منزل كفرحباب للمهندسة ماري داغر الهند ولبنان تحت سقف واحد في هندسة فريدة

بيروت - روزي الخوري 13 سبتمبر 2020





لم يسبق أن رأينا لهندسته مثيلاً. الهند ولبنان اجتمعا تحت سقف واحد. هذا الفنّ الهندسي الجميل نحتته المهندسة ماري داغر بأسلوب عصري أدخل عليه طراز

zen بمزيج من المواد الفاخرة، وهو ما جعل المنزل يخرج بحلّة فريدة لم تسبق رؤيتها في عالم الهندسة.


طلب المالكان أن يكون منزلهما استثنائياً لم تسبق رؤية هندسته سابقاً. وكان لهما ما تمنّيا. سيّدة المنزل هندية الجنسية وزوجها لبناني. ومن هنا انطلقت الفكرة التي طوّرتها المهندسة داغر بإبداع وتفنّن.

هل سبق أن رأيتم شلال مياه ينسدل من الطبقة العلوية إلى السفلية؟ وهل يمكن تصوّر الراحة النفسيّة التي يرخيها خرير المياه المتدفقة؟ شعور استثنائي بكلّ ما للكلمة من معنى، وهذه ميزة طراز الـzen. فكيف إذا اقترن بالعصرية وبآخر الابتكارات الهندسية المتطوّرة التي تسهّل الحياة وتجمّلها؟


المهندسة داغر تشرح أسلوبها في العمل، وتقول إنّ "هذا الطراز هو في الأساس نمط وأسلوب حياة، والمنزل يعني الراحة التامّة والتأمّل في جماله، وقد ساهمت المياه شكلاً وصوتاً في إرساء هذا التناغم المطلوب بين الاسترخاء والتأمّل والراحة المطلقة". يُضاف الى ذلك معنى استخدام المياه في هندسة المنزل، فهي ترمز إلى الاستقرار والخير وتدفّق المال لسكّانه.


ولهذا الطراز ألوانه التي تساهم في إكمال المشهد، وهي كلّها ألوان هادئة وموحّدة بلمسة من الأزرق الذي يعطي المكان حيوية وإشراقاً.

هذا الجوّ الهندسي أكمله "البودا" عند مدخل المنزل، والمعروف عنه أنّه يبثّ دفقاً من الطاقة الإيجابية، وبالتالي يبعد الجوّ السلبي عن المنزل وسكّانه وزوّاره.

الجولة في هذا المنزل الممتدّ على مساحة خمسمئة متر والمقسّم إلى طبقتين، فيها الكثير من المتعة والراحة والجمال غير المألوف في عالم الهندسة.

المساحات كلّها مفتوحة بعضها على بعض، والتناغم والجوّ نفسه في كلّ زاوية. المطبخ مفتوح على قاعات الاستقبال، وقد شكلّ شلاّل المياه فاصلاً بينه وبين الصالون، حيث تنسدل المياه من الطبقة العلوية وتنثر سحرها في كلّ الأرجاء على امتداد الطبقتين.

مزيج من المواد تداخل ليخرج بهذه الفرادة الفاخرة والبسيطة في آن معاً. ولهذا الغرض استخدمت المهندسة داغر أنواعاً عدة من الخشب للجدران، منها الموشّى ومنها الموحّد بألوان مختلفة ولكن بجوّ من التناغم والانسجام المطلق. فكلّ حائط بنوع خشب ولون مختلف. وكثرة استعمال الخشب على الجدران، إضافة إلى الجمال الذي أرساه، سمحا بإخفاء الأبواب خلفها بذوق وفنّ مطلق.


الأثاث كلّه من ماركة إيطالية مشهورة وفاخرة في صناعة الأثاث. أمّا غرفة الطعام وحدها فقد صمّمتها ونفّذتها المهندسة داغر لهذا المنزل. الطاولة مميّزة التصميم من الخشب الزاهي للجانبين، وفي الوسط الزجاج الذي اتصل بالخشب بخطوط هندسية لافتة. أما المقاعد فهي من الجلد الهافان الزاهي مقطّعة على أشكال فطائر. وازدان أحد جدران غرفة الطعام برسمة للبودا فريدة التصميم. وقد انسدلت فوق الطاولة مجموعة مصابيح متشابهة. أما الجدار المقابل للبودا فشغلته مرآة كبيرة عكست شفافية ونضارة أكبر وتوسّطت الواجهات الزجاج الكبيرة التي عكست بدورها جمال الطبيعة الخارجية وزُرقة البحر التي يشرف عليها المنزل من على إحدى التلال الشمالية للعاصمة بيروت القريبة من البحر.

جوّ النضارة ينسحب على الصالونات العصرية. فأحدها شغله مقعد شبه دائري إيطالي الصنع من البيج الزاهي. والصالون الثاني أيضاً من القماش البيج مطعّم بأرائك زهر، وقد توشّى بمقعد من الجلد الهافان الداكن بدون ظهر. ويطالعنا هنا جدار كبير عبارة عن مستطيلات من الخشب باللونين الرمادي والأبيض، توسطّه جهاز تلفزيون عملاق. أما سقف المنزل الجفصين فطغت عليه البساطة التي انبعثت منها إنارة موجّهة وغير موجّهة، مقابل الأرضية الرخام باللون الزاهي. المواد الفاخرة المنسجمة من الخشب والمرايا والزجاج والنحاس اكتملت أناقتها مع الرخام الذي تعدّدت استعمالاته، خصوصاً في المطبخ بلونه الزاهي وفي الدرج بلونه الأسود الموشّى والذي يقود إلى الطبقة العلوية.

بساطة التصاميم بلمسة من الفرادة وكبر المساحة المضاءة انسحبا على الطبقة العلوية حيث غرف النوم وحمّام كبير أبيض بابه من الزجاج وجداره الخارجي يجسّد البودا.


في هذه الطبقة جلسة خارجية توزّعت عليها المقاعد والطاولات، تشرف على خليج منطقة جونية بإنارتها وزُرقة مياه بحرها.

وبذلك تكون الراحة النفسية وهناء الإقامة والأجواء الحالمة قد اكتملت من الداخل والخارج معاً.