طفلك يكذب... ساعديه على التخلص من الكذب بهذه الخطوات

هبة الشيخ 28 أبريل 2019
من الطبيعي أن تشعري بالانزعاج عندما يبدأ طفلك في عمر صغير بالكذب عليكِ، وخاصة عندما تتمحور الأكاذيب على الأخطاء التي يرتكبها في المدرسة أو البيت. وقد تعتقدين أن هذه العادة السيئة سوف تتسبب بالكثير من المشاكل في المستقبل، لك أو له... هذا صحيح بالطبع، ولكن يجب أن تعلمي أن الكثير من اختصاصيي علم النفس اللذين يؤكدون أن الكذب عند الأطفال أمر طبيعي بسبب عوامل محيطة بهم تختلف باختلاف العمر أو البيئة، هذا بالإضافة إلى أسلوب الأهل في التعامل مع هذه الحالة. فما الأسباب التي تدفع الطفل الى الكذب؟ وكيف تتمكنين من مساعدة طفلك للتخلص منه؟


- في أي عمر يبدأ الأطفال بالكذب؟

يبدأ الأطفال عادة بالكذب في عمر الثلاث سنوات، أي في سن مبكرة جداً تتطور مع الوقت إلى مرحلة ما قبل المدرسة، أي عمر الست سنوات. فيبدأ خيال الطفل في نسج القصص حول ما يحدث في المنزل بينه وبين إخوته ووالديه، أو في الخارج مع الأقارب والعائلة والأصدقاء. وبما أن الطفل في هذه المرحلة يتعلّم من خلال نموّه وتطوّره استخدام اللغة للتخيّل وابتكار القصص والأحداث، كما يتعلم التحكم بما حوله من حاجات مادية، هذا بالإضافة إلى ازدياد مشاعر الرفض في داخله، يصبح بطبيعة الحال قادراً على رفض الكثير من الواجبات المفروضة عليه، وبالتالي يحاول من خلال اكتشافه لمهاراته اللغوية أن يختبر تأثير الكلمات في غيره، وخاصة الوالدين، فيبتدع لنفسه أسلوبَ كذبٍ خاصاً.

- متى تكون القصص التي يختلقها الأطفال طبيعية وبسيطة؟ ومتى تصبح كذباً؟

يجب ألّا تنسي أن الأطفال يسعون دائماً إلى اختلاق القصص التي يدور مضمونها حول أمور يحبّونها أو يتمنون أن تحدث معهم ليكونوا أبطالها. لذا من الضروري التمييز بين القصة البسيطة وتلك الكاذبة. فإذا أخبرك طفلك على سبيبل المثال أنه رأى فيلاً أو أسداً في الحضانة، عليك ألّا تعتبري كلامه هذا كذباً، فطفلك لا يختلق قصة تُلحق الأذى بالآخرين، بل هو يحفّز مخيّلته ويُطلعك على كل ما تنتجه من خيال خصب. أما إذا كانت القصة حول طفل زميل له في الحضانة آذاه جسدياً أو اعتدى عليه بالضرب، وتبين أن ما يقوله غير صحيح، عليك الإسراع في البحث عن السبب الذي دفعه للكذب، ومحاولة حل المشكلة مثل التحدّث معه وفهم الأسباب الكامنة وراء كذبه هذا. وهنا من الضروري الإصغاء إلى كل ما يقوله طفلك عن حوادث تعرّض لها لتتمكّني من التفريق بين الكذب والخيال.

- كيف يؤثر الأهل في طفلهم ويدفعونه إلى الكذب؟

الكذب لا يولد مع الطفل بالفطرة، لكن قد تبدأ هذه العادة السيئة بالظهور لديه بسبب شخصيته وخياله الخصب، وفي هذه الحال يجب الانتباه إلى التصرفات التي يقوم بها الوالدان، والتي تساهم في شكل أو آخر في ترسيخ هذه العادة لدى الطفل. فعلى سبيل المثال، إذا كنتِ تكذبين على طفلك عندما تخرجين من المنزل في ما يتعلق بالوجهة التي تقصدينها، وتبيّن له العكس، سيشعر الطفل أن تصرّفك هذا طبيعي، وبالتالي ينتهج الكذب أسلوباً في الحياة، مقتدياً بك في ذلك. وقد يعمد الوالدان أحياناً الى توبيخ طفلهما الصغير إذا قام بأي فعل خاطئ، وهذا أيضاً تصرّف غير سليم، لأن الطفل سوف يضطر لاحقاً إلى الكذب ليتجنّب التوبيخ والعقاب.

- ما الأسباب التي تدفع الطفل إلى الكذب؟

هناك الكثير من الأسباب التي قد تدفع بالطفل إلى الكذب وعدم قول الحقيقة، ولعل أهمها:

الكذب دفاعاً عن النفس: يلجأ الطفل إلى الكذب في هذه الحالة لتفادي العقاب الذي قد يكون قاسياً من الوالدين، خاصة إذا كان في عمر صغير، وهذا النوع من الكذب هو الأسوأ لأنه يؤثر مباشرةً في شخصية الطفل، فيصبح ضعيفاً وغير قادر على تحمّل نتائج أفعاله في المستقبل، ولذلك يلجأ دائماً الى الكذب كي يتجنّب التوبيخ والقصاص.

الكذب لاكتساب هوية خاصة: عادةً ما يعمد الطفل إلى الكذب على أبويه أو رفاقه في المدرسة لتلميع صورته أمامهم، وهو لذلك يخبرهم بالكثير من الأمور اللافتة والمثيرة للاهتمام، والتي لا أساس لها من الصحة... وكل ذلك من أجل اكتساب هوية خاصة تميّزه عن الآخرين.

الكذب للهروب من قواعد المنزل: إذا شعر طفلك بأنك تفرضين قواعد صارمة في المنزل، والتي قد تكون غير مريحة بالنسبة إليه أو تفوق قدرته على التحمّل، سوف يلجأ إلى الكذب عليكِ لتمويه تصرفاته المخالِفة لهذه القواعد، وليُظهر لك التزامه التام، بينما الحقيقة هي عكس ذلك.

الكذب لدوافع انتقامية: إذا كان طفلك يكذب لهذا السبب، فعليك إيجاد حل سريع، ذلك أن الطفل قد يشعر بالغيرة من أحد إخوته في المنزل أو من رفاقه في المدرسة فيعمد إلى تأليف قصص خيالية عنهم لتوجيه تهمة ما إليهم. ولأن الطفل في هذه الحالة يكون قد خطّط للكذب، يُعدّ كذبه هذا من أخطر أنواع الكذب.

- لكن كيف نساعد الطفل على التخلص من الكذب؟

لأن أسباب الكذب ودوافعه تختلف بين طفل وآخر، يصبح من الضروري معرفة الأساليب الفضلى التي تساعد كل طفل على الإقلاع عن هذه العادة السيئة، وهي تتلخص بالخطوات البسيطة الآتية:

اقرئي له قصصاً عن أهمية الصدق: هذه الطريقة هي الأنجح مع الأطفال الصغار، خاصة أنهم يميلون إلى سماع القصص عن الأبطال الخارقين أكثر من تلك الواقعية والتي لا وجود للخيال فيها. لذا اختاري قصصاً بسيطة تتحدث عن أهمية الصدق في حل المشكلات وفي تكوين بيئة صحيحة، وأخبري طفلك أنه قادر على القيام بما قام به بطل القصة اذا ابتعد عن الكذب.

كوني قدوته دائماً: ينشأ الأطفال على فكرة أن والديهم هم قدوتهم في الحياة، لذا تجنّبي أن يسمعك طفلك وأنتِ تخبرين شخصاً آخر قصة كاذبة، خاصة إذا كان يعلم ما هي القصة الحقيقية، لأن ذلك سوف يخلق في داخله الإحساس بأن الكذب أمر طبيعي. واحرصي دائماً على قول الحقيقة في ما تقومين أو تخطئين به، مشددةً على أن الصدق هو وحده القادر على حلّ المشكلات.

واجهيه بأخطائه: في حال عرفتِ أن طفلك أخطأ في أمر ما، عليك مواجهته بالأمر مباشرةً، فعلى سبيل المثال إذا علمت أنه سكب العصير على الطاولة، تجنّبي السؤال: هل سكبت العصير على الطاولة؟، لأنه في هذه الحالة سوف يلجأ الى الكذب خوفاً من عقابك، بل قولي له: أعلم أنك سكبت العصير عن غير قصد، دعنا ننظّفه معاً... وبهذا تساعدينه على تحمل مسؤولياته من دون اللجوء إلى الكذب.

امدحي صدقه: يتأثر الأطفال دائماً بعبارات المديح التي يسمعونها نتيجة عمل جيد قاموا به. لذا من الضروري أن تمدحي طفلك على صدقه، لأن ذلك سوف يولّد في داخله الشعور بأهمية قول الصدق من أجل الحصول على ثنائك. والأفضل أن تمدحي صدقه أمام العائلة والأقارب، فذلك يعزّز ثقته في نفسه.

كوني صريحة وصادقة معه: يجب أن تكوني دائماً صادقة مع طفلك، وتجنّبي الكذب عليه من اجل مراعاة شعوره، بل صارحيه برأيك بكل ما يقوم به ليعتاد هو أيضاً الابتعاد عن الكذب على الآخرين، واختاري كلمات غير جارحة في التعبير عن صدقك ليتذكرها طفلك لاحقاً.