أمل بوشوشة: "دولار" أعطاني الفرصة لإظهار الجانب المرح في شخصيتي... وموهبتي تتقدّم على جمالي

حوار: أمين حمادة 28 سبتمبر 2019

تخصّ النجمة الجزائرية أمل بوشوشة "لها" بحوار فيه الكثير من تفاصيل حياتها المهنية كممثلة كاشفةً أن الغناء أصبح من الماضي، وذلك بالتزامن مع احتفالها بنجاح مسلسل "دولار" جماهيرياً على شبكة "نتفليكس" Netflix، بعد أن استطاعت الوصول الى مستوى الـ"جوكر" في الدراما العربية، إذ قدمت جنسيات كثيرة بلهجات متعددة، كالسورية واللبنانية والمصرية والفلسطينية، وطبعاً الجزائرية، لهجة وطنها الذي تشدّد على احترامه واحترام بلدان جمهورها أيضاً، كما تؤكد أن موهبتها تتقدّم على جمالها.


- ما رأيك بتجربة "دولار" بشكل عام؟

مسلسل "دولار" من أكثر المسلسلات التي استمتعت فعلاً بتقديمها لأسباب عدة، لعل أهمها النص وتركيبة الشخصية، وفريق العمل من الممثلين إلى المخرج وشركة الإنتاج، هذا فضلاً عن عرضه على منصة عالمية بأهمية "نتفليكس"، وهو ما يطمح إليه كل فنان عربي.

- ماذا يعني لك دخول "دولار" في قائمة الأعمال الأكثر رواجاً على "نتفليكس"؟

لا يمكنني أن أصف شعوري بدقة، لا سيما أن تجربة "نتفليكس" جديدة بالنسبة إليّ. بالطبع كنت أتوقع النجاح للعمل وأن يحظى بإعجاب الجمهور. فالعرض على شبكة "نتفليكس" يختلف عن العرض التقليدي على التلفاز من ناحية تقنية، وكذلك من ناحية التوقيت بحيث يُعرض العمل خارج موسم رمضان ويُقاس نجاحه من خلال وسائل الإعلام وتفاعل الجمهور معه، أما "نتفليكس" فتتحدث بلغة الأرقام الدقيقة.

- تقصدين أن "نتفليكس" تتميز بصدقية أكبر!

بالتأكيد، فمما لا شك فيه أن عرض العمل على "نتفليكس" نال رضا 98 في المئة من الجمهور، وبالتالي دخوله قائمة الأعمال الرائجة منذ الأيام الأولى لانطلاق عرضه، وهذان أمران رائعان.

- رغم كل ذلك طاولت العمل انتقادات، كاتّهامه بالضحك المجاني، وكثرة المصادفات... فما رأيك؟

"دولار" ليس عملاً وثائقياً، بل نناقش فيه قضية من صميم المجتمع بأسلوب يغلب عليه طابع الترفيه والتسلية، ونقدّم من خلالها عِبرة، كحال الإنسان عندما يلهث وراء المال، متجاهلاً ما هو أهم في الحياة. وقد عالجنا الفكرة بأسلوب كوميدي خفيف، ما يجعله يحتمل الصدف، لا سيما أن العمل غير تقليدي، سريع الإيقاع واستُخدمت في تصويره تقنيات سينمائية.

- ماذا قدّم لك العمل؟

في الحقيقة، بما أن "دولار" يغلب عليه الطابع الكوميدي، فقد أعطاني الفرصة لإظهار أحد الجوانب الخفية في شخصيتي على الشاشة، فالجمهور اعتاد على رؤيتي بصورة جادة، لكن شخصية "زينة" التي قدّمتها في هذا العمل، مكّنتني من الكشف عن الجانب المرِح في شخصيتي، وساعدني في ذلك زميلي عادل كرم، فأنا أحبّه وأحترمه، ولكثرة ما كان يُضحكني وأُضحكُه، كانت الـ"إيفيهات" عفوية وخارجة عن النص، كلازمة "مسيو ضابط" مثلاً.

- ماذا عن المشهد الذي جمعك مع الممثلَين عبدو شاهين وأويس مخللاتي، اللذين قدّما شخصيّتَي "شاهين" و"صخر" في مسلسل "الهيبة"؟

في طبيعة الحال، المادة المقدَّمة في "دولار" كوميدية وغير واقعية مئة في المئة، وإلاّ لما كانت من نسج الخيال... فقد تسلل عالم "الهيبة" الى عالم "دولار" في لحظة تقاطع أحبّبتها وتحمّستُ لها كثيراً، وإن كان المشهد مساحته صغيرة.

- ما الأعمال التي تتابعينها على شبكة "نتفليكس"، وكيف هي علاقتك بها؟

كنت أركز في متابعة الأفلام الدرامية، واليوم تستهويني الأفلام الوثائقية أكثر. وتضيف أمل ضاحكةً: "في الكثير من الأحيان، كنت أتصفح "نتفليكس" لساعتين كي أختار العمل الذي سأُتابعه، وذلك بسبب الحيرة التي تنتابني أمام كثرة الخيارات، فيمر الوقت ويغلبني النعاس فأنام ولا أقوى على مشاهدة أي عمل... أظن أن هناك كثراً مثلي".

- كيف ستؤثر "نتفليكس" في الدراما العربية؟

المنصّات العالمية فرضت نفسها بقوة في العالم أجمع وفي منطقتنا العربية، لا سيما "نتفليكس" التي فتحت نافذة لنا كفنانين وشركات إنتاج. أعتقد أن هذا الحضور سيتكثّف مع مرور السنين، فهذه الشبكة سهّلت على الناس المشاهدَة بحيث أتاحت لهم فرصة تحديد الزمان والمكان اللذين يناسبانهم لذلك. أما في يتعلق بشكل الدراما ومضمونها، فـ"نتفليكس" تكسر قيد الثلاثين حلقة وتتجه الى تقليص عدد الحلقات بما لا يترك مجالاً للمماطلة، وبما أن هذه الشبكة تخضع لمعايير عالمية فهي تفرض شروطها على العمل للحفاظ على عنصر الجودة.

- هل هناك جزء ثانٍ من "دولار"، ولماذا بدّلتم عنوانه "راصور"؟

"راصور" كان عنواناً موقتاً، لأن الدولار في العمل ينتقل من شخص الى آخر، ومن ثم اتّفقنا على تغييره الى "دولار"، وهذا ما شجّعت عليه منذ البداية. ومن المفترض أن يكون هناك جزء ثانٍ من هذا العمل، إلّا أن التوقيت والقرار النهائي من اختصاص "نتفليكس".

- لماذا غبتِ عن الشاشة الفضية في شهر رمضان الماضي، وما هي المسلسلات التي تابعتِها خلاله؟

لم يُعرض عليّ نص جيد ويتماشى مع طموحاتي، وكنت قد انتهيت للتوّ من تصوير "دولار" الذي أعتبره عملاً قيّماً، لذا حرصت على عدم المشاركة في عمل دونه مستوىً. وتابعتُ تقريباً كل المسلسلات التي عُرضت في رمضان، إذ دفعني الفضول لمواكبة التطورات التي تحدث في الدراما العربية.

- ما هي الأعمال الرمضانية التي لفتتك، ومن تهنّئين من أصحابها؟

لفتتني أعمال كثيرة، أولها مسلسل "مسافة أمان" للكاتبة إيمان سعيد والمخرج الليث حجو، فأنا أحب أسلوبه المتقن في العمل وسعيدة بما شاهدتُ، وهذا ليس جديداً عليه. أما بالنسبة الى التهنئة، فأبادر الى تهنئة الجميع عند التقائي بهم، ولا أخفي عليك أنني لا أبوح بما لا يعجبي، إذ لا يتقبّل البعض النقد، كما أنني لستُ مخوّلة تقييم الآخرين.

- هل تحضّرين لعمل جديد يُعرض في الموسم المقبل؟

حتى الآن لم تتبلور الصورة لدي، ولم أرسُ على قرار بعد.

- ردّد البعض أنك ستنضمين الى أسرة مسلسل "باب الحارة"...

لا، هذا الكلام مجرد شائعة لا أساس لها من الصحة.

- لا شك في أنك الآن على قدر من النضج الفني، فما هي المعايير التي تتبعينها في اختيار أدوارك؟

التجارب أكسبتني كما غيري، الخبرة وشحذت تفكيري ونمّت إدراكي الحسي، فأصبحت قراءتي للنصوص أعمق وأكثر نضجاً، وبالتالي أصبحت خياراتي أفضل. في السابق كنت أُعجب بمعظم النصوص، وكانت همومي مختلفة، فمثلاً كنت أصبّ على اللهجة كل تركيزي وهمّي أن أنطقها كما يجب، أما اليوم فأصبحت خياراتي بديهيةً أكثر وقراءتي أدقّ ونظرتي أشمل، وصارت ثقتي بنفسي أقوى، ولهذا في البداية كنت أخاف من أداء دور أعتبره صعباً أو يفوق قدراتي، أما اليوم فأخوض التحدّي بنضج وثقة ومعرفة أشمل بأدواتي التمثيلية. لكن هذا لم يصبني بالغرور، بل تراني أتقبّل النّصح والنقد إذا كان في محله، فكل يوم أزداد معرفة يزداد فيه تواضعي وأتعامل مع النادل على سبيل المثال، باحترام ومحبة كما أتعامل مع المسؤولين والمديرين.

- ثمة جميلات دخلن أو استُجلبن إلى الدراما التلفزيونية، بينهن من نجحت ومن فشلت ومن وصلت إلى مرحلة معينة وتوقفت عند حدود جمالها، أين أمل من كل هؤلاء؟

لكل امرأة شخصيتها وجمالها. وما يميّزني أنني لم أكتفِ بجمالي أو أعتمد عليه. أدركت منذ اللحظة الأولى أنني إذا ركنتُ الى الجمال، من دون الاجتهاد وتطوير الذات وصقل الموهبة في داخلي، لفشلت. وضعت موهبتي في المقدّمة وتركت الناس يكتشفونها، لا سيما أنني أتيت إليهم من بلد آخر. هذه النقطة جعلتني أفرض نفسي بعملي واحترامي فقط، مع حرصي الدائم على احترام بلدي وبلد الجمهور.

- ماذا يعني لك أن تمثّلي الجزائر في دول عربية، وكم يشعرك ذلك بالمسؤولية؟

لا أدّعي أبداً أنني أمثّل بلدي الجزائر، فهو بلد عظيم ولا يمكن اختصاره بأشخاص، ولكنني أُمثّل نفسي، وأحرص دوماً على أن أكون مواطنة جزائرية محترمة وأقدّم صورة جميلة عن بلدي.

- قدّمت عدداً من اللهجات في الأعمال الدرامية التي شاركت فيها، ما سرّ إتقانك لها؟

هذه موهبة من الله، فأنا قادرة على اكتشاف لهجة الشخص الذي يحدّثني، فأجيدها تلقائياً وأتحدّث بها بطلاقة، لكن هذا لا ينفي أنني أتدرّب عليها حتى أتمكن منها خلال أدائي للشخصية.

- ما أصعب لهجة تحدّثت بها؟

اللهجة المصرية، لأنها منتشرة في معظم الدول العربية، لكن كل شعب ينطقها بلَكنته الخاصة، إنما المصرية الحقيقية صعبة، وعليك أن تُقنع المصري بها أولاً، وتليها في الصعوبة اللهجة في البيئة الشامية.

- دائماً تذكرين فضل الدراما السورية عليك، كيف تصفين علاقتك بها؟

الدراما السورية كانت بوابتي الى الدراما العربية، فهي بالنسبة إليّ أهم مدرسة، وأنا محظوظة لأنني بدأت التمثيل مع مخرجين كبار ونجوم صف أول في الوطن العربي، فهذه فرصة من النادر أن تتكرر. وعندما أعترف بفضل الدراما السورية عليّ، فأنا أتحدّث بأصلي. ولا شك في أن ما قدّمته، كان بفضل الدراما السورية التي احتضنتني وآمنت بقدراتي وصقلت موهبتي، لا سيما أنني لست خرّيجة معهد تمثيل، كذلك أعترف بفضل الدراما اللبنانية والمصرية، فكل هذه المراحل جعلتني ما أنا عليه اليوم، فكيف أنكر فضل من ساعدني؟

- ماذا عن التجربة المصرية؟

تتميز مصر بكونها المصنع الأهم للفن العربي، كما أنها تتمتع باكتفاء ذاتي في هذا المجال. لذا، كل فنان عربي يطمح إلى دخول مضمار الفن المصري. شخصياً، هناك تجربتان لي في مصر، "تحت الأرض" للمخرج حاتم علي ومثّلت أهم تحدٍ لي لأنها كانت خطوتي الأولى هناك، وكنت مهجوسة بإتقان اللهجة المصرية. وبعد هذه التجربة ابتعدت قليلاً رغم العروض الكثيرة، إذ خفت من تنميطي في دور البنت الجميلة، إلى أن جاء مسلسل "أبو عمر المصري" مع أحمد عز ومن إخراج أحمد موسى، وقد جذبني بنصّه الجميل الذي كان مقسماً الى ثلاثة أجزاء، حللتُ أنا في الجزء الأخير منه بدور فتاة فلسطينية. كانت فرصة اغتنمتها، لا سيما أننا في الجزائر نحمل الهمّ الفلسطيني في داخلنا منذ نعومة أظفارنا.

- لا يعرف الجمهور الكثير عن الدراما الجزائرية، ماذا تخبرينا عنها؟

في السنوات الأخيرة، شهدت الدراما الجزائرية نقلة نوعية، ونُفّذت أعمال حققت انتشاراً في الدول العربية والأوروبية، ومنها ما حصد جوائز مهمة. أفتخر بهذه الأعمال حتى وإن لم أظهر فيها، وهي تبشّر بالخير. دائماً ما تُعرض عليّ المشاركة في أعمال جزائرية، فأعتذر لأن تصويرها يستغرق حوالى 3 أشهر، مما سيضطرّني للابتعاد عن عائلتي وابنتي... عندما تكبُر ابنتي ربما أصبح قادرة على اصطحابها معي أينما ذهبت.

- في الموسم الرمضاني الفائت عُرض مسلسل سوري- جزائري مشترك، ما رأيك بهذه التجربة؟

أشجّع هذه التجربة، فالدراما السورية أضافت الى العمل جمالها ورونقها، والدراما الجزائرية قدّمت فيه نفسها، لا سيما أن في الجزائر مواهب فذّة كثيرة لا تزال غير معروفة على الصعيد العربي، واتّجه معظمهم الى أوروبا، وفرنسا تحديداً حيث برز.

- أنت متزوجة من لبناني منذ 4 سنوات ونصف السنة، ما أبرز ما لفتك في لبنان؟

الزواج قسمة ونصيب، وقد استقررت في لبنان منذ مشاركتي في برنامج هواة قُدّم عام 2008، ولو أنني لم أحب هذا البلد لما بقيت فيه، وأنا سعيدة جداً مع زوجي. الحياة في لبنان لها خصوصيتها، وهي سهلة وغير معقّدة، والجميع من حولك ودودون ويشعرونك بأنهم أصدقاء. في لبنان تعيش حالة وجدانية خاصة، هذا فضلاً عن موقع لبنان الجغرافي في قلب الوطن العربي، مما يسهّل عليّ التنقل في العمل بين سورية ومصر ودول الخليج، كما أنني أحب المؤونة اللبنانية.

- هل تفكّرين وزوجك بإنجاب أخ لابنتكما "ليا"؟

هذا الأمر نتركه الى تقدير الله.

- هل أصبح الغناء وراء ظهرك؟

بالتأكيد، مع مرور الوقت تشكّلت لدي قناعة بأن الغناء لم يكن ليوصلني الى ما أوصلتني إليه الدراما الأقدر على تقديمي بشكل صحيح. أنا أنظر الى نفسي كممثلة، ولكن بالطبع إذا صادفني عمل يتطلب غنائي فيه، فسأرحّب به.

- نشرتِ صوراً لك من السعودية، ما سبب وجودك هناك؟

سعدت كثيرة بسفري الى السعودية، في زيارة هي الأولى لي، وذلك ضمن حلقة من برنامج جديد لشبكة Mbc يجول على مختلف المناطق السعودية مع النجوم العرب، فزرت مدينة جدّة التي أحببت ناسها وعمرانها والمواقع المميزة فيها، لا سيما شاطئها، وتجولت فيها فوجدتها فعلاً مميزة.