ديالا مكي: اختارتها دار شوميه بين ثماني نساء عاملات مؤثرات حول العالم لإطلاق الحملة الاعلانية لساعة Boléro

حوار: فاديا فهد 30 مارس 2019

ديالا مكّي، امرأة استثنائية. جمالها الآسر لا ينفي ذكاءها الشديد، واهتمامها بعالم الموضة لا يقلّل من إصرارها على حمل رسالة إنسانية سامية هدفها تغيير التفكير النمطي الذكوري تجاه مكانة المرأة ودورها في عالمنا العربي، كما الى مناهضة العنف ضد النساء ورفع الصوت وكسر جدار الصمت القاتل. الحوار معها يأتي في شهر آذار/ مارس، شهر المرأة، ويتزامن مع اختيارها من جانب دار شوميه Chaumet للمجوهرات الراقية، بين ثماني نساء عاملات، متمكّنات، مؤثّرات حول العالم، كي يتألّقن بساعة Boléro ضمن حملة نسائية عالمية. الحديث مع ديالا رشيق وأنيق وجذّاب ومتعدّد الأبعاد، تماماً كصاحبته، وهنا تفاصيله.


- من هي ديالا مكي... كيف تقدّمين نفسك؟

ربما في إمكاني الآن وبعد سنوات من الخبرة الإجابة عن هذا السؤال الذي قد يبدو للوهلة الأولى سهلاً، لكنه في الواقع صعب وشائك. ديالا مكي إعلامية ومنتجة تلفزيونية دخلت الميدان الصحافي باكراً وهي بعدُ في السادسة عشرة من ربيع العمر. كانت بداياتها في تلفزيون «المستقبل» الذي أعطاها الفرصة الأولى للانطلاق، لكن حياتها المهنية بدأت فعلياً في دبي، المدينة التي حضنتها هي والعديد من المواهب الشابة وخرّيجي الجامعات الكبرى في لبنان، بعدما دفعهم الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الصعب الى الهجرة لتحقيق ذواتهم بعيداً من الوطن الأم.

علاقتي بمجلة «لها» وُلدت منذ بداياتي التلفزيونية في لبنان، واستمرت خلال تقديمي برامج «نجم الخليج» و«ستديو ٢٤» و«مشاهير» ولا تزال. أُنتج حالياً أفلاماً وثائقية عن تاريخ أهم دور الأزياء والمجوهرات في العالم، عارضةً بورتريه أو profile لأهم المديرين الإبداعيين والتنفيذيين فيها… أحاور اليد العاملة المحترفة وأجول في كواليس قطاع صناعة الأزياء والمجوهرات والساعات. المثابرة والإصرار كانا من العوامل التي جعلت بعض دور الأزياء التي لم يسبق لها أن تعاملت مع صحافة عربية من قبل، تختارني للتعامل معي، لتتحوّل بعض أحلامي الى حقيقة. وأذكر على سبيل المثال لا الحصر، الوثائقي الذي أنتجتُه قبل خمس سنوات وتضمّن مقابلة مع الأسطورة كارل لاغرفيلد. الواقع أنني أعتزّ بهذه الذكريات والتجارب التي كوّنت شخصيتي على مدى السنوات. لقاءاتي مع أشخاص مثل جورجيو أرماني وبيير باولو بيتشولي وماريا غرازيا كيوري وإيلي صعب وألبير الباز وغيرهم من المبدعين، بالإضافة الى عائلات كانت وما زالت تمثّل تحوّلات رئيسة في قطاع الموضة والرفاه، هذه اللقاءات زادتني ثقة وخبرة ومعرفة وتواضعاً أيضاً عبر السنين، بمعنى أنها شكّلت شخصيتي وما أنا عليه اليوم.

- عملتِ في التلفزيون كمقدّمة برامج، من المواهب الى الأزياء والمشاهير وغيرها. فكان التلفزيون منبراً لك كي تتألقي كامرأة مؤثّرة في العالم العربي، واختارتك مجلة Arabian Business ضمن قائمة مئة امرأة دون الأربعين الأكثر تأثيراً في مجتمعاتهنّ. أيّ بصمة تريدين أن تتركي في مجتمعك؟ وأيّ رسالة توجّهين للواتي يستلهمن من مسيرتك الناجحة؟

على الرغم من سعادتي بالألقاب، إلا أنها تبقى مجرد ألقاب… هناك العديد من المشاريع التي أحلم بتحقيقها على الصعيد المهني والاجتماعي والإنساني لدعم المرأة وتمكينها في المجتمع العربي. لا شك في أن مشاركتي العام الفائت في المنتدى السنوي لمنظمة الأمم المتحدة للبحث في شؤون المرأة، أثّر فيّ كثيراً. أتمنى أن أغيّر في التفكير النمطي الذكوري تجاه مكانة المرأة ودورها في عالمنا العربي، وأتمكّن مع المنظّمات النسائية غير الربحية من نشر التوعية وجمع التبرّعات لقضايا نسائية إنسانية محقّة، بعيداً مما نراه من شكليات على وسائل التواصل الاجتماعي… أتمنى أن أستعمل منبري لمساعدة نساء أخريات يعانين التعنيف بصمت، ونشر التوعية حول مشاكلهنّ. لا شكّ في أن ثمّة تقصيراً من أهل الموضة في ما يتعلّق بدعم قضايا المرأة والطفولة، لذا كنت حريصة هذا العام على المشاركة في الحفل الذي نظمته «يونيسيف» في إيطاليا، والذي أثبت للعالم أن قطاع الموضة يمكنه أن يُحدث فارقاً إنسانياً من خلال جمع 3.4 مليون يورو لمساعدة الأطفال اللاجئين السوريين.

- هل تُمسك المرأة حقاً بزمام حياتها في عالمنا العربي؟

أنطلق من نفسي. أحلامي كبيرة… لطالما كانت كبيرة منذ البدايات، وأتمنى أن أحقّقها كلّها… هل يمكن المرأة فعلاً أن تُمسك بزمام حياتها بعيداً من الشكليات والمظاهر؟ بعيداً من كل البروباغندا السطحية؟ بعيداً من المرأة التي جعلت من نفسها سلعة للبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ بعيداً من ظاهرة المرأة التي تهتمّ فقط بالعلامات التجارية ونشر صورها متأنّقةً جميلة؟ الجواب صعب للغاية… ثمّة نمطيات قديمة ومتوارثة وممارسات سطحية حديثة تحدّ من تطوّر المرأة المطلوب. مع ذلك، كلّي ثقة بأن التغيير يبدأ على المستوى الشخصي، وأؤمن بأهمية العلم والثقافة وإيصال الصورة الحقيقية للمرأة العربية الناجحة والطموحة إلى العالم.

- أطلقت على حسابك الشخصي حملة مناهضة للعنف ضد المرأة. لماذا اخترت هذه القضية النسائية؟ وهل عشتِ أو عايشت معاناة نساء معنّفات؟

لا يمكنني وصف سعادتي بنوعية هذه الأسئلة التي تطرحينها عليّ. هذا هو المحتوى الذي لطالما أردت أن يُطرح على منابرنا الإعلامية من دون خجل أو خوف. منذ عامين تقريباً كنت في صدد تصوير إعلان لبرنامج خاص بالجمال. رسالتي للمشاهِدة كانت، أن الماكياج من شأنه أن يحتفي بجمالك، وليس لإخفاء العيوب أو آثار التعنيف الذي تتعرّضين له. من هنا بدأت فكرة الحملة التي وصلت أصداؤها الى الصحافة العالمية. وقلت من خلالها: تُرى، ماذا ستكون ردود فعلكم لو قلت لكم إن هذه الكدمات ليست ماكياجاً، بل هي حقيقية ناجمة عن تعنيف أسري؟ وسرعان ما انتشرت تلك الصورة، ومعها قصص عن نساء معنّفات يطلبن المساعدة. استطعت أن أساعد في بعض الحالات، لكن العديد منها يقع في فخ معتقداتنا القديمة والقوانين التي من شأنها حماية الرجل المعنِّف. بعد ذلك زرتُ جمعيات عدّة تهتمّ بهذه القضية المحقّة، مثل «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال» التي من شأنها حماية النساء المعنّفات في الإمارات العربية المتحدة.

- هل يتقبّل الرجل، الأخ، والزميل والصديق والحبيب، نجاح المرأة؟ من كان داعماً لك؟

في الواقع، الداعم الأكبر للمرأة هو نفسها. وهذه ليست مجرد كلمات بسيطة، بل حقيقة. إن تجارب الحياة ومصاعبها هي التي تجعل من المرأة مثالاً للقوة والعزم. الى ذلك، أعتبر نفسي محظوظة جداً لكوني من عائلة مترابطة ومتفهّمة، لم تقف يوماً في طريق أحلامي.

- هل على المرأة الناجحة أن تدفع دوماً ثمن نجاحها من حياتها الشخصية؟

لن أقول لكِ إن المعادلة بين الحياة الشخصية والعملية مستحيلة، خصوصاً أن لي صديقات ناجحات في عملهنّ ويعشن حياة عائلية صحية ومستقرة. لكن في حالتي، لم أقدر حتى الساعة على الموازنة بين حياتي العملية وتلك الشخصية، خصوصاً أنني حقّقت استقلالي المادي في سنّ مبكرة جداً. أعتقد أنني دفعت ثمن خياراتي.

- هل كان سهلاً الطريق إلى القمّة؟ 

الطريق إلى القمة، أو قمّة ما نريده ليس سهلاً. لكنّ الأصعب هو الحفاظ على النجاح الذي تحققينه. وهذا ما أسعى إليه دائماً في حياتي.

- خلاصة تجربتك كامرأة ناجحة كيف تنقلينها الى الشابات الصغيرات اللواتي يستعدنّ لدخول مجال العمل؟ وبمَ توصينهنّ؟

لطالما استخدمت صوتي لنقل المعرفة التي اكتسبتها من تجارب الشخصيات التي حاورتها. هناك طريق واحد لتحقيق النجاح الذي يدوم، وهو العمل بكدّ وبذل الجهد الشخصي لتحقيق الذات، والمثابرة على ما نقوم به من أجل الحفاظ على الاستمرارية. وهنا أودّ أن أغتنم الفرصة في زمن التطوّر الرقمي، لأحضّ الفتيات على تلقّي العلم، والبحث عن مهنة ذات منفعة اجتماعية، إضافة الى توعيتهنّ من مخاطر انتشار المحتوى السطحي والمزيّف.

على خطى الإمبراطورة جوزفين

- اختارتك دار شوميه Chaumet العريقة بين عشر نساء عاملات قويّات ومؤثّرات حول العالم في شهر المرأة، كي يتألّقن بساعتها Boléro ماذا عن هذا الخيار؟

كنت سعيدة جداً بانضمامي الى مجموعة نساء مؤثرات حول العالم مع دار المجوهرات العريقة شوميه Chaumet. إنه لفخر حقاً أن يقع خيار هذه الدار عليّ. من يتابع عملي يدرك مدى شغفي بدور المجوهرات وبحثي الدؤوب في تاريخها وأرشيفها، كاشفةً عن مراحل تطورها وتأثيرها في الأساليب الفنية المختلفة خلال القرون الماضية.

- من خلال عملك المباشر مع دار شوميه Chaumet، ما الذي أعجبك ولفتك كامرأة؟

ما لفتني في دار شوميه Chaumet، أنها في الأساس تعتمد على إبراز شخصية المرأة القوية، من خلال ملهمة الدار الأولى والأبدية الإمبراطورة جوزفين. كذلك قدّرت كثيراً التاريخ العريق والمشرق لهذه الدار والحِرفية الاستثنائية والبراعة في كسر القواعد المتعارف عليها في عالم المجوهرات الراقية. لذلك أشعر بالامتنان لاختياري ضمن قائمة شوميه للنساء المؤثرات حول العالم، ضمن الحملة الإعلانية لساعة Boléro. ولا أُخفي عشقي للساعات الراقية والعلامات التجارية ذات الإرث الكبير، وهوايتي لاقتناء كلّ ما هو قيّم منها.

- ماذا يعني لكِ الوقت؟ وهل يخيفك؟

الوقت هو هاجس كل إنسان. ولا أعني بذلك الخوف من التقدّم في العمر. إنما هاجسي الحقيقي يكمن في سوء تقدير أهمية الوقت الذي يضيع منّا، على الصعيد الشخصي والعائلي والمهني.

- ماذا عن الأناقة؟ هل أنتِ مهووسة بالأناقة؟

الأناقة لا تعني إطلاقاً قيمة الملابس أو علامتها، إنما تعكس أسلوب كلّ سيّدة. الأناقة أسلوب حياة متكامل يشمل ما ترتديه المرأة وكيف تمثّل نفسها في مجتمعها.

- عملتِ في بداياتك كعارضة أزياء. هل كان ذلك مقدّمة للتمرّس في مواجهة الكاميرا، والوقوف أمامها بأناقة؟ 

في الحقيقة، إن بداياتي في عالم الموضة وعملي في مجال الإعلانات، ساعداني على التحلّي بالثقة أمام الجمهور، كما في التعامل مع الكاميرا، هذا بالإضافة الى تقديمي برنامجاً خاصاً عن الموضة في محطة «زين»، وأنا بعدُ في سنّ صغيرة جداً، وكان البرنامج من إنتاج هاديا سنو التي تعلّمت منها الكثير، في وقت لم يكن هناك منسّقات مظهر كثيرات. وفي ما يتعلّق ببرنامجَي «مشاهير» و»فاشن داياريز» المتخصّصين بالموضة وهما من إنتاج تلفزيون دبي، فقد ساعداني على التعمّق أكثر في كواليس هذا القطاع وتاريخه، مضيفةً هذا العام الى الحلقات الشق الاقتصادي والاجتماعي المتعلّق بكلّ ضيف. أما بالنسبة الى مواجهة الكاميرا، فقد بات الأمر في حمضي النووي، وذلك بفضل برامج ضخمة قدّمتها مثل «نجم الخليج» و«تاراتاتا» وتقديم شخصيات عالمية مهمة والترحيب بها على المسارح الكبرى في العالم العربي. المسرح هو مثال صغير على كيفية تعامل الشخص مع مخاوفه. بالنسبة إليّ، المسرح هو من أساسيات نجاح الإعلامي، وبفضله تعلّمت الكثير.

- خلال مسيرتك المهنيّة، قابلتِ شخصيات شهيرة عدّة، أيّ شخصية أثّرت فيكِ أكثر؟

هناك قصص وشخصيات مطبوعة في مخيلتي، أشخاص رحلوا وآخرون تركوا أثراً كبيراً في مسيرتي المهنية. لا أنسى وقوفي لساعات أمام باب المصمّم الراحل كارل لاغرفيلد قبل سنوات، مصرّة على لقائه، رغم أن فريقه أبعدني... انتظرت طويلاً، حتى وافق على مقابلتي. كذلك لا أنسى لقائي مع المصمّم جورجيو أرماني الذي كان قد قرأ كل أسئلتي بتأنٍّ، وحضّر لها قبل أسبوع من اللقاء. لا أنسى الدموع في عينيّ المصمّم إيلي صعب وهو يروي قصّة بيروت القديمة. أثّرت فيّ الممثلة فانيسا ريدغريف التي وقفت على المسرح وتابعت رسالتها الفنية بعد أيام على رحيل ابنتها. وتتردّد في داخلي كلمة أوبرا ونفري What is real Will Last، أيّ «ما هو حقيقي سيبقى»، عبارة أكرّرها في نفسي كلما شعرتُ بالتعب والوهن. أذكر أيضاً ألبير الباز الذي قال لي: «انظري الى عالم الموضة اليوم، كنا نصفّق للمبدع بعد العرض. اليوم هناك نوع من السكوت المخيف، فالجميع مشغول بالتصوير في هذا الزمن الرقمي». قصص ربما أحتاج أن أذكرها في مشروع كتاب أفكّر في كتابته ليضمّ كلّ ذكرياتي ولقاءاتي في هذه المهنة.

- كانت لك تجربتان في السينما بإدارة المخرج علي مصطفى. كيف تقيّمين تجربة التمثيل؟ وهل يمكن أن تتكرّر؟

بالنسبة الى التمثيل، الأمر يعتمد على القصة. السيناريو هو أساس كل شيء. كنت سعيدة بالعمل مع علي مصطفى، لكنّ التجربتين لم تكونا جدّيتين، لذا لا أستطيع الحكم عليهما.

- ماذا تقولين عن الحبّ؟

الحبّ اليوم له مفهوم مختلف،وقد بات أكثر عقلانية بالنسبة إليّ. فارس الأحلام غير موجود حالياً، ولا أدري إن كنتُ حقاً أريد الزواج في هذه المرحلة من حياتي…