في عرض مسرحي ساحر...

مهرجان بيت الدين, عروض باريس, مسرحية راقصة, زورو, جونسون ماكولي, فلامنكو

11 أغسطس 2010

الحريّة والعبودية... الفرح والظلم... الحبّ والترحال...الأخوّة والإنتقام... الفلامنكو والجيبسي كينغ... هذه التناقضات وغيرها هي التي شكلّت حبكة المسرحية الغنائية- الراقصة التي امتدّت أربع ليالٍ متتالية على مسرح قصر بيت الدين التراثي تحت عنوانها الأصلي «زورو». وهذه المسرحية الآتية من باريس بعد عرضها خلال العامين الماضيين بنجاح على خشبة مسرح Folies Bergeres مُقتبسة عن رواية إيزابيل أليندي التي تتميّز بنظرة مختلفة لشخصية الرجل المقنّع الذي يحفر اسمه بحدّ سيفه «زورو».

جمع العمل المسرحي الضخم الذي يُقدّم شخصية «زورو» الأسطورية، التي أذهلت العالم منذ أن أطلقها الكاتب الأميركي جونسون ماكولي عام 1919، كلّ عناصر الدهشة والإبهار من السينوغرافيا الباهرة والإضاءة الضبابية الساحرة إلى الموسيقى الرومانسية مرّة والغجريّة مرّات أخرى، بالإضافة إلى العروض الراقصة التي زاوجت بين «الفلامنكو» و«الجيبسي»، وصولاً إلى الأصوات الرائعة التي أدّت أغنيات العمل بحرفية عالية جداً.

إنّ الستارة الحمراء المنقوش عليها الحرف الأوّل من إسم زورو Z تولّد منذ البداية شعوراً لدى المشاهد بأنّه مدعوّ لولوج عالم أسطوري فيه الكثير من الإثارة والحماسة والتشويق، وهذا ما يحصل فعلاً منذ بدء المسرحية، إذ أنّ العرض الذي تولّى إخراجه الفرنسي كريستوف رينشو وحاز عنه جوائز عديدة لم يقتصر على تقديم مشاهد رومانسية وأخرى تقليدية، كما أنّه لم ينحصر في تقديم العروض الغنائية الراقصة بل عمد إلى تقديم مفاجآت غير متوقعة تُخرج المشاهد من دوره كمتفرّج لتجعله شريكاً في العمل. فمع بداية الفصل الثاني من المسرحية، وجد الجمهور نفسه محاطاً بأعضاء فريق العمل من مغنين وراقصين الذين عزفوا على الغيتار وأدّوا بأصواتهم أنغاماً لاتينية جميلة. بعدها، وفي خضمّ المعارك التي كانت تجري على خشبة المسرح، طار البطل «زورو» فوق الجمهور متسلقاً الجبال المحيطة بالقصر الشهابي قاصداً المعركة لمبارزة شقيقه الحاكم الشرير «رامون» وجنوده.

الحوارات كانت باللغة الفرنسية والأغنيات تماوجت بين الفرنسية والإسبانية، الأمر الذي كسر رتابة اللغة الواحدة وأعطى العمل ثراء وترنّماً لغوياً أكثر. أمّا القصة فتدور حول شخصية شاب لامبالٍ يُدعى دييغو دي لافيغا، يُرسله والده إلى برشلونة ليتعلّم منهاج الحياة البطولية النبيلة، إلاّ أنّه يتعرّف هناك إلى فرقة موسيقية راقصة من الغجر وينتسب إليها بعد أن يحيد عن الهدف الذي أرسله إليه والده إلى أن تقصده حبيبته لويزا من ولاية كاليفورنيا لتُخبره بنبأ وفاة والده وتسلّم شقيقه رامون مقاليد الحكم في الولاية التي يُعاني أهلها من ظلمه وتسلّطه وعجرفته. عندها يُقرّر دييغو العودة لتخليص الناس من عذابهم والبحث عن حقيقة وفاة والده، ويختار القيام بمهمته بطريقة سريّة عبر التخفّي تحت القناع الأسود ليصنع بعد ذلك شخصية «زورو» الأسطورية التي تنجح أخيراً في إحقاق الحقّ  وإعلاء راية العدل والحريّة والمساواة.