هذه التصرفات تقتل إبداع طفلك... فتجنّبيها!

هبة الشيخ 01 أكتوبر 2019
يولد الأطفال عادةً مبدعين، ويتمتعون بطاقة تخوّلهم فعل أشياء كثيرة ومتنوعة، لكن غالباً ما يتراجع معدل هذه الطاقة تدريجاً مع بلوغ الطفل عمر الـ 10 سنوات، لذا نرى الأطفال قبل هذه السنّ يركزون في بعض الأمور أكثر من سواها، وذلك لرغبتهم الشديدة في إتقانها والإبداع فيها، كما تلعب البيئة المحيطة دوراً مهماً في تنمية إبداع الطفل، كذلك تقتل التربية الخاطئة ملكة الإبداع لديه، ومن هنا ضرورة أن تتعرّف الأم على بعض التصرفات العفوية التي تقوم بها أحياناً وتؤدي إلى تدمير إبداع الطفل.


- ما هو تعريف الإبداع عند الطفل؟

يمكن تعريف الإبداع بأنة أفكار جديدة ومفيدة ومتصلة بحلّ مشكلات معينة يلجأ إليها الطفل عند تعرضه لمشكلة ما يرغب في إيجاد حلول لها. وقد يولد الإبداع لدى الأطفال أيضاً نتيجة تجميع وإعادة تركيب الأنماط المعرفية في أشكال فريدة وجديدة وخلاّقة، كما يتفق الكثيرون على أن الإبداع هو نوع من التفوّق العقلي، ولهذا تختلف نسبة الإبداع عند الأطفال، فبعضهم قد يكون مبدعاً في العديد من الأمور، والبعض الآخر يكتفي بالإبداع في مجال واحد فقط.

يتميز بعض الأطفال بقدرتهم على ابتكار حلول جديدة لمشكلات لها في الأساس حلول، لذا يصبح هؤلاء الأطفال مبدعين في مجال معيّن. وتجدر الإشارة إلى أن بعض اختصاصي علم النفس يعتبرون أن الإبداع عند الأطفال هو الخروج عن العادات التقليدية والمتوارثة والسعي لإيجاد طرق أخرى مميزة وغير مألوفة لمشكلات يواجهونها أو غيرها. والطفل يتمتع بصفات إبداعية، لأنه يتميز بذكاء قائم على الدهشة والتعجّب والشغف بالمعارف الجديدة، وبمغامرات استكشاف المجهول كأساس لتنمية النزوع إلى البحث وكشف المحيط الطبيعي والاجتماعي الذي يحيا فيه، وذلك من خلال روح اللعب المسيطِرة على حركاته وأنشطته.

وفي طبيعة الحال، هناك فارق بين الإبداع والذكاء، فاختبارات الذكاء العادية تقيس القدرة على إيجاد إجابة صحيحة واحدة لكل سؤال، أما الإبداع فهو القدرة على إيجاد إجابات جديدة وغير عادية للمشكلات المختلفة. وكذلك الأمر بالنسبة الى الإبداع والموهبة، فالموهبة كالرسم مثلاً تمنح الطفل القدرة على رسم لوحة جميلة، ولكنها في الوقت نفسه لا تمكّنه من جعل اللوحة نادرة بما تحمله من أحاسيس يشعر بها من يراها، بعكس الإبداع.

- أيّ تصرفات تقوم بها الأم قد تحبط الإبداع عند الطفل؟

يفقد الأطفال الإبداع الذي في داخلهم مع التقدّم في العمر، خاصة اذا لم تتوافر المقومات التي تنمّي هذا الإبداع، وبرزت بدلاً منها معوقات تحدّ من نموّه، كما أن هناك تصرفات تقوم بها الأم بدون وعي وإدراك تؤدي بدورها إلى قتل الإبداع عند الطفل، وأبرزها:

الالتصاق بالطفل: أمّهات كثيرات يزاولن هذه العادة حبّاً منهن بتمضية الوقت مع أطفالهن أو لخوفهن من أن يقوموا بأي فعل قد يتسبّب بالأذى لهم، إلّا أنهن يجهلن أن الالتصاق الدائم بالطفل وهو يمارس إبداعه سيخلق في داخله شعوراً بالمراقبة الدائمة والانزعاج، ومع مرور الوقت سيمتنع عن ممارسة ما يحبّه لئلا يتعرض للمراقبة. كما أن التصاق الأم بالطفل وفرض أفكارها وآرائها في ما يقوم به، سيجعله متردداً في اتخاذ قرار تجاه عمله، وسيقتل حسّه الإبداعي شيئاً فشيئاً.

إلزامه بخيارات محدودة: إن محبّة الأم لطفلها تجعلها أحياناً ترتكب أخطاء غير متعمّدة، ولعلّ أهم هذه الأخطاء حين تضعه أمام خيارات محدودة، تتناسب في الغالب مع أهوائها. فقد تشتري له ملابسه الخاصة، وتعلّمه كيف يلعب بألعابه، وبالكاد تسمح له بالاختيار في ما بينها... هذه الطريقة في التربية تقتل الإبداع لدى الطفل وتقضي على فضوله. كذلك يجب التنبّه الى أن بعض الألعاب التي يكون لها إجابة واحدة صحيحة هي من أكثر الألعاب التي تقتل الإبداع عند الطفل، فالإبداع يتطلب البحث عن الكثير من الإجابات. لذا، على الأم أن تبتعد عن الألعاب ذات الإجابة الواحدة الصحيحة.

منحه الجوائز المشروطة: دائماً ما يعمد الأهل الى منح الطفل جائزة عندما يُحسن التصرف بحسب وجهة نظرهم، إلّا أن هذا الأسلوب يقتل الإبداع عند الطفل ويحدّ من تفكيره، فهو يسعى لإتمام العمل بالطريقة التي يريدها والداه من أجل الحصول على الجائزة، هذا فضلاً عن انحصار تفكير الطفل في كيفية الحصول على المكافأة من العمل الذي يقوم به، وبالتالي يتجه نحو الطريقة الأسهل والأبسط لإنجازه من دون أن يطلق العنان لإبداعه للوصول إلى طرق غير اعتيادية في إتمام العمل.

الاستهزاء بعمله: لا يميز الكثير من الأهل بين النقد البنّاء الذي يدفع الطفل نحو الإبداع وتقديم كل ما هو جديد ومميز، وبين الاستهزاء بما يقوم به، فيعمد بعض الأهل أو أشقّاء الطفل إلى إطلاق النكات حول العمل الذي أنجزه هذا الطفل أو اعتباره سخيفاً وغير نافع. هذا الأسلوب في التعاطي مع الطفل، سيدفعه الى الامتناع عن إطلاق العنان لإبداعه لكونه خائفاً من التعرّض للاستهزاء، وسيتوقف تدريجاً عن إنجاز أي عمل إلى حين يختفي حس الإبداع لديه وتتلاشى مقدرته على ابتكار أمور جديدة.

المبالغة في المهمات: من الضروري أن يُنجز الطفل كل المهمات الموكلة إليه خلال النهار، لكن في بعض الأحيان قد تفرض عليه الأم القيام بعدد من الأمور التي تتطلب منه جهداً ووقتاً، وهذا بالطبع سيمنعه من إيجاد الوقت الخاص له لممارسة ما يحبّه ويبدع فيه. كما أن إجبار الطفل على إنجاز الواجبات المدرسية بشكل متواصل من دون السماح له بأخذ قسط من الراحة، سيجعله متعباً ومنهكاً، وبالتالي عند الانتهاء من واجباته لن يكون مرتاحاً للبدء بممارسة ما يحبّه، ومع الوقت والاستمرار على هذه الحالة سينعدم حسّ الإبداع عند الطفل ولا يعود راغباً بممارسة ما يحبّ.

- هل من خطوات تحفّز الطفل على الإبداع؟

كل أمّ ترغب في تنمية ملكة الإبداع عند طفلها وتقويته ليصبح بارعاً في المجال الذي يحبّه، لكنها تجهل الطريقة الأنسب أو بعض الخطوات البسيطة التي تساعدها في ذلك، ومن هذه الخطوات:

أجيبي عن أسئلته بأسئلة: ليس من الضروري أن تقدّمي لطفلك الإجابات التي يبحث عنها في أسئلته، بل على العكس فإن الإجابة بسؤال عن سؤاله ستشجّعه على البحث عن إجابات بمفرده، هذا بالطبع مع مساعدتك له، وبذلك سيُفتح أمام الطفل المجال لإطلاق العنان لإبداعه فيفكر في الإجابات الصحيحة والمناسبة لأسئلته.

اختاري له الألعاب التي تعتمد على التفكير: من الطبيعي أن يكون اللعب من أهم الوسائل التي تساعد الطفل على تنمية إبداعه لكونه يمضي معظم وقته في اللعب مع أقرانه الصغار، لذا أحضري له الألعاب التي تركز على المسائل الذهنية والعقلية، كلعبة «المكعبات» التي تمكّن الطفل من إنشاء هياكل جديدة كل يوم، وبالتالي تنمّي لديه حسّ الإبداع والابتكار.

اسمحي له باتخاذ القرارات: من أهم وسائل تنمية الإبداع عند الطفل، السماح له باتخاذ القرارات، كاختيار الوجبات الغذائية وقائمة التسوّق الأسبوعية وأماكن التنزّه، كما يمكنه مشاركة والديه في اتخاذ بعض القرارات الخاصة بهما، كأن يدلي برأيه عند شراء الملابس أو اختيار هدايا الأصدقاء. قد تبدو هذه الأمور بسيطة، إلّا أنها ستنمّي إبداعه وتزيد من تقديره لذاته وتعزّز ثقته بنفسه وتطور من قدرته على حلّ المشكلات وإتخاذ القرارات الأكثر أهمية مستقبلاً.