ميرفا

مقابلة, الغناء, وردة الجزائرية, ميرفا القاضي, أغنية

28 يوليو 2009

من أب لبناني وأمّ فرنسية. إحترفت عرض الأزياء منذ صغرها وضيّعت على نفسها فرصة الدخول إلى العالمية. رغم ذلك هي ليست نادمة، لأنها أحبّت لبنان بعد أن عاشت فيه حسب ما تقول، وأحبّت أيضاً تجربة الغناء التي تخوضها بعد أن درست الفوكاليز والعزف على آلة البيانو ثماني سنوات. إنها ميرفا، الحسناء التي اكتسبت إعجاب كثيرين مع أغنية «أبعد عنّو» التي تُبثّ الآن عبر الفضائيات. تستعدّ لإصدار أغنية جديدة وألبوم عربي وآخر غربي، ومعها كان هذا الحوار...

- إن طلبنا منك التعريف عن نفسك ماذا تقولين؟
إضافة إلى الغناء، أتابع حالياً دراستي الجامعية في مجال الإخراج التلفزيوني والإذاعي. إحترفت عرض الأزياء وأنا في الرابعة عشرة من عمري، وفزت باللقب الأول في المسابقة الجمالية Beauty night  في ٢٠٠١. ومنذ عام تقريباً بدأت الغناء رسمياً، لكن قبل ذلك أبرمت عقداً مع شركة "عالم الفنّ" التي أصدرت لي أغنية وكليباً، وكنت أعمل حينها تحت إشراف الشاعر طوني أبي كرم. إبتعدت فترة قبل أن أقرر العودة، وصرت أتّخّذ قراراتي بنفسي.

- تعرفين دون شك أن لدى الجمهور تفكيراً مسبقاً تجاه أي فتاة جميلة تدخل مجال الغناء بعد عرض الأزياء، إذ يقول الناس تلقائياً إنها دخيلة؟
هذا صحيح، وذلك بسبب كثرة الفتيات اللواتي دخلن هذا المجال. لا أدّعي أني أمتلك صوتاً طربياً أو قدرات غنائية خارقة، لكن أستطيع القول إن الموسيقى تعيش معي منذ لحظة ولادتي وأنا أسعى كل يوم إلى تنمية موهبتي. خضعت لدروس مكثّفة في «الفوكاليز» ولا أزال، كما درست العزف على آلة البيانو ثماني سنوات. ما أقدّمه للناس هو الفنّ الذي أحبّه من خلال الأغنيات التي أختارها. 

- لكن ما هي الخطوات التي ستعتمدينها كي لا يضعك الجمهور في خانة الدخيلات؟
أعتقد أن الإستمرارية هي التي ستثبّت إسمي وتعرّف الناس عليّ. قدّمت أغنيتين وأحضّر الثالثة، كما أني بدأت اختيار أغنيات أول ألبوم خاص بي. طالما أني لا أقدّم كلّ ما هو مبتذل صوتاً وصورة، لن يقول الناس إني دخيلة ولن يصنّفوني في خانة فنانات الإثارة. سأقدّم أغنيات جميلة وخفيفة، «مهضومة» كما يقولون، وتدخل قلوب الناس سريعاً لكن دون الإنجرار وراء الإبتذال والهبوط. في النهاية «الدنيا أذواق»، قد يحبني البعض وآخرون لا. ومتى شعرت بالفشل سأتوقّف دون شك وسأعتبر حينها أن الغناء كان تجربة أحببتها ورغبت في خوضها لكنها لم تنجح، لأني بطبعي أبسّط الأمور ولا أحبّ التعقيدات.

- أي لن تنهاري إذا فشلتِ؟
(تضحك) بالطبع لا، لن أصاب بانهيار عصبي ولا بإحباط.

- هل فكرت في الغناء قبل احتراف عرض الأزياء؟
بصراحة كلا، الموضوع حصل بالصدفة. رغم حبّي للموسيقى منذ الصغر لم أتخيّل يوماً أني قد أصبح مغنّية. تعرّفت على طوني أبي كرم عندما كنت عارضة وهو الذي نصحني بالغناء وأقنعني بذلك. وكما أشرت، أبرمت لاحقاً عقداً مع شركة «عالم الفن» وحضّرت عدداً من الأغنيات مع أبي كرم، لكني شعرت بأنها لا تناسبني ولا تعبّر عنّي. لهذا ابتعدت وتوقفت لفترة إلى أن قررت العودة واختيار أعمالي بنفسي.

- ما هو نوع الأغنيات التي تناسبك؟
لا أعتبر أن هناك لوناً واحداً بعينه يجب أن أغنّيه وأحصر نفسي فيه، لأن ما يعنيني في الدرجة الأولى هو الكلام وموضوع الأغنية نفسها، وهو ما سأركّز عليه في الفترة المقبلة، لأنه لا يهمّني مطلقاً تقديم أغنيات سخيفة وفارغة ودون معنى.

- لكنك قلتِ إنك تسعين إلى تقديم الأغنيات الخفيفة؟
صحيح، والأغنيات الخفيفة ليست سخيفة بالضرورة. الأغنيات الخفيفة تعني أنها قريبة من الناس وسهلة الحفظ. يمكن أن نقدّم لحناً طربياً مدّته نصف ساعة ربما، لكن مع كلام سخيف... ما الفائدة من ذلك؟ لهذا أقول إن وصف الأغنية بالسخيفة والخفيفة لا يشير أبداً إلى المعنى ذاته، لأن الخفّة ليست السخافة، هذا مؤكّد.

- هل يمكن أن نسمعك في أغنية كلاسيكية؟
أحب كثيراً هذا النوع من الأعمال، وأصدرت سابقاً أغنية رومانسية لكنها لم تُصوّر، كما أن ألبومي قد يتضمّن أغنيتين هادئتين. أعتقد أنه من المبكر التحدّث اليوم عن أغنيات كلاسيكية جدّية في أرشيفي، ربما أحتاج إلى وقت أطول إلى أن أثّبت نفسي أكثر.

- متى سيصدر ألبومك؟
لم أحدد وقتاً معيناً لأني لا أزال في مرحلة التحضير. كما أن تركيزي ينصبّ حالياً على أغنية منفردة أنوي إصدارها قريباً.

- بعد انفصالك عن «عالم الفن»، هل شعرت بأنك مرتاحة وأنت وحيدة بعيداً عن شركة إنتاج؟
لا يستطيع الفنان الإستمرار وحده دون شركة إنتاج، هذا صعب جداً.

- ما هو سبب الخلاف مع «عالم الفن»؟ ولماذا انفصلت عن طوني أبي كرم؟
لم تحصل خلافات مع أي منهما. أبرمنا عقداً وحضّرنا أربع أغنيات، لكني بصراحة لم أقتنع بها. واحدة منها كانت مخصّصة لإعلان لإحدى شركات الهاتف، لكن طوني أبي كرم اختار أن تكون هذه الأغنية أول إطلالة لي أمام الجمهور. وبالفعل صوّرناها وبُثّت على محطات التلفزة، لكني لم أكن سعيدة بها. ومتى كان المرء غير مقتنع بما يفعله، النتائج لن تكون مُرضية أبداً، وكيف أُقنع الناس بما لست مقتنعة به أساساً؟ لهذا خفّ حماسي، وعندما انتهى العقد لم نجدّده لأن «عالم الفنّ» كانت ترى فيّ صورة معينة أنا لا أريدها. أما طوني أبي كرم فلم يكن قادراً على التفرّغ لأعمالي كونه شاعراً وملحناً ولديه التزامات كثيرة مع الفنانين، لكن لا مشاكل بيننا.

- ماذا عن الأغنية الجديدة التي تُبَثّ لك حالياً على الفضائيات؟
عنوانها «أبعد عنّو»، من كلمات هيثم شعبان وألحان هيثم زيّاد وتوزيع طوني سابا، وصورتها مع المخرجة كارولين لبكي. أما الأغنية الأولى فكانت بعنوان «كلّ دقيقة».

- نشعر بأن «أبعد عنّو» نجحت أكثر من أغنيتك الأولى؟
صحيح، ربما لأنها إيقاعية سريعة، لكني أحبّ الأولى أيضاً وأجدها مميّزة.

- هل تعتقدين أن الأغنية الإيقاعية هي ضمان النجاح والشهرة السريعة؟
هي تختصر مسافات كثيرة لأي فنان جديد، لكن هذا لا يعني أن كلّ أرشيفنا يجب أن يتضمّن أغنيات إيقاعية فقط. 

- تضمّن كليب «أبعد عنّو» مشاهد ولوحات راقصة. هل تفكّرين في دخول مجال الفن الإستعراضي؟
هذه أمنيتي. لكن من المبكر التحدّث عن استعراض جدّي منذ الآن، سواء من خلال الفوازير أو الأفلام الإستعراضية التي أتمنى المشاركة فيها إذا كانت ذات مستوى عالٍ من الإحتراف. ما قدّمته في الكليب كان عبارة عن فكرة «مهضومة» أرادت المخرجة كارولين لبكي تنفيذها. مضمونها بسيط جداً عن فتاة تحاول إثارة غيرة حبيبها واستفزازه، فجمعنا بين الفكرة البسيطة وبين التركيز على الرقص. وبالمناسبة، سأصوّر أغنيتي الجديدة أيضاً مع كارولين لبكي لأني أُعجبت كثيراً بعملها وارتحت إلى التعامل معها.

- أنت فتاة جميلة جداً. هل ترين أن الجمال صار ضرورة لانطلاق أي فنان بما أننا نعيش في عصر الصورة؟
شكراً على الإطراء. لكن برأيي الجمال هو تأشيرة الدخول الأولى لكنه ليس الأساس. هو يسرّع ربما مسألة التفات الناس إلى هذا الشخص، لكن متى وجدوا المضمون فارغاً سيتحوّلون إلى سواه بلمح البصر مهما كان جماله خارقاً. لا أتكّل على جمالي مُطلقاً رغم اعترافي طبعاً بأنه ساعدني إلى حدّ ما.

- وسط هذا الكمّ من الجميلات في ساحة الغناء، هل أنت قادرة على المنافسة؟
(تضحك ثم تقول مازحة) «أنا أجمل من الكلّ». طبعاً أنا أمزح، وما أريد قوله أني لم أدخل المجال كي أنافس أحداً، وكل ما يهمّني أن أترك أثراً عند الناس وأن يلتفت الجمهور إلى ما أقدمه من أعمال ويحبّها. وكي أكون قادرة على كلّ هذا، أنا في حاجة طبعاً إلى مزيد من الوقت والجهد والتعب.

- ماذا عن أغنيتك الجديدة؟ ما هو أسلوبها؟
هي لبنانية من كلمات فارس اسكندر وألحان سليم سلامة. فكرتها جديدة كلياً وأنا معجبة كثيراً بها، رغم أني لم أقتنع بها عندما سمعتها للمرة الأولى. ترددت بداية لكن فعلاً فكرتها جديدة ومميزة وسنصوّرها كليباً. أما الألبوم الذي أحضّره فأتعاون فيه مع أسماء مهمة منها وسيم بستاني وطلال قنطار وطوني أسمر والموزّع مارسيلينو، وسأغني فيه باللهجات اللبنانية والخليجية والمصرية.

- لماذا تخوضين تجربة الغناء الخليجي ومعروف أنه صعب خصوصاً من حيث اللهجة؟
الأغنية التي اخترتها سهلة وتُسمّى بيضاء وليست خليجية بحتة، وهي من أعمال طوني أسمر. كما أن ألبومي سيتضمّن أغنية ديو تجمع بين العربية والإنكليزية مع مغنّ جديد.

- كونك من أصول غربية، هل فكّرت يوماً في الغناء بلغة أجنبية؟
طبعاً. أنا من أب لبناني وأمّ فرنسية ووُلدت في فرنسا وعشت فيها حتى سنّ الثالثة عشرة ثم حضرت مع أهلي للعيش في لبنان. أقوم حالياً بتحضير أغنيات باللغة الفرنسية لإصدار ألبوم غربي كامل بإذن الله.

- هل سيكون موجّهاً إلى الجمهور العربي أم الغربي؟
للإثنين معاً خصوصاً أن للأغنية الغربية جمهوراً واسعاً بين الشباب العربي.

- هل لديك وسائل إتصال لنشر العمل في الخارج؟
نعم، وذلك عن طريق وكيل أعمالي في الغرب مارسيل نصر. هو لبناني الأصل ويعيش في فرنسا منذ فترة طويلة، ويغني أيضاً بأسلوب «الراب» الغربي ويحيي حفلات كثيرة هناك. سجّلت سبع أغنيات، وقد يتضمّن الألبوم حوالي 12 أغنية.

- إذا نجح ألبومك الغربي، ونحن نتمنى لك ذلك، هل تنوين الإستقرار في الخارج نهائياً؟
كنت أحلم سابقاً وأرى نفسي على أشهر مسارح أميركا ودول الغرب سواء كمغنية أو عارضة... لا أعرف. وبالفعل سنحت لي الفرصة لكني لم أتمكّن من المتابعة بسبب عودة أهلي إلى بيروت ولم يكن ممكناً أن أتركهم  وأن أعيش وحدي.

- ما هي تلك الفرصة تحديداً؟
لم تكن خاصة بمجال الغناء بل بعرض الأزياء حيث كانت لديّ فرصة في إبرام عقود للتعامل مع أهم دور الأزياء في الخارج، لكني شديدة التعلّق بأهلي وخصوصاً والدتي، فلم أنمكّن من ترك العائلة فقط من أجل الشهرة رغم أن كلّ أقرباء والدتي يعيشون هناك وكان يمكن أن أقيم معهم، لكني رفضت.

- هل ندمتِ؟
شعرت بالأسف طبعاً لأن الفرصة تأتي مرة واحدة في الحياة. لكني نسيت هذا الجوّ كلياً وأحببت كثيراً الإقامة في لبنان.

- في الدول العربية يتحدثون عن قلّة الفرص أمام الجيل الجديد بسبب عدم تبنّي شركات الإنتاج لهذه المواهب. هل ينطبق الأمر ذاته على دول الغرب؟
لم أجرّب بعد كي أحكم وأعطي رأيي في شكل واضح، لكن مما لا شكّ فيه أن الصعوبات موجودة في كلّ مكان والمحاربة داخل الوسط الفني أيضاً ليست حكراً على العرب، هذا طبيعي بسبب المنافسة.

- ما هو أكثر ما يزعجك في الوسط الفني؟
غلبة المصالح. تشعرين بأن الكلّ يكذب ويساير من أجل المصلحة وقلائل هم من يقدّرون المواهب وأهميّة العمل كي تأخذ فرصتها وتولّد نجوماً جدداً، وأنا أتحدث عن الحالة العامة وليس عن نفسي تحديداً.

- أغلب نجوم الغرب يكتبون أغنياتهم الخاصة أو يلحنّونها. هل لديك توجهّات مماثلة؟
 بصراحة كلا. وقد لا يصدّق أحد أني أكتب الشعر والنثر العربيين وليس بالفرنسية أو الإنكليزية. أحب اللغة العربية رغم أني ولدت في فرنسا كما ذكرت، لكن كتاباتي خاصة بي ولا أعتقد أني سأغنّيها. ربما في المستقبل لا أعرف.

- ماذا تغنين في حفلاتك؟
طبعاً أنا لا أزال في البدايات وأرشيفي يقتصر على ثلاث أغنيات. أختار في حفلاتي أغنيات لكبار الفنانين أمثال وردة الجزائرية وعبد الحليم حافظ وغيرهما، أي أغنيات طربية قديمة. (تضحك) ربما شكلي لا يوحي بأني أغني هذا اللون، لكن في كلّ الأحوال أغنّيه بطريقتي الخاصة.

- إلى من تستمعين من المطربين؟
أستمع إلى كثيرين وليس لديّ فنان معيّن بالمطلق. لكني من عشاق فضل شاكر، وأحب إليسا وأصالة ووائل كفوري وغيرهم.

- ذكرت أنك درست العزف على آلة البيانو وهي غربية. بما أنك تغنين الشرقي أيضاً، هل من مدرسة شرقية معينة تعتبرين أنك تربيت على سماعها؟
عادة أسمع أغلب الفنانين يقولون أنهم تربّوا على سماع السيدة فيروز، لكني سأكون صريحة وأقول إني لم أكن أستمع إليها لأني ولدت في فرنسا، بالتالي لم أكن أعرفها، لكني أُغرمت بها عندما بدأت الإستماع إلى الأغنيات العربية الحديثة، وصرت أكتشف تباعاً الأغنيات القديمة لفيروز ووردة وعبدالحليم وغيرهم. لقد كوّنت ثقافني الشرقية الخاصة وليس من منطلق مدرسة غنائية معينة.