نزار فرنسيس: الشاعر ابن بيئته والأغنية تعكس واقع المجتمع

حوار: هنادي عيسى 29 سبتمبر 2019
نزار فرنسيس شاعر غنائي من طراز رفيع، له باع طويل في عالم تأليف الأغنيات بحيث غنّى كبار النجوم من كلماته من أمثال ملحم بركات، نجوى كرم، وائل كفوري، عاصي الحلاني، ماجدة الرومي، وصولاً إلى ماريتا الحلاني وعدد كبير من النجوم الشباب. "لها" التقت فرنسيس وحاورته حول آخر أعماله واستطلعت آراءه في الساحة الفنية.


- بدايةً، ما هي الأعمال الغنائية التي ستصدر قريباً وتحمل توقيعك كشاعر؟

نجوم كثر سيغنّون من أشعاري، أبرزهم ماجدة الرومي، عاصي الحلاني، نجوى كرم، رامي عياش وغيرهم.

- هذه الأغاني هل هي عاطفية أم وطنية؟

معظم هذه الأغاني عاطفي، لكن هناك أغنية أدّتها ماريتا الحلاني خاصة بمسلسل "أنا بردانة" لكارين رزق الله، وتتناول كلماتها قضية مهمّة إذ تتحدث عن امرأة معنّفة وتعاني عذاباً كبيراً، وهي من كلماتي وألحان جاد الرحباني، وقد أسعدني أن ماريتا غنّتها بصوتها المميز.

- بما أنك صديق مقرّب إلى عاصي الحلاني، هل ترى أن دخول ولديه عالم الغناء يمكن أن يشتّت العائلة فنياً؟

دخول ماريتا والوليد الحلاني الى عالم الغناء لم يكن أمراً خاطئاً، إذ يحق لكل موهوب أن يجرّب حظّه في الغناء، وبناءً عليه يقرر إكمال المسيرة أو التوقف، وأنا أرى أن الوليد الحلاني صوته رائع جداً وأجمل بكثير من أصوات موجودة على الساحة الفنية، كما يتمتع بحضور قوي وشغوف بفنّه ويغنّي على سجيته، وأكثر ما يفرحني أن للوليد "نَفَسه" الخاص به والذي يميّزه عن والده عاصي الحلاني.

- الأصوات الجميلة متوافرة في لبنان، لكن النجومية والكاريزما من الله سبحانه وتعالى، هل الوليد وماريتا يمتلكان "ملكة الحضور"؟

من المُبكر الحكم عليهما، لكنْ أعتقد أن الوليد جاهز ليكون نجماً، ولا يمكننا المقارنة بين الأب والابن، لأن عاصي كانت انطلاقته صاروخية إنما الظروف تختلف بين الماضي والحاضر.

- ماذا عن الظروف التي تحكم النجومية في الوقت الراهن؟

متطلبات النجومية والنجاح أصبحت اليوم مختلفة عمّا كانت عليه قبل 30 سنة. ففي تلك المرحلة، كنا ملزَمين بقناتين تلفزيونيتين، أما اليوم فالعالم بات مكشوفاً على بعضه البعض بسبب التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، وصار في إمكان أي شخص أن يغنّي ويطرح أغنية على "يوتيوب"... لقد أصبحنا في عصر الأغنية لا عصر النجم.

- في رأيك، هل تتطور الأغنية اللبنانية مع تقدّم الزمن أم تتراجع؟

الأغنية اللبنانية مرت بمراحل عدة، وروّادها أشبه بسرب عصافير، وأنا أرى أن المبدعين يأتون أسراباً.

- أسراب عصافير... أي موسميين!

بالضبط، إذ يمر سرب ليعقبه سرب آخر وهكذا دواليك... فالأغنية اللبنانية تعاني أحياناً صعوبات تؤدي إلى تراجعها، ومع ذلك تبقى هناك أعمال جيدة تُنعش الساحة الفنية، وأنا متفائل وأرى أن الأغنية اللبنانية لا تزال بخير، فرغم كل المعوقات، والتأرجح صعوداً أو هبوطاً، لم يتوقف الإبداع في عالم الأغنية.

وهل لصعود وتيرة الغناء أو هبوطها علاقة بالوضع العام؟

بالتأكيد، فالوضع العام يؤثر في كل مناحي الحياة، فما بالك بالفن؟ ومثال على ذلك الحرب الأهلية في لبنان، انعكست على الفن اللبناني، فانهار حاله كحال البلد الذي استنزفته الحرب. وحتى اليوم لا تزال التجاذبات السياسية تؤثر سلباً في الفن، وكذلك الوضع الأمني المتردّي، فالفن كغيره من المجالات يتأثر بأوضاع البلد.

- هل تستوحي أشعارك من الوضع العام؟

أؤمن بأن الشاعر ابن بيئته، ولا بد له من أن يتجاوب مع محيطه ويعبّر عن أحوال الناس وينطق بلسانهم، أما بخلاف ذلك فيكون غريباً عنهم، وأنا لست شاعراً "توقظني القصيدة في الليل لأكتبها"، بل أعيش وجع الناس، دموعهم، ضحكاتهم... وأترجمها شعراً، وهذا ما حصل معي عندما كتبت أغنية "طار البلد" لراغب علامة، فهي أحدثت ضجة كبيرة لأنها تعكس واقع الشعب اللبناني.

- لمن تُسمع قصيدتك الجديدة أوّلاً؟

أقرب شخص إليّ هو زوجتي وأفراد عائلتي، لذا هم أول من أُسمعهم جديدي من القصائد الشعرية وأراقب ردود الفعل التي تظهر على وجوههم.

- من أكثر مطرب غنّى من قصائدك؟

عاصي الحلاني، فلم أغب يوماً عن ألبوماته، وهو لا يزال منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي وإلى اليوم يغنّي من كلماتي، فهو فأل خير عليّ وأنا كذلك.

- ما أبرز نجاحاتك معه؟

أغنيتا "واني مارق مرّيت" و"يا ميمة".

- وهل تتأثّر الأغنية بالبيئة الحاضنة؟

بالطبع، فأغنيتنا هي هويتنا، ولا بد من أن تشبهنا وتعكس واقع مجتمعنا.

- وهل أنت نادم على أغنية لُحّنت من كلماتك؟

لا ألتفت إلى الوراء إلا لأنظر الى المستقبل، وأحاول القيام بعمل يُنسيني وجع الماضي، فبذلك فقط أتغلّب على الندم.

- أيّ الأصوات تلفتك طريقة غنائها لقصائدك؟

هناك الكثير من الأصوات، وأنا راضٍ عن أصوات كل المغنّين الذين غنّوا من قصائدي، وأعتز بصداقتهم، كما أرحّب بالتعاون مع أي صوت واعد في الوطن العربي.

- وأي نوع من الفن يضرّ بالمجتمع؟

الفن الذي يُشوّه ذائقة المجتمع ويؤثّر سلباً في ثقافته.

- هل تعطي كلماتك لمطرب لست مقتنعاً بصوته بداعي المجاملة مثلاً؟

لم يحدث أن أعطيت قصائدي لفنانين لست مقتنعاً بأصواتهم، فأنا لا أُجامل على حساب أفكاري وفنّي.

- اذكر لي أسماء نجوم تتمنى أن يغنّوا من كلماتك؟

هم كثر...

- أعطني اسماً او اسمين؟

هناك نجوم كبار كثيرون أصواتهم رائعة، وأنا أتمنى التعاون مع أي فنان صوته جميل ومميز، علماً أنني لم أبادر يوماً الى الاتصال بأحدهم.

- يعني أنك لم تعرض قصائدك على أحد...

بالفعل، فأنا لم أعرض قصائدي التي تضجّ بأحاسيسي بهدف أن أُعطيها للناس، فقلبي وبابي مفتوحان للجميع، وقصائدي حاضرة لكل صوت جميل وموهبة حقيقية.

- ما رأيك بالقصائد التي تُنظَم باللغة العربية الفصحى؟

لي أكثر من تجربة مع القصائد المغنّاة بالفصحى، ومن ضمنها أعمال خاصة نفّذتها مع الملحن هيثم زياد، وبعض الأناشيد التي تدخل في خانة الأعمال غير التجارية.

- هل من سوء حظك أنك شاعر عربي من هذا الزمن؟

نعم، فهناك انحطاط لم يسبق له مثيل، والعرب متفرّقون، وهذا الزمن من أسوأ الأزمنة في تاريخ الشعوب العربية.

- بعدما قدّمت أوبريت "الأرز" وأغاني للجيش اللبناني، كيف يمكن أن تكون المحطة المقبلة على صعيد الأغاني الوطنية وغيرها؟

لا أعرف، ولا أرى ما هو أكبر من الأرزة، لكن ربما تناقش قصائدي قضايا إنسانية مهمة تعنى بالحضارات.

- كيف تنظر الى تجربة وعد ملحم بركات؟

وعد شاب موهوب ويحب الفن، وهو لا يزال في مرحلة التجريب، فإذا نجح يكون قد حقق ما يصبو إليه، وأنا أتمنى له كل الخير.

- بمَ تحتفظ من الطفولة الشقية التي عشتها في منطقة رأس بعلبك؟

دائماً يأخذني الحنين الى الطفولة، وكلما ذهبت الى قريتي "رأس بعلبك"، أزور الأشخاص الذين عشت معهم طفولتي، وأتعاطى معهم بعفوية، فأشعر وكأني في عمر السبع سنوات. هناك منازل ودروب ومحلات لا تزال على حالها وكأن الزمن توقف عندها. لذا، من الضروري للشاعر أن يحمل طفولته معه.

- كم أغنية كتبت خلال مسيرتك؟

لا أذكر، وكل ما أعرفه أن عدد الأغاني تخطّى الألفين، لكن أؤكد أن أغنية "ليل ورعد وبرق وريح" لوائل كفوري كانت "ضاربة" وفأل خير عليّ، لأن هذه الأغنية تحديداً نجحت في العام 1992 وساهمت بالتالي في نجاح شاعر وملحن ومطرب.