فيروس كورونا بعد وصوله الى لبنان: حالة طوارئ والعلاج ليس متوافراً

فرح جهمي 20 فبراير 2020
يعيش العالم بأسره حالة من الترقّب والقلق، بعد ظهور فيروس كورونا الجديد، أو فيروس كورونا المستجد، والذي اضطُر منظمة الصحة العالمية لاعتباره حالة طوارئ دولية. وقد نبالغ إذا قلنا إن الفيروس الذي يُشار إليه بـ(2019-nCoV)(1) يواصل انتشاره بسرعة في العالم، وفق ما أكّده الخبراء، الذين لا يعرفون حتى الساعة أسبابه وسبل علاجه ومدى انتشاره. وفيروس كورونا الجديد الذي يعصف بالعالم منذ ظهوره في أوائل كانون الأول (ديسمبر) في مدينة ووهان الصينية، أصاب في حصيلة مبدئية حتى 2 شباط (فبراير) أكثر من 14,400 شخص في نحو 15 دولة، وأودى بحياة أكثر من 310 أشخاص، جميعهم في الصين. وتشير آخر الإحصاءات إلى أن واحداً من كل أربعة أشخاص تكون إصابته خطيرة.


- ما هو فيروس كورونا؟

رجّحت الدراسات الأولية أن هذا الفيروس ربما ينتمي إلى عائلة فيروسات كورونا، وهي عائلة تتكون من ستة أنماط تنتقل عدواها بين البشر، وبانضمام الفيروس الجديد يصبح عددها سبعة، لكن الفيروس الأخير يتميز جينياً عن باقي فيروسات كورونا، مثل فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادّة الوخيمة (سارس SARS)، وفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS). ويرجّح أن يكون قد انتقل من حيوان حامل للفيروس.

وتشير أبحاث خبراء منظمة الصحة العالمية في جامعة "إمبريال كوليدج" في لندن إلى أن هناك 4000 حالة مؤكدة إلى يومنا هذا، مع عدم التأكد من حوالى 1000 إلى 9700 حالة في كل أنحاء العالم. وأكثر ما يُقلق المنظمة حالياً هو انتقال الفيروس إلى دول ذات أنظمة صحية ضعيفة.


- أعراض فيروس كورونا وخطورته

لاحظ الأطباء أن أعراض الإصابة بفيروس كورونا شبيهة بتلك الخاصة بنزلة البرد أو الإنفلونزا العادية، إلاّ أن فترة حضانة الفيروس، أي الفترة الفاصلة بين الإصابة وظهور الأعراض قد تمتد لأسبوعين. فمن الممكن أن يتنقل أحد المصابين بين عدد من دول العالم، وأن يجتاز اختبارات الفحص الطبي من دون أن يكتشف أحد إصابته قبل أن يشعر هو بها، وعادة ما تكون هذه الأعراض خفيفة، حيث تشمل:

- العطس

- السعال

- سيلان الأنف المستمر

- الشعور بالتعب

- الحمّى في حالات نادرة.

سبل انتقال عدوى فيروس كورونا

يعتقد الباحثون أن فيروسات كورونا تنتقل بواسطة الرذاذ الناجم عن السعال أو العُطاس في حال عدم تغطية الفم بمنديل من خلال الجهاز التنفسي. كما يمكن أن ينتقل من خلال اللمس أو مصافحة شخص مصاب بالفيروس، كذلك ملامسة سطح أو جسم ينتشر عليه الفيروس، ومن ثم لمس الأنف أو العين أو الفم، لذا من السهل أن تنتقل العدوى من شخص الى آخر.

وقد فرضت السلطات في العديد من الدول إجراءات صارمة في المطارات لفحص القادمين من الصين منعاً لانتشار المرض، وذلك بعد تأكيد منظمة الصحة العالمية انتقال الفيروس إلى خارج حدود دولة الصين، حيث سجلت حالات في كل من هونغ كونغ وماكاو واليابان ونيبال وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وتايلاند والولايات المتحدة وفيتنام وفرنسا وألمانيا والفيليبين التي سجلت أول حالة وفاة بالفيروس، وهو رجل صيني من مدينة ووهان.

- علاج الفيروس وطرق الوقاية منه

يلجأ الأطباء إلى عزل المصابين ووصف الأدوية المخصّصة لعلاج نزلات البرد ومضادات الفيروسات. ولم يتمكن الخبراء والأطباء حتى الآن من إيجاد علاج محدّد أو لقاح فعّال للمصابين بالفيروس المستجد، كما أن لا أمصال مضادة له، لكن العمل على تطوير أدوية لعلاجه جارٍ على قدم وساق، وتنعقد الآمال في أن تكون المهمة سهلة، لا سيما أن عدداً من الأشخاص تعافوا من المرض بعد خضوعهم للعلاج بالمضادات الحيوية.

وأشار علماء في الولايات المتحدة الأميركية إلى أنهم سيتمكنون من إنتاج لقاح لكورونا، وسيكون جاهزاً للاستخدام في الصين قبل نهاية العام.

وطلبت السلطات في الصين وخارجها من جميع مواطنيها الاعتناء بأنفسهم والوقاية من طريق وضع القناع الطبي أثناء التجوّل في الشارع عند الضرورة، وشرب كمية كافية من الماء خلال النهار، والإقلاع عن التدخين، وتجنّب الإجهاد والخلود الى الراحة.

كذلك يمكن تناول بعض الأدوية والفيتامينات التي لا تحتاج الى وصفة طبية مثل: الأسيتامينوفين أو الإيبوبروفين أو النابروكسين لتخفيف الألم والحمّى.


أي حيوان نقل الفيروس إلى البشر؟

أكد خبراء أنه بمجرد التعرّف على الحيوان حامل الفيروس، يصبح من السهل التعامل مع المشكلة وإيجاد اللقاح المناسب. وقد ربطت تقارير عدة بين الفيروس وسوق للمأكولات البحرية في ووهان من بينها بعض الثدييات البحرية مثل حيتان البيلوغا، ويضم هذا السوق أيضاً حيوانات برية أخرى مثل الدجاج، الوطاويط، الأرانب والأفاعي، والتي يرجّح أن تكون مصدر نقل الفيروس إلى البشر.

ويُعزى سبب ظهور هذا الفيروس في الصين إلى العدد الهائل من السكان وشيوع التعامل مع الحيوانات الناقلة للفيروسات.

- قلق الخبراء من خطورة الفيروس

انقسم الخبراء حول خطورة هذا الفيروس على البشر، فمنهم من رأى أنه لا يمكن تحديد الأمر بدقة في انتظار الحصول على مزيد من المعلومات عن كيفية تطوّر الفيروس في الجسم، ومنهم من اعتبر أن على العالم أن يقلق إزاء أي فيروس يصيب الإنسان للمرة الأولى، لا سيما أن الدخول المتكرر للفيروس إلى الخلية يمكن أن ينتج نسخاً متحورة منه قد تساعده على الانتشار بكفاءة ويصبح أكثر خطورة.

أنواع كورونا

تختلف أنواع فيروسات كورونا التي تصيب البشر، من حيث شدّة المرض الذي تسببه ومدى سرعة انتشاره. واليوم هناك ستة أنواع معترف بها، ويمكن أن تصيب البشر، وهي: 229E (alpha coronavirus) و(NL63 (alpha coronavirus و(OC43 (beta coronavirus و(HKU1 (beta coronavirus، ويُعدّ النوعان الأخيران الأكثر خطورة، وهما من الفيروسات التي تصنف تحت النمط MERS- CoV ، والتي بدورها تسبب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، والمتلازمة التنفسية الحادة (SARS- CoV).

كيف اكتشف كورونا

بدأ ظهور متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (SARS) في الصين عام 2002، بعد اكتشافه في الوطاويط وقطط الزباد ثم انتقل إلى البشر. وتسبب حينها في قتل أكثر من 774 شخصاً من إجمالي عدد مصابين بلغ 8098 شخصاً أثناء انتشاره في آسيا. ويعد فيروس كورونا المستجد (2019-nCoV) الذي ظهر في الصين، سلالة مختلفة عن السارس، وهو غير معروف الخصائص في الوقت الراهن، خاصةً في حال كان الفيروس الجديد شديد العدوى مثل السارس أو لا. أما فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) فقد تسبب في قتل أكثر من 858 شخصاً من إجمالي مصابين بلغ 2494 منذ ظهوره في عام 2012، وذلك بعدما بدأ في الانتقال من الإبل إلى البشر.

- فيلم يتوقّع ظهور كورونا

في ظل القلق الذي يسيطر اليوم على العالم بسبب فيروس كورونا المميت، ربط عدد كبير من الأشخاص بين ما يحصل في الصين وأحداث فيلم "Contagion" (المرض المعدي) الذي صدر عام 2011، وهو من إخراج ستيف سوديربيرغ، ويوثّق انتشار مرض معدٍ ومميت يهدّد البشرية، وكيف سيحاول أشخاص النجاة والبحث عن علاج في مدينة معزولة.

ويسلّط الفيلم الذي يؤدي بطولته كلٌ من مات ديمون وغوينيث بالترو الضوء على الخفافيش، معتبراً أنها أصل تفشي الفيروس الغامض الذي تسبّب في قتل عشرات الملايين من الناس في مختلف أنحاء العالم، بينما تحاول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وقف انتشار هذا الوباء، وهو ما يحدث حالياً مع فيروس كورونا.