الهوايات... أنشطة بسيطة بتأثيرات كبيرة

هبة الشيخ 23 مارس 2019

من المؤكد أن الأطفال يولدون بقدرات جسدية وعقلية تفوق ما يتخيله الكثيرون، فيستطيعون فهم الواقع المحيط بهم وهم في عمر صغير. وعلى هذا الأساس، يبني الطفل شخصية له تمكنه من ممارسة هواياته التي تكوّنت بلاوعيه بفعل عوامل البيئة المحيطة بشكل خاص والوراثة بشكل عام. وعلى الرغم من أن الموهبة قد تبدو من الأمور البسيطة والبدهية، إلّا أنها ضرورية في حياة الأطفال الذين هم في مرحلة بناء شخصياتهم المستقبلية وفقاً للعديد من الأطباء. فكيف تتعامل الأسرة مع هوايات الطفل المتنوعة؟ وهل منع الطفل من ممارسة هواياته يمكن أن يؤثر في حالته النفسية مستقبلاً؟


- ما العوامل التي تُمكّن الأهل من اكتشاف هوايات أطفالهم؟

هناك العديد من العوامل التي تساعد الأهل في اكتشاف هوايات أطفالهم المختلفة، ومنها:

* التحدث مع الطفل بشكل دائم من أجل اكتشاف ميوله ورغباته المختلفة لمعرفة ما إذا كانت الهوايات التي يفضلها مكتسبة أو فطرية، وذلك من خلال سؤاله عن رأيه في الموسيقى، الرسم، الرقص، العزف وغيرها من الهوايات الأخرى.

* مراقبة سلوك الطفل أثناء اللعب مع أصدقائه، والتدقيق في الهدايا التي يختارها، فقد يكون لذلك الدور الأساس في تكوين هوايته ويُمكّن الأهل من معرفة قدرات الطفل.

* ترك الطفل يمارس نشاطات مختلفة، والسماح له بتجريب أمور عدة ليتمكن بذلك من العثور على الأشياء التي تثير اهتمامه وتناسب شخصيته وتلبّي حاجته إلى تكوين هواية خاصة به.

* محاولة تأمين كل المستلزمات للطفل ومنحه الفرصة لتجريب مختلف الهوايات التي يشعر بأنه يفضلها، وبذلك يتمكن الأهل والطفل معاً من اكتشاف الهواية الأنسب.

- متى يبدأ الطفل في اكتشاف هواياته؟

رغم تأكيد الكثير من الأطباء النفسيين أن الأطفال يبنون هواياتهم في سنّ محددة وفقاً لعوامل عدة أهمها البيئة الثقافية المحيطة بهم والتحصيل العلمي للوالدين، بالإضافة إلى العادات والتقاليد السائدة في المجتمع الذي يعيشون فيه، يشدد آخرون على أن العامل الوراثي قد يلعب دوراً كبيراً في تكوين هواية الطفل وفي اختياره لها. فنرى كثراً من الأهل الذين يمارسون هواية الرسم أو عزف الموسيقى، يولد أطفالهم وهم يحبّون هذه الهواية. وبذلك، يستطيع الطفل أن يكتشف هوايته ويكوّنها في العمر المحدّد، وبالتالي يبلورها ويطورها بحسب احتضان الأهل لهذه الهواية أو رفضهم لها.

- لماذا يتوجبّ على الطفل أن يمارس هواية يحبّها؟

إن ممارسة الطفل لهواية يحبّها ليست فقط من أجل التسلية، بل لها تأثيرات إيجابية على عقل الطفل ونفسيته. فقد بيّنت الدراسات أن الأطفال الذين يمارسون هواياتهم باستمرار، يشعرون بالاستقرار النفسي ويصبحون أكثر مثابرة وإصراراً على كل ما يقومون به. هذا بالإضافة إلى أن ممارسة الهواية تجعل الطفل أكثر تفاعلاً من الناحية الاجتماعية مع من هم في مثل سنّه.

ولعل أهم ما تولّده ممارسة الهواية في شخصية الطفل هو الشعور بالمسؤولية، فيصبح ملتزماً بممارسة الهواية بالشكل الصحيح ليحصل على الإطراء، كما تنمّي في داخله حسّ الاستقلالية وتعزّز ثقته بنفسه وتدفعه للبحث المستمر من أجل اكتساب المعارف.

وعلى عكس ما يظن الكثير من الأهل، بأن ممارسة الطفل العديد من الهوايات قد تدفعه إلى إهمال واجباته المدرسية، فقد تبين في بعض الدراسات أن الأطفال الذين يمارسون هواية بانتظام هم الأكثر التزاماً في دروسهم، كما أنهم يتفوقون في تحصيلهم العلمي على أولئك الذين لا يمارسون أي نوع من الهوايات.

- كيف يتسبّب رفض الأهل لهواية طفلهم بمشاكل نفسية له؟

مما لا شك فيه أن الإنسان هو ابن بيئته. ومنذ الولادة وحتى سنّ الثانية عشرة، يتأثر الأطفال ببيئتهم الصغيرة التي هي العائلة، والوالدين على وجه الخصوص. فقد تبين أن للأهل الدور الأبرز في تنمية مواهب أطفالهم وهواياتهم، ولذلك فإن رفضهم للهواية التي اختارها الطفل قد يؤدي الى عواقب لا يتوقعونها. وأكد الأطباء النفسيون أن سخرية الوالدين وتعليقاتهم السلبية على هواية الطفل قد تؤثر في ثقته بنفسه وتسبّب له ضغوطاً نفسية، كما قد تعوّق تقدّمه الدراسي وتُشعره بالتعاسة في حياته. هذا بالإضافة إلى الصورة السيئة التي يرسمها الطفل لوالديه في مخيلته، وشعوره بأنهما لا يكنّان له مشاعر الحب، ما يُعرّض حياته العاطفية والنفسية للاضطراب مستقبلاً.

ومن المؤكد أن استخفاف الأهل بهواية طفلهم واعتبارها نشاطاً عبثياً وفوضوياً، يجعلانه ضائعاً ومشتتاً في تكوين شخصيته، فلا يستطيع التمييز بين ما يواظب الأهل على قوله عن هوايته ورغبته الخاصة في ممارسة هذه الهواية، ما يؤدي الى اضطراب في شخصيته، ويسيطر عليه شعور دائم بالنقص.

- كيف يستطيع الأهل تحفيز طفلهم لممارسة هواية يفضّلها؟

على الأهل التفكير دائماً في أهمية ممارسة الطفل الهوايات التي يحبّها، وعلى هذا الأساس هناك العديد من الخطوات التي يمكنهم القيام بها من أجل تقديم الحافز اللازم له:

منحه لقباً إيجابياً: منح الطفل لقباً إيجابياً يناسب هوايته ويميّزه سيكون بمثابة حافز له لممارسة هوايته بالشكل الصحيح والمحافظة عليها والمداومة على ممارستها.

قصص الموهوبين: من أهم الوسائل لدعم الطفل، أن يسرد الأهل قصصاً لأشخاص سابقين أبدعوا في ممارسة الهواية التي يمارسها طفلهم وأوصلتهم إلى مراكز عليا. وبذلك يقتدي الطفل بهؤلاء الأشخاص ويتخذهم مثالاً أعلى له.

المعارض: أهم حافز للطفل من أجل الاستمرار في ممارسة هوايته هو عرض كل ما يقوم به أمام الجميع والافتخار بما أنجز، وخاصة في الهوايات التي تتضمن الرسم والنحت والموسيقى. كما يمكن الأهل إعداد ملف خاص يحتفظون فيه بكل أعمال طفلهم.

التواصل مع المدرسة: من الضروري أن يُطلع الأهل المدرّسين على هواية طفلهم من أجل التأكد من تأمين ما يلزمه لممارستها، وبذلك يكون للطفل حافز كبير ليمارس هوايته حتى في المدرسة.

امتهان الهواية: إذا شعر الأهل بأن طفلهم يمارس هوايته بإبداع وفن، فمن الضروري تحفيزه لامتهان هذه الهواية، ذلك أن كل من يعمل بما يحب، ينجح بتفوق.