برلين: مدينة الثقافة والتاريخ

جولي صليبا 26 يناير 2020
تعتبر مدينة برلين من أهم المدن الثقافية والسياحية في أوروبا، خصوصاً أنها تزخر بالمواقع التاريخية والأثرية. واللافت أن أماكن السياحة في برلين تختلف عن باقي المدن السياحية في ألمانيا، فهي مدينة التنوع وعاصمة ألمانيا الأولى وأكبر مدنها وأعظمها، من حيث المساحة والتاريخ والثقافة. كما تضمّ المدينة العديد من أماكن التسوّق الراقية، مما يجعلها وجهة سياحية مميزة.


برلين هي المدينة الأولى في أوروبا بعد لندن من حيث المساحة، ولكنها المدينة الأولى بلا منازع من حيث التنوع الثقافي. فهذه المدينة تحفظ للعالم كله حرية اللغات والديانات، وتحتوي على كمّ كبير من التعدد الديني والعرقي، بحيث تمثل فعلاً مدينة النور والتنوير في أوروبا، وتساهم في حماية العالم من التعصّب.

إنها مدينة العلم والثقافة، حيث تضم الكثير من المتاحف التي تحفظ تاريخ هذه المدينة الرائعة، إضافة إلى بعض أشهر جامعات العالم وأقواها. كما أنها مدينة الضوء إذ يقام فيها الكثير من المهرجانات التي تبهج الزائرين. وتمثل برلين أيضاً المدينة الشبابية المنفتحة بنواديها الليلية المميزة ووفرة أماكن التنزّه فيها الممثّلة بالحدائق والمساحات الخضراء والقصور.

جدار برلين

إنه أحد أهم أماكن السياحة في برلين بالنسبة إلى هواة معرفة التاريخ الحديث. بدأ تاريخ جدار برلين في العام 1961 عندما أغلقت ألمانيا الشرقية الجزء الشرقي من المدينة لوقف تدفق اللاجئين من الشرق إلى الغرب. وحتى تاريخ انهيار الجدار في العام 1989، امتدّ الجدار، البالغ ارتفاعه أربعة أمتار، لمسافة 155 كيلومتراً، مع الإشارة إلى أن الجدار اشتمل على 293 برج مراقبة و 57 مخبأ.

يعدّ جدار برلين من أكبر الشواهد على الحرب الباردة وقت انهيار الاتحاد السوفياتي، وقد هُدم الجدار لتتوحد برلين الشرقية والغربية. اليوم، لا تزال هناك مساحات صغيرة من الأجزاء المغطّاة بالكتابة على الجدران، بما في ذلك امتداد يبلغ طوله 1.4 كيلومتر كجزء من النصب التذكاري لجدار برلين، وهو تذكير مؤلم للعداوة التي قسمت أوروبا.

عمود النصر Berlin Victory Column

عمود النصر هو أحد رموز مدينة برلين، وتم بناؤه عام 1873 احتفالاً بالنصر في الحرب الفرنسية- الألمانية.

يُعزى اسم العمود إلى الانتصارات التي حققتها ألمانيا في حروبها العسكرية ضد فرنسا والدانمارك والنمسا، وأرادت ألمانيا تخليد ذكرى هذه الانتصارات ببنائها لهذا البرج الشاهق، البالغ طوله حوالى 69 متراً.

يضم العمود من الداخل 285 درجة من السلالم الحلزونية الممكن تسلّقها والصعود عليها للوصول إلى قمة العمود حيث يمكن الزوار مشاهدة مدينة برلين من الأعلى.

يقع عمود النصر في أشهر منطقة في برلين حيث تتعدّد المطاعم العالمية والمقاهي. وتحيط بالعمود مساحات خضراء شاسعة مثالية لالتقاط الصور الرائعة والتمتع بجمال المكان.

عند زيارة عمود النصر، لا بدّ من رؤية الفسيفساء التي تزيّن قاعدته، وتمثال فيكتوريا الموجود في الأعلى، وتناول وجبة طعام في أحد المطاعم المحيطة به.

قصر شارلوتنبورغ

يعدّ قصر شارلوتنبورغ أحد أبرز معالم برلين، وهو القصر الملكي الأكبر والأكثر جمالاً على الإطلاق في العاصمة الألمانية. يعود هذا القصر إلى عائلة الهوهينزليرون، ويمكن من خلاله الاطّلاع على الحياة اليومية لملكة بروسيا صوفي شارلوت، والتعرف على الأعمال الفنية الرائعة التي ترجع إلى القرن الثامن عشر.

شُيّد هذا القصر في نهاية القرن السابع عشر، وهو يشتهر بتمثال على قبّته يتحرك بحسب حالة الطقس. يتميز القصر من الداخل بالديكورات الغريبة، إضافة الى حديقة خلابة ذات إطلالة فريدة وساحرة.

يضمّ قصر شارلوتنبورغ أيضاً مسرحاً وعدداً من التماثيل والكثير من الممرّات التي تأخذك إلى مختلف أجزاء القصر، إضافة الى بحيرة جميلة أكسبت المكان مظهراً رائعاً.

متحف برلين الجديد Neues Museum Berlin

إنه المتحف الأشهر بين متاحف العالم، إذ يضم تاريخ الإنسانية جمعاء، وأبرز المقتبسات في تاريخ الحضارات، ويجمع الآثار المميزة لكل حضارة ويعرضها.

بالفعل، ينطوي متحف برلين الجديد على آثار قديمة من الحضارة الإنسانية، ويعرض حضارات عريقة سكنت الأرض في قديم الزمان مثل الحضارة المصرية الفرعونية. بُني هذا المتحف بين عامَي 1843 و 1855، وهو يتوزع على ثلاثة طوابق:

- في الطابق الأول معروضات من مصر القديمة، لعلّ أشهرها التمثال النصفي للملكة الفرعونية نفرتيتي الذي يبلغ عمره 3500 عام.

- في الطابق الثاني تحف من بلاد ما بين النهرين واليونان، إضافة إلى العديد من القطع الفنية الشرقية وآثار بعض القصور اليونانية القديمة البالغ عمرها حوالى 2500 عام.

- في الطابق الثالث معروضات وتحف فنية تعود الى مدينة طروادة، إضافة إلى العديد من آثار برلين وآثار من مختلف أنحاء أوروبا.

بعد الانتهاء من الجولة في المتحف، يمكن التجوّل حول المتحف المطل على نهر spree والتمتع بالإطلالة الرائعة.

متحف الآلات الموسيقية Berlin Musical Instrument

يعرض متحف الآلات الموسيقية أكثر من 3500 آلة موسيقية يعود تاريخ معظمها إلى القرن السادس، وهو من أهم المتاحف المتخصصة في هذا المجال في العالم، ولذلك يزوره الكثير من السيّاح والمهتمين بالموسيقى.

عُرفت الموسيقى في العصور القديمة بأنها غذاء الروح، وقد شبّهها المصريون القدماء والأشوريون والبابليون بأنها تهذيب لروح الإنسان بالمشاعر والأشياء الجميلة.

عند زيارة هذا المتحف، لا بدّ من التجوّل في كل أرجائه بروية للاطّلاع على الآلات الموجودة فيه، ومشاهدة أول آلة عزف موسيقية اخترعها الرمز المصري أوزيرس في العصور الفرعونية. يوصى أيضاً بمشاهدة القيثارة المحمولة التي كانت تملكها ملكة بروسيا صوفي شارلوت، وتفحّص المزامير التي جمعها العالِم فريدريك الشهير.

حديقة تيرغارتن Tiergarten

تحتلّ حديقة تيرغارتن مساحة واسعة في قلب مدينة برلين، وهي من أجمل الحدائق في المدينة، حيث الطبيعة الخضراء والهواء النقي. ترجع بدايات الحديقة الى العام 1527 وتبلغ مساحتها 210 هكتارات، وهي من بين أكبر الحدائق في ألمانيا إذ تعدّ الثالثة من حيث المساحة.

يتوسط متنزّه تيرغارتن ساحة بوتسدامر بلاتس ونصب المحرقة التذكاري بحيث يظهر مثل قلب مدينة برلين الأخضر. وهذا المكان مثالي للتنزّه والاستمتاع بالطبيعة والاسترخاء، خصوصاً مع وجود حديقة حيوان في الطرف الجنوبي الغربي.

وبالنسبة إلى محبّي الرياضة، يمكنهم استئجار درّاجة هوائية وركوبها في مسارات معينة داخل المتنزّه، والجري بين الزهور والأشجار، ولعب كرة القدم في الملعب المخصص داخل المتنزّه، والقيام برياضة التزلّج على الجليد في وسط المتنزّه، داخل بحيرة الماء التي تتحول إلى جليد خلال فصل الشتاء بسبب انخفاض درجات الحرارة.

بوابة براندنبورغ Brandenburg Gate

تُعدّ بوابة براندنبورغ أو بوابة برلينهي من أهم الأماكن السياحية في برلين، إذ تدلّ على روح التاريخ الألماني ويظهر عليها العديد من طوابع البريد والعملات الألمانية. وقد أُطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى ولاية براندنبورغ التابعة لها. تم بناء بوابة براندنبورغ في القرن الثامن عشر عام 1788 لتكتمل بصورة نهائية عام 1791. تقع البوابة في برلين في ساحة باريسر، في نهاية أونتر دين ليندن، وهو شارع كبير للتنزّه والمشي في وسط برلين.

عند زيارة هذا المعلَم السياحي، يمكنك استكشاف البوابة ورؤية النقوش الموجودة عليها، إضافة إلى تمثال الخيول والعربة. كما يمكنك الجلوس في الحدائق الخضراء الموجودة حول البوابة والتمتع بالهواء الطلق، وتناول الأطعمة الخفيفة المنتشرة على جوانب الحدائق. ولا بدّ طبعاً من التقاط بعض الصور داخل بوابة براندنبورغ وبين الأعمدة أو في الساحة المقابلة عند نافورة الماء.

برج التلفزيون Berliner Fernsehturm

برج التلفزيون أو برج برلين هو البناء الأطول في ألمانيا، لا بل ثاني أطول أبراج الاتحاد الأوروبي كلها، إذ يبلغ طوله 368 متراً، ويتكون من 147 طابقاً، ويتيح لزوّاره مشاهدة برلين من ارتفاع شاهق من على منصّة المراقبة في أعلى البرج.

هندسة برج برلين المعمارية الفريدة تجعله مزاراً سياحياً ومعلَماً يميز برلين، إذ تم تصميم كرة البرج على شكل القمر الاصطناعي السوفياتي الشهير "سبوتنيك" إحياءً لذكراه. يبلغ قطر الكرة الدائرية 32 متراً ووزنها حوالى 4.800 طن. وهي مغطّاة بألواح تعكس الأضواء من حولها وتشع ليلاً بأنوار ساحرة برّاقة. لهذه الأسباب، يعتبر البعض أن زيارة البرج شبيهة بالسفر إلى الفضاء. كما يتعزّز هذه الإحساس بفضل التقنية الحديثة التي زُوّد بها البرج، والتي لم تكن متوافرة عند بنائه، كالمصاعد السريعة التي تنقل الزائر من الأرض إلى أعلى البرج في غضون 40 ثانية فقط.

يمتاز هذا البرج ببراعة التصميم، وفيه العديد من المطاعم الراقية التي تقدّم أشهى المأكولات، إضافة إلى المطعم المتحرك الذي يدور حول محوره مرة كل 30 دقيقة، ليوفر لزبائنه إطلالة بانورامية على المدينة.

متحف برلين القديم Altes Museum Berlin

متحف برلين القديم هو متحف تاريخي تم بناؤه بين عامَي 1823 و1830 ويقع في جزيرة المتحف في برلين. يضم المتحف تشكيلة كبيرة من التحف والآثار الكلاسيكية، منها تشكيلة يونانية تضم الدروع والخوذ القديمة وغيرها.

وقد صُنّف المتحف ضمن أفضل المتاحف في ألمانيا لاحتوائه على العديد من القطع الثمينة والنادرة من حضارات قديمة.

يمكنك الدخول إلى المتحف من مدخله الرئيس الذي تم تصميمه حديثاً، ومن هناك يمكن الاطّلاع على معرض للتماثيل الحجرية، والتحف البرونزية والصلصالية، والعديد من الأنسجة الصوفية الغليظة، وأواني الزهور، والمصوغات الذهبية والفضّية القيّمة التي تعود الى زمن الإغريق. لا بدّ أيضاً من الاطّلاع على أشكال الفن الروماني مثل صور ومجسّمات لقيصر وكليوباترا والتوابيت الحجرية وصور الفسيفساء وصور توابيت الرومان والفراعنة القدماء.

حديقة حيوان برلين Berlin Zoological Garden

إنها أقدم وأشهر حديقة حيوانات في ألمانيا، وتم افتتاحها في شهر آب/أغسطس من عام 1844 على مساحة 35 هكتاراً وتضم نحو 15 ألف حيوان من 1600 نوع. تقع هذه الحديقة في حي شارلوتنبورغ على بُعد دقائق من عمود النصر، وتستقبل سنوياً أكثر من 3 ملايين زائر من جميع أنحاء العالم. بفضل الملك فريدريك وليم الثالث من بروسيا وشغفه الكبير بالحيوانات الغريبة، تم وضع حجر الأساس لحديقة حيوان برلين لتكون أول حديقة حيوانات في ألمانيا والتاسعة حول العالم. اليوم، تضم هذه الحديقة مجموعة مميزة ونادرة من الحيوانات، ولا سيما الدبّ القطبي والباندا العملاقة، إضافة إلى الكثير من الحيوانات النادرة والغريبة مثل الزرافة، والنمر الأسود، والدببة القطبية والقرود والطيور النادرة.

وعند زيارة الحديقة، يمكن مشاهدة عملية تدريب أسود البحر والفيلة والدلافين، ومتابعة عروض الدلافين الجميلة، وزيارة الحوض المائي والقيام برحلة استكشافية، ورؤية البحار من الداخل، والتمتع بألوان الشعاب المرجانية الرائعة، ومشاهدة الأسماك عن قرب مثل سمك القرش وغيرها.

المهرجانات في برلين

السياحة في برلين تختلف عنها في أي مكان آخر من جهة الفعاليات والاحتفالات. فهي الوجهة الرئيسة للكثير من المهرجانات الثقافية والترفيهية التي تعكس روعة المدينة وقدرتها على الإبداع. واللافت أن مهرجانات المدينة تنشط على مدار العام، ولعلّ أشهرها مهرجان الضوء الذي يمتدّ لأسبوعين من كل عام، وقد أطلق عليه هذا الاسم بسبب الأضواء التي تُبَثّ في المدينة، وتنعكس على أجمل أماكن السياحة في برلين من المباني والمناطق التاريخية والقصور مما يخلق جواً من المتعة والسرور.

ولا ننسى طبعاً مهرجان الثقافات الذي يجمع أكثر من 70 ثقافة مختلفة لتؤدي العروض والرقصات المختلفة. يُذكر أن تعدد الثقافات في برلين يفوق الخيال، فبين كل 7 مواطنين صاحب ثقافة خارجية ليس من برلين، مما يجعل لمهرجان الثقافات الكثير من الوهج في نفوس الألمان. هناك أيضاً مهرجان برلين لموسيقى الجاز الذي يقدّم موسيقى الجاز الألمانية الأكثر رواجاً في البلاد.

معلومات عامة عن برلين

الموقع الجغرافي: شرق ألمانيا ووسط أوروبا، بين سهول بارنيم وتيلتوف

المناخ: قارّي معتدل

العملة: يورو

فارق التوقيت بين برلين والإمارات: ثلاث ساعات.