أخيراً "خطبة الشيخ" لطه حسين

القاهرة – طارق الطاهر 06 يوليو 2019

بعد أكثر من مائة عام على نشر طه حسين روايته "خطبة الشيخ" مسلسلة في جريدة السفور، وتحديداً بدأ النشر في عام 1916، تصدرها هذه الأيام دار الكتب والوثائق القومية، مجمعة في كتاب، بتقديم الدكتور جابر عصفور الذي يعد واحداً من تلاميذ عميد الأدب العربي.

يسرد الدكتور عصفور في مقدمته قصة "خطبة الشيخ"، التي يعتبرها الرواية الأولى التي كتبها طه حسين خلال زمن بعثته الفرنسية، ونشرها في جريدة السفور، وهي تعد من وجهة نظره رواية ملتبسة، إذ يمكن قراءتها على أنها مكتملة ومكتفية بذاتها لتحقيق أهداف حسين من وراء كتابتها، ويمكن أن نقرأها على أنها رواية غير مكتملة، ما نشر منها هو مقدمة لما يتوقع أن تنتهي به الأحداث في الرواية، التي تجري أحداثها في سنة 1913، كما نعرف من الهوامش المكتوبة في ذيل كل رسالة من الرسائل الخمس عشرة التي تتكون منها الرواية، ويعني هذا أن تاريخ نشر الرواية يمتد من العدد 62 الصادر في العشرين من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1916، واستمر إلى العدد 72 الصادر في العشرين من الشهر نفسه عام 1917، وذلك بعد أن عاد حسين إلى فرنسا، والتحق بجامعة باريس هذه المرة، وقبل أن ينشغل انشغالاً كاملاً بأطروحته لدرجة الدكتوراه ومتطلباتها، فأرسل إلى السفور روايته على هيئة رسائل متبادلة بين الأبطال، وهي طريقة روائية كانت مستخدمة في الآداب الأوروبية في ذلك الوقت، ولم تكن شيئاً جديداً ولا غريباً في التقنيات الروائية العالمية، لذلك يمكن أن نقول إن نص رواية "خطبة الشيخ" جديد في بابه، بالقياس إلى الرواية العربية في ذلك الزمن، الذي لم يكن قد عرف بعد الرواية التي تتكون من الرسائل المتبادلة، كما حدث في هذه الرواية التي تدور حول رسائل بين خمس شخصيات.

من أجواء الرواية: "الرسالة الأولى من إحسان إلى أسماء: لك العتبى أيتها الأخت العزيزة، فقد أخلفت موعدك بالأمس، وتركتك نهب الانتظار من غير أن أقدم إليك معذرة واضحة بينة أو حجة بينة على أني أشهد الله لم أفعل ذلك راضية به أو مختارة له، وإنما اضطررت إليه اضطراراً. ستعذرينني لا أشك في ذلك؛ حين تعرفين ما حرمني زيارتك أمس بعد طول الفرقة والشقة وشدة ظمئنا إلى اللقاء. أسماء لا تجدي عليَّ؛ فأنا إلى العزاء والنصيحة أحوج مني إلى الجفاء والقطيعة، وستألمين حين تعلمين. إحسان - القاهرة في 10 إبريل سنة 1913"، أما الرسالة الثانية فجاءت كالتالي: من أسماء إلى إحسان: دعي ذكر الخطأ والاعتذار، فما أعلم أن بيني وبينك من الكلفة ما يحملك هذه الشقة، ولكن افتحي لي قلبك واظهريني على دخيلة نفسك، فقد عرفتك فرحة مستبشرة، وأراك منذ اليوم محزونة آسفة، ولقد قرأت كتابك وقرأته فما اهتديت منه إلي شيء. أنت في حاجة إلى العزاء والنصيحة، ولو أني ملكت يدي ونفسي لأظلني صباح الغد في القاهرة، حيث أستطيع أن أراك وأسمع نجواك وأمدك بما أملك من حنان وعطف، ولكنَّ لنا رئيساً ثقيل الظل أبغض شيء إليه طلب الإجازة؛ وأحب شيء إليه عسف المعلمات. أطيلي كتابك وأوضحيه وثقي بأن قلبي خالص لك طول الحياة. أسماء – الفيوم في 15 إبريل سنة 1913".