هل يصبح فيروس كورونا مرضاً مزمناً؟

جولي صليبا 17 يوليو 2020

أصاب فيروس كورونا ملايين الأشخاص حول العالم، فشفي بعضهم وتوفي بعضهم الآخر، فيما لا يزال عدد كبير منهم يصارع جاهداً للتغلب على ذلك الفيروس الغامض.

ثمة أشخاص أصيبوا بفيروس كوفيد 19 وظلوا يعانون من أعراض الفيروس لأشهر عدة. ولذلك، عمد بعضهم إلى اللجوء للانترنت لطلب المساعدة من الأشخاص الآخرين الذين يعانون من مضاعفات مماثلة بسبب فيروس كورونا خشية معاناتهم من مشاكل صحية مزمنة.

جنيفياف دانيسي، سيدة أعمال من أنتيب، فرنسا تبلغ من العمر 36 عاماً، قالت: "شعرت أنني مهملة تماماً"، وأكدت أن الأطباء لم يأخذوا شكواها على محمل الجد عندما طلبت المساعدة لمعالجة أعراض فيروس كورونا. ولم يتم إدخالها إلى المستشفى لإجراء تصوير بالأشعة المقطعية إلا بعد مرور شهر على ظهور أعراض فيروس كورونا، حيث أظهرت النتائح أنها مصابة بفيروس كوفيد 19. ورغم مرور شهر كامل على ظهور الأعراض للمرة الأولى، استمرت الأعراض على حالها، وبقيت جنيفياف عاجزة عن الوقوف لأكثر من خمس دقائق مع تسارع في ضربات القلب وإحساس بالدوار.

قبل إصابتها بفيروس كورونا، كانت دانيسي بصحة ممتازة، وتزور الطبيب مرة واحدة فقط في السنة، علماً أنها نشطة للغاية، وتمارس التمارين الرياضية مرتين يومياً، ولا تدخن.

قيل للسيدة دنيسي مراراً إنها لن تموت لأنها لا تزال شابة، ولذلك عليها البقاء في المنزل. غير أن صحتها تدهورت يوماً بعد يوم. "منذ اليوم الأول وحتى اليوم السبعين ، كانت صحتي بمثابة دوامة من الانتكاسات والأعراض الجديدة"، تقول دنيسي. ولم تشعر بالتحسن إلا بعد أن عالجها طبيبب الأكسجين في المنزل، بعد مرور أشهر على ظهور الأعراض الأولى. ولا تزال جنيفياف دانيسي بحاجة إلى تناول الأسبرين يومياً لمنع تسارع ضربات قلبها وبلوغها 120 نبضة في الدقيقة.

ثمة دراسة أجريت في إيطاليا الأسبوع الماضي أظهرت أن أكثر من 87 في المئة من بين 143 مريض كورونا خرجوا من المستشفى لا يزالون يعانون من عارض واحد على الأقل، رغم سلبية فحص PCR، ولا سيما التعب وضيق التنفس.

لذا، شددت الدراسة على ضرورة الاستمرار في مراقبة المرضى بعد خروجهم من المستشفى. وثمة دراسات أخرى تجرى حالياً على مرضى كورونا الذين يعانون من أعراض مستمرة.

كوفيد 19 المزمن

داني ألتمان، أستاذ علم المناعة في إمبريال كوليدج لندن قال إن الدراسات العلمية بدأت توثق مظاهر مختلفة لـمرض كورونا المزمن، علماً أن تلك المظاهر متنوعة جداً ولها آليات متعددة، مما يعني أن الأشخاص الذين عانوا من أعراض خفيفة أصيبوا ربما بتلف دائم في الأنسجة أو ردة فعل مناعية قد تتحول إلى متلازمة.

من جهته، قال وزير الصحة الفرنسي، أوليفييه فيران، في مقابلة تلفزيونية: "ما نعرفه هو أن عدداً من الأشخاص يصابون بالفيروس بشكل حاد وأحياناً بشكل أقل حدة، وتستمر الأعراض لأسابيع عدة".

أما وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، فقال إنه قلق من وجود أدلة متزايدة على أن أقلية من الناس تعاني من تأثيرات طويلة المدى لفيروس كورونا، وقد تكون تلك التأثيرات موهنة للغاية. وأضاف أن الحكومة البريطانية استثمرت نحو 10 ملايين جنيه إسترليني لإجراء أبحاث حوال الآثار الطويلة المدى لفيروس كورونا.

كلوديا أوتريكا، مترجمة تبلغ من العمر 24 عاماً وتعيش في باريس، نقلت إلى المستشفى مرات عدة بسبب نوبات ربو بعد تعافيها من فيروس كورونا. واجهت كلوديا صعوبة في التنفس في شهر آذار (مارس) الفائت، لكنها لم تدخل المستشفى حتى بعدما أصيبت كل عائلتها بالفيروس. ولم يفحص الطبيب رئتيها إلا بعد إغلاق فرنسا في شهر أيار (مايو)، واكتشف يومها أنها تعاني من الالتهاب الرئوي وتدني سعة الرئة." كان من الصعب إثبات أنني مريضة حقاً. لذلك شعرت بالسوء، وأصبحت معزولة نوعاً ما". وفي فرنسا، هناك العديد من الأشخاص الذين ما زالوا يعانون من أعراض كورونا لكنهم لم يتمكنو امن إجراء الاختبار.

ناتالي نوري، البالغة من العمر 51 عاماً، وهي معلمة فنون بصرية، تقول إنها عانت في البداية من الحرارة المرتفعة وألم في الصدر وضيق في التنفس وإرهاق شديد في 24 مارس. وقد التقطت العدوى من ابنها وصديقته اللذين عادا من باريس وفقدا حاسة الشم والتذوق.

استمرت أعراض ناتالي لعشرة أيام لكنها لم تخضع للاختبار بسبب عدم توافره. وبقيت طوال شهر كامل تشعر بالتعب، إلى أن أصيبت بالحمى وألم في الصدر مرة أخرى في بداية شهر أيار (مايو). عانت طوال أشهر عدة من دوار وآلام مبرحة في الصدر. والمؤسف أن الأطباء لم يأخذوا أعراضها على محمل الجد.

لذا، لجأت ناتالي إ لى وسائل التواصل الاجتماعي، واكتشفت شبكة دعم أظهرت لها أن الكثير من الأشخاص الآخرين لديهم أعراض مشابهة".

داني ألتمان، أستاذ علم المناعة في إمبريال كوليدج، قال إن الكثير من الأشخاص الذين يشعرون بتوعك على المدى الطويل لم يجروا اختبار PCR ولم يتم إدخالهم أبداً إلى المستشفى. وهذا ما يثير القلق فعلاً. وأضاف ألتمان أن هناك العديد من الإصابات التي تترك وراءها ملامح مرضية محددة يمكن أن تكون مزمنة. وهذا الأمر مرجح بالنسبة إلى مرضى كورونا، ولذلك تبرز الحاجة إلى المزيد من الدراسات السريرية.