تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

الفنان الدكتور مصطفى الرزاز: لوحاتي خزائن أسراري

يعدّ أحد أبرز الفنانين التشكيليين المصريين والعرب، له سجل حافل في الملتقيات الدولية، ويملك رصيداً ضخماً من التجارب الإبداعية، عبر ما يقرب من نصف قرن. إنه الفنان الدكتور مصطفي الرزاز، الذي أراد أن يقدم ملامح تلك التجارب في معرضه الحالي، الذي يحمل عنوان "الذاكرة الزجزاجية".


- لماذا أطلقت على معرضك عنوان "الذاكرة الزجزاجية" بدلاً من العنوان المعتاد لمثل هذه المعارض، وهو معرض استيعادي؟

أعتبر رسومي العديدة التي سجلت فيها مشاهد ومواقف وأفكاراً، عبر أكثر من خمسين عاماً، تراثي الذي أعتدّ به، وأعتبر هذه الرسوم خزائن أسراري وحوليات حركتي في هذه الحياة، وهي شاهدة على لحظات فارقة في مسيرتي، وبالتالي أصبحت أعمالي في مثابة الوثائق التي تحفظ ذاكرتي ومسيرتي. من هنا، تربيت عبر السنين على أن أتجول بحرية تامة بين تلك الرسوم، وما تنطوي عليه من مشاعر وذكريات ذهاباً وإياباً في ما أطلق عليه "حركة زجزاجية"، تفتح بوابات الماضي على الحاضر، لتطل على آفاق المستقبل وتجلياته.

- أفهم من ذلك أن هذا المعرض يمثل جولة في ذاكرة الدكتور مصطفى الرزاز؟

هذا أدق وصف لهذا المعرض، فقد اخترت الأعمال المعروضة من رسوم عديدة تتخطى الآلاف، تمثل ذاكرتي البصرية ورؤيتي للعالم الذي أتجول فيه بالحضور المادي، أو بالتحليق الخيالي المتداخل مع أحلام النوم واليقظة والكوابيس والهواجس، إذ تنساب في نهر تلك الذاكرة رواسب تراثية متعددة: وطنية وإنسانية وخبرات مادية، اكتسبت منها أنهاراً من المعرفة والاختيار والتأمل والتحليل، وطاقات الخامات التي استخدمتها في لوحاتي ومعطياتها على سطح الورق، والمواقف الإنسانية التي تدفع بداخلي ما لا ينمحي، مع كل ما ذكرته تتداخل ملامح من البيئة وحياة الناس البسطاء، بما يملكونه من صفات متوارثة من الحكي والسلوك.

- لمّحت الى أن هذا المعرض في مثابة أرشيف دقيق لجولاتك المختلفة عبر نصف قرن، أليس كذلك؟

بالفعل، فقد استدفأت في هذا المعرض بخبراتي السابقة، التي فتحت لي آفاقاً جديدة، لأعيش عالماً من الخيال والوجد، إذ استحضرت من خلالها ذكريات زيارتي النوبة والسد العالي في 1962، وجولاتي في أسوان والأقصر وسوهاج وأخميم والزقازيق والعريش والواحات، فضلاً عن ترحالي وتجوالي في روما وفلورنسا وفينيسيا واستوكهولم وأوسلو وكوبنهاغن وطوكيو ونيويورك، وكذلك جولاتي في دهاليز نيودلهي وأجرا بالهند، أرسم هنا وهناك ذكرياتي البصرية على الورق، وجدت هذا كله أمام ناظري يتجول من فترة إلى أخرى، من وثائق ماضية إلى نبض جديد يعاود البعث في أعمال حالية... وهذه هي الفكرة الدقيقة لمعرضي الحالي.

- معنى ما قلته أنك تعرض الرسوم القديمة ذاتها من دون تدخل؟

لا، بالتأكيد تدخلت في عدد لا بأس به من الرسوم، فقد تأملت بعضاً من حصاد نصف قرن من الولع بالرسم والتخطيط الميداني على الأوراق، كل منها يحمل بصمته وزمانه ومكانه، فقد لملمت عدداً من رسوم الستينات من النوبة ومن الأساطير والجان، الآن قرأت في هذه الرسومات ما لم أدركه في وقت رسمها، فتبلورت لديَّ فكرة تكبير مختارات منها، وتلوينها بأسلوبي الراهن، وكانت النتيجة أنني عكفت عليها لأكثر من عامين، وكانت تجربة ممتعة لي كثيراً، فجاء المعرض ثمرة ذاكرة زجزاجية تسعى فيه الأعمال عبر تاريخي الشخصي ذهاباً وإياباً.

- ما عدد الأعمال المعروضة في هذا المعرض؟

سبعون لوحة زيتية وخمسة وعشرون عملاً نحتياً من البرونز.


بطاقة

الدكتور مصطفى الرزاز حاصل على بكالوريوس المعهد العالي للتربية الفنية 19 65، والماجستير في 1972، ودراسات في الفنون والحرف من جامعة أوسلو 1974، ودكتوراه في فلسفة الفن من جامعة نيويورك بلنو 1979، وهو الآن أستاذ متفرغ بكلية التربية الفنية. بدأت رحلته مع المعارض الفردية منذ عام 1966 وحتى الآن، وقد شارك في فعاليات جماعة المحور الفنية في الثمانينات، وسبق أن عرض في العديد من دول العالم: العراق، أميركا، الصين، إيطاليا، المغرب، الأردن، البرازيل، وألمانيا، وشارك في العديد من البيناليات التي أقيمت في فينيسيا، باريس، القاهرة، بغداد، ساو باولو، هافانا، الهند، والإسكندرية. وحصل خلال مسيرته الفنية على الكثير من الجوائز، وله مقتنيات داخل مصر وخارجها، فضلا عن أعماله الصرحية الموجودة في محافظتي الجيزة والقاهرة. كما ساهم في أعمال فنية شهدها المسرح القومي ومسرح السلام في القاهرة.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077