمت بكبر مساحتها: طاولة كبيرة من الزجاج حولها المقاعد القماش البيج. أما الدروسوار الذي احتلّ طول الجدار، فمن الخشب الداكن اللمّاع عليه قطع فنيّة مميّزة. وقد ازدان أحد الجدران بأشكال هندسية من الخشب البيج. وفوق الطاولة ثريا عبارة عن كريات عدة من الكريستال أخذت جميعها شكلاً مستطيلاً أنارت الطاولة والأرجاء. وفي غمرة سكون الألوان، ضجّت غرفة الطعام بالحياة بفضل السجادة الصاخبة بألوانها الفرحة التي أضفت من قيمتها التاريخية العريقة وجماليتها النادرة جمالاً وسحراً على هذا الركن. وعلى مقربة، شتلة خضراء كبيرة وُضعت جانباً عند مدخل غرفة الطعام ولّدت الحياة أيضاً بلمستها الطبيعية.

أربع غرف نوم تشابهت بهدوئها وتصميمها الأنيق العملي والمريح، تدرّجت ألوان أثاثها كما حمّاماتها بين البيج والبنيّ، وصُمّمت كل واحدة لتكون جناحاً قائماً بذاته.

أما المطبخ فهو زاهي اللون بفضل الخشب البيج والستينلس الذي شكلّ الأكسسوار. هنا كلّ التقنيات الحديثة المسهّلة للعيش كما في كلّ المنزل، حداثة وتطور في كلّ التفاصيل، خصوصاً في نظام الكهرباء العامل باللمس تماشياً مع متطلبات العصر.