ليلى غفران

شيرين عبد الوهاب, ليلى غفران, ألبوم غنائي, جنات, أنغام, مقاتلات, إعدام, هبة العقاد

19 مايو 2009

تعيش المطربة ليلى غفران أياماً صعبة في حياتها الشخصية والفنية منذ مقتل ابنتها هبة العقاد. وبعد صدور الحكم بإعدام القاتل بدأت ليلى غفران تنتبه لحياتها الفنية، واستعادت نشاطها بأغنية ترثي فيها هبة في محاولة لأن تتغلّب على أحزانها بالغناء، ولعل ذلك ما دفعها لاتخاذ قرارها بطرح ألبومها الغنائي الذي كانت قد انتهت من تسجيل أغانيه قبل رحيل ابنتها. 
ليلى غفران في حوارنا الأول معها بعد مقتل هبة  والحكم على قاتلها بالإعدام، ورغم أنها اتفقت معنا على ألا نتحدث عن القضية، تركت نفسها لصراحتها التي أوصلتنا الى هبة وملأت عيني ليلى غفران بالدموع.



في البداية سألناها: - كيف تشعرين بعد الحكم على قاتل هبة  بالإعدام؟ الحكم أشعرني بشيء من الراحة، وشعرت بأن البركان الثائر بداخلي بدأ يهدأ.

- ماذاغيرت هذه المأساة في ليلى غفران؟ غيّرت كل شيء في حياتي، عقليتي ونظرتي للأشياء، ويكفي أن أقول إنني لم أشعر بألم الفراق قبل رحيل هبة  ولم أختبر الشعور بألم الموت إلا بعد رحيل ابنتي لأنني لم أفقد من قبل أي شخص عزيز عليّ، وبصراحة حتى الآن لا أعرف كيف سأعيش بعدها ولست قادرة على التفكير في هذا الأمر.

- صرحت لبعض المقربين منك بأنك فكرت في التخلص من حياتك فهل هذا صحيح؟ الأفكار الغريبة تهاجمني وأعترف بأنني فكرت في التخلص من حياتي بعد وفاة هبة  لأنني لم أكن أستطيع أن أحتمل مجرد أن أتذكر الطريقة التي ماتت بها، ولكنني مؤمنة بالله وأعرف أن التخلص من الحياة حرام، لذلك  تراجعت عن الفكرة لأنني لا أريد الموت وقد عصيت الله.

- صحيح أن هناك مشكلة بينك وبين علي زوج هبة؟ علي سقط من حساباتي وحسابات أسرتي، فعلي تحول فجأة 180 درجة. كان في نظري شخصاً محترماً وفجأة أصبح شخصاً لا أعرفه. فقد اكتشفت أنه أخذ جواز سفر ابنتي وأوراقها وكل مجوهراتها دون علمي، وهو لا يعرف أنه لو طلب مني هذه الأشياء لأعطيته إياها له بإرادتي،  بصراحة اكتشفت أن الصورة التي كنت أرسمها لعلي كانت كذبة، وهبة  لم تعرفها.

- هل حدث بينكما اتصال بعد ذلك؟ لم يحدث أي اتصال ولا أرغب في الاتصال به.

- لماذا فكرتِ في العودة للغناء الآن بالتحديد؟ أفكر في العودة للغناء منذ أكثر من عامين ولكن كانت المشكلة أنني كنت أفكر في الأسلوب والشكل الموسيقيين الذين سأعود بهما للناس لأنني معروفة باللون الدرامي الشجني، وأعتقد هذه النوعية من الأغاني لم تعد تناسب الجمهور الحالي، ولم تعد تحقق النجاح نفسه الذي كانت تحققه من قبل، وبالتالي كان لا بد أن أعيد حساباتي من جديد.

- كيف أعدتِ حساباتك من جديد؟ بدأت في مرحلة الاستماع لمدة عام كامل، استمعت الى ألوان الموسيقى في العالم، الإيطالي والإسباني والفرنسي حتى الياباني استمعت الى الأغاني اليابانية وكيف تتقدم، وقررت أن أقدم شكلاً جديداً من الغناء يكون سابقاً لكل ما هو موجود، وفي الوقت نفسه يغيّر الفكرة المعروفة عني في الغناء. وبدأت أضع أغنياتي الجديدة بموسيقى حديثة.

- حدثينا عن الألبوم الذي ستعودين به الى الجمهور؟ الألبوم الجديد يتضمن أغاني بموسيقى الهارد روك منها أغنية بعنوان «شوفلك طريقة» إلى جانب أغاني سالسا وأخرى إسبانية وبعضها أغانٍ بموسيقى الهاوس إلى جانب الأغنيات الدرامية والمقسوم

- من ساعدك في هذا الألبوم؟ بصراحة في هذا الألبوم عدت الى اسلوبي الذي كنت أتبعه في بداية حياتي من خلال الاعتماد على ملحن واحد وموزع واحد في كل الأغاني، وبالفعل أقمت معسكراً مع الملحن كريم محسن والموزع كريم عبدالوهاب وزوجي مراد، وأخذنا نحضر الألبوم بأسلوب الورشة الفنية أو فريق العمل. ولا أنسى أن أذكر أن ابنتي الراحلة هبة  هي التي اختارت معي كل الأغاني، وكنت أعتمد على رأيها لأنها تمثل جيل الشباب الذي يعد الجمهور الأساسي وهي تقريباً التي اختارت معظم أغاني الألبوم.

- ولكن هذا الأسلوب له مخاطره؟ أعرف ولكنني أثق بهذا الفريق وبإمكاناته، وأعرف أنني قد أحرم نفسي التعاون مع أسماء كثيرة تضمن لي النجاح أو أنني أعرض نفسي لأزمة السقوط ولكن أؤكد لك أن هذا لن يحدث.

- ألا ترين أن هذا الأسلوب لم يعد مناسباً لحسابات السوق؟ أعرف أن هناك أسماءً معينة من الملحنين والشعراء يسعى الجميع للعمل معهم لأن النجاح بأغانيهم شبه مضمون، ولكن هذه الطريقة ضد أسلوبي في التفكير، فأنا أسعى أولاً وراء الراحة النفسية مع فريق العمل الذي أتعاون معه، وثانياً عليّ المغامرة بأسماء جديده أتوقع لها النجاح مستقبلاً لأنني أسعى الى عمل أغانٍ تسبق ما هو سائد ولا أسعى الى تقديم أغانٍ مثل ما هو موجود ورائج بالفعل.

- قلت ان هبة شاركتك في إختيار الأغاني؟ بالفعل كنت كلما انتهي من أغنية أحرص على أن تستمع إليها وآخذ رأيها، وكثيراً ما كانت تبدي ملاحظات أضعها في إعتباري. وكانت محبة للموسيقى وتشجعني جداً. وبعد أن انتهيت من الألبوم استعجلتني لأطرحه في الأسواق. وكان حلمها أن تنتشر الأغاني التي اختارتها بين الناس.

- هل فكرت هبة  في احتراف الغناء؟ هبة  كانت تحب الموسيقى والغناء ولكنها لم تفكر في احتراف الغناء، وكان مجال عملها بعيداً جداً عن الوسط الفني ولكن بحكم أنها تأثرت بما أهتم به وطوال الوقت تراني أغني وأستمع الى الموسيقى تعلقت هي أيضاً بالموسيقى.

- نفهم أن الألبوم بالكامل تم تسجيله قبل رحيل هبة؟ طبعاً ولو لم أسجل الألبوم قبل رحيل هبة ما كنت لأسجله لأنني لا أملك القدرة حتى الآن على الغناء.

- ولكنك سجلت أغنية وصوّرتها بعد رحيل هبة؟ تقصد أغنية «الجرح من نصيبي»، هذه الأغنية سجلتها من أجل هبة  رثاءً لها وليس لمجرد الغناء، وأحكي لك قصة تعرف منها ما أقصده. عندما ذهبت لأضع صوتي على الأغنية أول مرة دخلت الأستوديو وجلست أمام الميكروفون ثلاث ساعات ولم أستطع الغناء وصوتي هرب مني وكأنني أصبت بالخرس، ونصحني المهندس سامح المازني بألا أسجل الأغنية. وعدت في المرة الثانية، وعندما دخلت الأستوديو شعرت كأن روحها تحيط بي وتملأ عليّ المكان، فدخلت ووضعت صوتي في أقل من ربع ساعة ولأول مرة أضع صوتي أو أسجل أغنية من أول مرة ولم أكن أشعر بنفسي وأنا أغني كنت أتحدث معها.

- هل استطاعت الأغنية أن تعبر عن حزنك؟ الحزن بداخلي كبير جداً أكبر من أن تعبّر عنه أغنية، ولكن لابد أن أقول إنني شعرت بشيء من الراحة بعد أن سجلت الأغنية.

- هل كُتبت خصيصاً لها؟ الأغنية كتبها الشاعر أحمد شتا ولحنها هاني فاروق وهي كُتبت لكل من لديه حالة الحزن خصوصاً أن أحمد شتا فقد والدته هو الآخر من فترة قريبة، فكانت الأغنية تعبر عن أحزاننا جميعاً.

- هل ستكون ضمن أغاني الألبوم؟ لا أعتقد لأنني انتهيت من الألبوم قبل تسجيل الأغنية.

- معروف عنك أنك كسولة فنياً فهل هذا حقيقي؟ لا أعرف ما هو مقياس الكسل والنشاط الفني، هل الحكم على كم الأعمال أم جودتها؟ فأسهل شيء بالنسبة إليّ أن أطرح أغنية جديدة كل يوم، ولكن ما هو مستوى جودة هذه الأغنية؟ هذا هو الفيصل، وأنا أسعى للحفاظ على اسمي وتاريخي ونجاحاتي، ولذلك ادقق في كل أغنية أقدمها وأبذل فيها جهداً كبيراً في كل مرحلة فنية حتى أعود وأظهر بالشكل الذي يتناسب مع اسمي لأنني منذ أول ألبوم «مش ندمانة» وحتى آخر ألبوم «أسهلها لك» لا تجد لدي أغنية واحدة دون المستوى، إلى جانب أن كثرة الأعمال والوجود المستمرّ يضران بالفنان، وهذا تفكير المطربين الأجانب أيضا،ً وأنت تعرف أنني عشت كثيراً في أوروبا.

- عودتك الى سوق الكاسيت تعني عودتك الى المنافسة، كيف تستعدين لهذا الأمر؟ لدى منطق خاص في موضوع المنافسة وهو أنني لست في مجال المنافسة مع أحد، ولكن العمل الذي أقدمه هو الذي يخوض المنافسة أمام أعمال الفنانين الآخرين، ولدى ثقة بأن العمل الذي سأطرحه سيتفوق على كل منافسيه.

- ولماذا فكرت في أن تنتجي لنفسك ولم تعودي مع شركة روتانا التي كانت تنتج ألبوماتك؟ أولاً فكرت في أن أنتج ألبوماتي بنفسي بحثاً عن الراحة النفسية حتى أصنع الأغاني التي أحبها وأقتنع بها دون تدخل أحد سلبياً كان أم إيجابياً لأنني عندما أنتهي من  عمل ألبوم غنائي أتحمس لإصداره وتعقيدات الروتين في شركات الإنتاج تفسد هذه الحماسة خصوصاً أنني خضت التجربة مع شركة روتانا لمدة تسع سنوات، وكانت دائماً ما تتسبب بتأخير الألبوم.

- ولكن الإنتاج الآن مغامرة وكل الشركات تؤكد أنها تخسر؟ بالفعل الإنتاج الآن مغامرة كبيرة في ظل ارتفاع أجور الملحنين والشعراء والموزعين وارتفاع تكلفة التسجيل والمراحل الفنية الأخرى، ولكن أن تقول الشركات إنها تخسر فلا أوافق على ذلك لأن هناك أساليب جديدة للتوزيع وبيع الأغاني لم تكن موجودة من قبل مثل الرسائل ورنات التليفون وغيرها من أشكال التوزيع الإلكتروني.

- لحقت بآخر جيل الكبار كيف تشعرين بالفرق وأنت تتعاملين مع الشباب؟ الكبار الذين عايشتهم وتأثرت بهم أمثال بليغ حمدي  ومحمد الموجي، والملحنون الذين تعاملت معهم أمثال فاروق وصلاح الشرنوبي، كان العمل معهم بحب وليس لأسباب تجارية فقط. أما بالنسبة الى الشباب فأنا ومنذ بدايتي حريصة على العمل مع الشباب، وأتذكر أن بدايتي مع سامي الحفناوي كانت مع بدايته، ولم يكن قد قدم سوى أغنيتين «لولاك» و«كوكب تاني»، وتوقعت له النجاح وعملت معه، وهو ما حدث مع كريم محسن الذي أتوقع أن يصبح من أنجح الملحنين الفترة المقبلة.

- كيف تنظرين الى ما يحدث على الساحة الغنائية بشكل عام؟ الساحة الغنائية تغيرت كثيراً، فمثلاً عندما اتجهت إلى الغناء  كنت مؤمنة بأنه رسالة شريفة محترمة وبأن هدفه راقٍ وهو تعليم الناس الرقي كما فعل عبد الحليم حافظ الذي علّم الناس كيف يحبون، ولكن ما أراه الآن أن الموضوع أصبح مجرد واحدة ترغب في الغناء من أجل أن تتعرى، وأصبح الغناء بهذه الطريقة لا يشرّف، فطوال حياتي سعيت الى أن أضع بصمة وتاريخاً أفتخر به وهم الآن لا يفكرون في ذلك.

- ولكن قد تكون هذه طريقتهم في صنع تاريخهم؟ أين صناعة التاريخ في أن أظهر عارية إلا إذا كانوا يحاولون صناعة تاريخ لهم في عمل أفلام خلاعية.

- ألا يعجبك أحد من الموجودين؟ على العكس هناك أصوات جادة ومحترمة، وأنا أستمع الى كل ما يقدم فمثلاً ألبوم محمد حماقي السابق أعجبني جداً أكثر من ألبومه الأخير إلى جانب أنني أحب أن أستمع الى صوت أنغام وإن كنت أرى أنها تتراجع، ومنذ سنوات عدة أعجز عن أن أحفظ لها أغنية رغم أنها كانت مع محمد علي سليمان تقدم أعمالاً في غاية الروعة، وكذلك شيرين عبدالوهاب صوتها جميل ويعجبني أداؤها وإحساسها، إلى جانب المطربة الشابة جنات وهى من أجمل الأصوات على الساحة.