إياد نصار: هناك أعمال لي لا أحبها...

إياد نصار, مسلسلات, مصر, جماعة الإخوان المسلمين, الشخصية

17 نوفمبر 2013

خطف الأنظار في مسلسل «الجماعة» الذي جسّد فيه شخصية حسن البنا مؤسس «جماعة الإخوان المسلمين»، فاستطاع أن يثبّت قدميه في الدراما المصرية أكثر. وتألق أخيراً في مسلسل «موجة حارة»، ليضيفه إلى سلسلة نجاحاته.
النجم الأردني إياد نصار يتحدث إلينا عن سبب اختفائه من مصر بمجرد انتهاء التصوير، وحقيقة تقليده لأحمد زكي، ويعترف بأنه لا يشعر بالرضا عن كل أعماله، وبأنه يقسو على نفسه أكثر من كل النقاد.
كما يكشف تأثير الفن على حياته الخاصة الذي وصل إلى درجة انفصاله عن زوجته...


- لماذا اختفيت فور انتهاء تصوير مسلسل «موجة حارة»؟
كان عليَّ أن أقوم برحلة استجمام وأسافر إلى أولادي في الأردن، خاصةً أنني فشلت لفترة طويلة في تحقيق ذلك بسبب ارتباطي بمسلسل «موجة حارة» الذي استغرق تصويره خمسة أشهر، إضافة إلى فترة التحضير، فكان عليَّ أن أسافر سريعاً لرؤيتهم.

- ما رأيك في ردود الفعل التي حققها المسلسل؟
كانت أكثر من رائعة، حتى أنها أزالت حالة الإرهاق التي كنا نعاني منها يومياً أثناء التصوير. وأعترف بأن شخصية «سيد العجاتي» أرهقتني، وجعلتني أعيش حالة نفسية سيئة طوال فترة التصوير.
وقد حاولت فهم شخصية «سيد العجاتي»، وعشت معها حالة تأمل طويلة، واحتجت وقتاً للتخلص من تداعياتها النفسية. وبسببها تعرضت للإرهاق والاكتئاب والإحباط، ولم أكن في بعض الأوقات قادراً على تقويم نفسي، حتى أنني لم أكن أقبل أن أشاهد نفسي بعد تصوير أي مشهد، ولم أذهب إطلاقاً إلى المونتاج لكي أشاهد المسلسل مع الجمهور.

- لماذا أشعر دائماً بأنك تخلق شخصياتك بنفسك؟
أفضل أن أصنع شخصيتي بمعزل تام عن جميع الشخصيات، وأريد أن أحولها من الورق إلى لحم ودم، وأعيش معها لفترة طويلة قبل التصوير، وأعرف انفعالاتها وتحركاتها.
كل ممثل له مساحة يتحرك فيها، لكنه في النهاية محكوم بنص يطرح له الشخصية وتاريخها من خلال إشارات، وهناك مساحة مستحقة في التعبير تتباين بين شخصية كل ممثل وطريقة أدائه وعمله.

- البعض اتهم أداءك بأنه تقليد لأحمد زكي في فيلم «زوجة رجل مهم»؟
لا أرى في ذلك اتهاماً بقدر ما أعتبره وساماً على صدري، فمدرسة أحمد زكي لا يتخرج فيها سوى العباقرة، خاصة في الأداء، بل قد يندهش البعض عندما أقول إنني شاهدت هذا الفيلم بكثرة أثناء التحضير للمسلسل، ليس لتقليد النجم الراحل، لكن للوقوف على تفاصيل صغيرة استخلصتها بعد المشاهدة.
لذلك فاتهام البعض لي بتقليد أحمد زكي أراه نابعاً من كونه فناناً عملاقاً، ودعوني أعترف بأنني متأثر به وبأدائه كثيراً، لكن هذا التأثر لا يصل أبداً إلى حد التقليد.

- لكنك قلدته في نومه.
أعترف بأنني اقتبست طريقة نومي من أحمد زكي، وهو اعتراف لا أخجل منه، فهو أحمد زكي بكل تاريخه وموهبته. وأنا أتفق مع ما يقوله مارلون براندو في تحليله للإنسان أنه كائن متوحش وفي صراع دائم مع تاريخه وعقده، ولا يوجد شخص سوي، والرجل الطيب الوحيد هو الرجل الحديث الولادة.

- هل هذا اعتراف بأنك لست سوياً؟
لا يوجد شخص سوي، ولا حتى أنا، والكمال لله وحده.

- ألم تخش التكرار بعدما قدمت دور الضابط في مسلسل «المواطن إكس»؟
مهنة الشخصية ليست أساساً في اختياراتي، ولا تخلق لديَّ نوعاً من التحدي، وأعتبرها شيئاً هامشياً، لأن خالد الصاوي قدم دور الضابط بأكثر من طريقة خلال أعماله المختلفة.
وقد استقررت في النهاية على أن أخلق للشخصية واقعاً افتراضياً أجعل المشاهد يعتاد عليه مع استمرار المشاهدة، لأنني مقتنع بأن الدراما تقدم انعكاسات على الحياة، وهذه الشخصية بالتحديد كنت أرى أن خالد الصاوي قد أغلق المنطقة الخاصة بها تماماً، وأي اجتهاد فيها سيكون أقل من الذي قدمه، لذلك كان الحل الوحيد أن أسير في سكة مختلفة، خاصةً أن الشخصية لديها تفاصيل تبرر خروجها عن النص.
لذلك لم أخش تكرار تقديم دور الضابط، لأنني واثق من نفسي وحريص على عدم الوقوع في فخ التقليد، ولا أستسلم أبداً للكسل، وأجتهد وأتدرب حتى لا تتملكني حالة الثقة الزائدة في النفس أو الغرور التي يتعرض لها البعض فيقع في هذا الخطأ.
وأؤكد أن شخصية «هشام الجوهري» في مسلسل «المواطن إكس» تختلف كل الاختلاف عن «سيد العجاتي» في «موجة حارة»، وإذا قدمت المهنة نفسها مرة ثالثة ستكون بروح وأداء بعيدين عنهما تماماً.

- كيف تختار أدوارك؟
أتعامل مع مهنتي بحساسية شديدة، وأقدم العمل المختلف والقصة غير المتداولة، أو التي تحمل وجهة نظر أريد التعبير عنها، وأطرح من خلالها العديد من التساؤلات، وأبحث في الإجابات.
وقد قبلت مسلسل «موجة حارة» لأنه مختلف عن السائد، ويشبه اقتناعاتي، وهي وجهات نظر ذاتية لكل ممثل. وشعرت مع «موجة حارة» بأنني جزء من مشروع أسامة انور عكاشة ومحمد ياسين، وعشت معهما. وأؤكد أن الممثل ليس موظفاً، ويجب أن يكون له مقترحات خلال مناقشات مع صناع العمل.
وبالفعل اتفقت مع المخرج محمد ياسين على تعديل قليل من الجمل الحوارية لتتناسب اكثر مع الحالة الابداعية التي نطرحها، وكنا جميعاً يداً واحدة نفكر مع بعضنا، وليس ضد بعضنا لأنه يجب أن يكون مؤلف العمل على مستوى فني قادر على ابتكار خطوط درامية حقيقية وبناء مشاهد واقعية، بالإضافة إلى اقتناعي بالفكرة التي يطرحها، وهل سيتمكن من ترجمتها بطريقة صحيحة ويوفر عليَّ جهداً كبيراً.
والمهم أن يترك لي مساحة للعب على الشخصية بطريقتي. وبالنسبة إلى المخرج يهمني الانسجام معه، وأن يكون صاحب رؤية ووجهة نظر.

- هذا يعني أنك تتفاعل مع المخرج محمد ياسين؟
بالتأكيد، فأنا أثق به ثقة عمياء، لأنه مخرج كبير وحريص على الممثلين الذين يعملون تحت قيادته، وهو دائماً يترك للممثل مساحة وحرية كي يبدع ويخرج كل طاقاته.
وأعتبره أهم مخرج في الدراما المصرية، وسبب تطورها بعد تقديمه مسلسل «الجماعة»، ومن المساهمين في الحفاظ على الريادة الفنية المصرية. وبصراحة أمام كاميراته أشعر باطمئنان لما لديه من كاريزما ووجهة نظر، وإذا كان لديه أي مشروع سأقبله دون تردد حتى قبل قراءة السيناريو.

- لكن المسلسل شارك في إخراجه أربعة مخرجين!
فكرة الاستعانة بأكثر من مخرج شيء طبيعي بسبب ضيق الوقت والارتباط بمواعيد لتسليم الحلقات، لكنني لا أستطيع القول إن «موجة حارة» قدمه أربعة مخرجين، محمد خان، محمد ياسين، عمر عبدالعزيز، وحسين المنياوي، وهم مخرجون لهم ثقل درامي من طراز خاص، فرغم مشاركة هؤلاء، كان لمحمد ياسين حصة الأسد بتصوير أكثر من 70 في المئة من مشاهد المسلسل.

- ما الذي جعلك تفكر في الأعمال الجماعية بشكل عام؟
كل الثورات التي حدثت في العالم كان لها انعكاس على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، وفي مصر كانت البطولة الفردية قبل الثورة مسيطرة على السياسة والاقتصاد والفن، وأرى أن أول إفراز للفن بعد الثورة هو البطولة الجماعية، لأن الثورة كانت جماعية، واعتمدت على الحس الجماعي لا الفردية، والجميع كانوا أبطالاً في أماكنهم. وقد يكون في اختياري مسلسل «المواطن إكس» تأثير على الأجر وفكرة البطل الأوحد، لكنني اخترت الدور بإحساسي وباقتناعي.

- دون أن تشعر بحالة تشتت؟
لم يكن هناك أي نوع من التشتت لأنني أسير بخطة وليس وفق معايير السوق، وأقرأ الساحة بطريقتي. وأؤكد لك وبصدق أنني لم أسر وفقاً للظروف، لكن قراءتي الخاصة للثورات ساعدتني على اتخاذ هذا القرار، خاصةً أن ما حدث في مصر ليس ثورة بسيطة، وهي مستمرّة وقد أفرزت.
لذلك بعد أن حدثت الثورة أوقفت كل مشاريعي السابقة، وشعرت بأن اختياري فكرة البطل الأوحد سيجعلني أغني خارج السرب، ولن يتماشى ذهنياً مع الثورة.
وأرى أنه من الذكاء أن نقرأ الساحة سريعاً، لذا أؤكد أن اختياري مبني على فكرة، وقد أكون مخطئاً، لكن إحساسي في عملي دائماً لا يخطئ.
وأعتقد أن الأعمال الجماعية المقبلة ستحقق شكلاً من النجاح، وسيكون البطل الأوحد غير صالح للمرحلة المقبلة وتغريداً خارج السرب، لأن المجتمع شعر مع الثورة بحالة من التنفس، ويريد أن يرى نفسه في كل الأعمال، لكن البطولة المطلقة تتقاطع مع ذلك، مما سيُشعر البعض بحالة غربة في هذه الأعمال.
لذا أعتقد أن قراري تقديم بطولات جماعية لا يحمل أي نوع من التنازل، وقد تأكدت من ذلك بعد مشاهدتي الحلقة الأولى، وتأكدت أن قراري كان سليماً، وشعرت بأنني أملك من الثقافة ما يؤهلني لقراءة الساحة بشكل أقرب إلى الصحيح.

- حتى لو كان ذلك سيعرضك لخسائر مادية؟
المادة دائماً تستطيع أن تؤقلم نفسك معها، وطبيعة مهنتنا تجعلنا دون دخل ثابت، وأعتقد أن هذه المهنة تتطلب منا تنازلات طوال الوقت، والمهم أن أقبل التنازل الذي لا «يوجعني»، لأنني من الممكن أن أقدم تنازلاً أتحمله وأؤقلم نفسي معه، مثل التنازل المادي، لكن من الصعب أن أقبل تنازلاً فنياً بمقابل مادي مغرٍ، وأظل طوال عمري نادماً. وقد يكون ذلك مختلفاً لفنانين آخرين، لكن التنازلات في النهاية اختيارات تتوقف على طبيعة تعايشنا معها.

- تقصد أنه لا توجد أعمال لك ندمت عليها؟
بالتأكيد هناك أعمال لي لا أحبها، وكنت أعرف ظروف ذلك، ومنها فيلم «حفل زفاف»، فقد خرج أسوأ مما كنت أتوقع. وهناك بالتأكيد مسلسلات قدمتها في بدايتي وغير راضٍ عنها، لكن لا أريد أن أتحدث عنها حتى لا أجرح صنَّاعها، خاصةً أنني كنت جزءاً من هذه الأعمال.

- هل ترى أن الفن «زي الفريك ما يحبش شريك»؟
هذا صحيح، فقد اتضح لي أنني لا أقبل أي شريك مع الفن، حتى أن انفصالي عن زوجتي كانت له علاقة بأسلوب تعاملي مع الفن نفسه، لأنني لا أنكر أن أسلوب تعاملي مع الفن صعب، ومن الممكن أن يؤثر على علاقاتي مع كل المحيطين بي. وربما لو كنت أعمل في أي مهنة أخرى لكنت مستمراً في علاقتي الزوجية حتى الآن.

- هل لديك شروط خاصة في زوجة المستقبل؟
أهم شيء بالتأكيد أن تتحملني وأنا أعمل على أي شخصية، لأنني عندما أقبل على درس شخصية قد تظهر عليَّ مشاعر غير معتادة مرتبطة بالشخصية التي سأقدمها، ولا بد أن يكون الطرف الآخر متفهماً لذلك، وبصراحة أعرف أن ذلك سيكون صعباً.

- هل تملك القدرة على الخروج من الشخصية بسرعة؟
لا طبعاً، كل شخصية أقدمها تؤثر فيَّ وتظل تفاصيلها موجودة داخلي حتى أبدأ تجربة جديدة بشخصية أخرى.

- ولماذا قررت زيادة وزنك بهذا الشكل في مسلسل «موجة حارة»؟
كنت أرى أن «سيد العجاتي» شخص مهتم بنفسه قبل عمله في الشرطة، لكن بعد ذلك أصبح شخصاً مهملاً، ولذلك كان عليَّ أن أزيد وزني بنسبة كبيرة، لأنني فقدت كثيراً من وزني أثناء تصوير فيلم «مصور قتيل»، ولذلك كنت آكل كثيراً من الشوكولاتة قبل النوم، وأوقفت الرياضة وصلت إلى هذه الدرجة.

- ما هي الشخصية التي قدمتها وتريد أن تقدمها مرة أخرى؟
شخصية الخليفة عمر بن عبد العزيز، لأنني سبق أن قدمتها في حلقتين في أحد الأعمال، لكن أتمنى أن أقدمها في عمل منفصل، لأن هناك تصوراً خاصاً بي أريد أن أقدمه في هذه الشخصية.

- وما أصعب شخصية جسدتها على الشاشة؟
شخصية «حسن البنا» التي تعيش داخلى حتى الآن وأشعر بها، وأحاول دائماً السيطرة عليها.

- هل تقبل القيام بشخصية حسن البنا في عمل جديد خاصةً بعد سقوط حكم الإخوان؟
بالتأكيد لا، لأنني لن أقبل أن أقدم شخصية سبق أن قدمتها مهما كان الظرف السياسي الذي قدمت فيه، لكن إذا كان هناك جزء جديد من المسلسل من تأليف الكاتب وحيد حامد وإخراج محمد ياسين، سأقدم الشخصية من جديد.

- كيف تواجه الانتقادات التي تتعرض لها؟
أنا أكثر شخص ينتقد ذاته، وعندما أشاهد أي عمل لي أضع أكثر من 50 نقطة سلبية على الأقل، لذلك لا أغضب من أي نقد، بل أرى أن الناقد يجاملني، لأنه أشار إلى أشياء أقل مما اكتشفته بنفسي، وهذا شيء إيجابي من وجهة نظري، وأسعى دائماً في العمل التالي لتفادي هذه الأخطاء قدر الإمكان.

- هل من الممكن أن تعود إلى تقديم البرامج بعد تجربتك في «أمير الشعراء»؟
ليس لديَّ مانع إطلاقاً، لكن أتمنى أن أقدم برنامجاً مثل البرنامج الأميركي الشهير inside act الذي يتحدث عن كواليس مهنة التمثيل، لكي نكشف للجماهير المفاهيم الخاصة بالمهنة، والتقنيات الدقيقة الخاصة بالتصوير، والكاميرات، والزوايا، وغيرها من الأسرار الخاصة بعملنا.