مدير عام أول أكاديمية "نفيسة شمس" - الأستاذة مي طيبة: رؤية 2030 تركّز على برامج ريادة الأعمال

جدة: آمنة بدر الدين الحلبي 16 فبراير 2020

تتسم شخصيتها بالهدوء والرزانة والعطاء المتواصل، ودرّبت روحها على عشق الفنون بكل أنواعها لتكون قدوة لبنات جيلها، وسَعت برؤيتها البصرية إلى تحقيق ما تحتاج إليه فتيات وطنها بالمحبة والعمل الدؤوب. شغلت مناصب قيادية عدة، وكانت رائدة في العمل الأكاديمي والإداري. الأستاذة مي طيبة مدير عام أكاديمية "نفيسة شمس" حاصلة على ماجستير في إدارة الأعمال من "جامعة الأعمال والتكنولوجيا" في المملكة العربية السعودية عام 2011، التقتها "لها" في الأكاديمية وحاورتها عن المشاريع التي خدمت الأكاديمية وطالبات الأكاديمية.


- ما هي البرامج التي اتّبعتها الأكاديمية إيماناً منها برؤية 2030؟

نظراً لاهتمام الأكاديمية ببرامج التدريب كي تفتح سوقاً لأعمال طالبات الأكاديمية، كانت الأولوية للتركيز على التدريب الحِرفي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تم إعداد برامج للخياطة والتجميل والتصوير، ومجموعة كبيرة من برامج التدريب الحِرفي التي تواكب التوجهات الحديثة. وللمساهمة في تحقيق رؤية 2030، أجرت الأكاديمية دراسة عن احتياجات سوق العمل، مما دفعها لإدخال تخصصات جديدة، أهمها "الغرافيك ديزاين" وبرامج رسوم "الأنیميشن" التي أصبحت مطلوبة في هذا العصر.

- ما هي البرامج التي تم التركيز عليها مع رؤية 2030؟

مع رؤية 2030، تم التركيز على برامج ريادة الأعمال التي تُعتبر نموذج العمل التجاري، بالإضافة إلى دراسة الجدوى والتسويق من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وخدمة العملاء وغيرها من المواضيع التي تهمّ المرأة السعودية وتساعدها في البدء بمشروعها.

- ماذا عن المسؤوليات التي وقعت على عاتقكم للمساهمة في تحقيق الرؤية؟

أهم مسؤولياتي في الأكاديمية للمساهمة في تحقيق رؤية 2030 هي القدرة على إحداث نقلة نوعية في حياة المرأة السعودية وتحويلها من متدرّبة إلى رائدة أعمال، فالتدريب الحِرفي لا يكفي وحده، وبالتالي تم تعليم المرأة مبادئ خاصة لتحويل الحِرفة إلى مشروع خاص، وكيفية البدء به وإطلاقه ليدّر عليها دخلاً مناسباً تستطيع من خلاله الاعتماد على نفسها. أما عمل المرأة من المنزل فكان في البداية مقتصراً على صنع الهدايا والمنتجات الحِرفية، لكن بعدما اطّلعنا على أوضاع السوق ووجدنا أنها تحتاج الى أشياء مختلفة مع التغيّرات الاقتصادية، وقع اختيارنا على خط إنتاج "الزي الموحّد". وخلال السنتين الماضيتين، أطلقنا أكثر من "زي موحّد" مختلفة في الشكل والمضمون، مما أدى إلى توظيف عدد كبير من السيدات السعوديات.

- ما هي الفئة التي تستهدفها الأزياء الموحّدة؟

الأزياء الموحّدة موجّهة الى مختلف فئات المجتمع، فهناك مثلاً زي موحّد للمدارس، وآخر للأطباء، وزي للحراسة الأمنية... واليوم بدأت الأكاديمية بإطلاق خط آخر يهتم بقطاع السياحة، والعمل جارٍ على تصميم وصنع هدايا لكل الزائرين والسيّاح تماشياً مع رؤية 2030 بعدما كان نشاط الأكاديمية مقتصراً على الحجّ والعمرة.


- هل من برامج ستُطلق لعام 2020؟

لمواكبة التطور في كل القطاعات، ستُطلق الأكاديمية العام المقبل برنامجاً متكاملاً، وهذا يحتاج الى جهد مضاعف، والعمل من خلال حاضنة أعمال "نفيسة شمس" التي بدأت مطلع عام 2019، وهي حاضنة مخصّصة للسيدات في تصميم الأزياء والأكسسوارات، مع تهيئة الأماكن للعمل بكل أشكاله، كالقص والتفصيل والتطريز والطباعة وغيرها من مستلزمات العمل، بالإضافة الى الاستشارات والتوجيه المتواصل من المختصات في المجال، مما أعطى الأكاديمية دوراً قوياً في وضع الخطط الاستراتيجية، سواء بعمليات التدريب أو بتوفير اليد الحِرفية السعودية، مع استيراد الأجهزة الحديثة والمواد الخام الخاصة بالعمل، وتدريب السيدات على صنع المنتجات الجديدة لتحقيق رؤية 2030.

- مدير عام البحث والتعليم من شركة "قطوف الريادة" إلى مدير عام"أكاديمية شمس"، هل هناك فارق بين الإدارتين في المعطيات؟

كان عملي في "قطوف الريادة" مقتصراً على التوجيه والتدريب والاستشارات، حيث كنت مسؤولة عن تصميم وإطلاق المبادرات الخاصة بالسيدات ليتم تحويلها إلى مشاريع، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الاستشارية والتوجيه والتدريب الخاص بريادة الأعمال للشركات التي كانت تحتضنها "قطوف الريادة".

أما عملي في "نفيسة شمس" فيعتمد في جزئه الأكبر على الإدارة المتكاملة لمنشأة كبيرة تحتاج الى وضع الاستراتيجيات الجيدة والموازنات، مع دراسة الجدوى وعمليات البحث والإشراف على الإنتاج ككل، تليها عمليات التسويق والتصريف.

- من يدعم هذه المنشأة الكبيرة؟

أكاديمية "نفيسة شمس" بجوانبها الثلاثة هي إحدى مبادرات "مجتمع جميل"، المنظّمة الخيرية العالمية، والدعم يأتي كله من الشركة الأم التي لم تبخل يوماً في التقديمات المالية أو الاستشارية، بدءاً من هذا المبنى الذي تُقدّر مساحته بـ 10 آلاف متر مربع، مع الأخذ في الاعتبار أن سياسة "مجتمع جميل" تجعل الأكاديمية تعمل كمركز تكلفة مستقل كي تحقق الاستدامة وتستمر في عطائها لدعم السيدات السعوديات.

- ما هي الخطة الاستراتيجية لمشاريع أكاديمية "نفيسة شمس" الجديدة؟

لدى أكاديمية "نفيسة شمس" استراتيجيتان أساسيتان، الأولى "برنامج العمل من المنزل"، الذي يهدف الى ضم السيدات الى برامج العمل الحِرفي فيعملن من منازلهن تحت إشراف "نفيسة شمس"، والثانية هي إطلاق سيدات سعوديات بمشاريع ريادية ناجحة من خلال حاضنة "نفيسة شمس"، وتتولّى دعم الاستراتيجيتين برامج التدريب المختلفة. وهناك برامج متخصصة تدرّب المرأة على صنع منتجات معينة تسمح لها بالدخول تحت خط إنتاج "نفيسة شمس"، سواء أكان خط إنتاج "الزي الموحّد" أم الهدايا الخاصة بالسياحة... وثمة برامج أخرى تعلّم المرأة المبادئ الأساسية لريادة الأعمال لبدء مشروعها الخاص، أي تعليم ثقافة العمل الحر. إضافة الى برنامج يحمل عنوان "كيف تكتشف السيدة شغفها؟"، لأن نساءً كثيرات يرغبن في إطلاق مشاريعهن، لكنهن لم يجدن الطريقة المناسبة، ولا حتى يعرفن من أين يبدأن، وهذا يُعتبر قيمة مضافة تقدمها "نفيسة شمس".

- ماذا عن الاتفاقيات التي أبرمتها "نفيسة شمس"؟

في عام 2018، أبرمت الأكاديمية اتفاقية مع بنك "التنمية الاجتماعية"، وتم تدريب 200 سيدة سعودية على برامج محددة لإطلاق مشاريعهن، وكانت التجربة رائعة معهن، حيث أثبتن جدارتهن وتمكّنهن من أدواتهن، وشغفهن بالتعلّم والإقدام على العمل الجاد. وحقق البرنامج نجاحاً كبيراً، بحيث قام البعض بمشاريع فردية، وانضم البعض الآخر إلى خطوط الإنتاج في "نفيسة شمس".


- ما هي مبادرات "مجتمع جميل" الأخرى في السعودية؟

"باب رزق جميل للتمويل متناهي الصغر" يُعتبر أول مؤسسة حاصلة على ترخيص من مؤسسة النقد العربي السعودي ذات خبرة طويلة في مجال دعم رواد الأعمال حيث قدمت الدعم المالي لعشرات الآلاف من رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة. وأيضاً "باب رزق جميل للخدمات" التي تعنى بتوفير مجموعة من الخدمات الرقمية التجارية سهلة الاستخدام، والتي تشكل مجموعة كاملة من الأدوات القادرة على تلبية حاجات رواد الأعمال الناشئين لتطوير أعمالهم والتوسع بها. كما ينظّم "باب رزق جميل" سنوياً مسابقة منتدى "MIT" للشركات الناشئة في السعودية، التي تدعم الروّاد والرائدات وتقدم لهم برامج تدريبية وإرشادية مكثّفة، بالإضافة إلى الجوائز المادية.

- متى نُظّمت تلك المسابقة؟

انطلقت المسابقة في عام 2015 بغية الترويج لبيئة ريادة الأعمال وإثرائها في المملكة العربية السعودية، وهي تهدف إلى تقديم الدعم والاحتفاء بكل الشركات الناشئة ورواد الأعمال في المملكة من خلال مسارات المسابقة الثلاثة: الأفكار، الشركات الناشئة، والشركات الاجتماعية، ويتقدم للمشاركة في المسابقة الآلاف من رواد الأعمال المميزين من كل مناطق المملكة، ويُعلن عن أسماء الفائزين من خلال مؤتمر "ستارت سمارت" الذي تحضره نخبة من المتحدثين والمهتمين بريادة الأعمال من مناطق مختلفة من العالم.

- هل لديكم برامج توظيفية؟

بالتأكيد، هناك "باب رزق جميل للتوظيف" وهدفه الأساس عملية توطين الوظائف، وهو يملك مجموعة من برامج التوظيف المتنوعة والمتناسبة مع احتياجات الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهي برامج مرنة يهدف من خلالها إلى دعم رواد ورائدات الأعمال.

- ما المدة التي تستغرقها تلك البرامج؟

هذا يتعلق بنوعية البرنامج، مثلاً دبلوم تصميم الأزياء يحتاج إلى سنتين ونصف السنة، وبرنامج التأهيل لتمكين المرأة من الخياطة يحتاج إلى أربعة أشهر، وهو من أقوى البرامج، أما برنامجَي الماكياج والتصوير فيستغرق كلٌ منهما شهرين.

- هل استطاعت تلك البرامج والتدريبات الاستجابة لسوق العمل بالكامل؟

لا يزال سوق العمل يحتاج الى كثير من التدريب وعدد من البرامج الجديدة لسد الفجوة، لكن برامج "نفيسة شمس" ساهمت في دعم السيدات اللواتي ذهبن الى العمل الحِرفي، وعزّزت التدريب الحِرفي الخاص الذي لم يكن متوافراً في الجامعات والمعاهد، ولا تزال "نفيسة شمس" تركز على تلك البرامج التي تجد فيها المرأة شغفها.

- كيف تصف مي تجربة "نفيسة شمس" مع ذوي الاحتياجات الخاصة؟

تجربة "نفيسة شمس" مع ذوي الاحتياجات الخاصة تعود إلى العام 2016، وبدأت مع حالات "متلازمة داون"، وتم اختيار أعمال حِرفية تتناسب مع ميول الفتيات، وتهدف الى نقل هؤلاء من المؤسسات المتخصصة إلى مؤسسات تعليمية عادية تمهيداً لإدماجهن مع طبقات المجتمع المختلفة، وهذا ترك أثراً جميلاً لدى ذويهن، حيث طالبوا ببرامج أخرى مماثلة، كما قدّمت "نفيسة شمس" برامج مفيدة لقطاع "الصم والبكم"، وكانت تجربة أكثر من رائعة لتمتّع الفتيات بمؤهلات ومواهب مميزة وجدية. أما قطاع "التوحّد" فكان من الصعب التعامل معه نظراً لخصوصية حالته.

- ما هي الرؤية المستقبلية لتلك الشراكات التنموية؟

تتمثل رؤية "نفيسة شمس" في المساهمة في فتح مجالات جديدة من فرص العمل، وهذا انعكس على الكثير من برامجنا وشراكاتنا مع القطاعات الأخرى، سواء من طريق التوظيف المباشر الذي يقوم به "باب رزق جميل للتوظيف"، أو من طريق التمويل متناهي الصغر والذي يقوم به "باب رزق جميل للتمويل متناهي الصغر"، أو من طريق فن جميل المتخصص في دعم المشاريع الفنية في مجال الفنون المعاصرة والتعليم من خلال "مركز جميل للفنون" في دبي والذي افتُتح في عام 2018، و"مركز حي" ملتقى الإبداع في جدة والذي سيُفتتح في خريف عام 2020.

- ما أهمية الدور الذي تقوم به الأكاديمية في تحقيق التطور المجتمعي والتنمية المستدامة على مستوى مناطق المملكة؟

قصة نجاح "نفيسة شمس" تعود الى توظيف السيدات السعوديات من المنزل في عدد من مناطق المملكة، وتسعى الأكاديمية إلى نشر برامجها في المدينة المنورة ومكة المكرمة، ورفد السوق بمنتجات "نفيسة شمس" في جنوب المملكة العربية السعودية، سواء أبها أو جازان، وبالتالي تدريب الفتيات وفتح مراكز الإنتاج في تلك المنطقة وتسويق المنتجات فيها، وهذه الخطة ستُنفّذ في 2020، على أن نتوسع بعدها إلى شمال المملكة مثل تبوك ومن ثم الدخول إلى المنطقة الشرقية لفتح مراكز تشغيلية فيها.

- هناك تعاون بين أكاديمية شمس وغرفة جدّة التجارية والصناعية، ماذا يتضمن هذا التعاون؟

هناك مذكرة تفاهم قائمة بين "نفيسة شمس" وغرفة جدّة، مع الدعم الكبير الذي تقدّمه الغرفة التجارية للأكاديمية، وأخص بالذكر الدكتور فيصل عبدالقادر ودعمه الكبير للأكاديمية، وخاصة مع برامج ذوي الاحتياجات الخاصة بحيث قدّمت الغرفة للأكاديمية شراكات مالية لا يُستهان بها، وعلى سبيل المثال "شركة تمر" التي أُطلقت مشروع "متلازمة داون" ودعمت برامج التدريب، وفي الحقيقة أن الغرفة التجارية قدّمت دعماً غير محدود للأكاديمية وبرامجها المختلفة.

- كيف ترى الأستاذة مي مستقبل الأكاديمية في 2030؟

تسعى "نفيسة شمس" في 2030 لتمكين الإنتاج اليدوي للمرأة السعودية، والتمركز بقوة في السوق السعودي ليكون بديلاً للمنتج الحِرفي المستورد، لأن المجتمع السعودي يفتقر الى الهدايا المصنّعة محلياً التي يمكن أن تُقدم للسيّاح والزائرين في منافذ المملكة، والتي إن وجدت فهي نادرة. كما تهدف الأكاديمية إلى مضاعفة الإنتاج في 2030 بفضل تمكين المرأة السعودية وفتح قطاع السياحة في المملكة لـ 49 دولة في العالم.


- ما الذي حققته "نفيسة شمس" على صعيد الأزياء الموحّدة؟

حققت "نفيسة شمس" سمعة عالية ونافست بقوة الشركات الأخرى، ويكفي "نفيسة شمس" فخراً أنها كسبت عملاء "تويوتا" و"لكزس" و"عبداللطيف جميل"، ولأنها تمكنت من بيع منتجاتها لشركة "تويوتا" فهذا في حد ذاته يُعتبر تحدياً كبيراً في السوق السعودي، لأن "تويوتا" شركة يابانية لا تتنازل عن مستوى الجودة مطلقاً، وبدأنا نتلقى طلبات من شركات أخرى مثل "ماكدونالد" وعدد من المستشفيات، مما يتيح لنا خطَ إنتاجٍ دائماً يعود بالتنمية المستدامة على السيدات المشارِكات في الإنتاج والمجتمع والوطن.

- إلامَ تهدف "نفيسة شمس" في 2030؟

تهدف الى أن يكون منتجها ذا جودة عالية بأيدي نساء سعوديات، ومتوافراً في كل مطارات المملكة ومنافذها الحدودية، ومتاحاً لجميع السيّاح في المواسم السياحية، كما تسعى إلى رفع مستوى العمل الحِرفي، ليصبح أعلى جودة وجاذباً للسائح والمشتري.

- ماذا تقول الأستاذة مي لكل امرأة سعودية؟

كل امرأة سعودية هي قصة نجاح، أنت الأساس فلا تنتظري الدعم من أحد، بل اعتمدي على نفسك كي تصلي الى أعلى المراكز.