لينين الرملي الاحتفال برجل المسرح المصري والعربي

القاهرة – طارق الطاهر 13 أكتوبر 2019

يعدّ الكاتب المسرحي الكبير لينين الرملي، علامة فارقة في تاريخ المسرح المصري والعربي، فهو صاحب تجربة إبداعية ثرية، فقد وصل عدد المسرحيات التي كتبها إلى 55 مسرحية، تعد علامات بارزة في تاريخ المسرح، كما حقق شهرة واسعة من المسلسلات التي كتبها، ووجدت إقبالاً كبيراً من المتابعين.


وتقديراً لهذه التجربة الثرية، فقد أقامت له وزارة الثقافة المصرية احتفالية خاصة، كرمته تقديراً لتفرد رحلته الإبداعية، ولهذه المناسبة صدر كتاب تذكاري عن المحتفى به بعنوان "رجل المسرح... لينين الرملي" للناقد جرجس شكري، الحاصل أخيراً على جائزة الدولة التشجيعية في المسرح.

في هذا الكتاب، نجد سرداً لرحلة الرملي وتأثيرها في المجتمع، وقد بدأ جرجس الكتاب بمقدمة له تكشف العديد من الجوانب في رحلة الرملي: "قرأت أعمال لينين الرملي المسرحية دفعة واحدة خلال شهر تقريباً، وذلك حين حصل على جائزة الأمير كلاوس من هولندا عام 2006، الجائزة التي يتم منحها للكاتب الأكثر ثأثيراً في مجتمعه، ومن قبل كنت قد شاهدت له بعض العروض على خشبة المسرح، أو عبر شاشة التلفزيون، بالإضافة إلى أعماله الدرامية الأخرى في السينما والدراما التلفزيونية والإبداعية، وكان بالنسبة لي كاتباً متميزاً من نجوم المسرح التجاري، مع كل التحفظات على هذا النوع من المسرح، وأهمها الابتعاد عن قضايا اللحظة الراهنة، وقرأت هذه الأعمال حين طلبت مني إحدى الدوريات الكتابة عنه بمناسبة الجائزة، وحين بدأت القراءة تغيرت الصورة تماماً، واكتشفت الوجه الحقيقي لهذا الكاتب، الذي غير مفهوم مسرح القطاع الخاص في سبعينيات القرن الماضي، وكنت مشغولاً أثناء القراءة بالبحث عن كيفية تأثيره في المجتمع، ذلك السبب الذي حصل من أجله على الجائزة، وأثناء القراءة ظهرت صورة مختلفة عما كان في ظني من قبل، فمن خلال النصوص بدأت شخصيته تتجسد أمامي عبر مراحل متعددة، سواء في المسرح التجاري أو مسرح الدولة أو الفرقة الخاصة التي كونها مع زميله محمد صبحي، أو مع فرقته التي كونها بمفرده عام 2000 مع مجموعة من الهواة، وفي كل هذه المراحل كان لينين الرملي يقرأ أحداث المجتمع المصري؛ ويطرح أسئلة اللحظة الراهنة؛ ولكن من خلال أسلوب كوميدي في دراما اجتماعية، ثم تطور الأمر من أسئلة وجودية، إلى قضايا سياسية واضحة ومباشرة في مرحلة أخرى، لكنه في كل الأحوال كان يعالج عبث الحياة والمآسي التي يعيشها الإنسان بالسخرية في قالب كوميدي، فثمة وعي حاد بكل أحداث المجتمع المصري، وعلى سبيل المثال راح يحذر من سطوة الأجهزة الأمنية في مسرحية "اللهم اجعله خيراً"، ومن سطوة الماضي الذي أصبح الحاكم والمسيطر في "أهلاً يا بكوات"، ومن قبل ناقش الخرافة التي سيطرت على حياة المصريين في "عفريت لكل مواطن"، لذا فالكاتب الكبير لينين الرملي يعد بالنسبة لي ظاهرة وحالة نادرة في المسرح المصري".

وُلد لينين الرملي في 18 آب (أغسطس) 1945، وحصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1970، كتب للتلفزيون ما يقرب من 30 عملاً، وللسينما كتب 12 فيلماً كان أولها مع صلاح أبو سيف في فيلم "مدرسة الجنس"، الذي لم تجزه الرقابة إلا بعد عشرين عاماً من كتابته، ومن أفلامه – أيضاً - "السيد كاف"، "البداية"، "الإرهابي"، "بخيت وعديلة"، "الجردل والكنكة"، و"هاللو أمريكا".

وقد حرص وزير الثقافة المصري الكاتب الصحافي حلمي النمنم، على أن يسجل في صدارة الكتاب ما يشبه تقييماً نقدياً لمسيرة المحتفى به: "يعد لينين الرملي كاتباً من أكبر كتاب المسرح في مصر والوطن العربي، شكل اتجاهاً جديداً في كتابة الكوميديا في عصره، له تاريخ حافل في المسرح والسينما والتلفزيون، يلاحظ المتابع لأعماله بسهولة أنها تدور حول العقل والنفس الإنسانية، فهذا هو دائماً شغله الشاغل، عقل الإنسان العربي، ومنهجية تفكيره، فكانت باكورة كتاباته المسرحية "انتهى الدرس يا غبي"، وسرعان ما نشاهد بعدها "المهزوز"، "أنت حر"، "تخاريف"، "وجهة نظر"، "أهلاً يا بكوات"، وأروع أعماله السينمائية مع رائد الواقعية المخرج الكبير صلاح أبو سيف "البداية"، ومن باكورة أعماله المتميزة "بالعربي الفصيح"، الذي أثار إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، بل وأشادت به الأقلام العربية والغربية، أيضاً، وكل الأعمال الفنية والأدبية، وما أطلق عليها من عناوين تشير إلى ما يهتم به لينين الرملي (العقل العربي)، فهو الكاتب الفذ والمفكر الموسوعي؛ الذي يهتم بإصلاح مجتمعه دائماً، لذا وصل إلى فضاءات لم يصل إليها أحد قبله.