الأمين العام لاتحاد قيادات المرأة العربية: الدكتورة هالة عدلي حسين شعارنا "المرأة العربية قائدة"... وهذه آلياتنا لتحقيق هذا الحلم

القاهرة - جمال سالم 14 يوليو 2019

يعد اتحاد قيادات المرأة العربية من الكيانات النسائية الوليدة والنشطة، حيث تم تأسيسه عام 2018، وشعاره "المرأة العربية قائدة"، وقد اتخذ خطوات جادة لمناصرة قضايا المرأة العربية في مناطق السلم والحرب على حد سواء، وما زالت أمامه تحديات وطموحات كبيرة. "لها" التقت الدكتورة هالة عدلي حسين، الأمين العام للاتحاد، فتحدّثت عن سعيها لتطبيق شعار "المرأة العربية قائدة" على أرض الواقع.


- في البداية نود التعرف على دور اتحاد قيادات المرأة العربية.

هو اتحاد تابع لمنظومة العمل العربي المشترك التابعة لجامعة الدول العربية، وينتمي الى مجموعة من الاتحادات في هذه المنظومة، ويعمل الاتحاد على أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، ومقره في السودان وترأسه الدكتورة بدرية سليمان، وهي من المحاميات المتميزات، ونعلم جيداً أن السودان من أوائل الدول العربية التي تشغل فيها المرأة منصب قاضية، وأنا أشغل منصب الأمين العام للاتحاد، ومن خطتنا أن يضم الاتحاد 22 دولة عربية، لكن النزاعات في المنطقة العربية حالت دون تأسيسنا فروعاً في كل الدول العربية، باستثناء فروع في الأردن ولبنان وتونس وليبيا والقاهرة والمغرب وموريتانيا والسودان وغيرها، وكان هناك فرع في اليمن لكنه أُغلق بسبب النزاعات، ويضم الاتحاد في عضويته اليوم 17 دولة، والعمل جارٍ على ضم بقية الدول، حتى يكون الاتحاد كما أردناه كياناً عربياً، ويساهم في تطوير المجتمع المدني بكل فئاته وأطيافه؛ للنهوض بالمرأة العربية في شتى المجالات والتخصّصات.

- هل تنسّقون الجهود مع المنظمات النسائية الأخرى؟

بالتأكيد، لأن اتحاد قيادات المرأة العربية يعمل ضمن منظومة العمل العربي المشترك لتوحيد رؤى وجهود وسياسات القيادات النسوية في المنطقة العربية، كما يضم في عضويته قيادات نسوية ورجالاً داعمين في شتى المجالات. ورسالة الاتحاد وفق لائحته التأسيسية هي السعي لأن يكون منبراً عربياً مميزاً، ضمن منظومة العمل العربي المشترك، ذا صدى إقليمي ودولي للقيادات النسائية في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، الأهلية والخاصة، لتعزيز العائدَين الاقتصادي والاجتماعي لنشاطات المرأة العربية القائدة، ولهذا نسعى الى تمتين العلاقات الثقافية بين الدول العربية ومكوناتها، من خلال تفعيل دور المرأة العربية ومشاركتها في العمل العربي العام.

- هناك نزاعات سياسية في الوطن العربي، فكيف ينأى الاتحاد بنفسه عن تلك النزاعات؟

نحن منظمة من منظمات المجتمع المدني، وليس لنا أي علاقة بالسياسة، لا من قريب ولا من بعيد، لأن السياسة لها أربابها، بل نعمل على التنمية المستدامة للمجتمعات والشعوب، وتمكين المرأة العربية من خلال المشروعات الصغيرة ومكافحة الأمراض والفقر والبطالة، كما نصرّ على الحياد والنأي بأنفسنا عن أي خلافات سياسية.

- ما هي مصادر تمويل الاتحاد؟

يُموّل الاتحاد من اشتراكات الأعضاء وتبرعات رجال الأعمال المقتنعين بفكرة الاتحاد وأهدافه. وهنا لا بد من الإشارة إلى أننا نعمل من خلال بعض البروتوكولات الموقّعة مع جامعة الدول العربية، واتحاد الجامعات العربية وغيرها من المنظمات العربية، ولهذا نضطر للإنفاق بكثرة على هذه الأعمال، لكن التعاون في ما بيننا لا يكلّفنا الكثير.

- ما الآليات التي يسعى الاتحاد لتحقيق أهدافه من خلالها؟

يتشكّل الاتحاد من سبع لجان هي:

لجنة الإبداع والثقافة والفنون والسياحة

لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي

لجنة الصحة والبيئة والسكان

لجنة الإعلام والاتصالات وتقنية المعلومات

لجنة الشؤون الاجتماعية، وتضم: لجنة تنمية المرأة والطفل والأسرة، لجنة الرعاية والحماية الاجتماعية، لجنة ذوي الإعاقة والمهاجرين والنازحين، ولجنة الشباب والرياضة النسوية.

لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية والتنمية الشاملة والمستدامة، وتضم: لجنة التخطيط والسياسات، لجنة الشؤون المالية والاقتصادية، لجنة الموارد والتمويل، لجنة المشروعات والبرامج، ولجنة التنمية الشاملة والمستدامة.

وأخيراً: لجان التشريع والشؤون القانونية، وحقوق الإنسان، والعلاقات الدولية، وكل لجنة منها تندرج تحتها لجان فرعية عدة، بحسب المشكلات والتحديات الموجودة في كل دولة، مثل لجنة النازحات المتوافرة في دول محدّدة تعاني صراعات سياسية أو تبعات تلك الصراعات في الدول المجاورة لمناطق النزاع.

- ما هي أهداف الاتحاد الرئيسة؟

لدينا الكثير من الأهداف، وأهمها: تمكين المرأة وحلّ مشكلاتها، سواء كانت اجتماعية أو صحية أو بيئية... وقد وقّعنا على عدد من البروتوكولات للتعاون مع بعض الاتحادات التابعة أيضاً لجامعة الدول العربية، حيث لدينا بروتوكول تعاون مع اتحاد الجامعات العربية، ويضم كل جامعات الدول العربية، وبالتالي يتم توفير مدرّبين وأساتذة ومحاضرين وقاعات في كل الدول، كما أن هناك بروتوكولاً موقّعاً بين اللجنة الفنية الثقافية واتحاد الأثريين العرب، إضافة الى بروتوكول مع الدكتورة إقبال السمالوطي، الأمين العام للشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار، من أجل التعاون في محو الأمية وتعليم الكبار، ليس في مصر وحدها، بل في كل الدول العربية.

- كيف تتعاملون مع هموم المرأة العربية، والتي تختلف بين دولة وأخرى؟

نقوم سنوياً بتوزيع المشروعات على كل دولة بحسب مشكلتها، ففي تونس مثلاً يعمل الاتحاد هذا العام على حلّ مشكلة المرأة الريفية، وفي لبنان جارٍ العمل على تمكين المرأة من الناحية القانونية، وفي مصر يتم العمل على تطوير المناطق العشوائية، إلى جانب الاهتمام بالمجال الصحي، وهناك حملات تقوم بها اللجنة القانونية لتوعية المرأة بحقوقها القانونية، وحل عدد من مشكلات النساء، وتوعيتهنّ بكيفية الترشح للمناصب المحلية في المحافظات المختلفة، والترشح للمقاعد في النقابات العمالية والمهنية.

- للمرأة الفلسطينية وضع خاص في ظل الاحتلال الإسرائيلي، فكيف يتعامل الاتحاد معها؟

بالنسبة الى العمل في فرع فلسطين فهو يتم بنشاط وحيوية، فقد اكتشفنا أن فلسطين لا أمية فيها، لا بل تسجّل أعلى نسبة تعليم في الوطن العربي، وعندما بحثنا عن مجال للعمل هناك، تم توجيهنا لحلّ مشكلات النازحات الفلسطينيات على الحدود اللبنانية، والأسيرات وزوجات الشهداء وأي مشكلة تطرأ على المرأة الفلسطينية. ومن خلال سير العمل، وجدنا أن المرأة الفلسطينية تتمتع بروح القيادة وتملك إرادة حديدية بالفطرة، وذلك نظراً للظروف التي مرت بها، خاصة أن في كل منزل فلسطيني شهيداً يترك أبناءه لأمّهم تتولى تربيتهم وتعليمهم ورعايتهم بمفردها، ومن هنا ولدت قوة المرأة الفلسطينية.

- ماذا عن نشاط الاتحاد في سورية في ظل الأزمات التي تتخبّط بها؟

أُوصينا بتسريع استكمال البنى الأساسية وهيكلة الاتحاد في الدول العربية، خاصة مناطق النزاعات والحروب، ومنها سورية، حيث يجب تفعيل العمل في كل الفروع وتقديم الدعم لفرع سورية، نظراً للحاجة الماسة لخدمات الاتحاد في ظل الأزمة الكارثية التي تعرضت لها البلاد، والتي طاولت بشكل عميق المرأة والطفل في سورية، وأعتقد أن الأمور السياسية تسير إلى الأحسن، مما يمكّن فرعنا هناك من القيام بدوره على أكمل وجه.

- ما هي مواصفات الشخصية القيادية؟

تتمتع الشخصية القيادية بالكثير من الصفات، والتي أهمها: أن تكون قيادية بالفطرة، إلى جانب بعض الصفات المكتسبة، لكن الأهم هو توجيه الشخصية القيادية في المكان المناسب، ففي داخل كل منّا موهبة من الممكن أن تكون في مجال الفن أو العلوم أو الرياضة، ونحن نعمل على إعداد الشخصية القيادية للمرأة، من طريق التعرف على المجال الذي تندرج فيه موهبتها ودعم هذه الموهبة وصقلها بالخبرة، وذلك من خلال مرور سريع على لجان الاتحاد في كل المجالات، لتتكون لديها معرفة ووعي بكل جوانب الحياة، وكلما جمعت الشخصية بين الموهبة والدراسة والتجربة العملية تكون مؤهلة أكثر للقيادة.

- كيف يتم اختيار النساء القياديات في فروع الاتحاد في الدول العربية؟

تختلف شخصية المرأة وتكوينها الفكري بين دولة عربية وأخرى، ففي تونس مثلاً نجد المرأة المتعلّمة المثقفة والحاصلة على الكثير من حقوقها، بينما في دول عربية أخرى تُحرم المرأة الأمية من حقوقها، ولا تقوى على التعبير عن رأيها أو تغيير وضعها الى الأحسن، ومن هنا تأتي أهمية الفروع التي أسّسها الاتحاد في كل الدول العربية، لأن العاملات في هذه الفروع هنّ الأدرى بمشاكل المرأة في كل دولة، وبالتالي قادرات على إيجاد الحلول لها.

- ما هي طموحات الاتحاد المستقبلية؟

يطمح الاتحاد الى حل المشكلات التي عجزت الحكومات وجامعة الدول العربية عن حلّها، وذلك لأننا نعمل بشفافية وحياد تام، فلا نتحيّز لفريق سياسي أو نتخذ موقفاً من دولة معينة، ونركّز في عملنا على المرأة العربية فقط، أياً كانت دولتها ولونها وعرقها.

- هل هناك تعاون بين الاتحاد والمنظمات الأممية في تطبيق الاتفاقيات النسائية الدولية مثل السيدو وغيرها؟

نسعى للعمل مع الأمم المتحدة، وقد طلبنا أن نكون عضواً مراقباً فيها، لكنّ طلبنا أُجّل في انتظار أن يمر عامان على تأسيس الاتحاد، كما نسعى إلى أن نكون عضواً مراقباً في عدد من المنظمات الدولية. والجدير ذكره أن جامعة الدول العربية عقدت أخيراً اجتماعات عدة شاركت فيها اتحاداتها والمنظمات التابعة لها، وقد حضرنا اثنين من هذه الاجتماعات، أحدهما في تونس والآخر في لبنان، وبنتيجتها وقّعنا على عدد من البروتوكولات مع بعض الجهات، كما نُعدّ حالياً مشروعاً دولياً من خلال اللجنة الاقتصادية، وهو عبارة عن مشروعات صغيرة للسيدات المعيلات، ووضعنا خطة للمشروع، وتواصلنا مع جهات عدة لتنفيذه في مصر وبعض الدول العربية.

- كيف ترين وضع المرأة العربية؟

هي اليوم أفضل، وقد تحسّن وضعها مع تطور الفكر العربي وتقدّم الأزمان، ولنا في السعودية أفضل مثال، فالجميع يعلم ما وصلت إليه المرأة السعودية الآن، وفي مصر أصبح لدينا اليوم عدد كبير من الوزيرات مقارنةً بالسنوات السابقة، وفي السودان تقود المرأة تظاهرات الاحتجاج لتعبّر عن رأيها.

- الإنسان ابن بيئته، فما هي البيئة التي نشأتم فيها؟

أعمل في مجال الصيدلة، وأدين بالفضل لوالدي ووالدتي، فوالدي هو المستشار عدلي حسين، وتم تعيينه محافظاً للقليوبية والمنوفية، كما أنه ناشط اجتماعي، أما والدتي فهي المحامية حورية مخلص، وكانت رئيس الشؤون القانونية في أحد أهم المصارف المصرية، ولي أختان هما: الأستاذة المحامية "دينا"، والمستشارة "سارة"، وكانت من ضمن أول 30 قاضية تم تعيينهن على منصة القضاء.

- ما هي المبادئ التي حرص الوالدان على غرسها فيكن أنتن الأخوات الثلاث؟

الاعتماد على النفس في حلّ المشكلات، حيث عوّدنا الوالد منذ الصغر على ذلك، فلم يتدخل في حل أي مشكلة تواجهنا، لكنه يراقب من بعيد كيف سنعالجها، ويتدخل إذا عجزنا عن ذلك، كما أنه لم يتدخل في اختياراتنا في الحياة، بل ترك كلاً منا تختار طريقها بنفسها، وبعد أن نضجنا عوّدنا على مبدأ أن رأيه استشاري وغير ملزم، فمثلاً أهم ما تعلّمته من الوالد حين تقلّد مناصب عدة، أنه لم يغلق يوماً باب مكتبه أمام أي شخص يقصده لخدمة ما، فتعلّمت منه أن الباب المغلَق يمنع عنك معارف كثيرة، كذلك يحرص والدي على أن نحتفل بالأعياد والمناسبات السعيدة في الريف، حيث إنه يرغب بالتواصل الدائم مع جذوره.


CREDITS

تصوير : تصوير - أحمد الشايب