وحيد حامد: ليس في أعمالي دور يصلح لعادل إمام الآن

وحيد حامد, مصر, محمد مرسي, مسلسل, كاتب, النجوم, سينما, سيناريو

17 نوفمبر 2013

آراؤه دائماً صريحة وتعرف مكانها تماماً، كما أن رؤيته ككاتب كبير سبقت الزمن، فالمؤلف وحيد حامد كان أكثر استشرافاً للمستقبل من خلال أفلامه، ففيلم «طيور الظلام» الذي قدمه في التسعينات، ولعب بطولته عادل إمام ورياض الخولي ويسرا، كان قراءة مسبقة لما نعيشه الآن، فقد اجتمع الفاسدون من أهل السلطة وتجار الدين خلف أسوار السجون، يبحث كل منهم عن الخلاص بطريقته.
في هذا الحوار نتعرف على أسرار أحدث أعمال الكاتب الكبير، ويكشف لنا الأسباب التي دفعته لتقديم الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة»، ولماذا لم يتعاون مع الزعيم عادل إمام من جديد بعد أن قدما ثنائياً رائعاً لفترة طويلة، ورأيه في الجيل الجديد من السينمائيين، وما ورثه منه ابنه المخرج الشاب مروان حامد.


- ما هي الأسباب التي دفعتك لتقديم الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة» الآن؟
المشروع موجود ولم يتم إلغاؤه كما توقع البعض، لأن العمل في مسلسل كهذا يحتاج إلى وقت أطول من المسلسلات الأخرى، وبعد أن قدمت الجزء الأول قلت إن الجزء الثاني لن يكون في العام التالي، لكن بعد حكم الإخوان تعطل المشروع بسبب «جبن» رأس المال، وخشيت شركات الإنتاج والقنوات خوض المغامرة في هذا المسلسل، حتى لا يتأذى أحد من حكم الإخوان، خاصة أنهم كانوا في عز عنفوانهم وجبروتهم.
لذلك كان من المستحيل تقديم الجزء الثاني في فترة حكمهم، خاصة أن وزير الإعلام الإخواني وقتها قرر منع عرض الجزء الأول على التلفزيون المصري، لذلك كان تقديم الجزء الثاني مغامرة للجميع.

- هل خروج الإخوان من الحكم هو السبب الوحيد وراء عودة المشروع الآن؟
ليس السبب الوحيد، لأنه كانت هناك رغبة من الجمهور في تقديم الجزء الثاني طوال الفترة الماضية، بل زادت بعد خروج الإخوان من الحكم.
كما أنني فوجئت بتهافت من شركات الإنتاج والقنوات الفضائية على تقديم الجزء الثاني، وهذا ما جعل المشروع يدخل مرحلة جديدة ونبدأ الإجراءات التنفيذية الخاصة به.

- وما هي الإجراءات التي أنهيتها؟
تم الاتفاق مع المخرج محمد ياسين الذي قدم الجزء الأول، لأنه كان من الصعب اختيار مخرج آخر، وقررت بدء التصوير مطلع كانون الثاني (يناير) المقبل، كما بدأت تحديد الإطار العام للجزء الثاني الذي سيكون آخر أجزاء هذه السلسلة، وسأركز خلاله على عمالة الإخوان، وكيف كانوا دائماً أداة لخدمة الاستعمار والأطراف الخارجية.
حتى أن الجماعة نفسها كانت صنيعة بريطانية، والكل يعلم ذلك منذ أن تأسست عام 1928، وكان هدفها خدمة الاستعمار، وظلت في عمالتها حتى الآن، وقد ظهر ذلك من خلال اتفاقاتها مع أميركا وبعض الدول الأوروبية التي كانت تسعى لإعادة تشكيل الشرق الأوسط.
كما سيرصد الجزء الثاني قصة الإخوان من بعد حسن البنا حتى وقتنا هذا.

- هل هذا يعني أن الرئيس محمد مرسي سيظهر خلال أحداث الجزء الثاني؟
حتى الآن لم أقرر بشكل نهائي ما إذا كان مرسي سيظهر خلال هذا الجزء أم لا، لأنه قد يكون غير مفيد بالنسبة إلي، وهناك أشخاص كانوا أهم منه في هذه الفترة، ولكن حتى الآن لم أختر الأحداث التي سأستعين بها.

- هل الجزء الثاني سيكون أكثر جرأة من الأول خاصةً بعد اعتقال معظم قيادات الإخوان؟
أنا لا أخشى أحداً، وعندما قدمت الجزء الأول كانت الجماعة موجودة، وقلت لهم: إذا وجدتم ما هو غير موثق في التاريخ فمن حقكم أن تلجأوا إلى القضاء، ولم يجرؤ أحد على اتخاذ هذه الخطوة، لأنهم يعلمون جيداً أنني شديد الموضوعية في عملي، وكل الجرائم التي ذكرتها في الجزء الأول موجودة وموثقه في تاريخهم. وفي الجزء الثاني لا يفرق معي إذا كانوا مسجونين أو موجودين، لأنني سألتزم الموضوعية ولا أحب الفجاجة والشماتة.

- ما حقيقة أن الداعية صفوت حجازي هو نفسه شخصية «معتمد» في مسلسلك «بدون ذكر أسماء» الذي قدمته في رمضان الماضي؟
صفوت حجازي أقل من أن أقدمه في شخصية درامية، لكن شخصية «معتمد» خليط من كل الشخصيات التي رأيناها من المنافقين المدعين والمتأسلمين.

- مسلسل «بدون ذكر أسماء» يتناول المتاجرة بالدين، فهل تعمدت أن تكون أحداثه في فترة الثمانينات لتبتعد عن بطش الإخوان اذا ما أشرت إلى أن الأحداث تحصل في عهدهم؟
أنا لا أخاف أحداً، وعندما قررت اختيار هذه الفترة لتدور فيها الأحداث كان هدفي إلقاء الضوء على الأسباب التي أدت إلى الانهيار الذي نعيشه الآن، سواء فساد رجال الدين أو رجال الأعمال، أو حتى الفساد في الفن، لأن فترة الثمانينات كانت فترة بداية الانهيار واختفاء الطبقة الوسطى وظهور الانتهازيين الذين سيطروا على المجتمع بعد ذلك، واختيار هذا التوقيت كما قلت ليس له علاقة بالإخوان أو غير ذلك.

- ولماذا اخترت عنوان «بدون ذكر أسماء»؟
لأنه في الحقيقة كان هناك معادل في الواقع لكل الشخصيات الموجودة في المسلسل، وهي شخصيات معروفة، ولذلك كان الحل الأمثل في اختيار هذا العنوان وحتى أعطي المشاهد مساحة أن يتخيل ويختار المعادل لهذه الشخصيات في الواقع.

- ولماذا اعتذر كل من درة ودينا الشربيني وهيثم أحمد زكي والراقصة دينا ورحاب الجمل وآخرون عن عدم العمل في المسلسل؟
لم يعتذر أحد وكل من رُشح للعمل كان مبهوراً بدوره، لكني كنت سبباً في سحب هذه الأدوار من كل الممثلين الذين ذكرتهم، لأنني أشترط على الجميع التفرغ التام للمسلسل وعدم العمل في أي مسلسلات أخرى، وقد لاقى هذا الشرط قبول البعض بينما رفضه البعض الآخر وفقاً لظروفه المادية.
أصررت على الشرط بالنسبة إلى الأدوار الرئيسية لا الفرعية، لأن موقفهم يختلف تماماً عن الآخرين. وقد فعلت ذلك لأسباب عدة، أولها أنه ليس من المنطقي أن يطل إنسان من نافذتين في وقت واحد، ويجب على الممثل ألا يشتت نفسه، خاصةً إذا كان يؤدي دوراً مهماً في عمل، أما السبب الثاني فهو أنني أريد من الممثل أن يتعايش بصدق مع الشخصية التي يقدمها ويمتلك كل تفاصيلها، لأنه ليس من المعقول أن يجسد الممثل دور حرامي في عمل ودور قاضٍ في عمل آخر، لأنه مهما كانت عبقريته فلن يكون مخلصاً لأي من الدورين.
أما السبب الثالث فيرجع إلى المشاكل الخاصة بتعطيل التصوير، لأن أعمال رمضان بشكل عام تتعرض لضغط في الوقت، وقد تسبب مشاركة الممثل في أكثر من عمل لتعطيل التصوير بشكل عام، ولذلك فإن هذا الشرط قد ساعدنا بشكل كبير في ضبط معدلات التصوير والانتهاء من العمل في وقت قياسي.
وأعتقد أن معظم من قدموا أدواراً في العمل نجحوا هذا العام في تحقيق بصمة مع المشاهد، ومنهم روبي وفريدة سيف النصر ومحمود فراج وحورية فرغلي وأحمد الفيشاوي ووليد فواز، وأعتقد أن الجميع استفادوا من العمل، ولم يندم أحد على المشاركة بل إن هناك ممثلين ندموا بعد أن رفضوا هذا الشرط.

- هل خذلك إياد نصار عندما اعتذر؟
إياد لم يخذلني مطلقاً، فعندما تم ترشيحه لتقديم دور في المسلسل كان قد ارتبط بمسلسل «موجة حارة»، وبدأ التحضيرات، وعندما اعتذر تفهمت موقفه تماماً، وطلب مني الظهور في أحد الأدوار الشرفية، ووافقت على ذلك. لكن ضيق الوقت الذي مر به مسلسل «موجة حارة»، وارتباط إياد بالتصوير حتى اللحظات الأخيرة حالا دون مشاركته في «بدون ذكر أسماء».

- هل سيشارك إياد في الجزء الثاني من «الجماعة»؟
إذا كان السؤال بخصوص دور حسن البنا الذي قدمه في الجزء الأول، فالشخصية غير موجودة في الجزء الثاني، لكن قد يتم ترشيح إياد لأي دور آخر لأنه في النهاية ممثل، ويمكنه أن يقدم أي دور.

- ولماذا لم يعد هناك تعاون بينك وبين الزعيم عادل إمام الآن؟
بشكل عام، لا أكتب لأحد ولا أفكر في الممثل إلا عندما انتهي من كتابة السيناريو. وخلال الفترة الماضية لم تكن في أعمالي أو كتاباتي أدوار تصلح لعادل إمام، وكانت آخر الأعمال التي قدمناها معاً هو فيلم «عمارة يعقوبيان»، ومن بعدها لم أكتب عملاً يصلح له.
أنا أحب التعامل مع عادل إمام، فهو صديق قبل أي شيء وقدمنا معاً مجموعة من الأعمال الناجحة، سواء سينمائياً أو تلفزيونياً، وأتمنى العمل معه في القريب إن شاء الله.

- لكن تردد أن هناك اتفاقاً لتقديم جزء ثانٍ من فيلم «طيور الظلام»!
كان ذلك مجرد اقتراح من المخرج شريف عرفة الذي شاركنا في تقديم الجزء الأول، لكن لم يدخل المشروع حيز التنفيذ بسبب انشغالي بمشاريع أخرى.

- وإذا تحدثنا عن جيل الشباب فمن هم نجوم السينما المفضلون لدى وحيد حامد؟
أحمد حلمي والسقا وكريم عبد العزيز، ومن النجوم الشباب أيضاً آسر ياسين وأحمد عزمي، ومن الفنانات منى زكي وهند صبري ومنة شلبي وروبي وحورية فرغلي.

- ومن هو أذكى ممثل في هذا الجيل؟
أحمد حلمي، لأنه لا ينظر تحت قدمه، ودائماً يعمل وفق خطة نجح خلالها في تقديم أدوار وموضوعات مختلفة، وكان أكثر جرأة على خوض العديد من المغامرات من خلال أعماله المختلفة. لذلك أرى أنه سيكون من النجوم أصحاب النفس الطويل، ويمكن أن يستمر في العطاء وتحقيق أعلى الإيرادات لفترة طويلة، فهو لم يحرق نفسه مثل نجوم كثيرين من أبناء جيله الذين خشوا المغامرة والتلون، واستمروا في تقديم أدوار نمطية ومتشابهة أدت إلى قصر عمرهم الفني.

- من هم المؤلفون الواعدون؟
هناك كثير من المواهب الشابة في الكتابة، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر تامر حبيب ومحمد حفظي وناصر عبدالرحمن ومحمد دياب، لكن على كل هؤلاء أن يخلصوا لمهنتهم، لأن الكتابة مثل الزواج الكاثوليكي لا تقبل شريكاً، ومن ترتفع أسهمه هو الذي يتفرغ للكتابة وحدها، وأؤكد لك أنني لم أكن أفضل أبناء جيلي، وكان هناك كثير من هم أفضل مني، لكنهم لم يخلصوا لعملهم بشكل كامل، وهذا ما أدى إلى تراجعهم واختفائهم من الساحة.
لذلك الإخلاص للكتابة أهم شيء في هذه المهنة، ويجب مهما ارتفع شأنك ألا يصيبك الغرور، ولا تلتفت إلى الشهرة فهي مثل البريق الذي يخطف العين، لكن عليك ألا تنظر إليه حتى تستطيع أن تكمل مسيرتك، وهذا ما اعتدت عليه منذ أن بدأت في هذه المهنة.

- لكن البعض يعتبرك أفضل كاتب سيناريو في مصر فكيف ترى نفسك؟
لا أعتبر نفسي أفضل مؤلف في مصر، وأرى أن المخرج رأفت الميهي هو أفضل كاتب سيناريو في مصر، لأنني تعلمت منه، وتوقفه عن الكتابة ليس مبرراً لكي نسحب منه صفة الأفضل في مصر.
قد يتسبب ذلك بغضب البعض مني، لكن هذا رأيي الشخصي لأنني استفدت منه كثيراً، وأعتقد أن الإخراج ظلمه، فلو ركز على الكتابة فقط لكن وضعه أصبح مختلفاً الآن.

- أعرف أنه عرض عليك الإخراج في مرحلة من حياتك.
هذا صحيح، فكثير من المنتجين كانوا يطلبون مني أن أكتب أعمالي وأخرجها بنفسي، حتى تخرج بالجودة والأمانة اللتين أطمح إليهما، وكانت تعرض عليَّ وقتها مبالغ خيالية، وقد أكون محتاجاً إليها فعلاً، لكني كنت مصراً على رفض العرض لأنني لا أريد أن أقحم نفسي في شيء لا أمتلك أدواته، ولا أريد الخوض في عمل أجهل أدواته أو لا أحبه.

- من هو أفضل مخرج؟
داوود عبدالسيد، فهو متميز ومتمكن من أدواته وله رؤية في كل أعماله.

- لو لم تكن مؤلفاً فما المهنة التي كنت ستعمل فيها؟
سؤال صعب، لكن أظن أنني كنت سأنضم إلى سلك القضاء أو المحاماة.

- هل صحيح أنك كنت معترضاً على التحاق نجلك مروان بمعهد السينما؟
لا إطلاقاً، والدته هي التي كانت معترضة، لأنها كانت تتمنى التحاقه بإحدى الكليات الكبيرة في الجامعة الأميركية، أما أنا فقد كنت أريده أن يلتحق بالكلية التي تناسب مواهبه وطموحاته، وهو الذي أصر على دخول معهد السينما.
كان ذلك قدره عندما رسب في إحدى المواد الدراسية، وكان مضطراً لإعادة السنة بأكملها، فقرر أن يشغل وقته بالتدريب مع المخرج شريف عرفة.
وخلال عام من التدريب تغيرت أفكار مروان، وقرر الالتحاق بمعهد السينما، لذلك أدين بالفضل للمخرج شريف عرفة في ما وصل إليه مروان.

- ما الذي ورثه مروان من والده؟
يشبهني إلى حد بعيد في العصبية والعناد، لأنه يصر على أن يحقق ما في رأسه مهما كانت الظروف، لذلك فأنا لا أتدخل في حياته وأكون مجرد مستشار له فقط إذا طلب ذلك، لكني أتركه يسير كما يشاء ويحقق طموحاته بكل حرية، ويصل بمركبه إلى الشاطئ الذي يريده.

- لماذا لم تفكر في إنجاب طفل ثانٍ بعد مروان؟
لأن الظروف كانت مختلفة تماماً عن الآن، كنت شاباً أبحث عن مستقبلي، ورأيت أنه من الصعب أن أجازف بإنجاب أكثر من طفل، فقررت الاكتفاء بواحد وتربيته بشكل جيد أفضل من أن أزيد العدد وأفشل في تربيتهم.

- لكن كان بإمكانك التغلب على الظروف المالية الصعبة بقبول أي من عقود العمل التي جاءتك من دول عربية وقتها؟
وقتها رفضت عروض عمل من الكويت وبعض الدول الأخرى، ورفضت عروض شركات طلبت احتكار كل كتاباتي مقابل راتب شهري ضخم، لأن الفنان لا يستطيع أن ينتج أو يبدع إذا كان مقيداً.
ومع أنني كنت في حاجة إلى المال واقترضت كثيراً، فإن من يقرضني وقتها لم يكن يمنّ عليَّ، بل كان يعتبر ذلك واجباً عليه.

- ما هو العمل الذي تفتخر بأنك كاتبه؟
أفتخر بأعمالي جميعاً، لكنني أحب أكثر «البريء» الذي لعب بطولته أحمد زكي وأخرجه عاطف الطيب، و»الإرهاب والكباب» الذي كان في الأصل مقالة وتم تحويلها إلى فيلم لعب بطولته عادل إمام.