أحمد السقا: أتمنّى أن أكون الأعلى فنّاً لا أجراً

القاهرة – محمود الرفاعي 28 يوليو 2019
استطاع النجم أحمد السقا أن يخطف الأنظار إليه بمسلسله "ولد الغلابة"، الذي يكشف لنا أسراره وكواليسه، ويحدّثنا عن القلق الذي انتابه، وحقيقة تدخّله في السيناريو، وسرّ زيادة وزنه، ورسالته لتامر حسني. كما يتكلّم عن ظهور شخصية والده الراحل في المسلسل، وأهمّ ما تعلّمه منه، والمنافسة مع نجوم رمضان، وأمنيته في أن يكون الأعلى فناً لا أجراً.


- ما هي العوامل التي دفعتك لتقديم مسلسل "ولد الغلابة" في رمضان هذا العام؟

رأيت أنّ "ولد الغلابة" يمثّل ذاك التحدّي القويّ لإثبات ذاتي وإعادة اكتشاف نفسي؛ في موضوع مختلف تماماً شكلاً ومضموناً، وقد تحمّست للفكرة منذ الوهلة الأولى؛ ولا أخفي عليك أنني شعرت ببعض القلق، لأنّني لم أتخيّل يوماً أن أقدّم دوراً صعيديّاً مرّة أخرى في أيّ عمل فنّي، علماً أنّ سقف الأدوار الصعيدية أغلقتُه في فيلمَي "الجزيرة 1" و"الجزيرة 2". وأذكر أنّني عندما قرأتُ تفاصيل السيناريو وملامح شخصية "عيسي الغانم" في المسلسل، وجدتها مختلفة جملةً وتفصيلاً عن شخصية "منصور الحفني"، التي قدّمتها في فيلم "الجزيرة" ولم أنافس أحداً في أدوار الصعيدي، كما أنّ أجمل تحدٍ هو تحدّي الذّات.

- ما هي أوجه الاختلاف إذنْ بين الشخصيّتين؟

"عيسي الغانم" رجل طيّب وصاحب مبادئ وقيَم. يعمل في تدريس مادة التاريخ، ولم يلجأ إلى الشر بكامل إرادته، إنّما دفعتْه الظروف إلى ارتكاب أفعال غير راضٍ عنها، ومخارج ألفاظه وطريقة اللباس والمشي ولغة الجسد. والموضوع نفسه في كلا العملين مختلف تماماً؛ حتى أسلوب اللهجة الذي ساعدني فيه مصحّح اللهجة الأستاذ عبدالنبي، كان مزيجاً من اللهجات الصعيدية وليس نمطاً معيّناً في أسلوب الحكي والسرد. فمثلاً كنت أقول في العمل: "اتوحشتني" وليس "وحشتيني"، وأحياناً أدمج حرفَي "الجيم" و "الدال" في النطق؛ وموضوع المسلسل اجتماعيّ إنسانيّ بحت، كما أنّه شخص لم يشبهني على الإطلاق، وبعيدٌ كل البعد عن شخصيّتي الحقيقية. أمّا "منصور الحفني" في فيلم "الجزيرة" فهو رجل قويّ من طَبعه الثأر والعنف، ويتكلّم بلهجة مختلفة وأسلوب حياته صعب. ومن هنا يبرز الاختلاف الجوهريّ بين الشخصيتين، ولهذا أيضاً تخوّفت من شخصية "عيسي الغانم" قبل التصوير. وحاولت جاهداً أن أفصل بين الشخصيتين اللتين يجمع بينهما اللون الصعيدي.

- هل هناك خلفيّة تاريخية لهذه الشخصية؟

رسمتُ ملامح الشخصية بكلّ كيانها وعناصرها الفنية من الألف الى الياء مع مصمّمة الأزياء ناهد نصرالله، وفي البداية عمدْت إلى زيادة وزني لأنني أرتدي ملابس فضفاضة تلائم الشخصية، وتوقفتُ عن ممارسة الـ"جيم" نهائياً طوال عملي في المسلسل، وعملنا وضبطْنا لهجة الشخصية كما أشرت؛ حتى لا يغضب منا أحد من أهالي الصعيد، وسلّطنا الضوء على مدرّس التاريخ وكيفية التخلص نهائيّاً من المخدرات، وكلّ ما يتّصل بالدور من الصراعات والعلاقات الإنسانية والاجتماعية.

- وإلى أيّ مدى تدخّلَ أحمد السقا في تفاصيل وعناصر السيناريو؟

لم أتدخّل في تفاصيل أي سيناريو على الإطلاق، طالما قبلتُ أن أُدار فلا يصحّ أن أدير، بمعنى أدقّ: من حقّي في بداية المشروع أن أبدي ملاحظاتي على السيناريو أو الفكرة قبل البدء بالتصوير، لكن ما إن أدخل أوّل مشهد حتى أترك الأمور لرؤية المخرج والمؤلّف، فهما صاحبا الحقّ في كل الرؤى ووجهات النظر أثناء التصوير، وأنا أركّز في عملي فقط.

- وماذا عن مشاركة النجم تامر حسني كضيف شرف في أولى حلقات المسلسل، ولماذا ردّدت له كلمة شكر في كل حلقة رغم ظهوره في مشهد واحد فقط ضمن أحداث المسلسل؟

تجمعني علاقة محبّة وصداقة متينة مع صديقي وأخي الفنان المحترم والموهوب تامر حسني، وكذلك المخرج محمد سامي الذي توافقتُ معه على مشاركة تامر في هذا المشهد تحديداً، الذي يمثّل الفلسفة التي يقوم عليها باقي أحداث المسلسل، والمشهد يلخّص الرسالة القوية وبالغة الأثر في سير وتطور الأحداث كلها. وكان هذا المشهد عامل نجاح كبير في مشاهدات الـ"سوشيال ميديا" التي تخطّت الملايين كما تابعتُ بنفسي، بالإضافة إلى أنّ تامر نفسه ذاكر المشهد بكلّ تفاصيله؛ كأنّ المسلسل هو الذي يقدّمه، فرأيته مهموماً بخروج المشهد بأفضل شكل ممكن، لذلك نال المشهد إشادة الجميع؛ وبناءً على ذلك رحنا نكرّر كلمة الشكر في كلّ حلقة من حلقات المسلسل، لأنّ سير الحلقات مبنيّ على فلسفة هذا المشهد. وفكرة ضيف الشرف قائمة على مستوى العالم، فهي بمثابة قلادة ذهبيّة متعارفٌ عليها في أوروبا وأميركا.

- وهل هناك دلالة معيّنة في ظهور والدك ضمن أحداث المسلسل ومحاكاتك له في بعض المشاهد؟

لم أكن أعلم بالاستعانة بصورة والدي قبل بداية التصوير، ولم أقحمها في أحداث المسلسل، وقد فاجأني المخرج محمد سامي أثناء تصوير مشهد المحاكاة بيني وبينه، حين طلب الصورة من والدتي من دون علمي، وكبّروها، ثمّ رأيتها للمرّة الأولى في ديكور القرية والمنزل الذي جسّدتُ فيه المشهد، لكنّ تلك المفاجأة السارّة أسعدتني، ووجود والدي كان بمثابة تكريم له من فريق العمل.

- وما أهمّ المبادئ التي تعلّمتها من والدك المخرج صلاح السقا؟

للوالد، رحمه الله، أثر كبير في تكوين شخصيّتي، وقد زرع فيّ التسامح وحبّ الناس والخير، وعلّمني كيف تكون كلمتي عقداً مع الجميع، وأن أبقى قريباً من الناس مهما علا شأني، وأسامح من يسيء إليّ إذا قدرتُ على ذلك. وعلّمني أيضاً معنى الرجولة، والأهمّ: أنّ كل ما هو لي سوف يأتيني، وهو "الرزق".

- حدّثنا عن كواليس العمل...

أوّلاً كل مشاهد المسلسل خارجية، وقمنا بتصويرها بحسب ترتيب الحلقات؛ مما سهّل مهمّتنا جميعاً، بعكس الديكورات المختلفة التي تحتاج إلى تغييرات دائمة وقدرات ذهنية، علماً أنّنا كممثلين محترفين لا بدّ من أن نكون مستعدّين لكل المشاهد والتغييرات، وقد استأجرنا قريتين ومددْنا شبكة إضاءة ليلاً ونهاراً على مساحة نصف كيلومتر مربع، مستعينين بقدرات مدير التصوير المتميز جلال الزكي.

- وماذا عن المشاهد التي جمعتْك بالأبطال؟

عملتُ مع الفنانة صفاء الطوخي، فجمعتني بها مشاهد كثيرة كانت مرهقة ذهنياً ونفسياً، كان من أصعب المشاهد وأقساها مشهد وفاتها، نظراً للعلاقة القوية التي كانت تربطني بها في أحداث المسلسل، وإذ به كأنّه مشهد حقيقي، وانهرت بعد مشهد موتها في الكواليس. وقد أبدعت الفنانة هبة مجدي في دور "زينب"، كما برزت إنجي المقدّم في دور "شقيقتي"، وكان مشهد سَجني وهي تتزوج من أصعب المشاهد التي آلمتني داخل الكواليس. كما أنني لمْت في الكواليس المخرج محمد سامي على شدّة قسوته مع الفنانة المتميّزة ميّ عمر في محاولته تنفيذَ المشاهد على أكمل وجه، وقد اجتهدتْ في الدور وتميزتْ فيه بفضل قدراتها. كذلك الفنان محمد ممدوح، صاحب القيمة الفنية الكبيرة. وكان وجود الفنان هادي الجيار في العمل بمثابة وسام كبير على صدورنا جميعاً، فهو فنان صاحب تاريخ مشرف، أضاف الى العمل بعبقريته. باختصار، أبدع فريق العمل، وكنا على قلب واحد داخل الكواليس، لذلك ظهر جلياً هذا المجهود للجمهور والنقاد، الذين أنصفوا العمل في المشاهدة.

- وكيف ترى عدم عرض المسلسل على "يوتيوب" لمتابعة نِسب المشاهدة؟

هناك موقع معروف للجميع يُعرض عليه المسلسل، فأنا بعيد عن الـ"سوشيال ميديا"، والجمهور الحقيقي هو الذي يتابع العمل أمام شاشة التلفزيون، ويتناقله الجميع على شبكات التواصل الاجتماعي، ولم أدخل في صراع أو حرب المواقع التي لن تشغلني في نِسب المشاهدة، فالنجاح الحقيقي يُقاس بحجم الجمهور الذي يشاهد العمل، ورأي النقّاد فيه.

- لاحظتُ أنّ الفنان محمد ممدوح يظهر في آخر تتر المسلسل، لماذا؟

هذه أمور خاصة بالإنتاج، ولا أتدخّل في أمور لا تخصّني، إلا إذا تطلّب الأمر، وعندها لا بد من أن أكون محايداً، خاصة أن الفنان محمد ممدوح صاحب موهبة كبيرة وقامة فنية عالية، أغنى المسلسل بخبرته.

- إلامَ تعزو أسباب تفوّق الدراما التلفزيونية على السينما؟ وكيف ترى المنافسة بين أقرانك؟

من المستحيل أن أبحث عن أسباب النجاح طوال مشواري الفني، أبحث فقط عن أسباب النواقص أو العيوب لأتخلّص منها وأعالجها، أقوم بواجبي وأتقن عملي والنتيجة على الله. والجميع يعلم أنّ رأس المال في أي عمل فنيّ هو الاجتهاد والمثابرة والإحساس بالآخرين، وليس مكتباً أو قلماً نتباهى به... أمّا عن المنافسة فلم أركز فيها، بل أخطط دائماً لتطوير الذات والاجتهاد، ويكفيني فخراً أنّني صعبتُ على أحد الأشخاص في مسلسل "ولد الغلابة" فطلب أن يحتضنني، هذا هو التفاعل الذي أنافس عليه.

- أفهم من كلامك أنك لا تسعى إلى أن تكون الأعلى أجراً؟

إطلاقاً، أنا خارج منظومة لغة الأرقام، وألتزم دائماً بكل قواعد السوق مع كل شخص أعرفه وأتعامل معه، وأتمنّى أن أكون الأعلى فناً لا أجراً، ولا أعلى إلّا الله سبحانه وتعالى، ولا يشغلني غير رضى الجمهور والنقّاد.


CREDITS

تصوير : تصوير – محمود رؤوف