بديـع أبو شقـرا: متعة العمل في المسرح لا تضاهيها أي متعة في الفن

حـوار هنـادي عيـسى 04 يناير 2020
استطاع الممثل بديع أبو شقرا أن يحقق مكانة مميزة في عالم التمثيل اللبناني بحيث يقدم كل سنة عملين أو أكثر. وفي منتصف عام 2019 بدأ عرض عملين له، الأول "بردانة أنا" على شاشة MTV، والثاني "بالقلب" على شاشة LBCI، لكن عرضهما توقف بسبب الظروف التي يشهدها لبنان. كما انتهى أبو شقرا أخيراً من تصوير دوره في مسلسل "العميد" الذي يُعرض مطلع السنة على منصّة Shahed. Net. "لها" التقت بديع أبو شقرا وحاورته حول هذه الأعمال وأمور أخرى.


- ما الذي شجّعك على المشاركة في التظاهرات الناشطة في لبنان؟

لا أدّعي الفلسفة إذا قلت إن لبنان يتخبّط بمشاكل كثيرة ويعاني عجزاً مادياً بسبب الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، فكل هذه الأمور تجعل أي مواطن لبناني ينتفض ويثور ويسعى بنفسه لتغيير واقعه، لأن رجال السياسة المسؤولين عنا ليسوا جدّيين في التعاطي مع ما يحصل، وخصوصاً في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي المنهار، وأنا نزلت الى الساحات منذ اليوم الأول لاندلاع الثورة.

- هل ترى أن الثورة ستثمر نتائجها؟

نحن نريد التغيير، لكنّ الطريق أمامنا طويل، فالفساد مستشرٍ منذ سنوات في كل قطاعات الدولة، ولا عودة عن الحراك الذي بدأ من 17 تشرين الأول/أكتوبر، وآمل أن تحقق الثورة أهدافها.

- شارك في التظاهرات عدد من الممثلين اللبنانيين، كيف اجتمعتم؟

هناك علاقة صداقة بين الفنانين، فهم يعملون معاً في المسلسلات الدرامية، ولديهم جميعاً هواجس ومطالب مشتركة، والفن شيء راقٍ جداً. اجتمعنا في الساحات من طريق الصدفة، ولا يمكن أحداً أن ينكر الدور الذي يلعبه الفنانون في قيادة الثورة والمطالبة بالتغيير. لسنا بحاجة الى الشهرة، فهي والحمد الله متوافرة من خلال أعمالنا، لكن واجبنا تجاه بلدنا وأهلنا وأولادنا يحتّم علينا أن ننتفض.

- هاجرت الى كندا ثم عدت مع عائلتك إلى ربوع الوطن، هل أنت متفائل بما يحدث اليوم في لبنان؟

أشعر بالتفاؤل، وينبغي ألاّ نفكر في الهجرة مجدداً رغم استخفاف المسؤولين بالحراك الشعبي في لبنان. ونحن ماضون في هذه المسيرة لأن المواجهة أصبحت عميقة.

- في خضم ما يجري صوّرت مسلسلين يحمل أحدهما عنوان "العميد"، حدّثنا عن دورك فيه؟

انتهيت من تصوير مشاهدي في مسلسل "العميد"، وأؤدي فيه دور محقق أمني، إذ تحصل جريمة أتولّى التحقيق في ملابساتها وتتطور الأحداث... هذا العمل مؤلف من 10 حلقات، ومكتوب بأسلوب يحاكي روح العصر، وسيُعرض على منصة Shahed. Net.

- لماذا يتجه المنتجون اليوم لتقديم أعمال درامية صغيرة تواكب إيقاع العصر؟

المسلسلات الطويلة لم تعد تغري أبناء هذا الجيل بمشاهدتها، فاتجهوا إلى متابعة الأعمال الدرامية الأجنبية التي تُعرض على المنصات الخاصة بالإنترنت. وأنا أرى أن من الأفضل مخاطبة هذا الجيل من خلال مسلسلات قصيرة تواكب إيقاع العصر، والتركيز على النصوص والجانب التقني كي نكسبهم كمشاهدين.

- متى سيبدأ عرض "العميد"؟

أعتقد أنه سيُعرض مطلع السنة الجديدة.

- ما طبيعة العلاقة بينك وبين النجم تيم حسن في المسلسل؟

تيم حسن يلعب دور محقق غير رسمي في "العميد"، ويحصل تعاون بيننا، لكن حالياً لا يمكنني الكشف عن التفاصيل لأن القصة مبنية عليها.

- انتهيت من "العميد"، وتصوّر حالياً عملاً ثانياً، فما هو؟

أصوّر حالياً مسلسلاً يحمل عنوان "راحوا"، من كتابة كلوديا مارشيليان وإخراج وإنتاج نديم مهنا، وهو مؤلف من 60 حلقة، وتدور فكرته حول تبييض الأموال وتجارة السلاح وتأثيرها في الأعمال الإرهابية التي تحصل في البلد. يشاركني في بطولة العمل كلٌ من كارين رزق الله، نيكولا مزهر، جوزيف بو نصار، ورندة كعدي.

- أعمال كثيرة تجمعك مع كارين رزق الله، هل أصبحتما ثنائية محتمة ومفيدة لكما؟

لا يهمّني إذا كانت مفيدة أم لا، بل أحرص على أن تكون الأدوار مناسبة لنا.

- قبل انطلاق الثورة بدأت محطة MTV بعرض مسلسل "بردانة أنا" وLBCI مسلسل "بالقلب"، هل حزنت لأنهما توقّفا؟

أبداً، فما يحصل في البلد أهم من عرض المسلسلات، وأرى أن من الضروري أن يتوقف كل شيء، لأن التعطيل هو وسيلة الضغط الوحيدة على السلطة والطبقة الحاكمة الرافضة للتغيير.

- قدّمت شخصية مختلفة في مسلسل "بردانة أنا" الذي عُرضت منه حلقات عدة، ما هي ردود الفعل على دورك؟

كنت قد بدأت ألمس ردود فعل من المشاهدين إذ إن الناس لم يعتادوا عليّ في التلفزيون في مثل هذه الأدوار الشريرة، لكن الآراء في مجملها كانت جيدة.

- ماذا تقول عن مسلسل "بالقلب"؟

مسلسل "بالقلب" من تأليف طارق سويد، ومكتوب بأسلوب حِرفي مليء بالإحساس، وإخراج جوليان معلوف وقد صوّره بأسلوب سينمائي، وهو عمل يتوجه الى كل أفراد العائلة، وتتسارع وتيرة أحداثه بما يتناغم مع إيقاع العصر. وكل الفنانين المشاركين فيه أبدعوا في تمثيل أدوارهم.

- هل تنزعج عندما يُعرض لك عملان في وقت واحد على محطتين مختلفتين؟

أبداً، فالممثلون يصوّرون المسلسلات ويذهبون إلى منازلهم، أما توقيت عرض هذه المسلسلات على الشاشات فيُحدّد بالاتفاق بين الشركة المنتجة وإدارة المحطات التلفزيونية.

- هل تشارك في تربية أولادك أم تترك المهمة لزوجتك؟

تربية الأولاد تعتمد على الأبوين، لأن الزواج مؤسّسة تقوم على الشراكة بين الزوجين اللذين يتدبّران كل أمور العائلة، ومنها تربية الأولاد فيتشاركان في تنشئتهم بناءً على اتفاق مسبق تُحدّد فيه طريقة التعاطي مع الأبناء، والأهم التركيز على أن يكونا على مسافة واحدة منهم.

- هل من مهنة ترفض أن تختارها ابنتك، ولماذا؟

ليس هناك مهنة أرفض أن تختارها ابنتي أو ابناي، لكن على كل شخص القيام بما يحب لأننا نعيش مرة واحدة ولا نأخذ معنا شيئاً حين نفارق الحياة، وفي حال رفضت فأولادي في النهاية سيقومون بما يرغبون، لكنني أقدّم لهم النصيحة، لأن الإنسان يمارس أحياناً مهنة تفرضها عليه ظروف المكان الذي يعيش فيه.

- كونك شخصية مؤثرة، ما القضايا التي ترفع لواءها؟

حولت القضايا الفلسفية والإنسانية والعقائدية والعناوين الكبيرة التي كنت أحملها الى عناوين صغيرة ومحدّدة، وهكذا يصبح سهلاً الوصول الى الهدف المنشود، ومنها القضايا القانونية المُنصِفة للإنسان والقضايا البيئية والصحية التي تجعل المواطن يعيش حراً وسعيداً ومحترماً في بلده، بل أركّز على القضايا الأكثر عقلانية، مثل حل مشكلة النفايات، التمييز الجندري، وذوي الإرادات الصلبة وقانون الأحوال الشخصية.

- أبدعت في أكثر من مجال وليس في التمثيل فقط، فأنت شاعر ولك مؤلفات... ما الفارق بين تجسيد شخصية كممثل وخلق شخصيات وأحداث ككاتب؟

الكتابة مهنة يستمتع بها الفنان كاستمتاعه بالتمثيل، لكن لا يمكننا الخلط بينهما، فعندما يجسّد الممثل دوراً معيناً في عمل كتب هو نصّه ويبرع فيه، فهذا يضيف إليه كممثل وككاتب أيضاً.

- إذا خُيّرت بين المسرح والسينما والتلفزيون، ماذا تختار؟

أختار المسرح، فمتعة العمل في المسرح لا تضاهيها أي متعة في الفن.

- تقول إن المطالعة جعلتك شخصاً يتقبّل اختلاف الآخر. كشاعر ما هو تقييمك للمطالعة اليوم، وهل تعتبر أن التكنولوجيا لعبت دور الورق والقلم؟

نعم، هناك خطورة كبيرة في هذا الموضوع، وتحديداً الخطورة المادية، فالجريدة إلى كم قارئ ستصل في عصر التكنولوجيا الحديثة؟ صفحة واحدة على "الفايسبوك" تساوي حجم أربع جرائد أو أكثر. هذه مشكلة كبيرة وعلينا إيجاد حلّ لها، والخطورة تكمن في عدم تحديد المصادر التي يمكننا الوثوق فيها على الإنترنت، لأنه عالم افتراضي وغير ملموس، ولا يمكنك أن تطال أحداً إذا قدّم لك معلومة خاطئة، لكن للأسف هذا واقع نعيشه.

- ماذا عن فيلم "بالصدفة" الذي لعبت بطولته إلى جانب كارول سماحة؟

سعيد جداً بهذا الفيلم، فهو من إخراج باسم كريستو الذي قدّم من خلاله تجربته الأولى في المجال السينمائي وأعطى من كل قلبه. كما كانت أجواء التصوير هادئة ومميزة، وأكثر ما أسعدني أن "بالصدفة" كان أول فيلم لبناني يُعرض في السعودية ويحقق نجاحاً ملحوظاً.

- كيف تصف علاقتك بكارول سماحة في الكواليس؟

بعيداً من كونها مغنية ناجحة، كارول سماحة ممثلة ممتازة وقدّمت دورها في العمل بإتقان شديد.

- لماذا لم نرَك في كل البلاد التي عُرض الفيلم في صالاتها السينمائية؟

أفتخر بفيلم "بالصدفة"، وقد حضرت مع فريق العمل حفل افتتاحه في لبنان ودبي، لكنني لم أستطع الذهاب الى السعودية والأردن بسبب الأحداث الأخيرة التي تحصل في لبنان، وأعتقد أن مواكبة ما يجري في بلدي أهم من السفر أو أي شيء آخر.