هندسة تعانق خليج بيروت خشب الإيبوني يحكي حكاية الجمال

بيروت- روزي الخوري 03 نوفمبر 2019

على خليج بيروت تطلّ هذه الشقّة السكنية في أحد المباني الفخمة العصرية في قلب العاصمة. في رحاب هذه المساحة التي تمتد على 540 متراً تبدأ رحلة اكتشاف فنّ هندسي راقٍ للمهندسة مايا الترك بكلّ المقاييس الهندسية حيث للنحت والرسم حيّز كبير من الغنى الثقافي والفنّي الراقي.

ارتكزت الهندسة على المواد الفاخرة أهمّها خشب الإيبوني المعروف بجودته وقيمته الثمينة، وقد أضاف إلى الشقة عنصر الرقيّ والجاذبية إلى أقصى الحدود.

الألوان الترابية تصدّرت الجوّ العام وامتزجت بلمسة برونزية لتضيف فخامة أكبر. وامتدت على الصالونين وغرفة الطعام وأربع غرف نوم ماستر تتوسطّها غرفة جلوس. وللمنزل شرفة كبيرة لا تقلّ جمالاً عن الداخل فهي تطلّ على خليج بيروت " زيتونا باي".

للفنّ مساحة خاصة هنا، ففي ردهة الاستقبال منحوتتان مستطيلتان تجسدان سيدتين وضعتا داخل فيترين من الخشب والزجاج مضاءة مباشرة للمحافظة على رونفها وإعطائها قيمتها. وخلفها الجدار البرونز مطليّ بطريقة فنيّة، وهو الفنّ الذي تتقنه المهندسة الترك ونالت فيه شهادة من باريس. وتكامل المشهد مع الخشب البرونز الذي استلقت عليه المنحوتتان.

الجدار لجهة اليمين علّقت عليه لوحة زيتية بحجمها الكبير للرسام العراقي زاد ملتقى بألوانها الترابية التي تتلاءم مع المنزل. وقد وضعت هذه اللوحة في إطار من الجفصين تعلوها الإنارة الموجّهة.

الصالونان اتسما بالألوان الهادئة الترابية بلمسة من البرونز. الأوّل شغله مقعدان مستطيلان إنكليزيا الصنع من اللون البيج الذهبي الفاخر عليه مجموعة أرائك من مشتقات البيج والبنيّ، واثنتان منهما شكّلتا علامة فارقة بلونيهما النيلي الموشّى. في وسط المقعدين، طاولة مستطيلة كبيرة الحجم قاعدتها من الخشب المموّج شكّلت لوحة بحدّ ذاتها. أما الجزء الأعلى فمن الزجاج ليعكس جمال قاعدتها. وهنا على الجدار علّقت لوحة زيتية بالطراز نفسه لغرفة الاستقبال بخيوط ترابية.

الصالون المقابل شغله مقعدان قماشهما بيج مائل إلى الرمادي في وسطهما طاولة مصنوعة من الخشب مقسّمة بطريقة فنيّة. أما الجدار فيحكي قصّة عراقة وفرادة، إذ إنّه عبارة عن خزائن من الخشب مخفية كأنها جدار من خشب الإيبوني في وسطه جهاز التلفزيون وتزيّن جنبه بالخشب المقطّع إلى مربّعات باللون الذهبي. قبالة هذا الجدار فنّ آخر، مجموعة فجوات منها من الخشب ومنها من الزجاج وضعت في داخلها كتب لتشكّل مكتبة عصرية فريدة التصميم. وعلى الجدار الآخر لوحة فنّية من الحديد البرونز.

قمّة الابتكار تجلّت في غرفة الطعام الإنكليزية الصنع، حيث امتزج خشب الإيبوني والمرايا في الخزانة الكبيرة وهنا جعلت المهندسة الترك الخزائن مخفية داخل المريا التي عكست نوراً وشفافية ومساحة أكبر. وفي الوسط وعلى الجانبين خشب الإيبوني. الطاولة من الخشب ومقاعدها من القماش البرونز تميّزت بأرجل متداخلة من الخشب.

الأرض مصنوعة من الرخام البيج اللمّاع افترشته مجموعة من السجاد الفاخر من الحرير بنقوش وألوان ترابية تتلاءم مع الجوّ العام للمنزل وأعطته نفحة من الفخامة والأناقة.

ومن الجفصين البسيط التصميم انبعثت الإنارة منها المخفية ومنها الموجّهة في الصالونات، فقط تدلّت ثريا من الكريستال بتصميم مبتكر لكن ضمن إطار الكلاسيكية فوق الطاولة في غرفة الطعام.

غرف النوم الأربعَ الماستر طغت عليها البساطة والعملية والدفء في التاصميم، ألوان جدرانها موحّدة. لا زخرفة في الخشب لكن أغطية الأسرة هي التي اختلفت بين غرفة وأخرى. فواحدة مثلا باللون البنفسجي للفتيات وأخرى باللونين الأبيض والأسود للشباب وغرفة ثالثة طغى عليها الأحمر مكتبتها عبارة عن مربّعات من الخشب الداكن والزاهي.

وهكذا ننهي الجولة داخل الأرجاء الفسيحة لهذا المسكن البيروتي الممهور بأنامل المهندسة مايا الترك التي أضافت إليه حسّها الهندسي وفنّها الراقي.