شقة في «ميامي بيتش» فلوريدا: عدالة «جمالية» بين الأسود والأبيض

باريس - نجاة شحادة 26 سبتمبر 2020
ما يلفت النظر في هذه الشقة، ليس جمالها الذي تجسّده بساطتها المتناهية، ولا أناقتها الكامنة في خيارات الأثاث وتنسيقاته... وإنما ذلك النقاء الذي كرّسته خيارات الألوان ضمن معادلة جمالية لا يمكن أن تتحقق من دون خبرة وحساسية ومهارة.


ربما تتضمن كلمة الألوان الكثير من المبالغة، وقد يكون من الأنسب توخياً للدقة أن نقول اللونين... فالأبيض والأسود هنا، خضعا لمعالجة فريدة جعلت منهما بطلين لمشهد زخرفي فيه الكثير من الصرامة التي تختبئ وراء نِسب كل منهما والتزام التوازن في توزيعهما على مساحات المشهد. قد يجد البعض أن الأبيض هو الأكثر طغياناً في فضاءات الشقة، ولكن معرفة دقيقة بـ”أوزان” هذين اللونين ستجعل من العدالة محوراً مركزياً في هذا الديكور، ليعكس براعة نادرة في عمل مهندسة الديكور الفرنسية إليزيه بريون على هذه الشقة في “ميامي بيتش” في فلوريدا.


مثل هذا الفضاء المسكون بالهدوء والصفاء، يشكل اقتراحاً جمالياً بالغ الخصوصية، ليس فقط من حيث كونه منتجاً لأجواء تتناغم مع أطر المكان، ومع خارجه أيضاً، ولكن من حيث منحه الفرصة لأصحاب الشقة لتمضية لحظات سعيدة تنتفي فيها الحدود بين أوقات الإجازات وأوقات العمل. فهنا بطل المكان والمهيمن على المشهد برمّته، سيكون الإنسان فقط. 

تعكس خطة التصميم التي وضعتها إليزيه بريون لإعادة صياغة هذه الشقة من الداخل، إلى جانب الحالة الجمالية الخاصة والتي تجسدها بساطة متناهية، الروح الشبابية التي تتجلّى بلمسات معاصرة تعتمد الوضوح والشفافية.

وتنطلق هذه الخطة أساساً من حلم ورغبة في توليد مناخ جديد برؤية فنية خالصة عنوانها الصفاء والتوازن بين كل العناصر والمواد التي تم استحضارها إلى قلب المشهد.


من المدخل إلى صالة الجلوس والطعام، تتوالى الفضاءات بإيقاع جميل ناعم، تنقلنا من ركن إلى ركن، بدعوة سرية لاستكشاف مساحات المكان والتي توحّد بينها الأرضيات الخشبية المزيّنة بقطع من السجاد الأبيض الفاخر. بينما شكلت الجدران الملبّسة بالورق الأبيض المزخرف بخطوط خفية، مساحات مثالية للوحات وغيرها من المعروضات على الأرفف الكثيرة والتي بدت امتداداً للجدران. 

كل ركن في صالة المعيشة يجذب النظر ويغري بالجلوس والاسترخاء قبالة مناظر البحر الساحرة التي تشكل قيمة مضافة إلى طابع الديكور، ومبرراً طبيعياً لوجوده على النحو الذي هو عليه.


ويمكن تأمل ذلك عبر الجلسة الرئيسة التي تتصدّرها كنبة وثيرة مكسوّة بقماش من اللون الأبيض تزيّنها مجموعة من الوسائد المزخرفة باللون الأسود بلمسات تحمل نكهة من الأجواء الراقية. وتكمل الجلسة طاولة مبتكرة للقهوة مصاغة برقائق الخشب الصلب بمظهر مخطّط جذاب، وقد نُسّق فوق الطاولة بعض التحف الإفريقية التي جمعها مالك الشقة خلال رحلاته.

بينما احتلت جانبي الكنبة منضدتان من الخشب الملبّس بالمرايا، يزيّنهما من كل جانب عنصر للإضاءة مصمّم بشكل مبتكر.

في ركن جانبي من صالة المعيشة مقعد طريف بظهر مرتفع ملبّس بالجلد الاصطناعي الأبيض تجاوره منضدة صغيرة من الخشب الصلب الأسود نُسق سطحها بأكسسوارات جميلة.


تتوزع الستائر بشكل جميل فوق الأبواب الزجاجية المطلّة على البحر والمصمّمة على شكل ألواح من القماش تنساب وترتفع عند الرغبة، وهي مستوحاة من الطابع الياباني.

صالة الطعام تتشارك مع المطبخ في المساحة، تحتلها طاولة كبيرة من الخشب الصلب يحيط بها عدد من الكراسي الملبّسة بالجلد الأبيض وقد زيّن جدرانها بعض اللوحات الزخرفية الناعمة، كما تدلّت من السقف فوق الطاولة ثريا مبتكرة بمظهر جذاب من مجموعة ماركة Moooi الهولندية الشهيرة. 


يفصل المطبخ عن الصالة بار صغير من الخشب الفاتح اللون  يندمج بشكل جميل مع ديكور المشهد. نُسقت في جانب منه مجموعة من الكراسي البسيطة الأشكال، مما يسمح بالجلوس عند البار وتناول وجبات خفيفة. يتميز المطبخ بخزائن منخفضة من الخشب تندمج داخلها وحدات مختلفة للطهو والتبريد وتخزين المواد  مع ركن لإعداد الطعام وجلي الأطباق، يعلوها رف بسيط نُسّقت فوقه الأكواب وبعض عناصر الزينة.

تتصدّر جدار الركن المجاور للمطبخ مرآة طريفة مبتكرة بشكل نصف دائري تتدلّى منها أشرطة من القش بوحي أكزوتيكي.

غرفة النوم تذوب نعومةً، بتصميمها الجميل وألوانها الساحرة، يتوسطها سرير تزيّنه أغطية فاخرة يطغى عليها اللون الأبيض، مع لمسات متدرّجة من اللون الرمادي.

يتصدر الغرفة سرير كبير بظهر مرتفع ملبّس بالقماش، تزيّنه أغطية فاخرة ووسائد للزينة تتناسق ظلالها مع ألوان الستائر وورق الجدران.


تحيط بالسرير من كل جانب، منضدة مبتكرة من الخشب باللونين الطبيعي والمطلي باللون الأبيض الناصع، وقد نُسقت فوقها عناصر مبتكرة للإضاءة.

صالة الحمّام تجمع في تصميمها بين البساطة والطابع الفاخر، يزيّن أرضها وجدرانها الرخام، ويتبعها ركن للاستحمام يزيّنه حوض دائري الشكل من “البورسلين” الأبيض الذي نُسّق حوله مقعد مبتكر من الحجر وسلال من القش لاحتواء المناشف... وقد احتلت جانباً من الحمّام، مغسلة كبيرة مثبتة فوق خزانة صغيرة منخفضة تعلوها مرآة كبيرة تغطي الجدار وتعكس نور الإضاءة في المكان بمظهر ناعم.