منزل للمهندس وائل فران التوهّج مقيم في الأرجاء

بيروت - روزي الخوري 03 أغسطس 2019

مرّة جديدة، إحدى الشقق الفخمة في العاصمة بيروت على موعد مع أنامل المهندس وائل فرّان الفنّية. ففي كلّ عمل ينفذّه يُحدث صدمة إيجابية لمتتبّعيه، وها هو يعيد تصميم مسكن برؤيته الهندسية ليخرج بحلّة فريدة ومتألّقة، إليكم تفاصيلها.


للوهلة الأولى تخال الشمس مقيمة بين الجدران، حيث يلف شعاع من كلّ الاتجاهات أرجاء المكان. ليس غريباً أن يطلق المهندس فرّان على هذا المسكن تسمية "التوهّج المقيم". فالحياة على موعد هنا مع الزائرين والقاطنين على السواء.

الاهتمام بالتفاصيل هو أساس عمل المهندس فرّان: "من اقتناعاتي الهندسية أنّ الاهتمام بدقّة التفاصيل هو الذي يعطي المنزل نكهته الخاصة والأسلوب الهندسي الذي نريده لأيّ مسكن ننفّذه. وبالتالي هذه التفاصيل هي التي تجعل المنزل يشبه مالكيه كي ينعموا بهناء الإقامة فيه". لذا لا بدّ من التوقّف عند أوّل تفصيل في ردهة الاستقبال يعبق منه الفنّ. فإلى يمين الباب ويساره مخطوطات فنية بريشة الفنان حيدر حويلا أُضيئت من الجوانب لإلقاء الضوء عليها، والتي بدورها أرخت جمالاً فنياً على المكان. الأرض من الرخام الأسود قابلها الحجر الزاهي اللون على الجدران والستينلس واللون الأبيض الناصع للسقف والإنارة الموجّهة كما الخشب الفرنسي الزاهي. هذا المزيج من المواد هو الذي يرافقنا إلى بقية الجلسات. فغرفة الجلوس والصالونات وغرفة الطعام كلّها متجانسة من حيث الألوان والطراز بما أن لا حواجز تفصل بينها، إلا إذا أراد المالكون أن يكون لغرفة الجلوس خصوصيتها، عندها يغلق باب كهربائي من الخشب المقطّع بطريقة فنيّة من اللون الأبيض والخشب الفرنسي، استُعملا في كلّ المنزل، ليصبح الباب لوحة مميّزة تضفي جمالية على الأرجاء. جناح الصالونات لبس حلّة من الرخام الرمادي الزاهي، وشكّل مع الرخام الأسود لغرفة الاستقبال لوحة متجانسة من الفخامة والجمال.

الأثاث راوح بين الرمادي والبيج، وامتزج مع مشتقات الألوان الزاهية للخشب الأبيض، تخلّله في بعض الجلسات الخشب الفرنسي الزاهي.

الواجهات الزجاجية احتلت طول جدار قاعات الاستقبال، فأشرف المنزل من خلالها على أبنية بيروت وشوارعها العريقة، كما أدخلت كمّاً من النور أضفى إشعاعاً أكبر إلى جانب الإنارة التي اختلفت أشكالها. فهي انبعثت من الجفصين ومن خارجه، ومنها ما عُلّق على الجدار بطريقة مبتكرة، حيث تطالعنا مصابيح متشابهة توزّعت إنارتها على طول الجدار وعرضه. الطاولات في الوسط لا بدّ من أن تحكي قصّة فريدة كالعادة في أي عمل ينفّذه فرّان. فهو اشتهر، إلى عمله في الهندسة الداخلية، بإطلاق مجموعة من الطاولات المبتكرة تخطّت الحدود المحليّة، وفاز من خلالها بجوائز عالمية، وتحكي كلّ طاولة قصّة يمزج فيها المواد بأسلوب لم تسبق رؤيته.

فإلى جانب الطاولات الصغيرة من ابتكار "فورميتابل" للمهندس فرّان، ابتكر طاولة غرفة الطعام، ركائزها عبارة عن أشكال هندسية متشابهة باللون الأبيض، جمّعت جنباً إلى جنب ليستلقي عليها الزجاج بشكله المستدير. وحولها المقاعد من القماش الرمادي، إطارها من الخشب الأبيض. وتعلو الدروسوار مرآة متميزة في التصميم عبارة عن خيوط رمادية تخلّلتها مربّعات من المرايا. وقمّة الجمال تجسّدت في الثريا التي أدخلت نفحة فنّ وابتكار على الجلسة، مجموعة دوائر بألوان مختلفة من الفضي والذهبي والبرونزي تدلّت فوق الطاولة وانبعثت منها الإنارة لتضيء الأرجاء.

المطبخ أيضاً زاهي اللون، راقٍ وعصري في آن معاً، وقد طغى عليه اللونان الأبيض اللمّاع للخزائن والرمادي للأرض، إلى جانب الأكسسوار من الستينلس. أما السقف فهو من الجفصين، مقطّع إلى أشكال هندسية أضفت عليه طابعاً مميّزاً. وكسر المهندس رتابة الألوان الزاهية في ركن الفرن والبراد الذي ارتدى حلّة من خشب السنديان البيج.

رقيّ التصاميم وهدوء الألوان انسحبا على غرف النوم التي اتّسمت كلّ واحدة منها بابتكار لافت أعطاها خصوصية. وجمع بينها الخشب بلونيه الأبيض والبيج. غرفة الفتاة حملت اسمها فوق السرير المبتكر، وقد تزيّن بكتابات وأضيء من الخلف. أما غرفة الصبي، فعلى جدارها خلف السرير انطبعت رسمة كرة القدم واتّسمت باللون الأزرق. غرفة الماستر أنيقة، خيوطها واضحة ازدانت بالخشب الأبيض والبيج نفسه الذي طبع بقية الأجزاء. وأحد الحمّامات صُنع من الرخام الأسود المقلّم بالأبيض، وأرخى فخامة وأسلوباً مبتكراً. الإشعاع الذي أراده المهندس فرّان لهذه الشقة شاءه إشعاعاً يطبع وجه المالكين عندما يدخلون منزلهم، الذي حرص على أن يشبه تطلعاتهم إلى أقصى الحدود لينعموا بهناء الإقامة في ربوعه.