بعد ما يقارب الأربعين عاماً

السينما السورية, فيلم قصير, المخرج حاتم علي, ميريام فارس, مسرحية

01 يوليو 2009

تزامناً مع افتتاح مجمع دمشق السينمائي السياحي، قُدم العرض الأول للفيلم السينمائي الغنائي السوري «سيلينا» للمخرج حاتم علي عن نص لمسرحية «هالة والملك» للرحابنة والتي قدمتها السيدة فيروز بدور هالة في العام 1967. ويعيدنا الفيلم إلى زمن المسرحيات الرحبانية الزاخرة بالموسيقى والغناء والتشكيل البصري الرائع الذي ينقل المشاهد إلى عالم الحكايات والأساطير. تلعب دور البطولة الفنانة اللبنانية ميريام فارس، بينما يلعب الفنان دريد لحام دور الشحاذ، والفنان جورج خباز دور الملك، وأنطوان كرباج دور شيخ العرافين، وإيلي شويري دور هب الريح، بالإضافة الى الفنانين حسام تحسين بك، أيمن رضا، أندريه سكاف، نضال سيجري، وآخرين. واللافت في الفيلم أن المخرج قرر أن يكون للفيلم «لهجتان» بحيث يؤدي الفنانون السوريون أدوارهم باللهجة السورية العامية والمحكية وكذلك زملاؤهم اللبنانيون.


يحكي الفيلم عن مدينة سيلينا التي تحتفل بعيد سنوي، هو عيد «الوجه الثاني» حيث يلبس الناس أقنعة، ويمثلون أدوارا في سهرة العيد. لكن هذه السنة، يطلب الملك أن يلغى الاحتفال، بسبب رؤية تقول ان أميرة تضع قناعا سوف تحضر هذه الليلة إلى العيد. وهذه الأميرة قدرها أن تصبح عروسا للملك، فطلب من الجميع نزع الأقنعة حتى يتمكن من معرفة الأميرة.
وبالصدفة تصل هالة مع أبيها هب الريح إلى سيلينا، قادمين من ضيعة درج اللوز، لكي يبيعا الأقنعة في العيد. وعندما وجدا أن العيد قد ألغي، قرر الأب أن يذهب الى مقهى، تاركا ابنته وحدها في الساحة، علها تبيع الأقنعة في أية حال.
ظن أهل المدينة أنها الأميرة المنتظرة عندما رأوها، وأخذوها إلى القصر في حالة من الاضطراب، وألبسوها ثيابا تليق بمقام الملك، وعبثا كانت تحاول أن تخبرهم قصتها الحقيقية، ثم دلتهم على الطريق الذي يؤدي إلى  المقهى الذي يجلس فيها أبوها، لكي يأتوا به، عله يثبت صحة أقوالها. ولكن الأب ينكر ابنته لكي يساعدها في الزواج من الملك.
أما هالة فتصر على الرفض، فيتنكر الملك بثياب الشحاذ ليعرف منها سبب الرفض، وتخبره هالة عن الفقر في المدينة، وعن غش مساعديه، وكررت رفضها الزواج من الملك واستغلاله، ثم اكتشفت أنها تتحدث مع الملك ذاته، فكانت نصيحتها الأخيرة ألا يحاكم أو يسجن كل المخادعين الذين يحيطون به، لأنه عندها لن يبقى من يحكمه. وتنتهي المسرحية بأن تغادر هالة المدينة كما دخلتها غير متزوجة، فقيرة، وشريفة.

عن الفيلم يقول المخرج حاتم علي
«الفيلم ينتمي إلى نوع شبه نادر في المكتبات السينمائية العربية وهو الفيلم الاستعراضي الغنائي، فتلك الأعمال قليلة عادة نتيجة ما تتطلبه من إنتاج ضخم».
كما أوضح أن قلقه على العمل يعود الى انه قُدم سابقاً بشكل مسرحي تم تجاوزه، فالفاصل الزمني بين العمل السينمائي والعمل المسرحي يقارب الأربعين عاماً، والصعوبة تجلت في الحفاظ على أمانة النص من جهة ومواكبة العصر من جهة أخرى. أما عن المقارنة بين العملين فهي غير واردة كونهما ينتميان إلى تقنيات مختلفة من سينمائية ومسرحية وليس هناك قواسم مشتركة بين الفيلم والمسرحية.
أما عن صعوبة اختيار البطلة واستقرار الترشيحات على الفنانة ميريام فارس، والخوف من مقارنتها بالسيدة فيروز، فقال المخرج أن المقارنة «ظالمة لكلا الطرفين، للسيدة فيروز والفنانة ميريام».
أما عن اختيار ميريام فارس، فقد كان «لا بد من البحث عن فنانة تملك مواصفات هالة في الفيلم، هالة الفتاة البريئة في مقتبل العمر، تستطيع تأدية أغنيات الفيلم، وتمثل الدور المطلوب، بالإضافة الى مقدرتها على تأدية بعض الرقصات. ومجمل تلك المواصفات توافرت في الفنانة ميريام فارس، وهكذا تم اختيارها».
أما عن تقبل الجمهور السوري لهذا النوع من الأفلام فقد أشار المخرج الى أن «العرض ما زال في بداياته، والمشكلة عادة لا تكون في الأفلام نفسها، فمنذ سنوات كان الذهاب إلى السينما طقساً من طقوس السوريين، أما اليوم ولأسباب كثيرة فانحسرت هذه العادة وصار هناك قطيعة بين الجمهور والسينما السورية. والآن ومع افتتاح مجمع العرض السينمائي ستكون هذه بداية مبشرة لكسر هذا الحاجز الذي يحتاج الى وقت طويل ولتجارب كثيرة.

ميريام فارس
دريد لحام أربكني وأتمنى العمل في الدراما السورية...
أكدت ميريام فارس أن عملها في فيلم «سيلينا» كان بمثابة حلم تحقق، خاصة بعد النجاح الذي ناله الفيلم لدى عرضه في بيروت، وأن عملها في هذا الفيلم كان نقلة نوعية في حياتها الفنية.
وعن مقارنتها بالسيدة فيروز، قالت «ما من أحد يستطيع ملء دور فيروز»، لكن من جهتها حاولت القيام بأفضل ما يمكنها، وطالبت المشاهدين بعدم المقارنة بين الدورين بل أن يشاهدوا الفيلم كعمل مستقل. وتمنت لو شاهدت السيدة فيروز الفيلم، لكن ما يعزيها أن ابنتها حضرت الافتتاحية التي أقيمت في بيروت، وكانت مسرورة من  الفيلم.
وعبرت ميريام فارس عن سعادتها بالعمل مع الفنان دريد لحام ومشاركته هذا الفيلم الاستعراضي الغنائي، فقد كانت تحلم دائماً بالعمل معه. وعندما بدأت المشاهد الأولى بينهما في الفيلم شعرت بتوتر شديد، فطلبت من دريد لحام النصيحة والمشورة، فقال لها أن تبقى على طبيعتها وتحافظ على هدوئها وبهذا تحقق حضوراً جيداً.
وأملت أخيراً العمل في ا لدراما السورية.

المنتج نادر الأتاسي: مغامرة «سيلينا» كانت بمثابة حلم تحقق
بعد إنتاجه لأكثر من أربعين فيلماً عربياً في سورية ومصر ولبنان، يعود المنتج السوري نادر الأتاسي الى عالم الإنتاج ثانية من خلال فيلم «سيلينا» الذي جاء مكملاً لمجموعة ثلاثة أفلام أنتجها نادر الأتاسي للأخوين  الرحباني وفيروز، هي «بياع الخواتم»، «سفر برلك»، «بنت الحارس».
ولاهتمامه باعادة الصناعة السينمائية في سورية إلى الوجود، أنشأ المنتج نادر الأتاسي مجمع دمشق السينمائي السياحي، وكان «سيلينا» أول فيلم يعرض في التجمع.
ولم ينفِ أتاسي المغامرة التي دخلها في إنتاجه لهذا الفيلم من ناحية التكلفة الضخمة، لكن المهم أن تلك المغامرة كانت حلماً وتحقق.