ساعدي طفلك على مواجهة التنمّر!

جولي صليبا 10 فبراير 2019

تشير الدراسات الحديثة إلى تفشي ظاهرة التنمّر في المدارس بنِسب مخيفة، حتى أنها وصلت إلى دول ومناطق لم تكن تعاني منها أبداً. والمؤسف أن هذه الأزمة الخطيرة تطاول طلاب المرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة أكثر من غيرهم، أي الأولاد الصغار في السنّ الذين لا يعرفون كيف يدافعون عن أنفسهم. كما أن ضحايا التنمّر يتجنبون غالباً إبلاغ ذويهم أو المعلمين خشية تعرضهم للسخرية أو التهكّم.


التنمّر مع البالغين أمر شائع نسبياً، لكننا لا نعيره الكثير من الأهمية. فالمتنمّر يحاول تعويض نقص عنده، وتحدث أغلب حالات التنمّر في أماكن العمل، وتتجلّى على شكل إساءة لفظية أو تهديد من طرف له سلطة على شخص على آخر يعتبر أضعف منه.

كما نلاحظ في حياتنا اليومية التنمّر الخفي الذي يأخذ شكلاً اجتماعياً تقع في فخّه الطبقة المتوسطة في أغلب الأحيان، بحيث يُلزم أفراد المجتمع ببعض السلوكيات التي قد تكون اختيارية، مثل المسكن والملبس والمظهر وما إلى ذلك.

إلا أن التنمّر الأكثر خطورةً هو ذلك الذي يطاول الأطفال الصغار. وضحايا التنمّر هم في أغلب الأحيان الضعفاء والمرهفو الإحساس. وينقسم التنمّر إلى نوعين: التنمّر اللفظي والتنمّر الجسدي. لكنّ النوعين يؤثران سلباً لسوء الحظ في نفسية الطفل، مما يؤدي مع الوقت إلى تراجع مستواه الأكاديمي وانعزاله عن رفاقه.

لذا يُنصح الآباء والأمهات بضرورة تعليم الطفل بعض الإرشادات للتعامل مع تنمّر الآخرين، حتى لا تهتز ثقته في نفسه وفي الآخرين مع مرور الزمن. ولا بدّ أيضاً من توفير كل الحنان والعطف والدعم للطفل الذي وقع ضحية التنمّر، كي يستعيد ثقته في نفسه وينعم بالدفء والحنان الكافي، الذي تزداد معه ثقته بنفسه، فيصبح قادراً على التعامل مع مشكلات التنمّر بثبات في أسوأ الظروف.

فالتعرض المتكرر للتنمّر يؤدي إلى أمراض إجهاد مزمنة، وإلى الانتحار أحياناً، إضافة طبعاً إلى مشكلات نفسية وسلوكية كثيرة، بالترافق مع انعدام الثقة في النفس والإحساس الدائم بالإحباط الشديد.

تعزيز ثقة الطفل

علّمي طفلك أن الثقة في النفس تمنحه هيبة لا توصف، ولذلك شجّعيه على استجماع قواه كلما تعرض للتنمّر، والتذكّر بأن هذه ليست نهاية العالم، بل مجرد عقبة من عقبات الحياة الكثيرة.

ثمة أساليب تساعد الطفل على أن يبدو واثقاً من نفسه، شكلاً ومضموناً، من خلال تعويده على الوقوف بشكل مستقيم، وارجاع الكتفين إلى الوراء، والنظر مباشرة في عيون المتنمّرين، لأن هذا يقلّل من فرص مهاجمة المتنمّرين له. واللافت أنه كلما أظهر الطفل ثقة أكبر في النفس، تردّد المتنمّر في شنّ اعتدائه.

تشجيع الطفل على تجاهل المضايقات اللفظية واستخدام الابتسامة

كثيراً ما يفيد الهدوء والتروّي حيال الأمور التي تستفزّ التفكير، مما يُجهض الصراعات قبل حدوثها. لذا، علّمي طفلك على مواجهة التنمّر بالابتسامة، وعدم إعطاء المتنمّر سبباً لإلصاق الخطأ به وتبرير تصرفاته. شجّعي طفلك على عدم الرد على المضايقات اللفظية للمتنمّر، بل التوجه فوراً إلى المعلمة أو المدير المسؤول في المدرسة وتقديم شكوى بحق المتنمّر.

التواجد وسط مجموعة

شجّعي طفلك على التواجد دوماً وسط مجموعة من الأصدقاء الذين يحبّهم. فهذا يزيد من ثقته في نفسه، ويقلّل من فرص تعرضه للتنمّر، لأنه يصعب على المتنمّر مضايقة ولد محدد إذا تواجد وسط مجموعة من الأصحاب.

التحدّث مع المسؤولين

يجدر بالأهل زيارة المدرسة بأسرع وقت ممكن، والتحدث مع الأساتذة ومديري القسم، لإطلاعهم على ما يجري مع الطفل الضحية، ولفت انتباهم بشأن سلوك بعض الأولاد تجاه طفلهم. ويفترض حينها أن تتعامل المدرسة بجد واحترافية مع مثل هذه الأفعال.

نصائح مهمة لمواجهة التنمّر

الاستماع للمشكلة

عندما يشعر الطفل بحنان والديه ودعمهما المطلق له، يمكنه التعبير بسهولة عن معاناته من تنمّر رفاقه. وفي كل الأحوال، لا يجدر بالأهل الانفعال أو الغضب أمام الطفل، بل الحفاظ على رباطة الجأش والتحدث إلى الطفل بحنان وتفهم، والتأكيد له أنه ليس مسؤولاً عن تصرفات الآخرين وأخطائهم، وأن المشكلة تكمن فيهم وليس فيه شخصياً. لا بدّ أيضاً من امتداح الطفل على جرأته التي تحلّى بها، وجعلته يحكي بكل صراحة عما يضايقه، الأمر الذي يمكن استغلاله لتدعيم ثقته في نفسه، عبر مكافأته وطمأنته.