يحيى الفخراني يكشف لنا أسراره مع 'شرف'

مقابلة, رشا شربتجي, يحيى الفخراني, هالة فاخر

18 سبتمبر 2009

لم يكن "شرف فتح الباب" في خطته لرمضان هذا العام وإنما كان من المفترض أن يقدم عملاً آخر لم يستطع مؤلفه إنجازه في الوقت المناسب، حتى أنه كاد يستسلم للغياب عن رمضان هذا العام حتى عثر على «شرف فتح الباب» فأنقذه وأصابه الرعب أيضاً. انه النجم يحيى الفخراني الذي يكشف لنا أسراره مع «شرف» ودور زوجته في قبوله لهذا العمل، ويتكلم أيضاً عن الانتقادات التي وجهت إلى المسلسل والوجوه الجديدة فيه والدور الذي انتظره منذ أربع سنوات.


- لماذا تحمست لتقديم «شرف فتح الباب» حتى أنك أجلت عملا آخر للمؤلف يوسف معاطي؟
لم يكن ضمن خططي «شرف فتح الباب» في رمضان هذا العام، فقد كان مقدراً أن أقدم مسلسلاً آخر ينتمي الى الكوميديا. وعندما لم ينته المؤلف يوسف معاطي من كتابته استسلمت لعدم الظهور في رمضان هذا العام، ولكني فوجئت بالمؤلف محمد جلال عبد القوي الذي اعشق كتاباته يعرض عليَّ مسلسل «شرف فتح الباب» وقلت له: لن أبدي رأيي حتى اقرأ الحلقات كلها. وعندما قرأت وجدت نفسي أمام نص سيدخل التاريخ وينضم إلى قائمة أهم أعمالي على مدى تاريخي الفني كله. ووافقت رغم علمي بأن الوقت كان متأخراً لكننا صممنا ولم ننته من التصوير إلا يوم ٢٥ رمضان وهذا متأخر جداً. وقد أصابتني الشخصية بالرعب والقلق ولم أطمئن إلا بعد التفاف الجمهور حول المسلسل منذ الحلقة الأولى.

- ما الذي جعلك تغير اتجاهك من الكوميديا إلى التراجيديا؟
النص هو الذي جذبني ووجدتني أعود إلى نوعية من الأعمال اعشقها، بها نسبة تمثيل كبيرة.. مشاعر.. أحاسيس.

- ما الذي جذبك إلى شخصية شرف؟
هي شخصية الوطن. شخصية تجدها في كل مكان حولك وفيها لحم ودم. إنسان يمثل فئة كبيرة، ثم الموقف الذي تعرض له وكيف واجهه وتصرف معه وكيف استقبله من حوله أولاده وزوجته. الموضوع أيضاً هو قضية استحلال أي شيء، حتى لو كان حراماً تماماً، أو أنك تقبل على شيء أو عمل غير شرعي وفي داخلك اقتناع بأنه شيء صحيح.

- لكن هذا شيء خطر وازدواجية في المعايير والمشاعر؟
النهاية أجابت على هذه النقطة الحائرة، وأوضحت كيف يتصرف شخص له هذه الأخلاق والنزاهة والشرف بهذا الشكل ويخضع للسرقة والشر. وأقول لك أن هذا التصرف كان تلقائياً وطبيعياً بعدما شعر بعدم الأمان وأن الحكومة تخلّت عنه وخرج على المعاش قبل بلوغه السن القانونية.

- لكن مبرر الاقتناع بالسرقة أربك حسابات المشاهد العادي؟
هذا صحيح، لكن شرف منذ الحلقة الثالثة قدم المبررات لفعلته. وفي النهاية ظهرت النتيجة وأخذ عقابه، ولم يكن العقاب فقط مقصورا على الشق المدني، فنظرات أولاده وشكوكهم فيه ورفض زوجته له، كل هذا كان عقاباً.

- علماء النفس اعتبروا شخصية شرف غير سوية ولها تأثير سلبي على المجتمع؟
من قال ذلك تسرع وحكم على العمل قبل أن ينتهي. بالعكس، أرى أن أي شخص سيفكر مئة مرة قبل أن يقبل على ما فعله شرف فتح الباب لأنه سيدرك حجم عذاب شرف وحجم خطر تفكّك الأسرة.

- تقول إن  شرف موجود بكثرة في المجتمع؟
نعم، وأردت أيضاً أن أبرز الشخصيات التي تعيش حولنا وتتمسح بالأخلاق والسلوك الجيد وتلجأ إلى الرشوة والسرقة من دون أن يشعر بهما أحد. فانظر كيف تعامل الناس مع شرف وجعلوه يصلي بهم ويخطب الجمعة.

- المشهد الذي تقدم فيه خطبة الجمعة وتنهى عن المكسب الحرام والرزق الحرام استفز البعض، هل كنت تريد ذلك؟
من المؤكد أن كثيراً من المشاهدين اندهشوا لهذا الموقف، لكنه كان موقفا صعباً جداً عليّ في الأداء ولا أعرف إلى أين تتجه نظرة عيني. فرغم أنني من المفروض أن أتوجه بنظرتي للناس وأقول لهم أن المال الحرام لا ينفع، وجدتني انظر إلى الحياة نفسها، ولم أنس هذا الموقف الصعب أبداً.

- هل تقدم سياسة من خلال شخصية شرف؟
الفن هو السياسة. لا عمل فنياً بلا سياسة، لأن حياة الناس سياسة. وأنا قدمت نموذجاً لمواطن تعرض لموقف كبير، فقد تجاهلته الحكومة بسبب الخصخصة وشعر أنه بلا مستقبل. وهى رسالة غير مباشرة لطرح وجهة نظر في سلبيات الخصخصة التي مر بها المجتمع المصري.

- لماذا اللف والدوران في أعمالك مع أن الآخرين يقدمون أعمالاً مباشرة في قضايا مهمة؟
لا لف ولا دوران، بالعكس المهم هل وصل العمل إلى المشاهد أم لا. أرى أنه وصل وبصورة كبيرة، وفهم الناس الرسالة المهمة من المسلسل وبشكل درامي جيد.

- على أي شيء تراهن؟
على مشاعر الجمهور، على سعادته.. على صراحته مع نفسه وعلى دموعه وتوبته.. على وعيه وعدم كذبه. فأصعب شيء في الحياة أن تكذب على نفسك وتحاول أن تقنع الآخرين بتصديقك.

- هل أنت صادق مع نفسك؟
طبعاً، ولكن كلنا بشر.

- شخصية زوجتك في المسلسل التي قدمتها هالة فاخر هل تعتقد أن الجمهور تعاطف معها أكثر منك؟
نعم، والحقيقة أنها أهم شخصية في المسلسل وفي حياة هالة فاخر الفنية. كان عليها عبء نفسي كبير ونجحت جداً في الدور.

- لكنها رفضت سلوكك ثم فوجئنا بها ترحب بالأموال المسروقة؟
كانت في حيرة وأي خيار كان سيكون صعباً جداً، وأرى أن الجمهور عشق الشخصية وتعاطف معها وكان يتابعها لحظة بلحظة فهي نموذج واقعي جداً.

- لكن هناك سيدات يرفضن هذا السلوك؟
تقصد العودة والاستفادة من الأموال؟ السيدات إذا رفضن فهذا نجاح للمسلسل وبهذا تصل الرسالة. النجاح الحقيقي لأي عمل هو أن يثير جدلاً ونقاشاً بين الناس، وصدقني إذا وقفت في الشارع وسألت أي شخص عن قضية شرف سيخبرك بموقفه لحظة بلحظة.

- لماذا لجأت إلى المخرجة رشا شربتجي؟
لأنها تملك عيناً جيدة ورؤية خاصة في التصوير الخارجي، فقد كان هناك أكثر من 75 في المئة من أحداث المسلسل صُورت في الخارج. شعرت عندما شاهدتها في مسلسل «ولاد الليل» بأنها مخرجة ذات شخصية مختلفة، ولهذا اخترتها.

- لكن كثيرين وجهوا انتقادات للمسلسل بأنه مملّ إلى حد ما؟
هذا الإحساس يأتي من مواجهة النفس التي أخذت مساحة كبيرة، لكن عندما تشاهد المسلسل بتأنٍ ستدرك أنه لا وجود للملل بل للتأمل.

- أصحاب الوجوه الجديدة الذين عملوا معك في المسلسل كيف تراهم؟
هم مجتهدون للغاية، وكنت أشعر بالفعل أنهم مثل أولادي وهذا انعكس على الشاشة والناس شعروا به، وأتوقع لهم مستقبلاً كبيراً. وعلى فكرة هم ليسوا من اختياري لكنهم أدهشوني.

- كيف رأيت نفسك في سباق رمضان هذا العام؟
لا نظر أبداً إلى المنافسات، ولكني أهتم أكثر بأن يكون العمل الذي أقدمه جديراً بأن يضاف إلى تاريخي. ومسلسل «شرف فتح الباب» قيمة أعتز بها في تاريخي. ثم أن زحام رمضان لا يعطي الجمهور والنقاد فرصة تقويم الأعمال بشكل جيد.

- هل صحيح أن زوجتك الدكتورة لميس جابر كانت وراء تشجيعك على قبول مسلسل «شرف»؟
مشاعري وأحاسيسي هي التي تكون دائماً وراء قبولي للعمل أو لا، ولكن في الحقيقة لميس لها دائماً رؤية صائبة وعندما تشعر بأن النص مهم تقول لي على الفور. قد أتردّد في البداية إذا شعرت بغربة مع الشخصية لكني أصغي لكلام لميس وتكون هي في النهاية صائبة، وأكدت لي أن شخصية «شرف فتح الباب» مهمة ولها مردودها الدرامي والنفسي والاجتماعي بل التاريخي أيضاً. وقد كانت سعيدة للغاية بشخصية هالة فاخر "الزوجة" وقالت إنها لا تقل أهمية عن دور شرف.

- وهل كان إحساسك بالشخصية هو ما وجدته بالفعل أمام الكاميرا؟
نعم، وأول رد فعل وجدته في بيتي بين أولادي وزوجتي التي كانت تحرص على تسجيل الحلقة، وكان الكل يتأثر بالمشاهد ويدلي بشهادته عليها.

- هل ينتقدك أولادك؟
ليس بالشكل المباشر، لكني أستمع إليهم لأعرف وجهة نظرهم، فهم جيل يجب أن نحترم رأيه وله فكره وأحياناً يكون لهم رأي مختلف تماماً عن رأينا أنا ولميس.

- إلى أي مدى يكون الاختلاف؟
عادي، مجرد وجهات نظر. ابني الأكبر شادي له رؤية كمخرج، وهو دائماً يفضل الصمت والتأمل، لكني أدرك ماذا يقول من عينيه. أما ابني الأصغر طارق فعندما تكون لديه انتقادات يقولها بشكل مباشر.

- بعد «شرف فتح الباب» كيف تستقبل «محمد علي»؟
أنا في انتظاره منذ أربعة أعوام، فقد كان من المقرر تصويره قبل مسلسل «الملك فاروق» لكن المخرج حاتم علي قرر تأجيله، وإن شاء الله سنبدأ تصويره منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر في القاهرة.

- هل وجود أعمال عن الملك فاروق وناصر ومحمد علي خاضع للصدفة أم هناك أفكار تود الدراما طرحها في الوقت الحالي؟
أرى أنها صدفة بالنسبة الى الملك فاروق ومحمد علي، فالشخصيتان عاشت أجواءهما لميس جابر وكان لديها رغبة في إطلاقهما إلى النور وإعادة بثهما، ففيهما حياة وأحداث وشهادات.

- زحام رمضان هل أثر عليك بالسلب؟
نعم، هذه حقيقة، ونحن لم نتعود ثقافة المشاهدة، كأنها وجبات دسمة. فكيف تتناولها أو تهضمها بالقطع؟ ستتوقف عن الأكل.

- إلى أي مدى تريد أن تصل بأعمالك؟
إلى أعماق الإنسان فقط لا غير.