سعاد ماسي: أرفض التباهي بملابسي ومجوهراتي

القاهرة – محمود الرفاعي 02 مارس 2019
تستكمل الفنانة الجزائرية سعاد ماسي الثورة الغنائية التي أشعلتها في فرنسا، بعد أن أصبحت أول مطربة جزائرية وعربية تشدو بالعربية على المسارح وفي الأماكن العامة في باريس، بعيداً من تقديم موسيقى «الراي» التي اشتهر بها مواطنوها الجزائريون من أمثال الشاب خالد وفوديل والراحل رشيد طه. في حوارها مع «لها»، تتحدث سعاد عن تفاصيل ألبومها الجديد، وتكشف سبب عدم حبّها التباهي بملابسها ومجوهراتها مثل باقي الفنانات، وكرهها الشديد لمواقع التواصل الاجتماعي، وعلاقتها بابنتيها «إنجي» و«أميرة».


- ما سبب ظهورك الدائم بملابس عادية وبسيطة وعدم اهتمامك بارتداء المجوهرات التي تتباهى بها غالبية الفنانات؟

أرتدي ملابس تناسب جمهوري الذي يستمع إلى أغانيّ ويحبّني، ولا أحب التباهي بارتداء ملابس ومجوهرات باهظة الثمن، فجمهوري يحضر الى حفلاتي كي يستمع الى صوتي وليس لرؤية مجوهراتي وملابسي، ومن المستحيل أن أتباهى بالمظاهر بينما أغنّي للفقراء والطبقة المتوسطة. أحب أن أرتدي الفساتين الأنيقة في الحفلات، وأن أظهر بشكل لائق ومناسب يحترمني من خلاله جمهوري.

- هل بدأت التحضير لألبومك الجديد؟

شارفت على الانتهاء من تسجيل الأغنيات، وسأبقى في فرنسا لأيام من أجل البدء بعملية الهندسة الصوتية للأغنيات.

- هل سيتضمن ألبومك الجديد أغنيات مصرية؟

لا، بل سيضم الألوان الموسيقية الكلاسيكية التي اعتاد الجمهور على سماعها مني، وأقدّم فيه اللهجات الجزائرية والأمازيغية.

- هل تحبّين الغناء باللهجة المصرية؟

بكل تأكيد أحب الأغنية المصرية، ولطالما تمنّيت أن أقدّم عملاً مصرياً، وحلمي تحقق حين أدّيت منذ عامين أغنية «سلام»، والتي تعاونت فيها مع الشاعر نادر عبدالله والملحن والموزّع الموسيقي خالد عز.

- قدّمتِ أغنية «عندي أمل» بالتعاون مع الفريق الغنائي المصري «كايروكي»، هل يمكن أن تخوضي تجارب غنائية أخرى مع فرق مصرية؟

فكرة الغناء مع فريق «كايروكي» تعود الى أمير عيد، فقد اتصل بي وعقدنا لقاءً من أجل التفكير في عمل يجمعنا معاً، وكانت النتيجة أغنية «عندي أمل»، لذا أتمنى دائماً أن تكون هناك مشاريع تجمع بين مختلف الثقافات، حتى على مستوى المهرجانات الغنائية، فالثقافة المغربية غير معروفة كثيراً في المشرق العربي، وبالنسبة إليّ لا أمانع في تقديم مشروع غنائي مع أي فنان مهما كان البلد الذي ينتمي إليه.

- هل يمكن أن تؤدّي الأغنية الشرقية؟

لا أجيد الغناء باللهجات الشرقية، لكنني أُتقن فقط تقديم الأغنية الكلاسيكية الهادئة، وقد بدأت الغناء بشكل تلقائي، ويشرّفني أن أغنّي لعظماء الطرب من أمثال أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، وسأحاول تقديم الأغنية الشرقية، وبالتحديد المصرية.

- لماذا تحبّذين التلحين لكبار الشعراء ولا تستعينين بالشباب منهم؟

أعشق الشعر، وتمثّل لي القصائد حالة خاصة، وقد حرصت على تلحين قصائد للكثير من عظماء الشعر، منهم: إيليا أبو ماضي، أحمد مطر، زهير بن أبي سُلمى، المتنبي، الذبياني، امرؤ القيس، وأبو القاسم الشابّي. وأحبّذ التلحين لكبار الشعراء من أجل تغيير الصورة النمطية والانطباع الخاطئ المأخوذ عن العرب.

- هل وجدت صعوبة في تلحين تلك القصائد؟

التلحين كان تجربة في غاية الصعوبة، وكثرٌ انتقدوني على هذه الخطوة، زاعمين أنني لا أنطق مخارِج الحروف والتشكيل في العربية بالشكل الصحيح.

- لماذا لم تقدّم سعاد ماسي موسيقى «الراي» التي يشتهر بها معظم المطربين الجزائريين؟

نشأت في أسرة محافظة، لها عاداتها وتقاليدها التي لا بد من احترامها والسير على ضوئها، ولذلك أحببت الموسيقى الكلاسيكية منذ صغري، وتخصّصت في دراستها لسنوات عدة. ثمة نوعان من موسيقى «الراي»، أحدهما شعبي والآخر مهذّب، لكن ما نعرفه ونسمعه طوال الوقت هو اللون الشعبي الذي يتضمن أحياناً كلمات وجملاً مستواها هابط. فالجزائر دولة كبيرة، وكل منطقة فيها تتميز بأغنياتها وموسيقاها، ولذلك أحببت الموسيقى الكلاسيكية، وأحياناً أرغب في تقديم اللون الأندلسي، مع أنني لست متمكنة منه، وأنا سعيدة لأنني استطعت أن أحقق جماهيرية واسعة من خلال اللون الذي أفضّله.

- ما رأيك بموسيقى الشاب خالد؟

استطاع الشاب خالد وزملاؤه الفنانون أن يصلوا بالأغنية الجزائرية الى العالمية. أعشق الفن الذي يقدّمه الشاب خالد، ولا أملّ من الاستماع الى أغنياته، لكن أنزعج أحياناً من أنواعٍ من موسيقى «الراي» التي يقدّمها بعض الشباب بهدف الانتشار السريع، أما الشاب خالد فصنع لنفسه مكانة خاصة ومميزة. مثلاً، في مصر ثمة فارق كبير بين الفنان الذي يقدّم الأغنية العصرية المستوحاة من الموسيقى الأجنبية، وبين الفنان الشعبي الذي يؤدّي الطرب الأصيل، أو الذي يقدّم الأغنية الهابطة، سواء من حيث لحنها أو كلماتها.

- لماذا تصدّر الجزائر عدداً كبيراً من المطربين بعكس باقي بلدان شمال إفريقيا؟

الجزائر غنية بالتراث الموسيقي، وتجد فيها الموسيقى الأندلسية والشعبية والكلاسيكية والأمازيغية والطوارق والصحراوية... وهذا بحد ذاته كنز للفنان الجزائري، والذي يحتاج في الوقت نفسه الى جمهور يحبّه، وهنا يبرز الامتحان الصعب، فالجمهور الجزائري صعب المراس.

- هل سافرت إلى فرنسا من أجل السعي وراء العالمية؟

إطلاقاً، ولم أفكر يوماً أو أخطّط للوصول الى العالمية. وسفري إلى فرنسا جاء تلبيةً لدعوة كنت قد تلقيتها من جمعية جزائرية تسعى لنشر الثقافة والحضارة الجزائرية في فرنسا، من طريق المرأة، فقد استعانوا وقتذاك بالقوى الناعمة الجزائرية، والتي تتمثل بمطربة وكاتبة ورسّامة، وكنت أنا المطربة التي اختاروها لهذه المهمة، وهناك أحببت أن أغنّي بلهجتي وأعزف موسيقاي، رغم أن موسيقى «الراي» كانت سائدة آنذاك. وفي أولى الحفلات التي أحييتها، كان بين الحضور مسؤول من شركة «يونيفرسال» العالمية، فأُعجب كثيراً بالفن الذي أقدّمه، وأحبّ أن أستكمل مشواري بالأسلوب نفسه، فتشجّعت وأطلقت ألبومي الأول «راوي»، وحقق نجاحاً كبيراً في فرنسا.

- نشر موسيقاك في فرنسا، هل كان سهلاً؟

منذ أن ظهرت في الجزائر، وأنا أعاني كثيراً، فلم يكن سهلاً أن تبرز مطربة جزائرية في ظل الحرب الأهلية الدائرة في البلاد، كذلك فترة ظهوري في فرنسا كانت في غاية الصعوبة، لأنني أريد أن أقدّم لغتي وموسيقاي، لكن مع مرور الوقت وكثرة الحفلات، نجحت في جذب الفرنسيين والأوروبيين الى فنّي، وباتوا يرغبون في الاستماع إلى ما أقدمه، بل أصبحوا يتفاعلون مع ما أقدّمه وينتظرون أعمالي.

- أليس غريباً أن نرى أهل الغرب يرقصون على أنغام أغنياتك وهم لا يفهمون العربية؟

الموسيقى لغة عالمية، ولا علاقة لها باللون أو العرق أو الدين، وعلى الفنان أن يقدّم كل ما هو جديد ومختلف، وبالتالي سيجد من يسمعه ويتفاعل مع أغانيه.

- لماذا تعتمدين دائماً على آلة الغيتار في أعمالك الغنائية؟

أحب العود منذ صغري، وأعشق العزف عليه، خاصة أنه رمز للأغنية العربية، كذلك أحب الناي، وخصوصاً عزف المقاطع الصوفية التي تأخذني الى عالم آخر بمجرد سماعها، لذا كان سهلاً عليّ بعدها تعلّم العزف على آلة الغيتار، علماً أن الغيتار كان من الممنوعات في الأسرة، ومع ذلك كان خالي يملك غيتاراً إسباني الصنع، نادراً وباهظ الثمن، وبمجرد أن يسافر، كنت أسارع في البحث عن الغيتار حتى أعزف عليه.

- أي الأصوات تحبّين سماعها؟

أعشق سماع أغنيات «كوكب الشرق» أم كلثوم، فهي فنانة تمتلك حنجرة ذهبية، ومن الصعب أن تتكرر في زمننا هذا. أيضاً أحب صوت فيروز، وأرى أنني أسير على نهجها الفني في بعض الأعمال.

- ومن الجيل الحالي؟

أحب صوت وأغنيات حسين الجسمي، فهو فنان رائع وله خامة صوتية فريدة.

- لماذا تخبّئين أموراً من حياتك الخاصة عن جمهورك؟

أنا فنانة مختلفة عن باقي الفنانات الموجودات في الساحة الفنية، فمن يستمع إلى أغنياتي، لا يعود يهتم بمعرفة تفاصيل حياتي، فأنا أعيش حياة هادئة، كما أنني لا أرغب في التحدّث عن خصوصياتي بشكل مبالغ فيه، لكن لو سُئلت عن أي جانب من حياتي فسأُجيب بصراحة، لأن ليس لديَّ ما أخجل به ويضطرني لإخفائه عن الناس.

- ماذا عن ابنتيك؟ وهل تتمتعان بمواهب فنية؟

ابنتي «إنجي» عمرها 13 عاماً، وهي تحب المسرح بشكل عام وأنا أشجعها على ذلك. أما أميرة فعمرها 8 سنوات وهي شقية، ونناديها بـ«العجوز» لأن كلامها أكبر من عمرها.

- كيف هي علاقتك بمواقع التواصل الاجتماعي؟

لا أحب التكنولوجيا أبداً، ولي فقط حسابات على «تويتر» و«إنستغرام»، أتشارك من خلالها أخباري الفنية والخاصة مع جمهوري، وأحياناً أنشر عبرها صوراً للأطباق التي أحضّرها بنفسي.