عادل السيوي أنا مولع بعالم الحيوان

القاهرة – طارق الطاهر 02 نوفمبر 2019

اختار الفنان عادل السيوي، أن يعود بعد غياب ست سنوات عن الساحة التشكيلية، بمعرض بعنوان "في حضرة الحيوان"، قدم من خلاله 270 لوحة، ليست كلها من إنجاز السنوات الست الماضية، فعدد من الأعمال المعروضة كان قد انتهى منه في الثمانينات، وعرضه ضمن فكرته لمعرضه الحالي. الحيوان بالنسبة الى السيوي عالم شعر في لحظة أنه قريب منه وليس منفصلاً عنه، فيذكر أنه أثناء تجواله في حديقة برلين، وجد غوريلا تضع يدها على خدها، تتأمل أشياء وتستعيد ذكريات، يقول السيوي: "في هذه اللحظة ضاعت الفروق بيننا، شعرت بأننا كيان واحد، وأننا قريبان جداً، شعرت بأنني أتمنى أن أطبطب عليها، من هنا فإن المعرض جاء بعد تأملات عميقة في هذا العالم.


- متى بدأت الاهتمام بعالم الحيوان؟

عندما قرأت دعوة بول كلي لتلاميذه لتأمل بنية الكائنات الحية، نباتات كانت أو حيوانات، وكان الرجل يدفع طلاب الفن آنذاك الى الاستفادة من دراسة بنية الكائن الجسدية، كنموذج للتكوين، فبنية الكائنات تتنوع بلا نهاية، وتظل كل بنية مفردة غير قابلة للتكرار. وهذا ما نريده من العمل الفني تقريباً، التماسك والتفرد والاستقلال، فاللوحة تتبدى بكاملها كما يتبدى الجسد في كل لحظة. خضت هذه التجربة في بداية الثمانينات، وكنت أسعى آنذاك إلى تطوير قدرتي على بناء المشهد، لكن هذه السنوات من تأمل الكائنات بوصفها عمارة حية، قادتني إلى عالم آخر، خارج الغرض الأصلي تماماً، واكتشفت أنني مولع بالحيوان نفسه كفاعل وذات مكتملة.

- واضح أنك تمتلك فلسفة محددة تجاه الحيوان هي التي قادتك الى هذا المعرض؟

في الحقيقة، كان الحيوان يزيد فضولي تجاه السؤال الوحيد الذي يهمني، وهو الحياة نفسها. وكان هذا الفضول يتسع عندما يتقاطع حضور الحيوان مع التاريخ أو الثقافة أو التكنولوجيا، أي عندما يتورط مع ما صنعناه كبشر ومع أشياء حياتنا اليومية. وما زلت عالقاً بهذا الشغف، ولا أستطيع أن أغمض عيني عندما أرى كلباً يطل برأسه من نافذة سيارة كي يتأمل العالم.

- بعض لوحات المعرض تختلط فيها علامات الحيوان بجسم الإنسان، أي أنك قدمت عالمين في عالم جديد؟

الجمع في الكائن الواحد بين الملامح والمشاعر الإنسانية وتلك الحيوانية، كان أحد المسارات التي جذبتني بقوة، كانت المشاهد تأتي وحدها. رجل بمشاعر ذئب، امرأة بروح قطة أو ثعبان، رأس حيوان على جسم رجل. يبدو أنني كنت مأخوذاً بتجسدات الآلهة المصرية القديمة، حيث يتلاحم الإنساني والحيواني معاً، كما في خيالات "ألف ليلة وليلة" أيضاً، حيث يتلبس الجن جسد امرأة، أو يتخذ الحيوان هيئة البشر، أو يستولي عفريت ما على جسد الحمار.

- هذه التجربة استغرقت منك سنوات طوالاً، أليس كذلك؟

هذه التجربة التي امتدت سنوات طويلة في حضرة الحيوان، حمتني بالفعل من الدوران في متاهات الوقائع المتلاحقة، ومن سرعة ظهور واختفاء الوجوه وتبدّلها، ومن التجاذب المهلك وتبديل المواقف، ومن موجات الحماسة واليأس المتعاقبة، التي دهمت بلادنا في السنوات الأخيرة. فكل الشكر والمحبة وكل التقدير لهذه الصحبة القديمة الرائعة.

بطاقة
الفنان عادل السيوي من مواليد 12 شباط (فبراير) 1952، حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1976، ودراسات في القسم الحر بكلية الفنون الجميلة 1975. استقال من عمله كطبيب وتفرغ للفن، وأقام أول معرض فردي له في أتيلييه القاهرة عام 1980. شارك في العديد من المعارض داخل مصر وخارجها، وأثناء إقامته في إيطاليا شارك في معرض "الفنانون الأجانب في إيطاليا" عام 1986. حصل على جائزة بينالي القاهرة الدولي الحادي عشر عام 2008، وترجم وقدم كتاب ليوناردو دافنشي "نظرية التطور". له مقتنيات في متحف الفن المصري الحديث، ومتحف معهد العالم العربي بباريس، والجامعة الأميركية في القاهرة.