كارلوس وكارول غصن: قصة حبّ لا يُقهر!

تحقيق: فاديا فهد 23 يناير 2020

نسج هروب رجل الأعمال اللبناني من الإقامة الجبرية في اليابان في صندوق موسيقي، قصصاً في مخيلتنا ومغامرات تشبه تلك التي نشاهدها في أفلام العميل البريطاني جيمس بوند لجهة عناصرها المفاجئة، والغموض الذي يلفّها، ودقّة تنفيذها. وكان المشهد الأبرز في تلك المغامرات المنسوجة، قصّة العشق الاستثنائي الذي يربط غصن بزوجته كارول نحّاس، والتي لم تنل منها ظروف الاعتقال الصعبة ولا البُعد. وقد ذكر "العاشق الفارّ" زوجته في مؤتمره الصحافي عشرات المرّات، مؤكداً أن لهروبه سببين: الأول هو إدراكه أن لا أفق في "محاكمة عادلة"، والسبب الثاني هو "ملاقاة كارول مجدداً" بعد تسعة أشهر من الفراق. وبدت كارول نحّاس غصن كالبطلة الجميلة الخارجة للتوّ من فيلم "أكشن"، وفي يدها مفاتيح عملية الفرار، بعدما أشارت الصحافة الغربية الى دورها في التخطيط لعملية الهروب الخارقة، ووجّه لها القضاء الياباني تُهماً بالتآمر مع زوجها و"تقديم شهادة زائفة" خلال التحقيق. فمن هي كارول التي باتت جزءاً لا يتجزّأ من قضيّة غصن؟


"بدأت معاناتي حين رأيت وجه المحقّق الياباني، وانتهت حين رأيت وجه كارول"، هذا ما أكّده كارلوس غصن، رجل الأعمال اللبناني الأصل الرائد في مجال قطاع السيارات، في المؤتمر الصحافي الذي عقده في بيروت. واعتبر أن كلّ ما تعرّض له من سجن وحرمان من منصب مرموق وتشويه للسمعة، لم يؤثّر فيه ولم يركّعه، كما فعل بُعده عن كارول بقرار من القضاء الياباني". وأضاف: "بعض الناس لا يعتبر أن البُعد عن الزوجة عقاب، لكنه كذلك بالنسبة إليّ". 

وكارول نحّاس، لبنانية مولودة في بيروت عام 1966. سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية وتزوّجت أميركياً وأنجبت منه ثلاثة أولاد، هم تارا وأنتوني ودانيال. أسّست شركة لبيع العباءات الفاخرة، وهي معروفة في عالم الأزياء في نيويورك. التقت كارلوس غصن وجمعتها به قصّة حبّ جارفة، تكلّلت بالزواج في العام 2016، وأقاما حفل زفافهما في قصر فرساي الشهير في فرنسا. 

إنها الزوجة الثانية لغصن، والمرأة التي تعشقه وتدعمه وتحبّه ولم تتخلَّ عنه في محنته. وهي أيضاً مدبّرة هروبه من اليابان، كما تؤكد صحيفة "لوموند"، وقد استعانت لذلك بنفوذ إخوتها في تركيا لإتمام العملية. وكانت كارول "اللبؤة" كما وصفها غصن في إحدى المقابلات المتلفزة، قادت حملة عالمية واسعة لإطلاق سراح زوجها والإفراج عنه، وتخلّت المرأة الخمسينية الجميلة، عن شخصيتها المتحفّظة والمتوارية كما يصفها مقرّبون، لتنطلق في سلسلة اتصالات سياسية وديبلوماسية على أعلى المستويات من أجل الإفراج عن زوجها. وناشدت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المساعدة في قضيّة زوجها. وصرّحت بـ"أن صمت السلطات الفرنسية إزاء قضيّة غصن يصمّ الآذان"، وطالبت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإثارة موضوع توقيف زوجها مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، لتوفير محاكمة عادلة لزوجها". وأجرت مقابلة مع وسائل الإعلام الأميركية أوشكت فيها على البكاء، وقالت إن زوجها البالغ 65 عاماً بصحّة سيئة ووضعه يتفاقم بسبب "سوء المعاملة النفسية" التي يلقاها بسبب احتجازه. 

"لا أستطيع العيش من دون كارلوس"، تقول كارول غصن. وتضيف: "الأشهر التسعة التي أُبعدت فيها عن كارلوس قسراً، كانت الأصعب بالنسبة إليّ". لكنها تصرّ على نفي أيّ ضلوع لها في عملية الفرار، مؤكدةً أنها فوجئت بوصول زوجها الى لبنان، تماماً كما فعل الإعلام. مفاجأة لمّت شمل العاشقَين من جديد، ليكتبا معاً فصلاً من فصول قصّة حبّهما الأبدي... الحبّ الذي لا يُقهر!