بسبب قلة الوفاء في الوسط الفني... نجوم دخلوا غياهب النسيان

القاهرة ـ ماجد رشدي 28 فبراير 2020
شهرة، أضواء، اتصالات مستمرة، معجبون كثر، أبواب مفتوحة في كل مكان... هذه هي معالم حياة النجومية، ثم يكبر النجم، تتراجع الشهرة، تخفت الأضواء، تقل الاتصالات حتى تكاد تنقطع، والنتيجة نجوم لا يعانون الوحدة فقط، إنما يشكون أيضاً من قلّة وفاء زملائهم وأصدقائهم في الوسط الفني، فيصرخون بصوت واحد: "لا أحد يسأل عنا".


كلماته كانت صريحة وتعبّر عن حال الكثير من الفنانين الكبار: "لا أحد يسأل عني"... هذا ما قاله الفنان القدير حسن حسني في حفل تكريمه أخيراً من مهرجان المهن التمثيلية.

بصريح العبارة، قال حسن حسني: "أحياناً يتّصل بي محمد هنيدي ومحمد سعد ورجاء الجداوي"، وكان ليلة تكريمه في مهرجان المهن التمثيلية يعاتب زملاءه الفنانين على عدم سؤالهم عنه بشكل دائم، هو الذي عمل مع الكثير من النجوم من كل الأجيال، بل إن وجوده في أفلامهم كان دعماً كبيراً لهم وسبباً رئيساً في نجاحهم.

ورغم شائعة الوفاة التي طاردت حسن حسني أكثر من مرة، ورغم ظهوره على كرسي متحرك في إحدى المناسبات خلال تكريمه، وما تردّد وقتذاك عن حالته الصحية، لم يلتفت إليه الكثيرون في الوسط الفني، وحتى أنهم لم يسألوا عنه.

عتاب

المشهد مؤثر، الفنانة لبنى عبدالعزيز تبكي في عزاء النجمة الراحلة ماجدة الصباحي، لكنها لم تكن تبكي فقط صديقتها الراحلة، وإنما كانت تبكي حالها أيضاً، وهي تخبر دلال عبدالعزيز ورجاء الجدّاوي الجالستين في جوارها، أن لا أحد يسأل عنها من زملائها في الوسط الفني، وتخشى أن تموت من دون أن يمشي أحد منهم في جنازتها.

لبنى عبدالعزيز النجمة الكبيرة، صاحبة المشوار الفني الطويل والرصيد الضخم من المسلسلات والأفلام تحمل في داخلها عتاباً على الوسط الفني عبّرت عنه بكلمات قليلة، حتى وإن خرجت منها بعفوية في ليلة عزاء.

صحيح أنها عادت وفسّرت كلامها بأنه كان مجرد عتاب لصديقتها دلال عبدالعزيز على عدم سؤالها هي وغيرها عنها، وأكدت أنها تعيش في كنف عائلتها ولا تعاني الوحدة، لكن هذا لا يعني أنها لم تشكُ من تقصير زملائها الفنانين تجاهها، بل وربما تقصير من جهات فنية عدة في منحها ما تستحق من تكريمات.


ألم من نوع خاص

جورج سيدهم له من العمر 81 عاماً، وهو أحد نجوم فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" مع سمير غانم والراحل الضيف أحمد، وقد ملأ الدنيا ضحكاً من خلال أفلامه ومسرحياته. منذ سنوات لم يخرج جورج في منزله، ويتنقل في أرجائه على كرسي متحرك، وهو يعاني ليس فقط ألم المرض، لكن أيضاً ألم الوحدة الناجم عن عدم سؤال زملائه وأصدقائه الفنانين عن أحواله، باستثناء عدد قليل منهم يتذكّرونه كلما حلّ يوم ميلاده، ومنهم دلال عبدالعزيز ونهال عنبر ورجاء الجداوي، أما صديق عمره سمير غانم فلا يزوره أبداً، مبرراً تصرفه هذا بأنه لا يحتمل أن يرى صديقه جورج سيدهم في مثل هذه الحالة الصحية الصعبة.

لكن المؤكد أن جورج سيدهم ترافقه زوجة مثالية تخفف عنه آلام المرض وافتقاد الأصدقاء، وهي الدكتورة ليندا، التي لم تتخلَّ عنه لحظة واحدة، وتحاول بكل الطرق أن تدخل الفرح إلى قلبه.


الحق الأدبي

رغم تاريخه الفني الطويل، وعشرات الأفلام والمسلسلات التي قدّمها وتشارك فيها مع نجوم من أجيال مختلفة، لم يخفّ حزن الفنان يوسف شعبان بسبب تجاهل الوسط الفني له، حتى أنه لم يتردّد في إحدى المناسبات الفنية التي دُعي إليها أخيراً في أن يعلن بصراحة: "لا أحد يسأل عني، ونادراً ما يتصل بي زميل".

يوسف شعبان يشعر أيضاً بالمرارة، لأنه لم ينل التكريم الذي يستحقه من الجهات الفنية في مصر، وكان يتمنى أن يحصل على حقه الأدبي في حياته وليس بعد مماته، كما يحدث مع الكثير من الفنانين الكبار الذين لا يتذكرهم أحد إلا بعد رحيلهم.

الحالة النفسية

المنتصر بالله هو أحد نجوم الكوميديا الكبار، وفي رصيده عشرات الأفلام التي جمعته بعمالقة التمثيل، لكن أزمة صحية ألمّت به منذ أكثر من عشر سنوات أبعدته تماماً عن التمثيل.

ورغم صداقاته وعلاقاته الكثيرة في الوسط الفني، بدأ الاهتمام به يتراجع مع مرور الوقت، ولم يعد أحد يزوره؛ وفي أفضل الأحوال يتلقى اتصالاً كل فترة من أحد الفنانين، وهذا ما كشفت عنه زوجته عزيزة كساب، مؤكدةً أن نسيان زملائه له يؤثر سلباً في حالته النفسية، ولمّحت الى أن زيارة أيٍّ من أصدقائه الفنانين له ستساهم في رفع معنوياته، وبالتالي تتحسن حالته الصحية.

عزة نفس

منذ إصابته قبل خمس سنوات بالشلل الرعاشي وهو بعيد عن التمثيل، ونادراً ما يظهر في أي مناسبة، لكن الفنان يوسف فوزي فاجأ الجميع بظهوره أخيراً في عدد من الفيديوهات واللقاءات الصحافية ليؤكد أنه اعتزل التمثيل نهائياً، وأن نقابة الممثلين لم تسأل عنه في أزمته، وصرّح بكل عزة نفس أنه لا يحتاج شيئاً من النقابة. أما بالنسبة الى زملائه وأصدقائه من الفنانين، فأكد أن عدداً قليلاً منهم يتواصلون معه. ليوسف فوزي مسيرة فنية عمرها أكثر من 30 عاماً، قدّم خلالها العديد من الأدوار التي يتذكّرها الجمهور دائماً، وهو اليوم يعيش في المنزل مع زوجته ويحاول أن يتعايش مع مرضه، ورغم معاناته من قلّة الوفاء في الوسط الفني، يعلن بكل ثقة أنه لا يخاف أن يدخل في غياهب النسيان، وأن هذا الأمر لا يشغله كثيراً.