الثقافة الشعبية وذوو الاحتياجات الخاصة

القاهرة – طارق الطاهر 19 يناير 2019

عن هيئة الكتاب، صدر كتاب مهم في مضمونه، تحت عنوان «الثقافة الشعبية وذوو الاحتياجات الخاصة»، وهو يتمحور حول المعتقدات الموجودة لدى الأسر المختلفة، التي تشتمل على فرد أصيب بعاهة مستديمة، وكيفية تعاملها معه، والعادات السيئة التي تلجأ إليها لإبعاد أبنائها عن المجتمع. في هذا الكتاب، يتصدى مؤلفه الدكتور عبدالحكيم خليل لأبعاد هذه المشكلة المختلفة، ويؤكد أن قصده من هذا الكتاب «الكشف عن مظاهر ثقافتنا الشعبية، التي ترتبط ارتباطاً كلياً بفئة لا تنفصم عن المجتمع الذي نعيش فيه، وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، التي تعيش ونتعامل معها في إطار ثقافي واجتماعي يتأثرون به في حياتهم، التي تبدأ معهم منذ الحمل بهم وولادتهم، مروراً بالسلوكيات والعادات والتقاليد والمعتقدات والأمثال والحكايات الشعبية ومظاهر الحياة الشعبية». يرى المؤلف أنه «رغم كثرة الدراسات التي تناولت ذوي الاحتياجات الخاصة من جوانب علمية عديدة وتخصصات مختلفة، فإننا افتقدنا تلك الدراسات التي تناولت المحيط الأسري والاجتماعي الذي يعيشون فيه، رغم أنه يؤثر فيهم ويتأثرون به، فيكون سبباً في علاجهم أو سبباً في استمرار إعاقتهم ومتاعبهم، بل وربما زيادة معاناتهم اليومية في حياتهم العامة والخاصة، وبالتالي فإن هذا التراث الذي يمكن من خلاله رصد مظاهر الصراع أو الرفض أو التأييد (الظاهر والكامن)، على حد سواء داخل الثقافة الشعبية لذوي الاحتياجات الخاصة، يحتاج منا إلى الكشف عنه وتفحصه وتحليل ما فيه، لكونه الممثل الأول عن الكيفية التي يمكن من خلالها معالجة تلك العقبات الكامنة في تراثنا الشعبي، وثقافة ذوي الاحتياجات الخاصة المعبرة عن هويتهم في حاضرهم ومستقبلهم.

ويؤكد المؤلف أن بداية الإعاقة تبدأ من داخل الأسرة التي ينتمي إليها الفرد المعوق، نتيجة للعديد من الظروف والعوامل التي قد تكون وراثية أو بيئية مكتسبة أو لظروف مجتمعية، تؤهلهم للكشف المبكر عن نوع الإعاقة التي قد تصيب أحد أبنائهم، أو حتى كيفية التعامل مع الشخص المعوق وتوفير البيئة الاجتماعية المناسبة له لينمو بصورة طبيعية، حتى لا يزداد فيها المرض أو درجة الإعاقة على اختلاف أنواعها.

ويرصد المؤلف تبعيات النظرة الخاطئة للأسرة الى الطفل المعوق، فيقول: «نتيجة لتلك التصورات والمعتقدات الذهنية لدى أفراد المجتمع حول الأسباب المؤدية للإعاقة، والتي كانوا يفسرونها على أنها غضب من الله، ومن ثم يصمهم المجتمع بالعجز وأنهم عالة وعبء على غيرهم بداية بالأسرة، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم التقبل (الضمني أو المعلن) من قبل الأسرة لهذا الطفل، ما قد يدفع الأسرة إلى إيقاع الأذى بمختلف أشكاله على هذا الطفل، وقد تقوم بعزل الفرد المعاق داخل الأسرة، عن المجتمع، على أساس أنه مريض، أو باعتباره أنه درجة ثانية من البشر، وأنهم لا يفهمون ولا يتفاعلون مع المجتمع، وأنه ليس لهم نفع للمجتمع ولا يستطيعون اختيار حياتهم ويفضلون لهم الموت، لكن على أرض الواقع كل هذه الأمور أوهام لا أساس لها من الصحة، وأن على مثل هذه الأسر واجب دمجهم في المجتمع وتنمية قدراتهم الفكرية والإبداعية داخل مجتمعاتهم الحاضنة لهم».

من فصول الكتاب: «الثقافة الشعبية والإعاقة... تأصيل منهجي»، «التنشئة الاجتماعية للمعاقين»، «العادات والتقاليد وعلاقتها بذوي الاحتياجات الخاصة»، «المعتقدات الشعبية السائدة حول ذوي الاحتياجات الخاصة»، «ذوو الاحتياجات الخاصة في الحكايات الشعبية»، و«مضامين الإعاقة ودلالاتها في الأمثال الشعبية».