وليد توفيق: توقّعت نجاح شيرين عبدالوهاب منذ "آه يا ليل"... وحسين الجسمي نجم العرب

القاهرة – محمود الرفاعي 31 أغسطس 2019
حماسته الشديدة لأغنية "علّمتني أعرف أحب" التي قدّم فيها موسيقى التانغو للمرة الأولى، كانت وراء إصراره على تصويرها، لتكون انطلاقة جديدة ومختلفة في مشواره الغنائي. النجم وليد توفيق يتحدث لـ"لها" عن سبب ابتعاده عن السينما لأكثر من 30 عاماً، ورفضه لأيّ مناصب سياسية أو نيابية، ورأيه في برامج المواهب الغنائية، التي كان واحداً من أبطالها عام 1974 في "استوديو الفن" ببيروت، وما توقّعه لشيرين عبدالوهاب، ويكشف عن رأيه في وائل جسار ووائل كفوري وملحم زين، والمطرب الذي يعتبره نجم العرب.


- ما الذي حمّسك لتقديم أغنية "علّمتني أعرف أحب"؟

أحببت أن أقدّم أغنية ذات إيقاع جديد عليَّ، أقصد موسيقى التانغو، تبثّ البهجة والفرح في نفوس المستمعين، فوجدت أغنية "علّمتني أعرف أحب"، التي كان قد قدّمها لي الشاعر المصري هاني عبدالكريم، ومع نجاحها عبر الإذاعات، قرّرت استكمالها بالتصوير.

- ألا يضايقك اختصار مشوارك الفنّي في أغنية "انزل يا جميل ع الساحة"؟

"انزل يا جميل..." علامة فارقة في مشواري الغنائي، لكن من يحاول أن يختصر مشواري الغنائي فيها شخص فاشل قليل الحيلة؛ ففايزة أحمد من أهم مطربات الوطن العربي ولها رصيد أغنيات كبير، لكنّ لديها علامةً نسمعها في كل عيد أمّ وهي "ست الحبايب"، وأنا يكفيني أنني المطرب الوحيد الذي تُذاع أغنياته في كل أعياد ميلاد وأفراح بلدان الوطن العربي.

- لماذا اهتممت بالأغنية الوطنية والقضية العربية خلال مشوارك الغنائي؟

لأنني ولدت في مدينة طرابلس اللبنانية، وهي مدينة تَعرف جيّداً كلمة القومية العربية، ومنذ نعومي أظفاري كنت فدائياً في المنطقة التي تربيت فيها، كما لا يوجد لبناني حر لا يحمل في قلبه حبّاً صادقاً وكبيراً لكل شعوب الوطن العربي، فنحن جميعاً عانينا من ويلات الحروب والتهجير، ولا أنسى يوم استقبال دولة سورية لنا واحتضانها لنا، ولا أنسى مصر التي فتحت لي أبوابها، وشعبها الذي أحبني بصدق وأكرمني.

- ألم تفكّر يوماً بتمثيل مدينتك طرابلس في الحكومة اللبنانية؟

عُرض عليَّ هذا المنصب عشرات المرات، وكل مرة كنت أرفض، وأتذكر ذات مرّة حين قابلت رئيس جمهورية عربية، ولن أحدّد... فسألني: "لماذا لم تترشّح لمنصب في بلدتك"، فقلت: حلمي أنْ أكون نائباً للفنّ في الوطن العربي، فخدمة شعوبنا في وطننا العربي صعبة للغاية، وأغلبية من يترشحون يبحثون فقط عن أضواء الشهرة، وأنا لا أحب أن أترشّح، لأنني لا أستطيع أن أخدم أهلي، وربما لو كنت أوروبياً أو أجنبياً وعرض عليَّ المنصب في دولتي، لكنت ترشّحت لعلمي أن ما سأفعله سينفذ على الفور، وأتمنى أن تتعلّم حكوماتنا من حكومات الغرب كيفية خدمة الشعوب.

- ما سبب ابتعادك عن السينما 30 عاماً؟

أنا فنّان، وهذا يعني أنّ المزاج هو الذي يتحكّم في كل اختياراتي، في وقت تألّقي فنياً كانت الأعمال الجيدة متنوّعة وكنت أستطيع أن أجد الدور المناسب لي، لكن بعد فترة، وبالتحديد في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، تدهورت أحوال السينما مع حرب العراق، وانخفض الإنتاج كمّاً وكيفاً وظهرت أفلام المقاولات، وأنا أرفض تلك الأعمال، فحين قرّرت الدخول إلى عالم السينما، كانت لديَّ خطة واستطعتُ تنفيذها، وهي أن ترتقي السينما باسم وليد توفيق، والحمد لله تمكّنت من ذلك حتى آخر فيلم قدّمته مع رانيا فريد شوقي عام 1995 "وداعا للعزوبية"، لكن حين نتحدث الآن عن السينما، نرى أنّها أصبحت عبارة عن أغنيتين وراقصة؛ تربط بينها قصة تُعرض على الجمهور. للأسف، في الماضي كنا نقدم فناً يكلّف "ملاليم" يحقّق لنا ربحاً يساوي "ملايين"، تصوّر أنّ فيلم "من يطفئ النار" لم تتجاوز تكاليفه مليونَي جنيه، في حين أنّ تكلفة الأغنية المصوّرة "كليب" الآن قد تتجاوز 5 ملايين جنيه.

- ما أقرب أعمالك السينمائية إليك؟

قدّمت خلال مشواري أكثر من 10 أفلام، جميعها كانت مع نجوم كبار، على مستوى التأليف والإخراج والبطولة، فبدايتي كانت مع الرائع الراحل محمد عوض في فيلم "الأستاذ أيوب"، ثم عملتُ مع كبار نجوم السينما والفنّ المصري والعربي، أمثال دريد لحام في "سمك بلا حسك"، وفريد شوقي في "من يطفئ النار"، وكلها أفتخر بها.

- لماذا تكنّ حبّاً كبيراً للموسيقار الراحل بليغ حمدي؟

لأنّني إنسان وفيٌّ بطبعه، ولا أنسى من كان له فضل كبير عليَّ، فبليغ حمدي لم يكن مجرّد ملحّن دخل في حياتي الفنية وخرج منها بوفاته، بل ترك أثراً فاعلاً في حياتي، ولو تحدثتُ عنه من الجانب الفني؛ فأنا أقل من أن أتحدّث، وتكفي جملة عبدالحليم حافظ الخالدة في حق بليغ حين قال إنه "أمل العرب في الموسيقى". أما الجانب الإنساني فهو ما يجب عليَّ أن أذكره للقرّاء، لقد أحببتُ بليغ قبل أن تراه عيناي من خلال أغنياته وموسيقاه التي كانت تملأ الوطن العربي، وأحببت التلحين بسبب أغنيتَي "سواح" و"بهية"، وبعدما تعرفتُ إليه وعرفتُه، أصبحنا تقريباً لا نفترق أبداً، وكان حين يزور لبنان يعرّج على بيتنا ويتناول الطعام من يد والدتي. ويكفي أنّه عرّفني إلى عبدالحليم حافظ.

- بما أنك من متخرّجي برامج المواهب الغنائية، ما هو أفضل برنامج مواهب شاهدته في الفترة الأخيرة؟

أنا من محبّي برنامج "ذا فويس" بالتحديد، لأنّ لجنة تحكيم تقييم الأصوات الغنائية الواعدة تنظر في الشكل والصوت معاً، ولا بد من أن يعلم الجميع أن الشكل والقبول قد يُغْنيان أحياناً لدرجة تصل إلى 40%، عن جودة الصوت، ولذا أنا أفضّل "ذا فويس" على باقي البرامج المنافسة له، لأنّ اللجنة تحكم على الموهبة شكلاً وصوتاً، وهو الأمر الذي استفدتُ منه كثيراً في بداية حياتي.

- إلى أيّ الأصوات يحبّ وليد توفيق الاستماع دائماً؟

وطننا العربي مليء بالأصوات الجميلة والرائعة، في لبنان أفضّل أصوات وائل جسار ووائل كفوري ومعين شريف وملحم زين، ومن الأصوات الواعدة أحب صوت زياد برجي، رغم أنه ما زال أمامه الكثير لكي يحترف الغناء، لكنني أرى أن صوته "مهضوم"، بالإضافة إلى أنه ملحّن وممثل شاطر، واستطاع أن يوظّف نفسه في الأغنية التي تليق بصوته مثلما فعل في أغنية "شو حلو". وأطرب إلى صوت الفنان التونسي الكبير صابر الرباعي، وقد استمعت إليه في ألبومه الجديد، الذي سيكون مفاجأةً غنائية قوية وقت طرحه، وأيضاً الفنان الإماراتي حسين الجسمي، الذي أرى أنه "نجم العرب" وليس نجماً لدول الخليج فقط.

- والصوت النسائي الذي تفضّله؟

شيرين عبدالوهاب، وأذكر أنّني وقت ظهورها مع بداية القرن الجديد، استمعت إلى أغنيتها الشهيرة "آه يا ليل"، وحين حللْتُ ضيفاً على إحدى الإذاعات العربية، لم تكن مقدّمة البرنامج الذي استضافني مرحّبة بصوت شيرين، فقلت لها في المقابلة إن صاحبة هذه الأغنية ستصبح مطربة الوطن العربي، وستسعين ذات يومٍ إلى استضافتها في برنامجك... ومرّت الأيام وأصبحت شيرين بالفعل واحدة من أهم الأصوات المصرية والعربية، وهي لا تزال صغيرة في السنّ وقادرة على تقديم أعمال غنائية جديدة، وأتمنّى أن أسمع عنها كل ما هو جميل.

- ما رأيك في المهرجانات الغنائية التي أصبحت لسان حال الأغنية العربية في الوقت الراهن؟

تلك الأغنيات ما هي إلا إفرازات حرب، ومن الطبيعي أن تظهر حين يكون المجتمع متخبّطاً في مشاكل سياسية واقتصادية، ونحن في لبنان عانينا كثيراً من هذه الحال ولا نزال.

- هل توافق على أن الفترة الحالية هي فترة المطرب الـ"ستايل" وليس المطرب صاحب الصوت الجيّد؟

إطلاقاً، أنا مع "حبس" كل الأصوات السيئة التي تنشّز وتملأ العالم ضجيجاً ونشازاً، فلا بدّ من قانون يجرّم كل من يغنّي بدون أن تكون لديه موهبة، ويجرّم كل فنانة تحاول أن تُخفي صوتها النشاز في ملابسها، لا بدّ للمطرب من أن يرتدي ملابس جيّدة وأنيقة، وأن يقدم كل ما هو جديد في عالم الموضة، لكن لا بد له أيضاً من أن يتمتع بصوت جيد، وأنا لست ضد الفنانين المبتدئين من أصحاب الأصوات الجيدة، لأنّ الاستمراريّة تصقل الموهبة، وهكذا بدأتُ أنا وسائر المطربين من جيلي.

- هل تحبّ أن يسبق اسمَك لقبُ "النجم العربي" في الحفلات والمناسبات؟

هذا اللقب كان بمثابة هديّة لي من الكاتب والصحافي اللبناني الكبير، الراحل جورج إبراهيم الخوري، رئيس تحرير مجلة "الشبكة"، وهو صاحب أغلبية الألقاب التي أُطلقت على النجوم العرب في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، أنا أحب اللقب لأنه يدل على مكانتي في قلوب الشعوب العربية، فمنذ أن أُطلق عليَّ قبل 35 عاماً وهو لا يفارقني أبداً.


CREDITS

تصوير : تصوير – محمود رؤوف