زافين قويومجيان

تلفزيون الآن, زافين قويومجيان, مذيعة

10 يونيو 2009

إنطلق قبل 18 عاماً إلى العالم الإعلامي من خلال الأخبار، ثم إنتقل الى البرامج الاجتماعية التي ترك فيها بصمة خاصة وأسلوباً جديدا، إلا أنّ عينه لا تزال على الأخبار راسما في ذهنه طريقة جديدة لتقديمها.
زافين قويومجيان الباحث المستمر عن مواضيع جريئة وحالات خاصة يضعها أصحابها بين يديه للمعالجة، لا يتردّد أبداً في القول إنّه الرقم واحد في البرامج الاجتماعية. فـ «سيرة وانفتحت» الذي يبثّه تلفزيون «المستقبل» يحتفل هذه السنة بعيده العاشر.

-منذ إنطلاقتك الإعلامية في «تلفزيون لبنان» وحتى اليوم ما الذي تغيّر في زافين الإعلامي والإنسان؟
بعد 18 عاماً في الاعلام تغيّر كلّ شيء في حياتي ومن حولي. عندما بدأت في مهنة الإعلام كنت متخرّجاً جديداً من الجامعة وأحلام العالم تدور في رأسي. اليوم أنا أبّ وأتحمّل مسؤولية ولدين. اليوم برنامجي وكلّ عملي أصبح «أون لاين». وكلّ تغيّر في حياتي أعكسه على برنامجي. أحاول قدر الإمكان أن لا أفصل بين زافين الاعلامي والانسان، وكلّ الخبرة التي أكتسبها في الحياة أوظّفها في عملي.

-ما الذي أضيف وما الذي حذف؟
أضيف عدد السنوات إلى عمري، وفي النهاية هذا أنا.

-هل تحنّ الى العمل الإخباري الذي أنطلقت منه؟
أحنّ الى العمل الإخباري خصوصاً عند بروز حدث ما، حين أتابع زملائي وهم يقومون بالتغطية المباشرة للحدث. أشعر بأنّه يوماً ما سأعود الى العمل الاخباري وعندي فكرة لنموذج جديد لتقديم نشرات الأخبار، اليوم ليس الوقت المناسب لها. فالأخبار جدية أكثر من البرامج، وهي التي أضافت الى خبرتي في المجال الإجتماعي.

-تعني أنّك في البرامج الاجتماعية لفترة موقّتة؟
ليست فترة موقّتة، أحبّ البرامج الاجتماعية وأعمل فيها بشغف. علماً أنني نجحت في البرامج الإجتماعية أكثر من الأخبار. في الفترة التي كنت فيها في مجال الأخبار كانت الإعلامية ماغي فرح هي الرقم واحد وليس أنا، أما في البرامج الإجتماعية فنلت الرقم واحد، والناس أحبّوني أكثر فيها.

-وأنت أين أحببت نفسك أكثر؟
في البرامج السياسية، ولا أعني فيها «صراع الديوك» بل كيف نخدم المواطن من خلال التشريعات، وهذا الذي أحبّ الرجوع اليه.

-على ماذا تعتمد لتقول إنّك الرقم واحد في البرامج الاجتماعية؟
اعتمدت على شعوري. على الأقل إذا لم يكن برنامجي الأوّل اليوم فهو الأعرق، نظراً الى الفترة الطويلة التي إستغرقها عرضه. وهذا البرنامج ليس ملكي بل ملك التلفزيون كفكرة، واعتبر نفسي جزءاً من المشهد المرئي في لبنان وأفتخر بذلك.

-تحتفل هذه السنة بالسنة العاشرة لبرنامجك «سيرة وانفتحت». ألا تجد صعوبة في التجدّد الدائم للإستمرار؟
التجدّد المستمرّ أصعب شيء أواجهه، اليوم أحتفل ولكن غداً سأشعر «بالسخن» خصوصاً أني أردت التحدّي وقلت لنفسي أريد أن أرفع الحوار التلفزيوني الى مستوى جديد من الحوار الإجتماعي العربي، الأمر الذي يحمّلني مسؤولية كبيرة.
فالسرّ في كيف أجد مواضيع جديدة وأجد الناس المناسبين للتحدث عن قضاياهم  وبطريقة لم يسبقني إليها أحد إليها، لأنّه لا يمكنني القيام بعمل سبقني أحد اليه إلا ويكون له ما يميّزه، وأعتقد أنّ شخصيتي هي التي تميّزني، وكذلك نظرتي غير التقليدية إلى الأمور. وبالتالي هذه قوتي التي يجب أن أحافظ عليها.

-إلى متى تتوقّع أن يستمرّ «سيرة وانفتحت»؟
ثلاثة عناصر تدخل هنا: إدارتي، أنا والجمهور. طالما أنا قادر على إيجاد أشياء جديدة وإدارتي راضية ومن مصلحتها المحافظة على البرنامج، والجمهور مستمرّ في المشاهدة، فسيستمرّ البرنامج. إذا ضعف أحد هذه العناصر الثلاثة سيتوقّف البرنامج.

-ماذا أضاف زافين إلى شاشة «المستقبل» وماذا أعطته في المقابل؟
هناك شراكة بيني وبين التلفزيون. أضفت خبرتي وشخصيتي وبرنامجي وأفكاري. والشاشة قدّمت إليّ الوسيلة وفي النهاية هناك علاقة شراكة وطالما الإحترام متبادل العلاقة ستستمرّ. أنا «المستقبل» و«المستقبل» أنا. الأشخاص يصنعون الشاشة ومع الأسف تظلّ الشاشة أقوى من الأشخاص.

-تعتبر نفسك نجماً؟
طبعاً أنا نجم من نجوم التلفزيون. إذا كان هناك عشرون نجماً تلفزيونياً في العالم العربي، فأنا واحد منهم وأفتخر بذلك.

-هل تعتبر أنّ جرأتك في طرح المواضيع هي التي أوصلتك لتكون نجماً؟
كلّ إنسان لديه ميزة، أنا لدي جرأة صادقة غير مفتعلة، وهذا ما يميّزني عن غير برامج تقول إنها جريئة. أفضل أن تكون قوّتي بفكري ولكن مع الأسف أن قوّتي تكمن في جرأتي. وإذا قال أحدهم فكرة جريئة لا أخفيها بل أدعمها، أنا لست بطلاً على الشاشة بل أدعم أبطالاً، وهذا ما يدعو البعض إلى الخوف من التعامل معي.

-ما هو الحدّ الفاصل بين الوقاحة والجرأة؟
الحدّ الفاصل هن أن يكون في بالي أنّ أمّي وأختي وزوجتي يشاهدنني  في المنزل. فالناس الذين يشاهدونني يبحثون عن القيم العائلية.

-هل اختطيت لنفسك أسلوباً خاصاً بك يقلّده البعض؟
هذا النوع من الأسئلة فيه إحراج، لأنّه إذا قلت: كلا، أكون أتواضع في وقت لا يجب التواضع فيه، وإذا قلت نعم، أكون أتباهى. على الآخرين إعطاء رأيهم في الأمر. لكنني أعتبر نفسي أحدث خطاً. فهناك مدارس عدة في التلفزيون، وأنا أنتمي الى مدرسة معيّنة واستطعت أن أصنع خطاً خاصاً في العالم العربي لم ينجح فيه الآخرون.

-إلى أي مدى يستطيع بنطرك العالم العربي تحمّل هذا الكمّ من الجرأة؟
في برنامجي، أفصل بين ما أقدّمه على المحطة الأرضية والفضائية. أحياناً، لا أدري إذا كنت أفشي سراً، أكون جريئاً أكثر على المحطة الفضائية منه على الأرضية. لأنني بالنسبة إلى المشاهد في العالم العربي، غريب عنه، أما إبن بلدي فلا يقبل أن أكون مختلفاً عنه، لأنّه يعتبر أنني أمثّله. 

-هل هناك خطوط حمر تضعها المحطة؟
معظم مشاكلي مع إدارتي تكون على حساب الخط الأحمر. وتخدمني في ذلك خبرتي في «تلفزيون لبنان» حيث عملت في اسوأ مراحل الترويكا السياسية اللبنانية، أي كيف نرضي في تمرير الخبر الرؤساء الثلاثة لكون المحطة على مسافة واحدة من الجميع. فأعرف تماماً كيف أمرّر الخبر بطريقة متوازنة.

-متى شعرت للمرة الأولى بأنك تحت الضوء؟
في كلّ حلقة قوية أخرج منها بانطباع جيّد. وأنا حتى قبل سنّ العشرين أعمل في المجال الإعلامي ومن النادر أن لا أكون معروفاً في مكان أرتاده. ولا أفكّر أبداً في موضوع الضوء. نوعية برامجي لا تسبّب ضوءاً مزعجاً.

-هل تتحدث مع زوجتك في المنزل في أمور العمل؟
عندما أنهي عملي أتركه هنا في المكتب. ولا أتحدث أبداً مع زوجتي في أمور العمل حتى أنهّا لا تشاهد حلقاتي. وأنا أتعمّد هذا الفصل الكلّي بين العمل والمنزل.

-متى تفكّر في الإنتقال للعمل في محطة أخرى؟ وهل تفكّر في الأمر؟
ولا مرّة شعرت بأنّ «المستقبل» هي المحطة التي سأمضي فيها كلّ العمر. عندما كنت في «تلفزيون لبنان» كنت أفكّر أنني سأمضي كلّ العمر فيه وفجأة قالوا لي «الله معك». وفي «المستقبل» يمكن أن يقولوا لي ذلك يوماً ما، لذا لا أوّد أن أُصدم كما في أوّل مرّة.  وإذا حصلت على عرض أفضل، أشعر فيه بانتشار أوسع وضمن تحدياتي الجديدة أترك المحطة. لكن طالما أنا في «المستقبل» أنا وفيّ له وملتزم بخط المحطة ونهجها.

-أنت على تماس مع القضايا الحسّاسة في المجتمع العربي، ما هي التحدّيات والمعوّقات التي تواجه هذا المجتمع بنظرك؟
لا أطرح عادة مواضع حسّاسة، لكن هذه السنّة عنونتها «الواقع المدهش» وسنتطرّق الى وقائع تدعو الى الدهشة. مشكلة العالم العربي هي أنّه لا يستطيع إنتاج قيم جديدة تحقّق مصالحة بين التراث العريق وشروط العصر التي تفرض علينا. نتيجة الخوف من الضياع في ظلّ العولمة، لا تجعل العالم العربي يتطوّر بطريقة طبيعية، في وقت هو معرّض لكلّ وسائل الاتصال. وفلسفتي الحقيقية هي قيام المصالحة بين الماضي والمستقبل في ظلّ الحاضر الذي نعيشه.

-ما رأيك في الواقع الإعلامي العربي واللبناني؟
الواقع الاعلامي جزء من هذا الضياع. فالسؤال الذي أطرحه دوما هل التلفزيونات العربية تشبه مجتمعاتها؟ وإذا كان الجواب لا فهناك مشكلة حقيقية. فالتلفزيون اللبناني يجب أن يشبه لبنان وليس فرنسا. فالهدف هو الإرتقاء من خلال الإعلام الى الأفضل.

-هل من كلمة نقد توجّهها إلى واقع معيّن تعيشه؟
لا أريد وضع نفسي في موقع أنتقد فيه الناس. أهم شيء بالنسبة إليّ هو الصدق والمصالحة مع النفس. التلفزيون أداة تغيير حقيقي في المجتمع، كما أنّه أداة تسلية وأخبار. والتلفزيون هو الساعتان اللتان نمضيهما أمامه قبل الخلود إلى النوم، لذا يجب أن تكون الساعتان مريحتين ومتصالحتين مع المجتمع.

-في أحد أحاديثك الصحافية تقول: «أحب أن أتشبّه بالإعلامية الأميركية أوبرا وينفري»، لماذا دوماً هذه العقدة لدى الشرقيين بالتشبّه بالغربيين؟
أوبرا جزء من حياتنا بما أنّ برنامجها مترجم إلى العربية، مثلي مثلها تماماً، المشاهد يختار بيننا. أنا معجب بأوبرا أوائل التسعينات عندما كانت تطرح قضايا أعمق، اليوم أرى مواضيعها أقلّ عمقاً. وأخذت موقفاً منها ولم أعد أتابعها. وأصبح القول إنني أقلّدها يزعجني. وعندما كثرت البرامج الإجتماعية على الشاشات اللبنانية كثر الحديث عن أنّ المقدمين يقلّدونني وأقلّدهم، وبالتالي هم زملائي ولا أريد الدخول في هذه الحساسيات، فأطلقت مقولة على سبيل المزاح إنني لا أنافسهم بل أنافس أوبرا.

-نرى برامج اليوم على الشاشات اللبنانية كـ «أحمر بالخط العريض» على الـ «إل.بي.سي» شبيهة ببرنامجك، ألا يزعجك الأمر؟
لا تعليق لي على الموضوع ولا مشكلة لديّ إذا قلّدني أحدهم أوقلّدته، على العكس أدعو له بالتوفيق.

-هل تتابع الحالات التي تظهر في برنامجك؟
نتابع كثيراً ضمن الإحترام وعدم التدخّل في خصوصية الآخرين. وكلّ ما نلتزم به على الهواء نتابعه.

-هل تقديمكم العروض في البرنامج هي الحافز لمشاركة البعض؟
لا نقدّم العروض بل ما نأخذه على عاتقنا يستجدّ في أثناء بثّ البرنامج. لكن البعض يتوقّع ما سنقدّمه سلفاً.

-هل تواجه صعوبة في البحث عن حالات معقّدة كحالة تبديل الأولاد أثناء الولادة في المستشفى، وكيف تقنعونهم بالتكلّم عن ذلك للإعلام؟
الأمر في غاية الصعوبة، ولكن ما يسّهل علينا العمل هو لجوء البعض إلينا لعرض مشكلتهم، ولا أعمد على إقناع أحد منذ خمس سنوات وحتى اليوم. وأحضّر الموضوع في ضوء الحالات ولا أضع فكرة معيّنة وأبحث عنها.

-تقول: إنّ «الحياة هي نتيجة أفعال وأحلام وأشخاص آمنوا بالتغيير»، على حقّقت حلمك وهل استطعت أن تغيّر؟
إستطعت التغيير في النطاق الضيّق وحقّقت ذاتي، لأنّ الأمر ليس سهلاً في ظلّ المنافسة القوية، إن كان اليوم أو قبل عشر سنوات. اليوم الأمر أصعب في ظلّ هذا الكم الهائل من المحطات التلفزيونية، لذا أقدّر من يبرز وينجح في هذه الأيام لأنّ جهده سيكون مضاعفاً. وكذلك الأمر بالنسبة إليّ للمحافظة على مكانتي وما وصلت إليه. أحبّ المساهمة في التغيير إلى الأفضل. حقّقت الكثير من أحلامي ودوماً يولّد حلم جديد، لأنّ الحياة هي تحدّيات مستمرّة. وعندما يموت الحلم يموت شغف الحياة. وإذا غاب الشغف غاب كلّ شيء. واذا لم أنجح في حلقة ما، فالمشاهد يسامحني لأنه يدرك تماماً شغفي بمهنتي.

-تقول إنّك تعلّق الصور الكاريكاتورية على الجدران في الأستوديو في الحلّة الجديدة للبرنامج لإظهار «أنّه مهما علا شأني فثمّة من ينتقدني»، هل تواجه انتقادات جارحة؟
توّجه إليّ انتقادات جارحة أكثر من غيري، كما هناك كلام جميل جداً يوجّه إلي أيضاً اكثر من غيري لكوني من الشخصيات التلفزيونية السجالية. فهناك من يحبّني كثيراً ويأخد عملي على محمل الجد، كما أنّ هناك من لا يطيقني. فآرائي لا تتّفق دوماً مع آراء المجموعة.

-هل أنت في صدد إصدار كتاب جديد غير «لبنان فلبنان»؟
أحضّر كتاباً جديداً مضمونه التلفزيون في لبنان ولن أفصح عن تفاصيل أكثر.

-لمن تقول شكراً؟
في البداية إلى فريق إعدادي الذي استمرّ معي منذ عشر سنوات. وأقول شكراً لزوجتي وأولادي وأهلي، وأهمّ شكر هو للمشاهدين الذي لا يزالون يثقون بي ويخبرونني قصصهم.

-ماذا يقول زافين اليوم لزافين الأمس وبماذا ينصح زافين المستقبل؟
يقول زافين اليوم «يعيطك العافية» لزافين الأمس، ولزافين المستقبل أقول لا تدع أحداً يقتل الحلم الذي في داخلك وأنتبه وأبقى على قدر المسؤولية والتواضع لأنّ التلفزيون معرفة مستمرّة ولا يمكن النوم على أمجاد الماضي.

-هل تستخدم عادة الأكسسوارات في برنامجك للفت النظر فقط أم لغرض آخر؟
أحّب الأكسسوارات لأنّها تشعرني أنني في منزلي. كنت أوّل من استخدم الكومبيوتر على الشاشة، واليوم أنا أوّل من استخدم «كومبيوتر الجيب» على التلفزيون بحجمه الصغير، والذي استعمله الممثل جيمس بوند في فيلمه الأخير. ومصرّ على اتباع التكنولوجيا في برنامجي حتى لو أنّه يزعجني في التركيز لكون أحرفه صغيرة. وحتى الكوب الذي استخدمه في الحلقة شفّاف وتصميمه فريد، أغيّر الشراب الذي في داخله وبالتالي تتغيّر الألوان التي أقصد أن تكون غريبة وتثير فضول الناس لمعرفة ماذا أشرب، ويتمّ انتقاء ربطة العنق بلون الشراب.